Deutsche Welle (Arabic Edition)

كيف غيرّر الرئيس شي جينبينغ الصين خلالالالال­الال عشر سنوات من حكمه؟

-

عندما صعد شي جينبينغ إلى سدة الحكم في الصين قبل عشر سنوات، طفت على السطح توقعات في حينه بأنه سيكون إصلالالالا­لالاحيا، بيد أن قيامه بإحكام السيطرة على المجتمع الصيني وتكثيف حملالالالا­لالات القمع على مختلف القطاعات جاء على عكس هذه التوقعات كما يرى زعماء دوليون ومراقبون للشأن الصيني. فبعد فترة وجيزة من وصوله إلى السلطة، شرع شي إلى إطلالالالا­ق سلسلة من حملالالالا­ت مكافحة الفساد استهدفت معارضين سياسيين بالتزامن مع تعزيز سيطرته على الحزب الشيوعي الحاكم في البلالالال­الاد.

وفي ذلك، قال هسين-هسين وانغ، الخبير في السياسة الصينية في جامعة تشنغتشي الوطنية في تايوان، إنه منذ بداية حكمه، استخدم شي جينبينغ "حملات انتقائية لمكافحة الفساد للتخلص من المعارضين السياسيين". وفي مقابلة مع DW، أضاف أن شي جينبينغ حاول أيضا "إضفاء الطابع المؤسسي على مساعيه للسيطرة على السلطة. فعلى عكس قادة استبداديين آخرين عملوا على تركيز السلطة في أيديهم عن خلال حملات قمع، قام شي بتدشين مؤسسات جديدة لتوسيع نطاق سلطته حيث تساعد هذه الكيانات على إضفاء الطابع المؤسسي على هذه السلطة". "فكر شي جينبينغ" ولم تتوقف مساعي جينبينغ على جمع السلطات في قبضته، بل قام أيضا بالعمل على تعزيز ما يُطلق عليه "الحلم الصيني" في إطار "فكر شي جينبينغ" باعتباره مبادئ إرشادية للحزب الشيوعي. وفي ذلك، قال وانغ: "طرح الرئيس فكره، حيث أصدر العديد من التشريعات فيما يتعلق بالإطار الأيديولوج­ي ومكانته التاريخية".

ويرى مراقبون أن "فكر شي جينبينغ" ليس سوى مخطط لتمهيد الطريق أمام قيام الرئيس بتوطيد حكمه وتعزيز

سلطته على مستويات ثلاثة تتمثل في الأمة الصينية والحزب الشيوعي وشي نفسه. ومن أجل تأسيس إرث خاص به داخل الحزب الشيوعي الحاكم في الصين، شرع بتدشين عملية معقدة للتخلص من نماذج تعود إلى "حقبة الإصلاح والانفتاح" التي ظلت تهيمن على أركان السلطة في الصين منذ عام 1978، لكن شي احتفظ بسمات أخرى من تلك الفترة.

أزاح الرئيس الصيني شي جينبينغ المنافسين والخصوم من طريقه وتفرد بالسلطة في الصين، كيف تمكن من ذلك؟

وقال وانغ إن شي بدأ في سلك طريق مغاير عن أسلوب الرئيس الصيني الأسبق دنغ شياو بينغ، خاصة على صعيد مفاهيم أساسية مثل "الرخاء المشترك"، مضيفا أن "شي يبتعد عن إرث دنغ شياو بينغ فيما يؤسس لإرث خاص به". وفي سياق متصل، يرى خبراء أن شي عمل على تحويل القيادة داخل الحزب الشيوعي من قيادة جماعية إلى قيادة فردية على مدار السنوات العشر الماضية.

وفي هذا السياق، قال تنج بياو، الباحث المتخصص في القوانين الصينية والمقيم حاليا في الولايات المتحدة، إن هذا الأمر يعد "التغير الأضخم الذي طرأ على الهيكل الاجتماعي والسياسي للصين منذ أن وصل شي إلى السلطة. لقد عرقل شي زخم الإصلاحات التي بدأت منذ مطلع تسعينيات القرن". وفي إطار مساعي شي جينبينغ لتعزيز سلطته على الحزب الشيوعي، أقدم البرلمان الصيني في عام 2018 على إلغاء تحديد فترات بقاء رئيس البلاد في السلطة، فيما فاز شي بولاية ثالثة غير مسبوقة في البلاد في أعقاب المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي.

وفي مقابلة مع DW، قال تنغ إن العديد من الدول الغربية كانت تتوقع أن تحقق الصين تقدما ديمقراطيا بشكل تدريجي فضلا عن انفتاح المجتمع الصيني عبر سلسلة من الإصلاحات في السوق والاندماج في النظام الاقتصادي الدولي". وأضاف "لكن هذه التوقعات لم تجد سبيلا لتحقيقها. وعلى وقع ذلك، ابتعدت دول غربية عن سياسة الارتباط (مع الصين) فيما أثرت التغيرات في الساحة الدولية على التنمية السياسية والاقتصادي­ة في الصين". تشديد القبضة على المجتمع الصيني وبالتوازي مع مساعيه لإحكام قبضته على السلطة في البلاد، شرع شي جينبينغ في السيطرة على المجتمع المدني في الصين عن طريق تكثيف حملات قمعية على مدى السنوات العشر الماضية إذ اعتقلت السلطات مئات من المحامين المدافعين عن حقوق الإنسان في جميع أنحاء البلاد عام 2015، فيما جرى سحب تراخيص مزاولة المحاماة من أخرين بسبب دفاعهم عن قضايا حساسة.

بفوزه في انتخابات الحزب الشيوعي الحاكم ضمن الرئيس الصيني

شي جينبينغ تمديد ولايته الرئاسية، هل يستمر في سياسته أن يضطر لتغييرها تحت الضغوط الاقتصادية؟

وفي هذا السياق، قال تنغ إن شي "قضى على مساحة محدودة كانت يتمتع بها المجتمع المدني في الصين منذ حقبة الإصلاح والانفتاح خلال العقد الماضي"، مضيفا أنه منذ تولي شي السلطة، "تعرض محامون وحقوقيون وكنائس وحركات نسائية ومنظمات غير حكومية لحملة قمع صارمة على يد السلطات الصينية ما أدى في نهاية المطاف إلى توقف شتى أنماط تنمية المجتمع المدني".

ولم يتوقف الأمر عند ذلك المستوى، بل بدأت الحكومة الصينية في وضع عدد كبير من أبناء أقلية الأويغور المسلمة وأقليات أخرى في شينجيانغ في معسكرات اعتقال عام 2017، فيما ذهبت تقديرات الأمم المتحدة إلى أن هذه الحملة استهدفت أكثر من مليون من الأويغور. ورغم الإدانات الدولية من منظمات حقوقية دولية ودول غربية، إلا أن الصين قالت إن هذه المعسكرات تعد "مراكز تدريب مهنية" فيما زعمت أن حملاتها في شينجيانغ بهدف "مكافحة التطرف".

وفي هونغ كونغ، اعتقلت السلطات الصينية آلاف المتظاهرين في أعقاب موجة الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطي­ة في عام 2019، فيما أقر المجلس التشريعي الصيني تشريعا أطُلق عليه "قانون الأمن القومي في هونغ كونغ" وذلك في يوليو/ تموز عام .2020 ويرى مراقبون ان هذا القانون جرم معظم أنشطة المجتمع المدني في هونغ كونغ ما تسبب في عملية نزوح جماعي.

وفي مقابلة مع DW، قالت صوفي ريتشاردسون، نائبة مدير قسم آسيا في منظمة "هيومن رايتس ووتش"، إن الأوضاع في هونغ كونغ وشينجيانغ "فاقت من السوء توقعاتنا بكثير في ذلك الوقت".

وأضافت "أعتقد أن هذا النهج يكشف النقاب عن الكثير حيال ما يعتبره شي ودائرته المقربة تهديد مصدره مجتمعات بعينها". ويرى خبراء أن السجل الحقوقي في الصين لم يكن في حسن حال قبل تولي شي زمام الأمور، إلا أن وضع

حقوق الانسان شهد تدهورا كبيرا منذ أن أصبح رئيس البلاد.

وفي ذلك، قالت ياكيو وانغ، المتخصصة البارزة في الشأن الصيني في منظمة هيومن رايتس ووتش، إنه قبل تولي شي الرئاسة، "أطٌلقت حملات للقمع استهدفت أنصار الحرية والديمقراط­ية في الصين ورغم ذلك، كانوا يأملون في أن يتمكنوا من خلال جهودهم وتضحياتهم من توعية الصينيين وتعزيز سيادة القانون في الصين". وفي مقابلة مع DW، أضافت: " لكن منذ أن أصبح شي الرئيس الصيني، قام بالقضاء على الروح المعنوية داخل أعضاء المجتمع المدني ما تسبب في شعور باليأس ساد الكثير من الناس. وبصفتي متخصصة في مجال حقوق الإنسان ، أعتقد أن التغيير الذي طرأ كان عميقا وشديد الوطأة". "دبلوماسية الذئب المحارب" وعلى الساحة الدولية، دشن الرئيس الصيني شي جينبينغ سلسلة من المبادرات الطموحة لتعزيز نفوذ الصين عالميا بما في ذلك مبادرة "الحزام والطريق" ذات التكلفة الضخمة التي تقدر بمئات مليارات الدولارات. وفي إطار تعزيز نفوذ الصين، شرع شي في توسيع هيمنة بكين في بحر الصين الجنوبي فضلا عن استخدام القوة الاقتصادية للصين لتقوية نفوذها داخل أروقة الأمم المتحدة في إطار ما أطُلق عليه "دبلوماسية الذئب المحارب" التي يصفها كثيرون بأنها "عدوانية وخطيرة في أحيان كثيرة".

من جانبه، يرى هسين-هسين وانغ، الخبير في السياسة الصينية في جامعة تشنغتشي الوطنية في تايوان، إن صعود شي جينبينغ إلى السلطة أدى إلى تزايد التنافس بين الصين والولايات المتحدة خاصة وأن "دبلوماسية الذئب المحارب" التي انتهجتها بكين أثارت قلق واشنطن.

وقال "أثار الأسلوب العدواني للدبلوماسي­ة في بحر الصين الشرقي وبحر الصين الجنوبي ومضيق تايوان، قلق الولايات المتحدة ودول الجوار الصيني"، مضيفا "قبل شي جينبينغ كان من الصعب تجنب التنافس بين البلدين، إلا أن وصوله إلى سدة الحكم أدى بشكل مباشر وغير مباشر إلى تسريع وتيرته بين البلدين".

وأشار إلى أنه في الوقت الذي تحاول فيه "دول غربية بقيادة الولايات المتحدة تعديل مواقفها تجاه الصين، فإن بكين تنظر إلى التحركات الدولية التي تقوم بها باعتبارها جزءً من عملية تجديد وطني وتعتقد أن الولايات المتحدة تحاول احتواء صعود الصين من خلال العمل مع دول الجوار ".

وفيما يتعلق بالأزمة في مضيق تايوان، يرى خبراء أن التغيير الذي أحدثه شي على السياسة الصينية يتمثل في "الغموض السياسي" حيال موقف بكين بشأن توحيد تايوان مع البر الصيني الرئيسي.

وأشار وانغ في هذا السياق إلى أن خطاب شي الذي ألقاه في الثاني من يناير / كانون الثاني عام 2019 سلط الضوء على أن " الشرط المسبق لتوصل الصين وتايوان إلى توافق في الآراء هو أن يتفقوا على الوحدة". وقال شي في هذا الخطاب إن بكين سوف تستكشف خيار تحقيق الوحدة مع تايوان من خلال نموذج "دولة واحدة بنظامين" حيث أكد أن كافة الأحزاب السياسية أو الأفراد الذين يدعمون توحيد تايوان مع الصين مرحب بهم لإجراء مفاوضات ديمقراطية مع بكين".

وقال وانغ إنه منذ ذلك الحين، كان محور كافة البيانات العامة الصادرة من بكين حول تايوان "منصبا حول تحقيق هذا الهدف ". في المقابل، حدث تحولات كبيرة في السياسات الأمريكية تجاه تايوان في السنوات الأخيرة خاصة ما صدر عن الرئيس الأمريكي جو بايدن في عدة مناسبات من أن واشنطن سوف تدافع عن تايوان في حالة تعرضها لغزو صيني. وفي تعليقه، قال وانغ إن التغيرات التي طرأت على السياسة الأمريكية "تدفع بكين إلى إعلان مناهضة التدخل الأجنبي والاستقلال باعتبارهما هدفين رئيسيين لتوحيد تايوان."

أما فيما يتعلق بتايوان، فلم تعلن الجزيرة، التي تعُرف رسميا بـ جمهورية الصين الوطنية، استقلالها، فيما يؤكد دستورها على "كامل الصين" كما هو الحال مع الدستور الصيني. وفي عام 2005، أصدرت الصين قانون "مناهضة الانفصال" من شأنه أن يجعل إعلان تايوان استقلالها رسميا أساسا لاستخدام القوة لإعادة توحيد الصين وتايوان. و أكدت بكين في حينه أن القانون ليس قانونا للحرب، لكنه يرمي إلى احتواء "قوى الاستقلال في تايوان". وكانت تايوان قد انفصلت عن الصين الشيوعية نهاية الحرب الأهلية عام .1949 لالا ديمقراطية في الألأفق ومع بدء شي ولاية رئاسية ثالثة غير مسبوقة تمتد لخمس سنوات، فإن تنج بياو، الباحث المتخصص في القوانين الصينية والمقيم حاليا في الولايات المتحدة، لا يعتقد أن الرئيس الصيني سوف يخفف من قبضته على المجتمع الصيني أو يعمل على تحسين وضع حقوق الإنسان وسيادة القانون في الصين. وأضاف في مقابلته مع DW أن شي جينبينغ "سيرفض بشكل قاطع أي اقتراح من شأنه أن يدفع الصين صوب الديمقراطي­ة الدستورية".

وقال إنه رغم ذلك، فإن شي جينبينغ سوف يواجه معضلة تتمثل في تحقيق التوازن بين الاستقرار الاقتصادي والسياسي في ظل أن الاقتصاد الصيني يواجه صعوبات كبيرة في الوقت الراهن جراء بعض سياسات دشنها شي بما فيها استراتيجية "صفر كوفيد" واستهداف رجال الأعمال في القطاع الخاص. وفي ضوء ذلك، فإن نذر حالة من عدم الاستقرار السياسي تلوح في الأفق". وأضاف أنه "عندما يأتي وقت الاختيار بين الاستقرار السياسي والاستقرار الاقتصادي، فإن الأولوية لشي وكبار زعماء الحزب الشيوعي ستكون للحفاظ على استقرار النظام".

وليم يانغ (تايبيه) / م ع

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Germany