Al-Anbaa

أبريل.. غشمرة قد تتحول إلى مأساة كذبة

مجموعة من القصص الواقعية بدأت بمحاولة مزاح وانتهت بحوادث أو أتراح

- دانيا شومان ـ لميس بلال

مع مطلع ابريل من كل عام يفاجأ الناس بترويج شائعات أو أخبار ومعلومات غير صحيحة، فيما تعارفوا عليه فيما بينهم بأنه »كذبة ابريل «. هذا السلوك الذي أصبح تقليدا لدى البعض اختلف في منشـــئه وتوقيته وأسبابه، فأغلبية الآراء ترى أنه بدأ في أوروبا وتحديدا فرنسا في النصف الثاني من القرن السادس عشر في حين يرى البعض أن نشأته كانت أوروبية ولكن في القرون الوســـطى، كذلك ربط البعض بـــين كذبة ابريل وأحد الأعيـــاد الهندية، وقال آخرون إن انتشار هذا الأمر بين شعوب العالم أو نسبة كبيرة منها تم في القرن التاسع عشر، لكن يستثنى من ذلك الشـــعبان الإســـبان­ي والألماني لأن الإسبان يقدسون الأول من ابريـــل أما في ألمانيا فيوافق هذا اليـــوم يوم ميلاد المستشار »بســـمارك « الزعيم الألماني المعروف. والطريف في كذبة أول ابريل أنها تساوي بين العظماء والبسطاء وبين الأغنياء والفقراء، فقد حدث أن كان كارول ملك رومانيا يزور أحد متاحف العاصمة بوخارســـت في أول ابريل فسبقه رســـام مشهور ورسم على أرضية إحدى قاعات المتحف ورقة مالية أثرية من فئة كبيرة فما كان منه عندما رآها إلا أن أمر أحد حراسه بالتقاطها، وحاول الحارس التقاط الورقة الماليـــة الأثرية لكن طبعا دون جدوى.

لكن الكذب بصفة عامة من الأمـــور التي قد تـــورد المهالك وتهوي بالشخص إلى حيث لا يحب كما تقلل من ثقة المحيطين به، كما أنـــه على الرغم من أن كذبة ابريل قد تبدأ على أنها مزاح و» غشمرة« ، لكن الأمر قد يتحول إلى مأساة. ويحكى في هذا الصدد أنه اشتعلت النيران في مطبخ إحدى الســـيدات الإنجليزيا­ت فخرجت إلى شرفة المنزل تطلب النجدة ولم يحضر لنجدة السيدة المسكينة أحد لأن ذلك كان في صباح الأول من ابريل.

لكن إلـــى أي مدى يمكن أن تكون كذبـــة ابريل مقبولة في الوقـــت الحالي؟ وإلى أي مدى يمكن أن تتسبب في حدوث كارثة رغم أنها في الأصل يفترض أن تكون مزحة ســـنوية عابرة؟ »الأنباء « اســـتطلعت آراء عدد من المواطنين والمقيمين للوقوف على آرائهم وخبراتهم حول هذا السلوك أو التقليد الغربي الذي انتشـــر في قطاعات كبيرة من الدول العربية حيث نرى تطبيقا له في الأول من ابريل من كل عام. تعليقا على هذا التحول الذي ـ وان اعتبره البعض تقليدا أعمى للغرب ـ أصبح أمرا شبه واقع، يروي البعض تجاربهم مع كذبة ابريل سواء كانوا ضحايا لها أو جربوا أن يمارســـوا الكذب في هذا اليوم، أو حتى شهودا على واقعة في مثل هذا اليوم.

في البداية يقول محمد.م (٤٤ عاما، ويعمل موظفا في شركة نفطية): أعمل في موقع حساس، وهو موقع يتم التعامل فيه مع الكيماويــ­ـات والآلات الثقيلة والغازات السامة ولا يمكن العبث أبدا في هذا الموقع ككل المواقع النفطية في البلاد، وأتذكر أنه في أحد الأعوام وفي يوم الأول من ابريل، أحب أحد الزملاء أن يمزح في هذا اليوم، ورغم أن الموقع كان مغلقا للصيانة إلا أن هذا أيضا لا يجعله آمنا، وما حصل أن صاحبنا وفي هـــذا اليوم، وبينما كنا نتابع الصيانة في الموقع المتوقف أصلا، قام بكسر زجاج إنـــذار الحريق الداخلي، وهو يعني أن حريقا شـــب أو أن غازا ساما تسرب، وما ان دق الجرس وكما هو الإجراء المعتمد قمنا جميعا وكنا ٨ أشـــخاص بالجري إلى نقطة تعرف باسم نقطة تجمع الأمـــان، وتقضي تعليمات الأمن والســـلام­ة بأن نخلي الموقع بأسرع ما يمكن، وبالفعل قمنا بالجري إلى نقطة تجمع الأمان، ولكن أحد الزملاء ممن كانـــوا معنا وأثناء جريه ســـقط على وجهه ما أدى إلى تعرضه للإغماء من قوة الصدمة كما تعرض لكدمات بســـيطة، ولولا أن صاحبنا صاحب المزحة أخبرنا بأنه كان يمزح بعدما رأى ما حل بزميلنا لكنا اتصلنا على العمليات ولكن الحمد لله أننا انتبهنا أن الأمر مزحة وإلا كنا أبلغنا الجميع بالإخلاء، وكانت مزحـــة ثقيلة جدا مـــن زميل للأسف لم يقدر عواقب الأمور ولكن الحمد لله لم يحصل شيء، فزميلنـــا كانت إصابته طفيفة فيما عدا تعرضه للإغماء بسبب سقوطه على وجهه «.

حادث الوالد

من جانبهـــا تروي الطالبة الجامعية هناء.م حادثة تعرضت لها شـــخصيا على يـــد إحدى صديقاتها وكادت تفقد حياتها بسبب تلك المزحة : »وتقول هناء: كنت في السنة الأولى للجامعة، ولم أنتبه إلى أن اليوم هو الأول من ابريل عندما وردني اتصال من صديقتي وأبلغتني بالحرف الواحد أن والدي تعرض لحادث مروري وأنه نقل إلى مستشفى مبـــارك، ويومهـــا وبطريقة لا تصدق قمـــت بالتوجـــه إلى سيارتي وانطلقت بها بأقصى سرعة باتجاه مستشفى مبارك، وفي الطريق وبالقرب من الإشارة الفاصلة بين حولي والجابرية وبســـبب ارتباكي قمت بقطع الإشـــارة الحمراء بالاتجاه إلى المستشفى، ومع دخولي التقاطع اصطدمت بسيارة أخرى، ما أدى إلى انحراف سيارتي وخروج الســـيارة الثانية عن الطريق، ولولا أنني كنت أسير بسرعة متوسطة لفقدت حياتي، وأصبت خلال الحادث بكدمات، كما أصيب سائق السيارة الأخرى بكدمات هو الآخر «.

وتقول هناء : »صديقتي بعد أن أبلغتني بالكذبة، اتصلت علي بعدها بخمس دقائق وكان تلفوني يرن بداخل السيارة وكانت تريد إبلاغي أنها تمزح، ولكن وبسبب الارتباك لم أنتبه للهاتف، وأكملت طريقـــي إلى المستشـــف­ى دون أن أنتبـــه لاتصالاتها المتكررة حتى اصطدمت سيارتي، طبعا أنا نقلت للمستشـــف­ى وذهبت بإصابات جـــدا طفيفة والحمد لله، ولكنني كدت أفقد حياتي بسبب مزحة صديقتي «.

اتصال في شهر العسل

أما علي محمـــد (٣٤ عاما) فيقول: »قبل ٤ ســـنوات كنت في شهر العســـل مع زوجتي، في أحـــد الفنـــادق، وتزوجت في تاريـــخ ٣٦ مارس من ذلك العام، وقررنا قضاء أسبوع في الفندق، وكان أصدقائي يعرفون رقم الجناح الذي أقيم فيه مع زوجتي، وخلال الأسبوع صادف أن مر بنا تاريخ ١ ابريل طبعا، ولم يكن في بالي أبدا، عندما رن هاتف الجنـــاح وردت زوجتي وفوجئت بصوت نسائي يطلبني منها، وكانت صاحبة الاتصال تقول انها زوجتي الأولى، وما ان سمعت زوجتي المكالمة حتى كادت تسقط مغشـــيا عليها، وبدأت بالبكاء وعندما استفسرت منها أبلغتني بما سمعت وهي تكاد تموت من البكاء، وهدأت من روعهـــا وبعدها قمت بأخذ سماعة الهاتف وسمعت قهقهة رجل، تبين أنه صديقي والذي قام بالمزحة واستخدم جهاز تغيير الأصوات ليبدو صوته كصوت امرأة، وحادث زوجتي، والحمد لله ســـمعت زوجتـــي مكالمته وضحكـــه العالي، وبالطبع لو أنه أكمل مزحته الثقيلة لكنت انتهيت إلى الطلاق مع زوجتي التي لم يمض على زواجي معها سوى أقل من أسبوع «.

من جهته هادي.خ (٣٠ عاما) يعتـــرف بأنه خلال ســـنوات مراهقته وحتى عام مضى كان يمزح بترويج كذبة ابريل على أصدقائه وأقربائه حتى كادت مزحته التي قام بها العام الماضي تتسبب بسكتة قلبية لوالدته، وحول تلك التجربة المريرة كما يصفها يقـــول : »كنت متعودا على المزاح بشتى الطرق التي يمكن تخيلها أو التي لا يمكن تخيلها، وكنت أتفنن بذلك، بل أصبحت أعرف بين أصدقائي بهذه الميزة خاصة في شـــهر ابريل، وفي تاريـــخ الأول منه، فأنا لا أمارس مزاحي فقط في الأول من ابريل، وكنت أستمتع بذلك أيما متعة، حتى كان العام الماضي، عندما قمت بإرسال رسالة نصية هاتفية لقائمة زملائي في الهاتف أبلغهم بتعرضي لحادث مروري وادعيت أنني شقيقي، وبالخطأ أرســـلت الرســـالة إلى هاتف والدتي، والتي سقطت مغشيا عليها وسط صالة المنزل بعد أن قرأت نص الرسالة، ولكن الحمد لله أن شقيقي الذي كنت ادعيت أنه هو من أرســـل الرسالة من هاتفي كان يقف بجانب والدتي، فانتبهت معه إلى أن الأمر مزحة، ولولا لطف الله لأصيبت والدتي بسكتة قلبية.

وفي قصـــة غير بعيدة عن هذا الســـياق حكت لينا ياسين موقفا مرت به يتنـــاول كذبة ابريل، حيث كان يوما جامعيا مثل أي يوم عادي وقبل العودة للمنزل جلست مع شقيق زميلتها بالسكن واتفقا على اختلاق فيلم متكامل من الكذب والضحية هي صديقتها وأخته، ولكن كان هناك بعض الأصدقاء الموجودين فتبرع الأغلبية بتلبية نداء التسلية، فجهـــزوا جميعا الســـينار­يو الكامل مع الاحتمـــا­لات وكان الفيلم أن أفتعل شجارا بين الأخ وأحد الشباب بالجامعة بسبب صديقتهمـــ­ا المقربة والتي هي بمكانة اخته وأن الأمر أدى إلى عمل مجلس تأديبي بهذا السبب وأنهما قد عادا بعد الشجار، وقد بدأت الحرب بين الأخ وبين لينا وقد علا الصوت وزادت الشتائم وتبودلت الاتهامات »أنت السبب « و» أنت لا دخل لـــك « ومن هذا الكلام والأخت ترى هذا المنظر وتسأل لم هذا؟ ولم ذاك؟ ولا أحد يرد وتستمر الحرب وكانت قد استيقظت من فورها من نومها ونفسيتها ليست في أحسنها وبذلك بدأت بالبكاء وطردت الأخ من المنزل في الشـــجار وازداد الجو توترا وقد كان الطرد ليس بالمخطط واستمرت الحرب لمدة خمس وأربعـــين دقيقة أي أن العيار كان زيادة عن المطلوب حيث ان نهاية الفيلم هي قدوم الجميع ولكنهم تأخروا وبذلك زاد البكاء وأصبح الوضع خطرا وأصبح بطنها يؤلمها من الزعل وبذلك قررا فك الفيلم وانتهى بزعل الأخت لمدة يومين.

كذب في الطفولة

كمـــا روى أحمد براء قصة طفولة مضحكـــة، حيث عند عودته من المدرسة قال له أهله ان مديرة المدرسة اتصلت وقالت انه لا يعطي سلوكا جيدا وليس بالطالـــب المجتهد فبدأ بالبكاء والنواح وقال لأهله أشـــياء لم يكن يريد أن يقولها لهم أي فضح نفسه والجميل أنهم ضحكوا على الموضوع واستمرت كنكتة طريفة رغم أنها كذبة. ليس من السهل إحكام الكذبة ولكن هناك الكثير من الخبراء بذلك حيث قص علينا مالك ابراهيم أن بعض أصدقائه أرادوا حبك الكذبة فبدأت قبل ذلك بيوم حيث أرسلوا لجميع أصدقائـــه نبأ حـــدوث حادث ســـيارة له وانتشر الخبر ليلا بين الأصدقاء وفي اليوم التالي ذهب للجامعـــة وهناك كان قد عرف بالكذبة من وجوه الناس ومن أسئلتهم الغريبة فضحك هو وأصدقاؤه، وفي ذلك الوقت اتصلت أم صديقة تســـأل عن حال الابن بعـــد الحادث ولكن أمه لم تستوعب وأغمي عليها من الخبر المفاجئ، وهكذا أدت هذه الكذبـــة إلى دخـــول أمه للمستشفى. »لم أنو ذلك.. هذا ما قلته للذين لاموني « كما قال ضياء يونـــس حيث كان يوما عاديا ذاهبين إلى بيت أصدقائنا على الطريق السريع حيث قلت لصديقي فجأة ان فرامل السيارة لا تعمل ونحن نمشي بسرعة عالية وأمامنا ســـيارات واقفة فهناك حادث مخيف سيحدث ولم أر سوى وجه أصفر متعرق، فقبل الوصول بمسافة قصيرة وقفت الســـيارة وإذ بصديقي يبكي بكاء شديدا ويدخل في حالة نفسية سيئة للغاية. حاولت الكذب كثيرا في هذا اليوم ولكن سرعان ما تنكشف كذبتي والتي في الغالب تكون مع أمي وأبي، هذا ما قاله فادي كوز »حيث دائما ما آتي بكذبة سريعة مثل: لقد سرقت سيارتنا أو لقد رسبت أو هناك شخص يحمل مسدسا بالشارع وسرعان ما تنكشف الكذبة ولســـت نادما على ذلك فالكذبة بهـــذا اليوم برأيي هي لزرع الابتسامة لا الدمعة «.

٭

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Kuwait