الحجب والرغبة

»كل ممنوع مرغوب« ، ومرجع تلك الرغبة نزعة التميز السلبي لدى الأفراد، فالحمقى يتجاوزون طابور الانتظار لإثبات تميزهم وسطوتهم، أو كالتدخين لدى المراهقين، وكذلك »كل محجوب مرغوب« ومنشأ هذه الرغبة الفضول وحب الاستطلاع لدى الإنسان كمثل الفضولي الذي يهرول للنظر من العين السحرية في باب غرفة الفندق كلما سمع ضحكات تعبر الممر. كما يمكننا عكس العبارة لنقول »كل مرغوب محجوب« ، اذ يحدث كثيرا أن نرغب باستحضار اسم شخص في لحظة ما فيفر الاسم من الذاكرة وكأن بينها وبين ما تطلبه سد عظيم. وكذلك عندما يلحّ الإنسان بطلب أمر ما فإنه لا يجده وإن سأل عنه طوب الأرض وموج البحر وفيروز الشطآن، وكأن بينه وبين ما يطلبه ويرغب به سر غامض يمنعه من الوصول إلى مبتغاه. تحدث الممانعة أو الحجب الغامض بفعل طاقة مجهولة لا يعلم اسرارها البشر، حيث تعمل هذه الطاقة على إبعاد المرغوب في لحظة الرغبة به وتحجبه عن نظر الراغب فلا يراه ولا يلحظه لكنه حالما ينساه أو يتجاهله يقفز فجأة في شاشة الذاكرة دون أن يطلبه أحد، وكأنه أدرك انه غير مرغوب أو مطلوب، فيكف عن الممانعة وينزع حجابه ليتكشف للعيان.