Al-Anbaa

الصاعدي: علم السياسة الشرعية من أهم أبواب الفقه في الدين لتوجيه الأمة إلى ما يصلح أحوالها ويحقق مصالحها بما لا يخالف الشريعة الإسلامية

«مستجدات الفكر الإسلامي الثانية عشرة» والتي تقام برعاية سامية من صاحب السمو انطلاق جلسات مؤتمر ندوة

- أسامة أبو السعود

انطلقــت اولى جلســات مؤتمــر «ندوة مســتجدات الفكــر الإســامي الثانيــة عشرة» والتي تقيمها وزارة الأوقاف والشؤون الاسامية برعاية كريمــة من صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد والتي جاءت بعنوان «السياســة الشــرعية فــي ســيرة النبي ژ وخلفائه الراشدين» ، وترأسها وكيل وزارة الأوقــاف والشــؤون الإســامية د.عــادل الفاح واستهلها الدكتور في كلية الحديث الشريف في الجامعة الإسامية في المدينة المنورة ســعود الصاعدي بالتأكيد ان علم السياســة الشرعية مــن أهــم أبــواب الفقه في الدين، وفيه ما يحقق للأمة الإسامية ما يكفل بإذن الله تعالــى تحقيــق مصالحها العالية فــي الدنيا والآخرة ان تم العمــل به بفقه قوي، ونظر ســوي، وإلا أدى إلى ما لا تحمد عواقبه في الدنيا والآخرة.

وأضــاف الصاعــدي ان السياسة الشرعية ما شرعه الله تعالى لعباده من الأحكام عــن طريق أنبيائــه عليهم السام.

قال الله تعالى في الجاثية )ثم جعلناك على شــريعة من الأمــر فاتبعها ولا تتبع أهــواء الذيــن لا يعلمون(، على هذا فالمقصود بالسياسة الشرعية ما قاله جماعة من أهل العلم في أقوال متقاربة، منهــا: اســتصاح الخلــق بإرشادهم إلى الطريق المنجي في الدنيا والآخرة.

وبيّن الصاعدي أن المقصود بالسياســة الشــرعية فــي السيرة النبوية: هو معرفة ما استصلح به النبي ژ أمر أمته في الدنيا والآخرة، وهذا المعنــى مأخوذ مــن المعاني اللغوية، الشريعة، من عدة أحاديث.

وقال ان السياسة مسلك فقهي مهم لتوجيه الأمة إلى ما يصلح أحوالها، ويحقق مصالحهــا بمــا لا يخالــف الشريعة الإســامية، ولها مجــالات كثيــرة على وجه

الرحيلي: بروز ما يعرف بالإسلام السياسي من أهم مراحل هذه المرحلة النجدي: على المسلمين أن يردوا الأمور إلى أهلها المؤهلين بالنظر فيها ولا يستعجلوا ولا يتكلموا بغير علم

العموم، ومن أهمها الولاية العامــة، ومــا تشــمله مــن أنواعها، وطبائعها، وأحكامها، وشروط الأئمة، وأنظمتها، وضوابطها، وإدارتها، وغير ذلــك في حين تكون العاقة بين الإمام ورعيته، وما يتعلق بذلــك مــن أحــكام البيعة، والخروج، وتحديد ســلطة ولي الأمــر، وبيان حقوقه، وحقــوق رعيتــه، وكيفية تعاملــه مــع الســلطة على ضوء القواعــد، والضوابط المقرة لإدارة شؤون الدولة وفــق الضوابط الشــرعية، وأمــوال الدولة، وتنظيمها، وما تشمله أحكام الجبايات، وصنوف الأموال التي يليها الأئمة للرعية وأصولها في الكتــاب والســنّة، وأحكام الفــيء ووجوهه وســبله، وأحكام الأرضين في إقطاعها وإحيائها وحماها ومياهها، وأحــكام الصدقة وأحكامها وسننها، وتنميتها.

وتابــع أما القضــاء وما يتعلق به من أحكام الأسس، والتنظيمــ­ات، والدعــاوى، والمرافعات، وسائر الإجراءات بالإضافــة إلــى الجنايــات والحــدود والعقوبــا­ت وما يتعلق بها من أحكام أنواعها، وعقوباتهــ­ا وتنظيماتهـ­ـا، والأمن والســلم مع الأعداء، ومــا يتعلق به مــن أحكام الجهاد، والصلح.

وأشــار إلــى أن أخــذ السياســة الشــرعية مــن السيرة النبوية من الأهمية بمكان، لأن رســول الله ژ هو الإمام القاضي، والمفتي الأعلم، وهو ژ إمام الأئمة، والمناصــب الدينيــة كلهــا وضعها الله تعالى له، وغالب تصرفــه ژ بالتبليغ، لأن وصف الرسالة غالب عليه، ثــم تقع تصرفاته ژ منها: ما يكون بالتبليغ والفتوى إجماعا كإباغ الصلوات.

ومنهــا ما يجمــع الناس على أنه بالقضاء كإلزام أداء الديون.

ومنهــا ما يجمــع الناس علــى أنــه بالإمامــة كإقامة الحدود.

ومنها ما يختلف العلماء فيه كإحياء الموات، لتردده بين رتبتين فصاعدا، فمنهم من يغلب عليه رتبة، ومنهم من يغلب عليه أخرى.

ثــم تصرفاتــه ژ بهذه الأوصاف تختلف آثارها في الشريعة، فكان ما قاله ژ أو فعله على سبيل التبليغ كان ذلك حكما عاما على الثقلين إلى يوم القيامة.

وكل مــا تصرف فيه ژ بوصف الإمامة لا يجوز لأحد أن يقدم عليه إلا بإذن الإمام.

ومــا تصــرف فيــه ژ بوصف القضاء لا يجوز لأحد أن يقدم عليه إلا بحكم حاكم.

وأوضح أنه قد تبين عمل النبي ژ، وخلفائه الراشدين رضي الله عنهم في بنائهم الدولة الإســامية، ورعاية شؤونها بالسياسة الشرعية، وفيهم القدوة الحسنة، وأن المقصود بالسياسة الشرعية في سيرة النبي ژ: معرفة ما استصلح به النبي صلى الله عليه وسلم أمر أمته في الدنيا، والآخرة.

وعلى هذا ســار خلفاؤه الراشدون رضي الله عنهم من بعده فالعمل بالسياسة الشرعية المأخوذة من سيرة النبي ژ، وخلفائه الراشدين مهم جدا لإصاح حال الراعي والرعية، وإن كان للسياسة الشــرعية مجالات متعددة، ومنهــا: الولايــة العامــة، والأنظمــة المحــددة لعاقة الحاكم بالمحكــوم، وقوانين إدارة أموال الدولة، والقضاء ومــا يتعلق به من الأحكام، والتنظيمات.

من جانبه، قال د.حسين النجــدي ان حكمــة الله سبحانه وتعالى أن يخلق آدم وزوجه حواء، وأن يهبطهما إلى الأرض ويبث منهما رجالا كثيرا ونساء، ويرسل الرسل، وينــزل الكتب، ليبن للناس الشــر فيجتنبــوه، والخير فيســلكوه، وقــد اصطفــى الله عز وجــل نبيه محمدا ژ لرسالته الخاتمة العامة، ليكــون هاديــا إلــى صراط مستقيم، وقد أحاطه سبحانه بعنايته التامة، ووهبه من الصفــات ما لــم تجتمع في غيره، ولم تبلغ من الكمال في شــخص بشر، ما بلغت في شخص نبينا محمد ژ، فكرا وسلوكا وسلوكا، لتجد البشرية الأسوة الكاملة التي تستحق أن تكون المثل الذي يحتذى.

وأضاف ان سياسة النبي ژ أكمل السياسات وأعدلها، وأحسنها وأتمها، والأخذ بها فيه تحقيــق مصالح الدين والدنيا للعبــاد وتكثيرها، ودرء مــا يضرهــم فــي دينهم ودنياهم من المفاسد وتقليلها، ومن هديه ژ نهل الخلفــاء الراشــدون رضي الله عنهم فكانوا أسد الأمة فهما، وأعمقها علما، وأقلها تكلفــا، شــاهدوا التنزيــل، وعرفــوا التأويــل وفهمــوا مقاصــد الشــرع، وفقهــوا عن نبيهم ژ، ما لم يفقهه غيرهم، لافتا الى أن سيرتهم وسياساتهم التطبيق العملي لما فهموه من نصوص الكتاب والسنة، وما شــاهدوه من سياســة النبــي ژ، ومــا اكتســبوه من خبرة علمية من خال عملهــم مع النبي ژ ومــا اتفق عليه الخلفاء الراشدون رضي الله عنهم، يجب العمل به، يقول شيخ الإسام ابن تيمية : «ما كان من سنة الخلفاء الراشدين الذين سنوه للمسلمين ولم ينقــل أن أحدا من الصحابة خالفهم فيه فهذا لا ريب أنه حجة بل إجماع ».

وقال ان الإنســان مدني بطبعــه، ومن خال تعامله مع أبناء مجتمعه وعاقاته بهم لا بد أن تترتب على تلك المعامات والعاقات حقوق وواجبــات متبادلــة، وهذا يحتــم أن يكــون لهم نظام يضبــط تصرفاتهم، فإنه لا يسقيم أمر الناس، وتنتظم أمورهم، وتحفظ حقوقهم، ولا ينصف المظلوم من الظالم، وترد الحقوق إلى أصحابها، ولا يحرس الدين، إلا بحاكم يقوم برعاية ذلــك النظام، ويطبقه على أفراد المجتمع بالعدل والمســاوا­ة، والعمل على تحقيق مصالحهم، ودفع المفاسد والشرور عنهم، يقول الله تعالى: )وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل(.

أما في الجلســة الثانية التي جاءت بعنوان «الكتابات المعاصــرة فــي السياســة الشرعية.. دراســة نقدية » والتي رأســها أستاذ كرسي الفتوى وضوابطها بالجامعة الإسامية بالمدينة النبوية د.سليمان الرحيلي فقال: ان دراسة هذه المرحلة لا بد أن تســتند إلى المواد الإعامية المبعثرة في وسائل الإعام الجديــدة، حيــث أصبحت الدراســات العلمية الجادة شــحيحة، واتجــه الجميع إلــى التعبير عــن منهاجها وأفكارهــا ومشــاريعه­ا السياسية من خال البيانات والمقــالا­ت والمؤتمــر­ات والمشــارك­ات المتنوعــة في برامج التلفاز الحوارية وفي صفحات الانترنت وفيسبوك والتغريدات القصيرة.

وأكد ان أهــم معالم هذه المرحلــة بــروز مــا يعرف بحركات الإسام السياسي، وتصدرهــا الحــوادث السياســية بفاعلية وتأثير خاصة في تونس ومصر، مما شجع الباحثين والكتاب على الحديث بإسهاب عن الحركات الإســامية ومشــاريعه­ا السياسية، كما اتجهت تلك الحــركات وهي في نشــوة النصــر والشــعور بالقوة إلى الحديث عن نفسها وعن مشروعها الفكري والسياسي بصراحــة ووضوح لم تكن تجرؤ عليهما من قبل.

من جانبــه، قال د.محمد النجــدي ان الناظــر فــي واقــع المســلمين اليوم يجد الاضطراب الكبير، والاختاف الكثير، في المناهج والطرق والنظــم والسياســا­ت التي تحكمهم، وتسير شؤونهم، فمــن نظــام ينهــج المنهج الديموقراط­ي الغربي، وآخر ينهج النهج القومي، وآخر يجمــع بــين الفكــر القومي والاشــترا­كي، ورابع يختار النهج العلماني وغير ذلك من الاتجاهات الفكرية الأرضية البعيدة عن دين الأمة وهدي كتابها وسنة نبيها ژ وكان من آثار ذلك أن تفرقت الأمة فرقا وأحزابا )كل حزب بما لديهــم فرحــون(، وصارت تلك الاتجاهات سببا للولاء والبــراء، والحب والبغض، والاجتماع والافتراق.

وأضاف ان من صفات أهل الحل والعقد العقل والبلوغ والإسام والعدالة والاستقامة والعلــم والشــوكة والمنعة والذكورية، ولهذا فالواجب على المسلمين أن يردوا الأمور إلى أهلهــا المؤهلين بالنظر فيهــا ولا يســتعجلوا ولا يتكلموا بغير علم ولا ملكة لأن في إرجاعها إليهم السامة في العاقبة وفيه امتثال أمر الشارع الذي أمر بأن يوكل الأمر إلى أهله.

مــن جانبه، قال أســتاذ الفقه المقارن المساعد ورئيس قسم الأنظمة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسامية د.محمــد العقيــل ان ديــن الإســام عقيــدة وشــريعة ومعاملة وأخاقا هو الدين الــذي أكمله الله لنــا، وأتم الله به نعمته وارتضاه لنا ورضيه قال عز وجل )اليوم أكملت لكــم دينكم وأتممت عليكم نعمتــي ورضيت لكم الإســام دينا( وإن الشريعة الإسامية بسياستها الشرعية هي ســعادة الناس في الدنيا والآخرة، وقد شــملت كل ما يحتاج إليــه الفرد والجماعة من أحكام تحكم تصرفاته مع نفســه أو عاقاته مع إخوانه داخــل الجماعــة المســلمة أو عاقاته مع غيره من الجماعات والدول، وقــد امتثل أحكامها الســلف الصالح منذ الرعيل الأول مــن أصحاب النبي ژ ورضــي الله عنهم إلى زمننا هذا، وكانــوا يتعاملون وفق نصوصها بفهم سلفنا الصالح، واجتهادات الخلفاء الراشدين الأئمة المهديين، وقد وســعت السياسة الشرعية بتأصيلها المبني على الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة وشمولها، وفاقت كل النظــم القديمة والحديثة فــي عدالتها وموافقتها للقيم الإنسانية والفطرة السوية.

من جانبــه، قال مدير عام معهد الإمام البخاري للشريعة الإســامية ومركــز البحــث العلمــي الإســامي في لبنان د.سعد الدين بن محمد الكبي ان الإســام اشــترط شروطا معينة فــي أهل الحل والعقد الذين يختارون الحاكم، بينما لا تشترط النظم الوضعية إلا شرط المواطنة، وبلوغ السن القانونية، والعقل، وأن يكون غير محكوم بجنحة أو جناية ومن واجب أهل الحل والعقد نصــح الحاكــم وتصويبــه، وأن ذلك يكون ســرا من غير تحريــض عليه، وكما قارنت مراقبــة الحاكم من أهل الحل والعقد، بين الشريعة والنظم الوضعية، وبينت أن المعارضة فــي النظــم الوضعية تنحى منحى سلبيا، فتطالب بإسقاط النظــام، ولا تمانع من الجهر بالعداء للحاكم، والتحريض عليه في الشارع والإعام بينما تنحى الشــريعة الإســامية منحى المعارضــة الإيجابية، تتمثل في السعي نحو الإصاح الذي لا يترتب عليه فساد أو إفساد، ولا تكف المعارضة في الإسام يدها من طاعة الحاكم فيما أمر به من طاعة الله.

 ??  ?? احدى جلسات المؤتمر
احدى جلسات المؤتمر
 ??  ?? د.عادل الفلاح مع بعض الحضور في المؤتمر
د.عادل الفلاح مع بعض الحضور في المؤتمر
 ??  ?? متابعة من الحضور
متابعة من الحضور

Newspapers in Arabic

Newspapers from Kuwait