Al-Anbaa

محمد هلال الخالدي

-

comme. bodalal@ يخلط البعض بين عدة مفاهيم ومستويات معرفية عندما يتعلق الأمر بحقوق المرأة في عالمنا العربي، فهناك من لا يميز بين العادات والتقاليد وبين أحكام الشريعة، وهناك من يربط مفهوم المساواة في الحقوق بمفاهيم الرجولة بالمعنى العربي الكلاسيكي، أي «سي السيد مقابل أم العبد ». والحق، أن مصطلح «المساواة » بين المرأة والرجل في الحقوق هو بذاته أحد أسباب هذا الغموض والارتباك، فالمعنى الظاهر الذي يتبادر إلى ذهن أي إنسان من عبارة «يجب مساواة المرأة مع الرجل» هو المساواة الكاملة بينهما في كل شيء، بحيث يصبح للمرأة مثل ما للرجل في كل شيء، خاصة في ظل هيمنة الثقافة الغربية التي ترسخ هذا المعنى. بينما المعنى الصحيح الذي يفترض أن ندعمه وندافع عنه وتتبناه الحركات النسوية هو «المساواة في الحقوق »، لأن المطالبة بإعطاء أي إنسان حقوقه مهما كان جنسه أو لون بشرته أو وضعه الاجتماعي أمر مستحق، فلا يجرؤ على الاعتراض على حق إنسان إلا ظالم. المسألة يجب أن تتحول من مطالبة بـ «المساواة » إلى مطالبة بـ «حقوق »، ليصبح «الصراع » التقليدي الذي استهلك جزءا كبيرا من ثقافتنا «ما هي حقوق الرجل، وما هي حقوق المرأة؟ »، فعلى النساء والمشتغلين بحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية أن يركزوا حديثهم على قضية «الحقوق » بدلا من كلمة «مساواة » إذا أرادوا حقا تحقيق مكاسب واقعية.

>>> إذا قال شخص «يجب مساواة المرأة بالرجل في الميراث» ، نقول له هذا خطأ، ببساطة لأن «حق » المرأة في الميراث هو نصف «حق » الرجل، لكن إذا قال «يجب مساواة المرأة بالرجل في التعليم، في فرص العمل والراتب الأساسي، في السكن، في تجنيس أبنائها، في اختيار من يمثل المجتمع في البرلمانات والمجالس النقابية.. الخ» فعندها نكون في مجال الحقوق المدنية التي تمثل المطالبة بها استحقاقا مادامت لا تتعارض مع الشرع، أو يكون على من يرفضها تقديم دليل جيد يثبت أنها ليست حقوقا للمرأة، لأنها إذا كانت فعلا «من حقوق » المرأة فيكون من الظلم والتعسف الاعتراض عليها.

>>> المرأة في المجتمع العربي تعرضت مع الأسف لكثير من الظلم والتعسف والاستبداد بسبب ادعاء «تفوق » الرجل عليها، وهو ادعاء ترسخ بسبب سوء استغلال بعض الأحكام الشرعية مثل حق الرجل في ضعف الميراث أو الشهادة أو تعدد الزوجات، مع أن هذه الحقوق لا يترتب عليها ـ بالضرورة ـ أي تفوق، فهي مسائل إجرائية ترتبط بطبيعة التكوين والدور الاجتماعي، تقابلها حقوق للمرأة ليست للرجل، كما ساهم في ذلك «جمود » وتخلف الفقه لدى البعض ممن يعتقدون بأن المجتمع الإسلامي الصحيح هو فقط مجتمع صدر الإسلام، بكل ما فيه من «مظاهر »، حتى في اللبس وركوب البغال، وهم مخطئون بلا شك لأن المجتمعات تتطور ـ هكذا خلق الله عز وجل الكون ـ وأن ما ينبغي أن نأخذه من المجتمع الإسلامي القديم هو القيم والنظم الثابتة وليس المظاهر. وللحديث بقية مع مفهوم «قيادة المرأة ».

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Kuwait