Al-Anbaa

»وصية لقمان من أعظم وسائل التربية على الإطلاق«

-

ومن يفكر في وسيلة لتربية ابنه فليس هناك أعظم من وسيلة القرآن كما في وصية لقمان لابنه، فهي نصيحة جامعة للأدب لمن تأملها، قال تعالى (وإذ قال لقمان لابنه وهو يعظه يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم، ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير، وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون، يا بني إنها إن تك مثقال حبة من خردل فتكن في صخرة أو في السماوات أو في الأرض يأت بها الله إن الله لطيف خبير، يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وأنهى عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور، ولا تصعر خدك للناس ولا تمش في الأرض مرحا إن الله لا يحب كل مختال فخور، واقصد في مشيك واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير). وأبرز هذه الوصايا للأبناء في الآية، وهي قواعد لمن تدبرها نوجزها فيما يلي: ١- الرفق في التربية: حيث ان الأب نادى ابنه بلفظ البنوة المشعر بالشفقة والرحمة وهكذا تكون النصيحة فما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه. ٢- التوحيد وترك الشرك، هو اولى الاولويات ولا بد من تعليم الابن ان الله هو المقصود بالعبادة ولابد من إفراده بالعبادة بجميع انواع العبادات من صلاة وصيام وطواف ونذر ودعاء فالله هو المستحق لها لأنه الإله وحده فلا رب غيره وضده هو الشرك وهو صرف العبادة لغير الله سواء كان حجرا أو قبرا أو نبيا أو وليا وهو أخطر ذنب عصي الله به حيث ان صاحبه مخلد في النار مستحق للعذاب والغضب والعقوبة ولا يحمل صاحب الشرك بعده أي ذرة من إيمان ومن تجمل بهذه العقيدة فلا بد من الموالاة لأصحابها والبغض لأعدائها. ٣- طاعة الوالدين، حيث إنهما سبب وجوده بعد الله عز وجل والبر بهما من أعظم الاخلاق والأعمال، ومن أوجب الواجبات حتى لو كانا مشركين ويدعوان إلى الشرك، فلابد من صحبتهما بالمعروف وبالقول الحسن والفعل الكريم الجميل والتواضع لهما وقضاء حوائجهما وعدم الكبر والترفع عليهما ولو أساءا بل لا بد من الصبر ولا شك أن بر الوالدين من أحب الاعمال إلى الله ومع ذلك ضاع عند الكثير الأجر الكبير. ٤- المراقبة والخوف والخشية لله، حيث نصح لقمان ابنه بأن الله مطلع عليه ويعلم السر وأخفى، ويعلم مكان الذرة التي في باطن الارض او في وسط الصخور أو في الجو كعلمه ببقية الامور، فمن علم أن الله سميع بصير أغناه ضميره المؤمن اليقظ عن نوازع الشر ولا بد للوالدين من غرس هذا المفهوم بشتى الطرق لأن من أعظم وسائل الرقابة الرقابة الذاتية في وسط هذا لعالم الغارق بالمغريات والمفسدات من وسائل الاعلام المقروءة والمسموعة والمرئية تفنن بها أصحاب الفساد وليس لنا من ملجأ إلا بالله »ففروا إلى الله «. ٥- الصلاة، حيث أمره بإقامتها بشروطها وواجباتها ومستحباتها وأركانها إقامة كاملة وذلك لما لها من أثر تربوي عظيم تنهى فيه عن الفحشاء والمنكر وترزق صاحبها نورا في الدنيا وفي الحشر ويوم النشر ولا بد من تربية الابناء عليها من سن السابعة وضرب المتهاونين في سن العاشرة وأخذهم للمساجد وترهيبهم من تركها لأن تركها كفر والعياذ بالله. ٦- الامر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلا بد أن يعرف بوجوب هذه الفريضة فيكون جنديا حاميا لحمى الاسلام نافعا لامته لا يرى الحق فيسكت عن تبليغه ويرى الباطل فيتلجلج عن قمعه حتى تكون له شخصية قوية تبتعد عن الباطل وأهله وتقترب من اهل الخير فلا تجالس اهل المنكرات ولا تصاحبهم وانما تصاحب اصحاب الحق. ٧- الصبر، حيث ان البلاء شقيق للمؤمن لا ينفك عنه والمؤمنون سنة الله بهم أنهم مبتلون للتمحيص والرفعة وللاختبار ولتكفير سيئاتهم، وجاء الصبر بعد الامر بالمعروف والنهي عن المنكر لان هذا الداعي لا بد له ان يبتلى ويضطهد كما هو الحال مع الانبياء والصالحين ولن تجد الطريق دائما مفروشا بالورود ٨- النهي عن التكبر، حيث ان الكبر اشرس السيئات الاخلاقية الانحرافية ويتولد منها بقية الاخلاق الردية الباطلة، ويترك بسببها كثير من الدين القويم والخلق الكريم، فنهى لقمان عن تصعير الخد تكبرا وغرورا، وحث على التوسط في الكلام والمشي، حيث ان المشي بكبر من صفات اهل الدناءة والشر، ورفع الصوت من الصفات البهيمية التي يوصف بها الحمار فهذا مستنكر مستقبح من اهل الايمان وفيها ازعاج حسي للسامع وبغض لها ويدل على كبره والعياذ بالله ختاما نسأل الله أن يصلح أبناءنا وأن يجعلهم متبعين لكتاب الله ولسنة رسوله ژ وان يحشرنا واياهم في الفردوس الاعلى.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Kuwait