Al-Anbaa

العلاقات بين قطر والكويت تدفعها للأمام توجيهات قيادتيهما الحريصة على خير الشعبين الشقيقين

-

تحتفل قطر في الثامن عشر من ديسمبر من كل عام بذكرى اليوم الوطني وهي الذكرى التي تصادف تولي مؤسس دولة قطر الشيخ جاسم بن محمد بن ثاني الحكم في البلاد، ويسعدني في هذه المناسبة التاريخية المجيدة أن أتقدم بأسمى آيات التهنئة وأطيب التبريكات الى مقام حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر المفدى، حفظه الله، والى مقام حضرة صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، حفظه الله، والى حكومة دولة قطر الرشيدة وشعبها الأبي الكريم. ان دولة قطر منذ تأسيسها ظلت تخطو بخطى ثابتة وواثقة نحو الأمام كما ظلت تنفرد بمواقف تاريخية تشكل منعطفات جديرة بالاحترام والقراءة المتبصرة نظرا لما تحمله من دلالات عميقة، ومن ذلك إعلان تنازل حضرة صاحب السمو الأمير الوالد الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، حفظه الله، عن سدة الحكم وهو في قمة عطائه ونجاحاته ليسند الحكم للقيادة الشابة المتمثلة في حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد بمباركة من الأسرة الحاكمة والشعب القطري الوفي لقيادته. ولا يفوتني في هذه الفرصة السانحة أن أشيد بالقيادة الحكيمة لدولة الكويت الشقيقة ممثلة في حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير البلاد، حفظه الله، حيث كان أول الواصلين لدولة قطر لتهنئة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني بتولي مقاليد الحكم وهو ما ترك انطباعا رائعا لدى الأسرة الحاكمة والشعب القطري كافة عن موقف قيادة وشعب دولة الكويت الشقيقة الذي قوبل بصادق الشكر والعرفان. إن دولة قطر وهي تتبع سياسة متوازنة كعضو فاعل في محيطها الاقليمي والعربي والدولي ظلت ملتزمة بالمواثيق الدولية الداعية لعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول والداعمة لحرية الشعوب والمساندة للكرامة الانسانية. وبذلك فقد ظلت تؤدي دورها لخدمة قضايا أمتها العربية والاسلامية وتمثل ذلك جليا في الجهود التي بذلتها ومازالت في نصرة قضايا الصراع الطويل، مثل جهودها لحل القضية الفلسطينية ودعم الشعب الفلسطيني لاسترداد حقوقه المشروعة في وطنه كاملة غير منقوصة وفقا للقرارات الأممية والمبادرات العربية وكذلك وجودها في حل أزمة دارفور بتنسيق ودعم الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي والجامعة العربية بالاضافة لدورها في حل الأزمة اللبنانية والتي تكللت بتوقيع الفرقاء اتفاقية الدوحة، ودورها البناء في حل الكثير من القضايا التي ماتزال تشغل الساحة العربية والدولية، حيث تبذل جهودا لنصرة الشعوب وإرساء قواعد الديموقراط­ية والحرية وتوفير الحياة الكريمة وقد لخص سعادة الدكتور خالد بن محمد العطية وزير الخارجية موجهات السياسة القطرية في المنطقة بالقول «ان قطر منفتحة على كل القوى الصاعدة بالمنطقة العربية وانها لا تنحاز لأي قوة على حساب الأخرى وان السياسة الهدف الأسمى، وقد قال حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، حفظه الله، أمام جلسة افتتاح مجلس الشورى في نوفمبر الماضي «إن أهداف التنمية بما في ذلك رؤية قطر 2030 تتلخص في بناء الوطن والمواطن »، وأضاف سموه «نحن نعتبر بناء المؤسسات التي تقوم على الادارة العقلانية للموارد والمعايير المهنية ومقاييس الانتاجية وخدمة الصالح العام، من جهة، والحرص على رفاهية المواطن وتأهيله للعمل المنتج والمفيد وتنشئته ليجد معنى لحياته في خدمة وطنه ومجتمعه، من جهة أخرى، وجهين لعملية التنمية التي نصبو إليها ». وتلك هي السياسة الرشيدة والنظرة الثاقبة للمستقبل عبر بناء المواطن عقلا وجسدا ليكون منتجا وفاعلا وكذلك تنمية الوطن صروحا للعلم ومنارات للمعرفة ومؤسسات للادارة والصناعة باستخدام أحدث ما توصل اليه العالم في نظم التكنولوجي­ا. وقد حققت دولة قطر أعلى مؤشر للتنمية البشرية بين دول الخليج العربية، وكذلك بحسب تقرير التنمية البشرية لعام 2013 الصادر عن البرنامج الانمائي للأمم المتحدة، كما ظلت قطر تحافظ على مستوى أعلى متوسط دخل للفرد في العالم. ولأن أساس البناء هو الاهتمام بالأسرة فقد اهتمت الدولة برعاية الأسرة الصغيرة ووفرت لها كل ما يعينها على التربية الصالحة والتنشئة السليمة للطفل في بيئة عائلية سليمة تهتدي بهدي الاسلام وخلقه وثوابت عروبته وأعراف مجتمعه الراسخة وتقاليده السمحة ومن ثم طورت التعليم فأنشأت تعليما أساسيا متميزا لتكون مخرجاته مثمرة تؤتي أكلها عطاء ورخاء وازدهارا، كما اهتمت بالتعليم العالي ووفرت كافة مستلزمات البيئة الصالحة للتلقي واكتساب المعارف لصنع أجيال الغد الزاهر والمستقبل المشرق لدولة قطر بمشيئة الله، ونشير هنا بكل فخر الى أن دولة قطر جاءت في المرتبة الرابعة عالميا في مؤشر جودة التعليم وهو مركز متقدم ومرموق لا يمكن الحصول عليه دون جهد كبير كما حصلت على مراكز متقدمة في العديد من المؤشرات كالشفافية وحرية التعبير وتدني مستوى الفساد وغيرها. كما لم يقتصر اهتمام الدولة على ذلك، بل عملت على توطين التعليم العالي الدولي بما لم تسبق اليه، حيث أنشأت فروعا لأكبر وأعرق الجامعات الأمريكية والغربية في المجالات العلمية، وذلك بهدف تيسير المعرفة لأبناء قطر والوطن العربي وجذب الدارسين من مختلف أرجاء العالم للدراسة في بيئة عربية وإسلامية آمنة، ووفرت أفضل المرافق التعليمية وهيأت البيئة الصالحة للتحصيل الأكاديمي على أعلى المستويات والمعدات والأجهزة، كما جلبت أفضل كوادر التدريس والإدارة لتقديم أفضل خدمة تعليمية وكان لمؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع «قطر فاونديشن» دورا رائدا في ذلك وقد أصبحت تلك الجامعات قبلة يتقاطر إليها طلاب المعرفة من شتى بقاع العالم. ان ابرز ما ميز دولة قطر هو هذا النجاح الاقتصادي الكبير الذي حققته خلال السنوات الماضية عبر استراتيجية ورؤية واضحة بجهود ابنائها في استغلال ثرواتها وتوظيفها وترشيدها وقد استفادت دولة قطر من ثرواتها التي حباها الله بها مثل الغاز حيث عملت عبر سنوات طوال لاستخراجه وتسويقه وهي تمتلك ثروة ضخمة من الغاز بالاضافة الى انتاجها من البترول وان لم يكن بكميات كبيرة ومع ذلك اهتمت بالصناعات البتروكيما­وية والصناعات الصغيرة وقد انتهجت الدولة نهج الاستثمار داخليا وخارجيا ليشكل ركيزة اقتصادية للبلاد ويمكن من الاستغلال الأمثل للثروة تفاديا لمخاطر المنتج الواحد وتمكن جهاز قطر للاستثمار من القيام باستثمارات ضخمة في الخارج عبر المساهمة في العديد من المؤسسات الاقتصادية الدولية وقد اشترت الدولة وساهمت في الكثير من اضخم واشهر الشركات ومراكز التسوق الناجحة في العالم مما جعل دولة قطر في طليعة الدول في النمو الاقتصادي بحسب تقييم بيوت المال والأعمال الدولية المتخصصة. وفي الداخل شجعت الدولة رؤوس الأموال المحلية والقطاع الخاص القطري بإزالة كافة ما يعترض نموه من معوقات وذلك بهدف توطين رأس المال القطري بما يعود بالنفع على اصحابه وعلى البلاد ولم تقتصر الدولة جهودها على ذلك بل اتجهت لاجتذاب رأس المال الخارجي ومن اجل ذلك وضعت قوانين استثمار ميسرة ومشجعة للمستثمرين للاشقاء العرب والاجانب حيث عملت الدولة على توفير البيئة الصالحة للانتاج والتسويق وتوفير الطاقة المنتجة بأسعار مجزية بالاضافة للاعفاءات الضريبية وحرية نقل الأموال وحرية التسويق محليا وخارجيا وغيرها. وقد جاء في تقرير شركة بيتك للأبحاث التابعة لمجموعة بيت التمويل الكويتي الصادر في اغسطس الماضي «ان دولة قطر خططت لانفاق ما يزيد على 65 مليارا على تطوير البنية التحتية كجزء من استراتيجية التنمية الوطنية )2011 ـ 2016( مما سيدفع بالبلاد لمستويات أعلى والعديد من الفرص الجديدة» ، كما قال التقرير «ان قطر تقدم حوافز مجزية للمستثمرين مثل المعاملة الضريبية التفضيلية والتكاليف التنافسية» . وكذلك اهتمت الدولة بوسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية وكانت سباقة في حرية الإعلام قبل ان ينفتح عالم الحريات على مصراعيه بدخول العامة والخاصة عصر الانترنت، خاصة وقد أصبح عالم اليوم عالما منفتحا لا يمكن فيه تكميم الافواه ولا حجب الآراء بل رأت الدولة في اجهزة الإعلام رقيبا ينبه لمواضع التقصير ويشير لمواطن الخلل ويشجع المؤسسات الناجمة وذلك يساعد الدولة والمسؤولين على تصحيح المسار والشعور بالرضا والثقة في حالة الأداء الجيد وهي بذلك تلعب الدور المنوط بها في الرقابة بالاضافة لرفع الوعي والتثقيف. كما اهتمت دولة قطر ايضا بقطاع الرياضة منذ سنوات وذلك التوجه الجاد مكنها من تطوير الرياضة محليا كما صقلت تجاربها بإقامة العديد من الدورات العربية والاقليمية الناجحة في مختلف ضروب الرياضة مما لفت لها انظار العالم وكان ابرز تلك النشاطات دورة الآسياد 2006 ثم تكللت تلك النجاحات بالحصول باقتدار وثقة على حق استضافة منافسات كأس العالم 2022 لكرة القدم بعد ان استطاعت ان تقنع العالم بقدراتها على التنظيم والتصميم والتخطيط الجيد للمناسبة وذلك عبر منافسة لم تكن سهلة فكان فوزا مستحقا وستقوم بتوفير جميع المتطلبات التي تشمل البنية التحتية من ملاعب وغيرها وقدرات مصاحبة لاستضافة شهود الحدث الدولي الابرز، وقد بدأت دولة قطر التنفيذ الفعلي للمنشآت الرياضية حيث كشفت مؤخرا عن الخرائط الهندسية لبعضها ويجري تطوير البنية التحتية المصاحبة التي سينتهي العمل فيها قبل وقت كاف من الدورة بإذن الله ورغم ما يدور من لغط حول توقيت إقامة المونديال فقد أعلنت دولة قطر بكل ثقة استعدادها الكامل لاستضافة المونديال صيفا أم شتاء. ان دولة قطر هي واحدة من منظومة عقد مجلس التعاون الخليجي الذي لن ينفرط ابدا بمشيئة الله وهي تعمل ضمن تلك المجموعة المتناغمة التي تحكمها مصالح شعوبها مهتدية بميثاق النظام الأساسي لمجلس التعاون الذي يستهدف الوصول إلى الوحدة الشاملة انسجاما مع تطلعات شعوبه وأمانيه. ولدولة قطر علاقات مميزة مع جميع شقيقاتها وتعمل بكل اخلاص لتجاوز التباين في وجهات النظر حول مستجدات القضايا وهذا أمر طبيعي وصحي تستفيد منه الدول الأعضاء لادارة حوار ودي والخروج في نهاية الأمر بما ينفع الشعوب ويعزز الثقة بمواقفها المبنية على تبادل الآراء ولذلك فإن دولة قطر لا يزعجها أبدا ابداء رأي يختلف مع رأيها ما دام يسنده المنطق وتبرره المنفعة وتقتضيه ضرورة المصالح التي لا تؤثر سلبا على مسيرة مجلس التعاون المباركة ولا على التضامن العربي. وقد استطاع مجلس التعاون الخليجي الوقوف أمام جميع العواصف وتخطي كل العقبات وصمد أمام كل التحديات لتمتد مسيرته لأكثر من ثلث قرن في الوقت الذي سقطت فيه كثير من الكيانات المشابهة التي قامت دون تبصر أو لأهداف مرحلية ما يؤكد أن مجلس التعاون يقوم على أساس متين وقواسم تاريخية مشتركة وهو ماض لتحقيق الأهداف التي نشأ من أجلها وها هي دولة الكويت الشقيقة قد استضافت بجهد مقدر ونجاح كبير تخطيطا وتنظيما ورعاية قمة مجلس التعاون والتي اكدت تلاحم وتضامن دول المجلس وحرصها على تحقيق تطلعات شعوبها وأهدافها العليا. وانه لمن دواعي سرورنا ان تستضيف الدوحة قادة الخليج في القمة المقبلة والتي نأمل ان تكون قمة الانجازات الكبرى التي تحقق جميع التطلعات المنشودة لشعوب الخليج التي تتطلع لمزيد من التكامل الاقتصادي والثقافي والسياسي. انني كسفير لبلادي لدى دولة الكويت الشقيقة تقع على عاتقي مهمة كبيرة وهي العمل بتوجيهات القيادة السياسية الواضحة للعمل مع الاشقاء في الكويت لتطوير وتوثيق عرى العلاقات بين البلدين والشعبين الشقيقين والتنسيق في كل ما من شأنه أن يعود بالفائدة لبلدينا. ان علاقتنا بالكويت هي علاقة تاريخ مشترك سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، تدفعها للأمام آمال وتطلعات شعبين ينشدان الخير لبعضهما فنحن اشقاء تربطنا أواصر الدم ووشائج القربى وتجمعنا الأهداف العليا والطموحات الكبرى في النهوض بشعبينا لمصاف الأمم المتقدمة ولنكون سندا قويا لاشقائنا في دول المجلس والوطن العربي والاسرة الدولية. ان دماء القطريين قد امتزجت بدماء الكويتيين في ملحمة بطولية رائعة دفاعا عن الارض والعرض عندما تعرضت الكويت للغزو الغاشم وتلك هي الاخوة الصادقة فما اصاب الشعب الكويتي اصاب الشعب القطري ولم يبذل القطريون دماءهم الزكية الا دفاعا عن شعب هو شعبهم ووطن هو وطنهم ولا نذكر ذلك مفاخرة بل تذكرة لأبناء وأجيال المستقبل المتعاقبة فيشبون وهم أكثر ولاء لأوطانهم وأكثر معرفة بتاريخهم المشترك المجيد. وانني اذ اؤكد ثقتي في ان علاقات بلدينا ماضية بحمد الله وتوفيقه وحرص وتوجيهات قادتنا، فإنه لا يفوتني ان اشيد بالدور البناء الذي تلعبه أجهزة الاعلام الكويتية وهي تمارس دورها في أجواء ديموقراطية متميزة، لدعمها كافة الجهود المبذولة لتقوية العلاقات وتركيزها على ما يجمع لا على ما يفرق والقيام بدورها في جمع الكلمة وتوحيد الصف وتحديد الأهداف العليا والتعبير عن طموحات الشعوب الخليجية الداعية للتكاتف والتعاضد والوحدة الشاملة والدفاع بشراسة عن الوجود والحدود بهدف المحافظة على بلادنا وخيرات بلادنا من اطماع الطامعين وشرور المتربصين. حفظ الله بلادنا جميعا من كل مكروه وكل عام وأنتم وبلادنا وشعوبنا بخير في ظل قياداتها الحكيمة.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Kuwait