Al-Anbaa

التسليم بالقضاء والقدر.. طمأنينة وسكينة ورضا

-

إرادة الله

القدر

قد يموت المؤمن على فراشه أو فــي ســاحة الحرب أو في حادث وذلك كله مرسوم في خارطة الله وقدره، والمسلمون يؤمنون بقدر الله ايمانا وطيدا لا يتزعــزع ومع ذلــك يقلق البعــض او يحزن او يخاف، فما هو شرط الايمان بالقدر؟ ولماذا نؤمن به؟ هذا ما نتعرف عليه من خلال تلك السطور.

توضح مديرة ادارة التنمية الاســرية بــوزارة الاوقــاف والشــؤون الاســلامي­ة سعاد بوحمــرا بعــض الادلــة على الايمان بالقــدر وانه ضرورة لكل مسلم يؤمن بالله واليوم الاخــر، فتقول: لقد قالها عمر بن الخطاب ÿ عندما غادر الشام الموبوء بالطاعون عائدا الى الحجاز «أفر من قدر الله إلى قدر الله »، وذلك هو الفهم الأعمــق لموقف الانســان في الكون ما دام وجوده ومصيره وحياته المعقدة المتشابكة ذات الاطراف العديدة تخضع في نهاية الامر لارادة فوقية شاملة واحدة هي ارادة الله عز وجل، فعند فهم المســلمون الاوائل «القدر » على حقيقته العميقة اعطاهم هذا الفهم قوة هائلة على الايمان النفس والايمان والالتزام.

ولماذا نؤمن بالقدر؟ بينت بوحمرا ان المسلمين يؤمنون بالقــدر ايمانــا يقيينــا لعدة اسباب، اولها لاننا نؤمن بعلم الله وقدرته وارادته ونصدق بكتابه وباحاديث رسوله، وبما يتضمناه من قضاء الله وقدره، كما ان هــذا الايمان يعصمنا من الغرور، اذا نالنا نجاح او ظفر، فهناك من تسول له نفسه بان يطغى ويتمرد وينســى ان يشــكر ربــه ويتعافى عن حقــوق مــن حوله كمــا فعل قارون اذ ابطره ثراؤه وزعم انه كسب ماله الكثير بعلمه، ونسي حق الله فيه فجعله الله نكالا وعظة لغيره. قال تعالى: )ان قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم وآتيناه من الكنوز ما ان مفاتحه لتنوء بالعصبة أولي القوة اذ قال له قومه لا تفرح ان الله لا يحب الفرحين

بوحمرا: المؤمن بالقدَر شجاع يعلم أنه لن يصيبه إلا ما سبق من علم الله من موت أو حياة أو نفع أو ضرر العنجري: المؤمن راضٍ دائماً مستبشر متفائل مطمئن إلى رحمة الله ولطفه وعدله فلا ينزعج العميري: نحن نؤمن بالقدر ولا يعوقنا هذا الإيمان عن العمل وليس في استطاعة مخلوق أن يعلم المقدور أو يطلع على الغيب

وابتــغ فيمــا اتــاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا واحسن كما احسن الله اليك ولا تبغ الفساد في الأرض ان الله لا يحب المفسدين قال انما اوتيته على علم عندي او لم يعلــم ان الله قد اهلك من قبله من القرون من هو اشــد منه قوة واكثر جمعا ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون(.

يعلمنا الصبر

واكدت بوحمرا ان الايمان بالقــدر يبعــد عنــا الخــوف والضعف واليأس والسخط

اذا نزلــت كارثــة او حدث اخفاق لأن المؤمن بالقدر يصبر على ما نزل به ويســتمد من صبره للانتصار على القنوط والاستسلام، فيستأنف حياته في جد مثمر بعزيمة قوية وامل متجــدد وقلب منفتح، كما ان ايماننــا بقــدر الله وقضائــه يبعث في نفوســنا كثيرا من الفضائــل لأن المؤمــن بالقدر شــجاع يعلم انه لن يصيبه الا ما ســبق من علم الله من موت او حياة او نفع او ضرر.

عزيز النفس

وتضيف الداعيــة د.منال العنجري قائلة: المؤمن بقدر الله عزيز النفس لايذل لأحد ولا يدنــس ضميره او يلوث كرامته لقاء ثمن لأنه يعتقد ان النفع والضرر بيد الله تعالى، وقد سبق به علمه وقدره، فلو اجتمع الانس والجن على ان ينفعــوه او علــى ان يضروه ما اســتطاعوا شيئا سوى ما سبق به قدر الله، وهو راض دائما مستبشر دائما متفائل في جميع الحالات، لأنه مطمئن الى رحمة الله ولطفه وعدله، ولا شك ان هذا الايمان يحفظ من رذيلة الحقد والحسد والسخط لأن الــذي يحســد غيره على نعمة انعم الله بها عليه ساخط على قدر الله، والذي يحقد على ذي نعمــة تبرم من حظه في الحياة والذي يسخط نصيبه من الدنيا ضعيف الثقة بقدر الله، غافــل عــن نعــم اخرى اســبغها الله عليه «الحاسد عدو نعمتي متسخط لفعلتي غير راض بقسمتي التي قسمت لعبادي» .

لا مفر من قدر الله

وذكرت لنا د.العنجري ما حدث عندما ظهر الطاعون في دمشق عزم عبدالملك بن مروان على الفرار الى المدينة، فقال له احدهم: اسمع يا امير المؤمنين، بلغني ان ثعلبا صادق اسدا على ان يجيره من كل سباع الارض، فكان دائما بين يديه، فظهر في يوم من الايام عقاب في الجو فخافه الثعلب، ووثب على ظهر الاسد، فانقض عليه العقــاب واختطفــه فصــاح الثعلب بالاســد انما عاهدتك على ان احفظك من اهل الارض واما اهل السماء فلا قدرة لي عليهم، ففهم عبدالملك مقصد صاحبه وقال لــه: والله لقد وعظتنــي ثم رفض ان يترك دمشق.

أمر الله

وتقــول الداعيــة موضي العميــري: اننا اذ نؤمن بقدر الله تعالى وقضائه، نؤمن انه اوجب علينا ان نســعى وان نتخذ من الاسباب والوسائل الشــريفة مــا يحقــق غايتنا المشــروعة، فلا يكــون هناك كســل ولا خمول ولا تكاسل ولا تواكل، فمثــلا امرنا الله ســبحانه وتعالى بالســعي والعمل للحصول على الرزق، قال تعالى )فاذا قضيت الصلاة فانتشروا في الارض وابتغوا مــن فضل الله(، وقال تعالى )هو الذي جعــل لكم الارض ذلــولا فامشــوا فــي مناكبها وكلوا من رزقــه(، كما امرنا الله تعالى بالدفاع عن الدين وعن الوطن في قوله )يا ايها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقــوا الله لعلكم تفلحــون(، وفي قوله تعالى )واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عــدو الله وعدوكم(، وفي قوله عز وجل )ام حسبتم ان تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذيــن جاهــدوا منكم ويعلم الصابرين(.

وقالــت العميــري: كمــا امرنا سبحانه وتعالى بعمل الصالحــات ونهانــا عن فعل المنكرات، فقــال تعالى )وقل اعملــوا فســيرى الله عملكم ورســوله والمؤمنون(، وقال ايضا )من عمل صالحا فلنفسه ومن اساء فعليها(.

وزادت: ونحن نؤمن بالقدر ولا يعوقنــا هــذا الايمان عن العمل لأن الاحداث قبل ان تقع سر محجوب عنا خاف علينا، لا يعلمــه الا الله الــذي قدر وقضى، وليس في استطاعة مخلوق ان يعلم المقدور، وكيف يتطلع احد الى معرفة الغيب وقد امر الله رسوله ان يقول )قــل لا املــك لنفســي نفعا ولا ضرا الا ما شــاء الله ولو كنت اعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مســني ســوء ان انا الا نذير وبشــير لقوم يؤمنون(.

وقالت: لهــذا كان الايمان بالقــدر والقضــاء نعمة على البشر لأنه ظل من الطمأنينة وارف، ونعمة من الســكينة الرصينة، ولأنــه حافز على قوة العزيمة وباعث على العمل والصبر والشجاعة ووقاية من الشــرور التي تصيب الافراد والجماعات، كالحسد والشماتة والنفــاق والجــزع واليأس، قال تعالى )ان تصبك حسنة تســؤهم وان تصبك مصيبة يقولوا قد اخذنا امرنا من قبل ويتولوا وهم فرحون قل لن يصيبنا الا مــا كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون(.

 ??  ?? اللهم أرضنا بقضائك
اللهم أرضنا بقضائك
 ??  ?? سعاد بوحمرا
سعاد بوحمرا
 ??  ?? موضي العميري
موضي العميري
 ??  ?? منال العنجري
منال العنجري

Newspapers in Arabic

Newspapers from Kuwait