Al-Anbaa

بعد التمديد: ماذا عن تمام سلام الحكومة »الانتخابية «؟

-

يمكن للرئيس المكلف تمام سلام ان يعلن نفسه احد المستفيدين من التمديد الذي سيقر اليوم للمجلس النيابي، فهذا المجلس الذي سماه بـ »شبه اجماع« باق ومستمر ومن المفترض أن يبقى سلام معه وان يستمر في مهمته لتشكيل »حكومة التمديد« ولكن يسود اعتقاد على نطاق واسع ان »التمديد أعاد خلط أوراق كثيرة سياسية وحكومية« وان »الأحداث تجاوزت تمام سلام« ، فالظروف والمناخات الإقليمية التي جاءت به الى رئاسة الحكومة قد تغيّرت، وحكومة الانتخابات التي فصّلت على قياسه تبخرت، وحكومة الأمر الواقع فرصة خاطفة لاحت مثل وميض برق واختفت، وحكومة الـ ٢٤ وزيرا وفق صيغة الـ »٨ ـ ٨ ـ ٨« لم تعد مناسبة مع مواصفات الحكومة السياسية. يمكن القول ان الوضع الأنسب لاستمرار تمام سلام وانتقاله من ضفة التكليف الى »التأليف « هو تمديد تقني لأشهر محدودة بين ٣ و٦ أشهر ويصار الى تشكيل حكومة انتخابات بشروط أقل وتسهيلات أكثر من القيادات والقوى السياسية، ولكن هذا الوضع لم يحصل وانما حشرت الخيارات والاحتمالا­ت بعد ٢٠ مايو في خيارين واحتمالين: انتخابات وفق قانون الستين في موعدها (١٦ يونيو) أو مع تأخير بسيط لأسابيع، وخيار التمديد للمجلس النيابي الذي كانت له الغلبة في النهاية، ومع هذين الخيارين بدا تمام سلام أكبر الخاسرين والمتضررين، وحتى انه لا يجد دورا ومكانا له مع أي منهما: ١ ـ لو تقدم الاحتمال الأول (الانتخابات في موعدها) لانتفت الحاجة الى »حكومة انتخابات« بعدما تبين ان حكومة تصريف الأعمال قادرة على اجراء الانتخابات وان هذه المهمة تدخل في نطاق صلاحياتها وواجباتها، وبعد انتخاب مجلس نيابي جديد تكون الثقة المعطاة لشخص سلام سقطت وانتهت مع انتهاء ولاية المجلس الذي سماه، وستكون دعوة الى استشارات تكليف جديدة ربما تفضي الى تسمية شخصية جديدة لرئاسة الحكومة المنبثقة عن المجلس الجديد. ٢ ـ مع تقدم خيار التمديد ليصبح واقعا قانونيا ورسميا ابتداء من يوم غد، تكون المعطيات المتعلقة بـ »الحكومة الجديدة« قد تغيرت الى حد كبير، فالتمديد الحاصل هو تمديد سياسي وليس »تقنيا « وحكومة التمديد ستكون استطرادا حكومة سياسية وستكون خاضعة لتجاذبات ومساومات قوية، خصوصا ان اي اتفاق مسبق لم يحصل على »حكومة ما بعد التمديد « بعدما نجح حزب الله والرئيس بري في فك الارتباط بين ملف التمديد وملف الحكومة وفي جعل التمديد يمر من دون شروط وأثمان، ولأن الحكومة باتت سياسية تغيّر كل شيء بدءا من شرط ان يكون وزراؤها من غير المرشحين للانتخابات وصولا الى تركيبة الـ ٢٤ وزيرا التي لم تعد تصلح لحكومة سياسية ستكون مثل حكومات ما بعد الطائف »ثلاثينية «. أسئلة كثيرة تطرح في خصوص الحكومة السياسية: هل الرئيس المكلف تمام سلام قادر على حمل حكومة كهذه بكل ما تحويه من أعباء وأثقال وشروط؟ هل حزب الله المنهك في معركة سورية في صدد تسهيل مهمة سلام في سياق أولوية تجميد الوضع اللبناني وتمديده أم انه في صدد جعل مهمة سلام صعبة ومحاصرة بشروط (المقاومة والثلث المعطل والمداورة ضمن الفريق الواحد) في سياق تحصين وضعه الداخلي وحماية ظهره؟ وهل تيار المستقبل الذي وصل سلام الى عتبة التكليف من بابه مازال داعما لاستمرار سلام ومتحمسا له ويقبل به رئيسا لحكومة سياسية لفترة طويلة حافلة بالاستحقاق­ات والأحداث بعدما كان »زكّاه « رئيسا مؤقتا لحكومة انتقالية؟ في الواقع تختزل ظروف واحتمالات »حكومة التمديد « في النقاط التالية: ١ ـ استمرار حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي طويلة إذا تعقدت عملية التأليف. ٢ ـ قيام حكومة سياسية بمراعاة مطالب وشروط حزب الله برئاسة تمام سلام إذا وافق على حكومة كهذه او من دونه اذا اعتذر. ٣ ـ في حال الاعتذار تنحصر الخيارات لرئاسة الحكومة بين احتمالين: عودة الرئيس نجيب ميقاتي اذا كان تيار المستقبل غير جاهز وغير راغب بتسلم رئاسة الحكومة في هذه الظروف او عودة »المستقبل « الى رئاسة الحكومة عبر الرئيس سعد الحريري إذا صارت عودته ممكنة على أساس تسوية سياسية يمكن ان يكون التمديد من بداياتها، وبما انه لا مؤشرات الى عودة ممكنة وقريبة للحريري تؤول رئاسة الحكومة الى من يسميه الحريري من أركان المستقبل وتبرز ثلاث أسماء: فؤاد السنيورة، نهاد المشنوق، محمد شطح، الأكثر ترجيحا في هذه المرحلة وملاءة لها.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Kuwait