البرنامج بمباركة ممثليكم.. «فعلامَ التحلطم؟ !»

بعد جلسة ماراثونية بامتياز قرر ممثلو الشعب الكويتي دعم وتأييد برنامج عمل الحكومة، ولا يتوهم أحد أن من مر هو سمو الرئيس، فالاستجوابان المقدمان من النائبين صفاء الهاشم ورياض العدساني كانا موجهين لبرنامج عمل الحكومة ولم يكونا موجهين لشخص سمو الرئيس.. وهذا البرنامج أشبعه الكويتيون نقدا وتجريحا بل وتندرا، لأنه برنامج ضعيف هزيل وجاءت مضامينه بعيدة كل البعد عن أولويات أهل الكويت حاضرا ومستقبلا، فعلى سبيل المثال حشرت في صفحة واحدة من صفحاته السبع والثلاثين قضايا الكويتيين الرئيسية من صحة وتعليم واسكان ورغم ذلك مر البرنامج بكل سهولة ويسر وبمباركة ممثلي الشعب الكويتي فيما يشبه الإجماع، ما يعني أننا أمام رضا ممثلي الشعب التام عن أداء الحكومة بالماضي والرضا الأوسع عن خطتها وبرنامج عملها لأربع سنوات قادمة وإزاء هذا ماذا نقول لأهل الكويت؟ هل نبارك لهم أم نعزيهم في مواقف ممثليهم؟ فإن كانوا كشعب راضين عن أداء الحكومة وبرنامج عملها فالمباركة واجبة، أما ان كانوا غير راضين وهم ليسوا راضين فيكفي أن تدخل اي ديوانية او منتدى وستسمع عبارات الغضب والتحسر على الكويت ومستوى الخدمات والتردي والفساد و.. و.. إلا ان ممثليهم الذين يفترض بهم لسان حالهم ناقضوا ما يرون في حكومتهم وبرنامج عملها وقالوا بأن الحكومة وبرنامجها وأداءها بالماضي والحاضر وللمستقبل القريب «تمام بل كله تمام التمام يا فندم » وكأنهم يمثلون شعبا آخر غير الشعب الكويتي الذي لم ينفك يعلن عن غضبه وسخطه على أداء حكومته وبرنامج عملها..؟ وواقع الأمر فان هذه الحالة الفريدة تلخص أسباب التردي الذي يعانيه الوطن ولعل من اهم أسبابها هو غياب اكثر من 40% عن المشاركة في الانتخابات وهو السبب الأهم ويأتي بعد ذلك التصويت الذي يأتي للطائفة او للقبيلة او للعائلة او لمعاملة او لحفنة دنانير.. وبالتالي نجد مواقف ممثلي الشعب تتجه باتجاه آخر بل وفي معزل عن هموم الوطن وهموم مواطنيه التي هي هموم وطنية تصب على رؤوسنا مجتمعين على مختلف طوائفنا وقبائلنا وعوائلنا وعلى رؤوس من قبض معاملة او دينارا.. لذلك أقول بعد جلسة يوم الأربعاء ومرور برنامج الحكومة بهذا الدعم النيابي المنقطع النظير.. ممنوع على من قاطع الانتخابات او صوت لقبيلته او طائفته او عائلته او بمقابل.. ممنوع عليكم حتى «التحلطم » لأنكم شركاء متضامنون فيما نعايشه من ترد وتخلف حتى عن جوارنا.. ويبقى التحلطم حقا حصريا لمن صوتوا للكويت على امل الارتقاء والنهوض بحاضرها ومستقبلها وطنا وشعبا. وتبقى كلمة شكر وتقدير اقدمها للنائبين الهاشم والعدساني اللذين قدما استجوابهما على برنامج عمل الحكومة السيئ وتصديا له ولسوئه ولم يخشيا في الحق لومة لائم ودفعا وسيدفعان ثمن هذا الموقف الوطني الكبير الذي سيسجل في تاريخنا السياسي بأحرف من نور... كما اشكرهما على انتاجهما لهذه الصورة المتناقضة ما بين رأي الشعب بحكومته وبرنامجها ورأي ممثليهم في مجلس الامة فيها؟