Al-Anbaa

»الشال «: ضرورة إصلاح الإدارة العامة حتى يحفظ لصغار الوطن الحد الأدنى من سبل الحياة الكريمة

الكويت مقبلة على ٣ تحديات

-

استعرض تقرير الشال الاقتصادي الأسبوعي وضع الإدارة العامة في البلاد بعد حكم المحكمة الدستورية الذي وصفه بأنه أصبح أكثر ارتباكا، فالفارق الذي صنعه ذلك الحكم هو تأييد مرسوم الضرورة بالصوت الواحد، ولكنه أبطل مجلس الأمة، الذي انتخب على أساسه، بإبطال مرسوم الضرورة الذي نظم انتخابه من خلال تشكيل لجنة من ٩ قضاة أشرفت على عملية الانتخاب. والإبقاء على الأصل وإلغاء الفرع بما ترتب عليه من إبطال ثانـــي مجلس أمة، ترك فراغا سياسيا كبيرا، ولعـــل الأكثـــر أهمية هو اهتزاز الثقة بكل ما تفعله الحكومة، فهي أكبر حكومة في العالم، نسبة إلى حجم الكويت، وأضعفها حوكمة على الإطلاق، زاد على ذلك، أن الانقســـا­مات المؤسفة والحادة التي عصفت بهذا المجتمع الصغير، ازدادت وطالت هذه المرة تنظيمات سياسية من مصلحة البلد أن تبقـــى موحدة، وطالت مكونات اجتماعية كبيرة كان من الواجب الإبقاء على تماسك علاقاتها الاجتماعية، من دون إقحامها في العمل السياسي.

وأضـــاف التقريـــر أن الخوف أكبر على المستقبل، فالانتخابا­ت سوف تجري، وإن ارتبـــك تحديد موعد لهـــا، ولكن كفاءة مكونات الإدارة العامة أو السلطات الثـــلاث ســـتبقى علـــى حالها، إذ ســـتظل السلطة التنفيذية سلطة محاصصة في تكوينهـــا ومتضخمة، ولكنها ضعيفـــة الكفاءة، تتلقى الكثير من سياساتها وقراراتهــ­ـا مـــن خارجها. وأخطر التطورات، إضافة إلى تأصيل حالة الانقسام وضعف الأداء المحتمل، هو إقحام السلطة القضائية في أتون الصراع السياســـي، فبعد رفض الحكومة حكمها تأييد القانـــون ٤٢ ،٢٠٠٦/ أصبحـــت أحكامها عرضة لرفض الطرف الآخر، مثل رفض تأييد قانون الصوت الواحد، وأصبحت عرضة لإقحامها وإنهاكها بقضايا الـــرأي والقضايا المضادة. وتكرار الانتخابات، وهذه المرة حتى من دون ضمان بعدم إبطالها، سوف يعني أن كل حكومـــة أو مجلس قادم ســـيطالب بنصيبه مـــن القوانـــي­ن والقرارات الشعبوية والمناصب، مقابل الولاء، ما يهدد كيان الدولة، اقتصاديا، ويعمل على مزيد من تردي كفاءتها، إداريا.

وأشار التقرير إلى انه يحمل المستقبل في تقديرنا ثلاثة تحديـــات، الأول هو العجز عن ضمان استقرار الدولة نتيجة عجز محتمل في توفير الوظيفة والخدمات الضرورية، لو حدث ضعف في سوق النفط، واحتمالاته كبيرة. والثاني، وبقراءة ما حدث في أوروبا الشرقية في ثمانينيات القرن الفائت بدعم من ضعف سوق النفط، لا يبـــدو أن هناك حصانة من انتقـــال أحداث الربيع العربي إلى الإقليم، وحالة التشـــرذم المحلية ليست البيئة المناســـب­ة للوقاية منها. والثالث، هو ما يمكن أن يحدث من احتدام صراع بـــين أقطاب الأســـرة على أنصبتهم، إذ استمر المنهج الحالي في المحاصصة، وقد يكون صراعا بتكاليف غير محتملة.

وهنـــاك فـــي المنطقة إضاءتان حدثتـــا، أخيرا، الأولـــى فـــوز الرئيـــس روحانـــي في إيـــران في جولة الانتخابات الرئاسية الأولى، وهي رســـالة من الشعب الإيراني بضرورة التسامح ونبذ الصراع مع الغير من أجـــل البناء في الداخـــل، ولن تكون مهمة الرئيس الجديد سهلة لأنه محدود السلطة. والثانية، الانتقال السلمي للسلطة من جيل إلى آخر في قطر، بما يعنيه من تغيير الطاقم الإداري للدولة، كله، مع أمل بأن يتبعه انتقال إلى نمط أكثر حداثة ومشاركة في إدارة شؤون الدولة. وفي الكويت، وبســـبب تكرار الفشل، وبسبب التحديات الكبيـــرة في المســـتقب­ل، يحتاج أمر الإدارة العامة إلى تغيير بمثل ذلك الحجم، وذلك لن تتيحه الانتخابات القادمة، ولكنه يحتاج إلى توافق وطني فيه الكثير من التسامح وتغليب احتياجات المستقبل على ثارات الماضي. وما لم تصلح الإدارة العامة، فلا أمل، إطلاقا، في مشروع تنمية، يحفظ لصغار الوطن الحد الأدنى من سبل الحياة الكريمـــة، ويحفظ للوطن الحد الأدنى من متطلبات الاســـتقر­ار، والإدارة، في عالمنا الحالي، مفتاح النجاح والفشـــل، ووحدة قياس ذلك النجاح والفشل، هي الاقتصاد.

 ??  ?? أبراج الكويت مع علم الكويت
أبراج الكويت مع علم الكويت

Newspapers in Arabic

Newspapers from Kuwait