Al-Anbaa

إمتاع ذوي الأفهام بأدعية خير الأنام

- أمد «الإيمان » الإمام والخطيب بمسجد الدولة الكبير الشيخ الداعية د.وليد العلي بـ 30 مقالا أسبوعيا يشرح فيها طائفة مباركة من الأدعية المأثورة عن النبي ژ على أن نمتعكم كل أسبوع بها.

إن من أشرف الأدعية التي يتقرب إلى الله تعالى بها الداعي، وأجمع المباني وأنفع المعاني التي يسعى في تحصيلها الساعي: ما أثر عن رسول الله ژ من الأدعية الصحيحة، التي هي من جوامع الكلام الذي تجود به القريحة. وإن من هذه الدعوات النبوية الشريفة، وهذه الكلمات الشافية الكافية المنيفة: ما أخرجه البخاري ومسلم عن عبدالعزيز بن صهيب رحمه الله تعالى قال: )سأل قتادة أنسا: أي دعوة كان يدعو بها النبي ژ أكثر؟ قال: كان أكثر دعوة يدعو بها يقول: «اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفى الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار ». قال: وكان أنس إذا أراد أن يدعو بدعوة: دعا بها، فإذا أراد أن يدعو بدعاء دعا بها فيه(. فهذه دعوة تجمع للداعي بها خيري الدنيا والآخرة، وتسبغ عليه إن استجيب نعم الله الباطنة والظاهرة، وتدفع عنه جميع المحن والفتن والابتلاءا­ت القاهرة. فيدخل في حسنة الدنيا كل ما هو محبوب ومرغوب، مما يتنافس فيه المتنافسون من كل ما هو مطلوب: وأجل ذلك: العمل الصالح والعلم النافع، والمرأة الصالحة والعافية والرزق الواسع. فلولا تحصن المسلم بعلم نافع وعمل صالح: لكانت الدنيا ملعونة وكل ما فيها كالح، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ژ يقول: «ألا إن الدنيا ملعونة، ملعون ما فيها، إلا ذكر الله وما والاه، وعالم أو متعلم » أخرجه الترمذي وابن ماجه. ولو سلب المسلم عافية البدن: لنغصت عليه دنياه جميع المنن، فعن عبيدالله بن محصن الخطمي رضي الله عنه قال: قال رسول الله ژ : «من أصبح منكم آمنا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه: فكأنما حيزت له الدنيا » أخرجه الترمذي وابن ماجه. ومتى ما كانت المرأة صالحة قانتة حافظة للغيب: فإنها تواري بمتاعها الحسن كل عوج وعيب، فعن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله ژ قال : «الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا: المرأة الصالحة » أخرجه مسلم. ويدخل في حسنة الآخرة النعيم المقيم الذي لا يحول ولا يزول مما هو في الدار الآخرة، وأعلى ذلك: دخول الجنة ورضوان الله وما في رؤية وجهه الكريم من قرة العيون الناظرة. فهل هناك نعيم يومئذ بالجنان، أكبر من سماع كلام الرحمن، إذا استفهم عباده عن الرضوان؟ فعن أبي سعيد الخدري ÿ أن النبي ژ قال: «إن الله يقول لأهل الجنة: يا أهل الجنة. فيقولون: لبيك ربنا وسعديك، والخير في يديك. فيقول: هل رضيتم؟ فيقولون: وما لنا لا نرضى يا رب، وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدا من خلقك. فيقول: ألا أعطيكم أفضل من ذلك؟ فيقولون: يا رب، وأي شيء أفضل من ذلك؟ فيقول: أحل عليكم رضواني، فلا أسخط عليكم بعده أبدا ». فأعظم مما فيه أهل الجنة من النعيم المقيم الذي لا يحول: أن يحل عليهم ربهم تبارك وتعالى رضوانه فلا يزول، ومصداق ذلك في محكم الذكر الحكيم: )وعد الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها ومساكن طيبة في جنات عدن ورضوان من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم(. ووراء ذلك الفوز العظيم: لذة النظر إلى وجه الله الكريم، فعن صهيب الرومي ÿ عن النبي ژ قال: «إذا دخل أهل الجنة الجنة، يقول الله تبارك وتعالى: تريدون شيئا أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار؟ فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل » أخرجه مسلم. فالنظر إلى وجه الله الكريم زيادة على حسنة الجنة، وهي فضل من الله تعالى على عباده المحسنين ومنة، ومصداق ذلك في القرآن الكريم أيها المؤمنون: )للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون(. فنظر العبد إلى وجه الله الكريم أعظم نعيم وثواب، وحرمانه النظر إليه بالآخرة أعظم مصيبة وعذاب. واعتبروا بهذه الآية الكريمة أيها المسلمون، وحاسبوا أنفسكم على كل ما تكتسبون، )كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون )14 ( كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون )15 ( ثم إنهم لصالو الجحيم(. اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفى الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار. فالزم يا عبدالله هذا الدعاء وأنت مستقين بأن ربك لدعائك مجيب، وأنه يخاطبك بقوله تعالى: )وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان فليستجيبوا لي وليؤمنوا بي لعلهم يرشدون(. نفعني الله وإيـاكم بهذا الدعـاء، وفتح لإجابته أبواب السماء.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Kuwait