Deutsche Welle (Arabic Edition)

تركيا تشن هجوما جويا ضد المقاتلين الأكراد في سوريا والعراق

-

أعلنت أنقرة صباح اليوم الألأحد (20 تشرين الثاني/نوفمبر )2022 شن عملية عسكرية جوية ضد المقاتلين الألأكراد في سوريا والعراق، بعد أسبوع على اعتداء دموي في اسطنبول اتهمت كل من حزب العمال الكردستاني والقوات الكردية في سوريا بالوقوف خلفه.

وجاءت الغارات رغم نفي حزب العمال الكردستاني وقوّات سوريا الديموقراط­يّة التي تشكلّ القوّات الكرديّة عمودها الفقري وتدعمها واشنطن، أيّ علاقة لهما بتفجير العبوة الناسفة في اسطنبول الأحد الماضي الذي أسفر عن مقتل ستّة أشخاص وإصابة 81 آخرين بجروح.

ومنتصف ليل السبت الأحد، وجهت طائرات حربية تركية لبضع ساعات عشرات الضربات الجوية إلى مناطق تحت سيطرة قوات سوريا الديموقراط­ية، التي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية عمودها الفقري، في محافظتَي حلب (شمال) والحسكة (شمال شرق)، أبرزها مدينة كوباني (عين العرب) الحدوديّة مع تركيا. وأعلنت وزارة الدفاع التركية الأحد اطلاق عملية "المخلب-السيف" الجوية "بهدف التخلص من الهجمات الإرهابية من شمال العراق وسوريا، وضمان سلامة الحدود، والقضاء على الإرهاب في منبعه". "دقّت ساعة الحساب" وليلا،ً نشرت وزارة الدفاع التركية على حسابها في موقع تويتر صورة لمقاتلة تقلع لتنفيذ غارة ليلية، وأرفقت الصورة بعبارة "دقّت ساعة الحساب". وقالت وزارة الدفاع التركية اليوم الأحد إن 89 هدفا، بما في ذلك ملاجئ ومستودعات ذخيرة، دُمرت في الضربات. وأضافت أن الضربات استهدفت قنديل وأسوس وهاكورك في العراق وكوباني وتل رفعت والجزيرة وديرك في شمال سوريا، وتابعت أن "من يسمون بقادة التنظيم الإرهابي كانوا من بين الذين تم تحييدهم".

وتصنف أنقرة حزب العمال الكردستاني، الذي يشن تمردا ضدها منذ عقود، منظمة "إرهابية"، وترى في وحدات حماية الشعب الكردية امتداداً له في سوريا.

الضربات التركية، التي استمرت حتى ساعات الفجر الأولى، بشكل رئيسي مدينة كوباني ومحيطها (شمال) وصوامع حبوب في ريف المالكية الغربي ومحطة كهرباء في ريفها الجنوبي (شمال شرق). واستهدف القصف أيضا،ً وفق قوات سوريا الديموقراط­ية والمرصد السوري لحقوق الإنسان، نقاطا ومواقع تنتشر فيها قوات النظام السوري. وأسفر القصف، بحسب المرصد، عن مقتل 11 عنصرا من قوات

سوريا الديموقراط­ية وعشرة من قوات النظام.

وفي أول تعليق من دمشق على الغارات أعلنت وزارة الدفاع السورية "ارتقاء عدد من الشهداء العسكريين نتيجة الاعتداءات التركية على الأراضي السورية في ريف حلب الشمالي وريف الحسكة فجر هذا اليوم"، من دون تحديد عدد القتلى.

وتسبب القصف التركي على محطة الكهرباء الرابعة في قرية تقل بقل قرب الحسكة بدمارها بشكل كامل. وأمام مستشفى في مدينة المالكية، تجمع نساء ورجال من عائلات الجرحى بانتظار أي خبر عن أقاربهم الذين كانوا يتواجدون في محطة الكهرباء المستهدفة.

ولم تسفر الضربات التركية في العراق عن سقوط قتلى مدنيين، وفق ما أفاد مسؤول في كردستان العراق، موضحا أن القصف طال ثماني مناطق على الأقل تتواجد فيها مواقع لحزب العمال الكردستاني في سنجار وجبال قنديل، حيث تقع أكبر قواعد حزب العمال، فضلا عن رواندوز وأسوس وسوران ورانية وقلدز وبرادوست.

خ.س/ح.ز ( أ ف ب، رويترز) وقعت تركيا وما كان يعرف بالجماعة الاقتصادية الأوروبية (تكونت حينها من ستة بلدان) اتفاقية اتحاد جمركي عام .1963 وكان من المفروض أن يكون الاتفاق بداية للانضمام الفعلي إلى الجماعة، خاصة مع توقيع بروتوكول إضافي عام 1970 وازدهار التبادل التجاري بين الطرفين، غير أن الحال بقي كما هو عليه، قبل تجميد عضوية تركيا بعد وقوع انقلاب عسكري فيها عام .1980

عادت تركيا لتطلب الانضمام مجددا عام 1987، لكن ظهر جليا وجود معارضة داخلية أوروبية قوية لهذا الانضمام، خاصة بعد انضمام اليونان إلى المجموعة عام 1981، ودخولها في صراع مع تركيا منذ اجتياح هذه الأخيرة لقبرص عام 1975 ثم إعلان أنقرة من جانب واحد قيام جمهورية شمال قبرص التركية عام .1983

تأسس الاتحاد الأوروبي فعليا عام 1992 دون تركيا. استمرت هذه الأخيرة في محاولاتها، واستطاعت إقناع الأوروبيين بتوقيع اتفاقية للتجارة الحرة معها عام 1995، غير أن تفكك الاتحاد السوفياتي ساهم سلبا في استمرار إبعاد تركيا نظرا لكثرة المرشحين الجدد، قبل أن يتم إعلان أن تركيا ولأول مرة مرشحة فعليا للانضمام، وذلك بعد قمة هلسنكي عام .1999

وصل رجب طيب أردوغان إلى السلطة في تركيا عام 2003 وكان متحمسا كثيرا للانضمام، غير أن عدة دول أوروبية كالنمسا وألمانيا وفرنسا كانت لها تحفظات كثيرة على عضوية تركيا. المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل عارضت فكرة الانضمام واقترحت بدلا منها شراكة مميزة بسبب الخلافات مع تركيا حول حقوق الإنسان وقبرص وسياسة أنقرة الخارجية.

وضع الأوروبيون شرط احترام بنود اتفاقية كوبنهاغن أمام تركيا للانضمام، ومن الشروط تنظيم انتخابات حرة واحترام حقوق الإنسان واحترام الأقليات. ولأجل ذلك أعلنت أنقرة عدة إصلاحات منها إلغاء عقوبة الإعدام. بدأت المفاوضات الفعلية للانضمام عام 2005 في مجموعة من المجالات، غير أن استمرار مشكلة قبرص عجل بوقف المفاوضات، إذ رفضت أنقرة الاعتراف بعضوية قبرص في الاتحاد.

تشير العديد من التقارير إلى أن الاختلاف الديني بين تركيا وبلدان الاتحاد الأوروبي يشكلّ سببا غير معلن لرفض الانضمام، فدول الاتحاد هي بلدان مسيحية فيما تركيا هي بلد مسلم. أكثر من ذلك، قلّص أردوغان مظاهر العلمانية وأرجع الدين إلى الحياة العامة. هذا العامل يرتبط بتوجس الأوروبيين من النزعة القومية التركية ومن عدم إمكانية قبول الأتراك بمشاركة هوية مجتمعية مع أوربييين يختلفون عنهم في نمط حياتهم.

بدءا من عام 2013 عادت المفاوضات مجددا، خاصة بعد مغادرة الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي كان معارضا بقوة لفكرة الانضمام. لم تغيرّ ميركل موقفها لكنها أبدت مرونة واضحة، بيدَ أن تركيا وضعت هي الأخرى

شروطها المالية الخاصة لاسيما مع تحملها موجة اللاجئين. وجاء قمع مظاهرات ميدان تقسيم 2013 ليوقف المفاوضات مرة أخرى.

لم تجانب المفوضية الأوروبية الواقع عندما قالت عام 2019 إن آمال انضمام تركيا إلى الاتحاد تلاشت، فلا أحد من الطرفين بات متحمسا للفكرة. أخذ أردوغان خطوات وصفها قادة من الاتحاد بأنها "استبدادية" خاصة مع تقارير حقوقية عن تراجع الحريات في البلد. أبعد ملف اللاجئين الطرفين أكثر، ثم جاء النزاع في شرق المتوسط بين تركيا من جهة واليونان وقبرص وفرنسا من جهة ثانية ليعدم تقريبا الفكرة.

الكاتب: إسماعيل عزام

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Germany