Al-Anbaa

حزب الله خاض حرباً في ٢٠٠٨ لإعفاء ضابط أمن المطار وهو اليوم يستخف بمطالب التمديد للواء ريفي

- بيروت ـ د.ناصر زيدان ٭

دخل لبنان في منعطف قاس بعد استقالة حكومة الرئيس نجيب ميقاتي، وتداعيات الاحداث قد تدخله في نفق يصعب الخروج منه، اذا ما بقيت بعض الاطراف السياسية تتصرف بكيدية فيها شيء من الرعونة. ومهما قيل عن السبب الذي يكمن وراء استقالة ميقاتي، يبقى الدافع الاساسي لهذه الاستقالة الطريقة التي تعاطت بها بعض الاطراف المشاركة في الحكومة تجاه بعض الملفات، وتحديدا موضوع التجديد للواء اشرف ريفي كمدير عام للأمن الداخلي. من المتعارف عليه تقليديا، ان قائد الجيش يسميه رئيس الجمهورية قبل تعيينه في مجلس الوزراء، لكون الموقع محسوبا على طائفة الرئيس، ومدير عام الأمن الداخلي »السني « يسميه رئيس الحكومة، وحصل الامر ذاته مع المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم منذ اشهر، عندما سماه رئيس مجلس النواب وحزب الله، وعينه مجلس الوزراء دون اعتراض الرئيس ميقاتي وباقي الوزراء، لكون المنصب عرفا من حصة الطائفة الشيعية. الطريقة التي تعامل بها بعض اطراف الحكومة تجاه التجديد للواء اشرف ريفي فيها شيء من القساوة السياسية، التي لا تتلاءم مع خصوصية المرحلة وحساسيتها، خصوصا ان ريفي عليه اجماع من القوى السنية مجتمعة، لاسيما من تيار المستقبل، وهذه القوى لا يمكن لها ان تتساهل في هذا الموقع، لكونه الضمانة الامنية لحماية القيادات المهددة بالاغتيال، وهو يحمي في بقائه فرع المعلومات، الذي يقوم بدور جبار في كشف عملاء اسرائيل وكشف جرائم الاغتيال، وآخرها شبكة سماحة ـ مملوك، مما ادى الى اغتيال قائده اللواء وسام الحسن، واشعل اضطرابا في الساحة اللبنانية، وعند الطائفة السنية بشكل خاص. الاجواء في الطائفة السنية مازالت متوترة على خلفية اغتيال مجموعة كبيرة من قياداتها، من الرئيس رفيق الحريري وصولا للواء وسام الحسن، مرورا بالاعتداءا­ت التي تطول رموزها، وآخرها استهداف الشيخين مازن حريري واحمد فخران، وهي بحاجة لتعويض معنوي يهدئ من الشعور بالغبن، الذي يستغله بعض المتعصبين لإثارة اجواء الشحن المذهبي، وقد سعى الرئيس ميقاتي لامتصاص النقمة في التمديد للواء ريفي، والوقوف في وجه فرض قانون انتخابي، فيه رائحة استهداف للطائفة. اخطأ حزب الله، والتيار الوطني الحر في رفض طلب ميقاتي، وكان يجب مكارمته بطلبه، حتى من باب المجاملة الشخصية لكونه تحمل السهام بسببهم طيلة العامين الماضيين، بل العكس حصل، فتعاملوا بأسلوب امني استخباراتي متكبر، وبقساوة لا تتحملها تجاذبات الساحة اللبنانية في هذه الظروف بالذات، لاسيما ان النقمة تزداد ضد الرعونة السياسية التي يستخدمها الذين يدورون في فلك النظام السوري في اكثر من مناسبة، وتترافق مع ظهور رموز متهمة بارتكابات لن ينساها المواطنون، لاسيما منهم الذين تدور شبهات حول مشاركتهم في اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. وتتصرف بعض قوى ٨ آذار في سياق تعاملهم مع خطورة الاحداث باستهتار فيه شيء من الكيدية، وهذا ما بدا واضحا في التعليق على استقالة الحكومة، وما يترافق معها من ملفات، خصوصا قانون الانتخاب، ولم يخف بعض هؤلاء توجهاتهم، فصرح النائب العوني ابراهيم كنعان بان مشروع القانون الارثوذكسي هو الوحيد الذي يجب ان يطرح امام جلسة مجلس النواب التي ينوي الرئيس نبيه بري الدعوة اليها، رغم وجود عريضة موقعة من اكثر من نصف اعضاء المجلس للتمديد للقادة الامنيين، كما ان معاون السيد حسن نصرالله حسين خليل، مازال يتحدث عن خطوط محظورة، وفق لغة تذكر بالحرب الباردة التي حصلت في لبنان في السنوات العشر الماضية. حزب الله خاض حربا في مايو ٢٠٠٨ بسبب اعفاء رئيس جهاز أمن المطار العميد وفيق شقير، وهو يستخف بمطلق التمديد لمدير عام قوى الامن الداخلي، في اجواء تنذر بمخاطر جمة، وبفوضى قاتلة، وبفراغ مخيف. اوساط سياسية متابعة ترى ان لبنان اليوم يحتاج الى التسامح، ولا يتحمل الارتجال والمغامرة، ولا الرعونة السياسية.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Kuwait