Al-Anbaa

الشيخ عبدالعزيز بن باز ـ رحمه الله

-

٭ أخلاقه مع المخالف وأدبه في الردود العلمية:

كان الشيخ يتمتع بأدب جم سواء مع الموافق او المخالف له في بعض الآراء. وكان اذا استمع لندوة او محاضرة وعقب على ذلك اثنى على المحاضر والمحاضرة بما يراه مناسبا، ثم ينوه بما بدا له من ملحوظة بأدب كبير، وخلق رفيع، وان اشكل شيء او اراد زيادة بحث قال نراجع، ويراجع، وهكذا كان خلقه رحمه الله تعالى.

٭ حرصه على الوقت وأداؤه لعمله الرئيسي:

كان الشيخ رحمه الله حريصا على الوقت اشــد الحرص، وكان اكثر ما يرى في تدريس او تعليــــم، او توجيه ونصيحة، او اجابة لمستفت، او قضاء لحاجـــة سائل، او مجيبا عبر الهاتف رادا على المتصل من اول قرعـــة للجرس، ولم يعهد عن الشيخ ولم يعرف انه اخذ اجازة خلال عمله، اذ وقته كله عمل ودعوة، حتى خلال سير السيارة من عمله الى منزله، فالقراءة عليه مستمرة وبقي على هذه الصفة حتى في مرضه الاخير، عندما يجد في نفسه طاقة وقدرة على النفع، وهكذا شأن العلماء والمخلصين، رزقنا الله سبيلهم.. آمين.

٭ دوره في الدعوة الى الله وابتعاث الدعاة:

لقد سطر الشيخ ـ رحمه الله ـ دورا عظيما في توجيه الدعاة وطلاب العلم الى المنهج الصحيح للتلقي المستمد من كتاب الله ومن سنة رسول الله ژ ووجههم الى الدعوة للعقيدة الصحيحة والتحذير من البدعة والابتداع بالحكمة والموعظة الحسنة، وحثهم على الاخوة والمحبة بينهم، وازداد عدد الدعاة الى الله في ادارات البحوث العلمية في عهده في الداخل والخارج ازديادا كبيرا، سواء من هم على نفقة الادارة التي تحولت فيما بعد الى وزارة الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد، او ممن كان على نفقة مكتب الشيخ ـ رحمه الله ـ.

٭ دوره في النواحي الاجتماعية وعمارة المساجد:

لقد اسهم الشيخ رحمه الله اسهاما واضحا في بناء المساجد وعمارتها في الداخل والخارج وكذا في انشاء ودعم ومساعدة المدارس والمعاهد والمراكز العلمية في الخارج، وشفاعته لدى اولي الامر واصحاب الخير في ذلك، اضافة الى مساعداته للعائلات الفقيرة من ايتام وارامل وغير ذلك من المحتاجين الذين ان مسهم ظرف توجهوا الى سماحته لعلمهم انه سيكون عونا ـ بعد الله عز وجل ـ على تفريج كربتهم.

٭ صلته بالدعوة السلفية خارج المملكة:

كان ـ رحمه الله ـ على صلة وثيقة بإخوانه وتلاميذه في خارج المملكة، كباكستان والهند، اذ كانت تربطه علاقة وثيقة بجمعية اهل الحديث في البلدين وبعلمائها، وكذا صلته بجماعة انصار السنة بمصر والسودان، وكذا بالكويت والاردن والشام وغيرها، كل ذلك ببر منه، ونصح وتوجيه الى ما ينفع في مجالات متعددة في الدعوة الى الله سبحانه، والى عقيدة التوحيد ونبذ البدع والخرافات، وتجريد المتابعة لرسول الله ژ، وطباعة الكتب النافعة والرسائل المفيدة وغير ذلك من صور الخير.

٭ دوره في الإصلاح بين الاخوة والاشقاء:

كان للشيخ ـ رحمه الله ـ دور عظيم في الصلــح بيــن الاخـوة في كثيـر من البلاد اذا نزغ الشيطان بينهــم، فــدوره معــروف فـي المنظمات الافغانية ابان الجهاد الافغانــي، وكذا في بلاد اخرى بين الجمعيات للتآلف والتقارب بينها، مادامت على الخط الموافق لكتاب الله وسنة رسول الله ژ وعلى نهج السلف الصالح. صلته بالعلاقة محدث العصر الشيخ محمد ناصر الدين الالباني حفظه الله. كانت العلاقة بين الشيخين الجليلين والعالميــ­ن الكبيريـن رائــدي الصحوة السلفية وموجهيهــا في هذا العصر وطيدة للغايــة منذ التقائهما، ســواء في فترة اجتماعهما في الجامعة الاسلامية بالمدينـــ­ة، او في المشاركة في مجالس الجامعة، او غير ذلــك، وكان كل منهما يذكر الآخر بخير ويثني عليه، وكان كل منهما يسأل عن حال الآخر دائما في كل مناسبة، لاسيما اذا قدم بعض طلاب العلم الى احدهما. وقد كان لوفاة شيخنا ابن باز ـ رحمه الله ـ الوقع الكبير والمصاب الجلل لدى الالباني اخيه وصديقه، فما كان عند سماعه لخبر الوفاة الا ان تنهد وذرفت عيناه الدمع وسترجع، ولما اتصلت به هاتفيا بادرني بقوله حفظه الله: »احمد الله على كــل حال، نعزيكم بوفاة الشيخ ابن باز ان اقول: ان لله ما اخــذ ولله مــا اعطى وكل شيء بأجل مسمى فلتصبر ولتحتسب، فنسأل الله عز وجل ان يجعله في العليين من الانبياء والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن اولئك رفيقا، ونضيف الى ذلك: اننا نسأل الله عز وجل ان يخلفه من بعده من هو خير منه في خدمة الاسلام والمسلمين، والله المستعان ولا حول ولا قوة الا بالله، وانا لله وانا اليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها «.

٭ تلاميذه:

لقد درس على الشيخ كثيرون خلال تدريسه في المعهد العلمي بالرياض وكلية الشريعة فيها، وكذا خلال رئاسته للجامعة الاسلامية بالمدينة، وفي دروسه في الجامع الكبير بالرياض وغير ذلك من الاماكن، ومن ابرز تلاميذ الشيخ رحمه الله نخبة من العلماء والمسؤولين منهم: ٭ الشيخ محمد بن صالح العثيمين ـ عضو هيئة كبار العلماء بالمملكة. ٭ د.عبدالله بن عبدالمحسن التركي ـ وزير الشؤون الاسلامية والاوقاف والدعوة والارشاد بالمملكة العربية السعودية. ٭ الشيخ صالح الاطرم. ٭ الشيخ عبدالله بن زاحم رئيس محاكم منطقة المدينة سابقا. ٭ الشيخ عبدالرحمن البراك. ٭ الشيخ عبدالمحسن بن حمد العباد نائب رئيس الجامعة الاسلامية سابقا والمدرس بالمسجد النبوي الشريف. ٭ الشيخ عبدالصمد بن محمد الكاتب.

٭ وفاته:

في يوم الجمعة ٢٨ من المحرم ١٤٢٠هـ الموافق ١٤ مايو ١٩٩٩، صدر من الديوان الملكي بالمملكة العربية السعودية البيان التالي: انتقل الى رحمة الله تعالى يوم الخميس الموافق ٢٧ محرم ١٤٢٠هـ سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية ورئيس هيئة كبار العلماء وادارة البحوث العلمية والافتاء، ورئيس المجلس التأسيسي لرابطة العالم الاسلامي عن عمر يناهز تسعة وثمانين عاما اثر مرض ألم به، وسيصلي على سماحته حاضرا في الحرم المكي الشريف بعد صلاة الجمعة، وقد وجه خادم الحرمين الشريفين حفظه الله ان تقام عليه صلاة الغائب ايضا في المسجد النبوي الشريف وجميع مساجد المملكة بعد صلاة الجمعة ان شاء الله. ولقد خسر المسلمون بوفاة سماحته خسارة كبيرة، حيث فقدوا بفقده عالما جليلا كرس كل حياته في سبيل العلم وخدمة الاسلام والمسلمين على اختلاف اوطانهم في جميع انحاء المعمورة، وان خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الامين وسمو النائب الثاني اذ يعزون اسرة الفقيد والشعب السعودي والعالم الاسلامي بوفاته ليسألون الله جل وعلا ان يتغمده بواسع رحمته ومغفرته ويسكنه فسيح جناته وينزله منازل الشهداء انه سميع مجيب، والحمد لله على قضائه وقدره، وانا لله وانا اليه راجعون. كما اصدرت رابطة العالم الاسلامي بيانا اعربت فيه عن حزنها واساها لهذا المصاب الجلل.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Kuwait