Al-Anbaa

بين «داعش » و« الجيش الحر» .. «الجبهة الإسلامية» خيار أميركا الثالث

-

بيروت: طرأ تعديل في نظرة واشنطن الى الوضع في سورية في موازاة البحث الجاري مع موسكو عن «جنيڤ ـ 2 »، هذا ما يمكن استخلاصه من مؤشرات أميركية تتكاثر في الفترة الأخيرة كان أوضحها، ولكن ليس أهمها، وقف المساعدات غير القاتلة للجيش الحر بعد وقوعها في يد تنظيمات إسلامية وخروج الوضع الميداني عن سيطرته، واتجه الموقف الأميركي «الغامض » الى مكان آخر هو التحذير من انتشار حركات التطرف والتشدد وسيطرتها المتزايدة على الوضع، ومن الضعف اللاحق بالجيش الحر الذي يفترض أنه مرتكز المعارضة وجناحها العسكري، ولكن لم يعد بالإمكان الرهان عليه بعدما فقد نفوذه ولم يعد يملك الكثير على الأرض. وقبل أيام صدر تقييم لافت للمدير السابق لوكالة الاستخبارا­ت المركزية الأميركية مايكل هايدن خلص فيه الى أن «انتصار الرئيس السوري بشار الأسد قد يكون «أفضل الأسوأ » والأفضل بين ثلاثة سيناريوهات مرعبة جدا لا يتضمن أي منها انتصار المعارضة المسلحة، القصة هي أن ما يحصل في هذا الوقت في سورية هو سيطرة المتشددين السنة على قسم كبير من جغرافيا الشرق الاوسط »، مضيفا: «هذا يعني انفجار الدولة السورية والشرق كما نحن نعرفه» . وقال سيناريو آخر محتمل، وهو استمرار المعارك الى ما لا نهاية مع متطرفين يحاربون متطرفين شيعة، والعكس صحيح. ان الكلفة الاخلاقية والانسانية لهذه الفرضية ستكون باهظة جدا، وأضاف: «لا أستطيع أن أتخيل سيناريو أكثر رعبا من الذي يحصل حاليا في سورية وهو اننا ذاهبون الى تفتت البلاد بين فصائل متخاصمة. وقال: «هذا يعني ايضا نهاية «سايكس- بيكو» ، وهذا يؤدي الى تفتت دول وجدت في شكل اصطناعي في المنطقة بعد الحرب العالمية الأولى» . وأضاف: «أخشى بقوة تفتت الدولة السورية. هذا الأمر سيؤدي الى ولادة منطقة جديدة من دون حوكمة على تقاطع الحضارات» ، مشيرا الى أن كل دول المنطقة، وخصوصا لبنان والأردن والعراق ستتأثر بهذا الوضع. وزير الخارجية الأميركي جون كيري يصوب في الاتجاه ذاته ولكن بلهجة ديبلوماسية، ويقول إن خطر تنظيم القاعدة يتزايد في سورية وتتحتم مواجهته، وإن مناطق سورية باتت تقع بشكل كامل تحت سيطرته، وإن المعارك بين أطراف المعارضة السورية أتاحت تنامي دور المجموعة المتطرفة، ويشدد كيري على أن غالبية الرأي العام الأميركي تعارض تورطا أميركيا إضافيا في النزاع السوري. ولكن إذا كان الأميركيون غير راغبين بالتدخل أو التورط في سورية، ما يعني سقوط احتمال التدخل العسكري الخارجي، كيف السبيل الى مواجهة خطر القاعدة الذي يؤرقهم ويقض مضاجعهم؟ تطرح موسكو استنادا الى ما قاله وزير خارجيتها سيرغي لاڤروڤ فكرة التحالف بين «النظام والمعارضة » لمحاربة المتطرفين، ولكن واشنطن لم تصل بعد الى حد تبني هذه النظرية، لا بل انها ذهبت إلى حد اتهامه على لسان كيري بتغذية المتطرفين والوقوف وراء تزايدهم، ومع استبعاد خيار التدخل الخارجي، وعدم نضوج فكرة التحالف بين النظام والمعارضة )إلا في حالة حصل اتفاق بين الروس والأميركيي­ن على معادلة نظام من دون الأسد ومعارضة من دون الإسلاميين(، وسقوط الرهان على الجيش الحر، وعدم وجود أدنى اعتراف واستعداد للاعتراف بالمعارضة ذات الصلة بتنظيم القاعدة )داعش والنصرة(، فإن الإدارة الأميركية تحولت الى إعادة بناء المعارضة المتصدعة وتعطي هذه المسألة أهمية كشرط من شروط إتمام مقومات انعقاد «جنيڤ ـ 2 »، لأن الائتلاف الطرف المعارض المفاوض خسر ذراعه العسكرية ولأن النظام يمكن أن يتذرع بعدم وجود طرف مقابل ليحاوره. بين داعش والجيش الحر تعمل واشنطن حاليا على خيار ثالث هو: الجبهة الإسلامية التي تخوض مواجهة مع المقاتلين السنة الأكثر تشددا التابعين لـ «داعش »، والتي طلب رئيس أركان الجيش الحر اللواء سليم إدريس الحماية منها قبل أيام للحؤول دون سقوط مراكزه على الحدود التركية بأيدي «داعش »، ويرى الأميركيون أن الجبهة الإسلامية مختلفة عن تنظيمات «القاعدة » ومرتبطة بالمجلس العسكري الأعلى وليس بالنصرة أو القاعدة، وهي تعد حاليا أكبر تجمع للقوى الإسلامية المسلحة في سورية وبين ثلاث كتل مقاتلة: الجيش الحر الذي يضم «قوى العلمانيين ضد النظام » و« داعش» التي تضم قوى التطرف والتشدد، والجبهة الإسلامية التي تضم كتلة القوى الإسلامية المعتدلة، فإن الاهتمام ينصب على «الجبهة الإسلامية » التي تضم «ألوية صقور الشام، جيش الإسلام، لواء التوحيد وكتائب لواء الحق »، وقريبا جدا يتوقع أن يلتقي قادة الجبهة الإسلامية مع مسؤولين أميركيين في اسطنبول لتحديد قواعد العلاقة بين إدارة باراك أوباما والقوة الإسلامية المعتدلة وتحديد دورها وموقعها في «جنيڤ ـ 2 ».

Newspapers in Arabic

Newspapers from Kuwait