قضية ورأي د.المذكور.. والأحزاب

كم كان لافتا وواضحا تصريح د.خالد المذكور بأن الوقت قد حان لإشهار الأحزاب على اعتبار أنها أصبحت أمرا واقعيا وموجودا فعليا على الأرض، وذلك بهدف تنظيم الحياة السياسية في الكويت ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل تعداه إلى المطالبة بتشكيل الحكومة البرلمانية كنتيجة تابعة لإشهار الأحزاب السياسية. لقد أصاب د.المذكور كبد الحقيقة وأزاح العتمة عن العيون بأن التكتلات والأحزاب والتيارات السياسية على اختلاف أنواعها في الساحة المحلية يجب التعامل معها بوضوح بتطلب الأمر إلى تنظيمها عن طريق إشهارها رسميا وفق قانون الأحزاب. من وجهة النظر، فإن تلك الدعوة أتت من شخص مشهود له بالعلم والحصافة ولم تأت جزافا بل إحساس وطني صادق تؤخذ كلماته بعين الاعتبار وتجد صداها للمؤيد والمعارض، وقد يتحمل النقد من البعض لمن يرفض إشهار الأحزاب لأسباب سياسية أو دينية أو اجتماعية وغيرها، ولكن أن تضع هذه الشخصية نفسها في هذا الموقف وفي هذا الوقت العصيب في بلدنا العزيز لدليل على ما وصلت إليه الأمور السياسية من احتقان وتوتر وضرورة أن تعمل الأحزاب بصورة واضحة وتحت مظلة القانون بدلا مما هو حاصل الآن من وجودها عبر مسميات مختلفة أمام أعين الحكومة دون أن تحرك الحكومة ساكنا أمام سيل الإعلانات والتصريحات لأحزاب وتكتلات سياسية دون وجود أي مسوغ قانوني لها بل على العكس تقوم الحكومة بمحاورة البعض منها بصفتها تمثل تكتلا سياسيا معلنا، كما أن حماية الجبهة الداخلية ودرء الأخطار عنها يتطلب فهم الواقع بكل سلبياته وإيجابياته وقول كلمة الحق بعيدا عن المزايدات الدينية والسياسية والمصلحة الشخصية. نعم لقد وضع د.المذكور يده على الجرح الذي يأبى الكثيرون علاجه بتصريحه هذا وإحساسا بما يعانيه الناس من عدم استقرار الحياة السياسية. نعم، قد يتعرض د.المذكور للنقد لرأيه هذا ولكن الاختلاف في الرأي لا يفسد للود قضية، ولابد من الإيمان بأن كل رأي يحتمل الخطأ والصواب دون تسفيه أو تجريح في إطار النقد البناء.. نعم، إن إبداء الرأي بإشهار الأحزاب وتشكيل حكومة برلمانية ليس معناه بأي حال الخروج عن القانون أو الإضرار بمصلحة البلد بل لعلها قد تكون مخرجا لما يعانيه المجتمع من احتقان سياسي دون وجود محاسبة فعلية لبعض التصرفات الحكومية، والتردد في اتخاذ القرار وعدم مواجهة مشكلات المجتمع وعدم التكيف مع مقتضيات العصر بالتطور والتجديد في العمل السياسي على المستوى البرلماني في ظل حقيقة جلية بأهمية التطلع إلى طموحات الشباب الذين يمثلون أكثر من ٧٠٪ من السكان بما يشاهدونه من عدم الجدية في تحقيق متطلباتهم ومكافحة أوجه الفساد وعدم التوازن في تحقيق العدالة الاجتماعية. ولعل دعوة د.المذكور لإشهار الأحزاب بتشكيل حكومة برلمانية تمثل الحزب والتكتلات السياسية الفائزة يستطيع من خلالها الشعب محاسبتها وأن يكون لصوت الناخب دور أساسي في إقالتها عند انحرافها عن مسارها ومحاسبتها. عندما نقول ذلك ليس تضامنا مع رأي أي تكتل سياسي.