«البلدي» يدمر المناطق السكنية
المجلس يحول «السكني» إلى استثماري عبر سماحه بارتفاع المباني إلى ٠٢ مترا • تعديالت الئحة البناء تنذر بفوضى عمرانية إضافية وزيادة عشوائيات االستثناءات
تغيير المواصفات سيؤثر على البعد االجتماعي وثقافة الكويتيين
الفارسي: التعديالت لم تصل إلى التخطيط الحضري المستدام
منيرة األمير: ترفع الكثافة السكانية بما يتجاوز طاقة البنى التحتية للمناطق
حسن كمال: ضعف الرقابة على التفاصيل اإلنشائية ينذر باستغالل خاطئ
إدراكا ألبعاد خطورة التعديالت التي أقرها المجلس البلدي بشأن مواصفات السكن الخاص والنموذجي في الئحة أعمال البناء الجديدة، تعالت األصوات القادمة من أعضاء في «البلدي» ومعنيين بـالـشـأن الـعـمـرانـي، والــتــي تـؤكـد أن تلك التعديالت تنذر بعبث إضافي في البنية الـعـمـرانـيـة مــن شــأنــه تـدمـيـرهـا، مــع تحويلها السكن النموذجي إلى مناطق استثمارية خفية.
واســــتــــنــــادا إلــــى مـــا أعــلــنــه عــــدد مـــن أعــضــاء «الـــبـــلـــدي» عــلــى مــــدى 16 اجـــتـــمـــاعـــا لـمـنـاقـشـة الالئحة، بدا واضحا أن ثمة مالحظات جوهرية عـــلـــى الـــمـــواصـــفـــات، حـــيـــث اعـــتـــبـــروا أن جـــــزءا أساسيا من تلك التعديالت جاء وليد تدخالت أفضت إلى تغييرات كبيرة في البنود وتالعب بالنموذج العمراني، بذريعة التوسع في مفهوم السكن العائلي، والعائلة الواحدة الممتدة في الـسـكـن الـــخـــاص، وهـــو تــوســع قــد يــقــود الحـقـا إلـــى الـمـطـالـبـة بـــزيـــادات فــي مـسـطـحـات الـبـنـاء
وارتفاعاتها بما يناسب تعداد أبناء األسر.
وقــــــالــــــوا، خــــــالل مـــنـــاقـــشـــتـــهـــم الــــالئــــحــــة، إن الـــمـــنـــاطـــق الــســكــنــيــة، والــــتــــي أصـــبـــح بـعـضـهـا مـشـبـعـا بـالـعـشـوائـيـات نتيجة الخـــتـــالالت في االستثناء ات، باتت عرضة لعبث عمراني إضافي بموجب التعديالت الجديدة، مشيرين إلـى أن زيادة ارتفاع السكن من 15 إلى 20 مترا ستفتح باب ارتفاعات األبنية على مصراعيه.
ويبدي أعضاء آخرون في «البلدي» خشيتهم من زيادة طوابق البناء إلى أكثر من 3 أدوار إذا مــا أخــذ فــي االعـتـبـار وضــع حــد معين الرتـفـاع الـــدور الــواحــد بــ 4 أمــتــار، علما أن التوسع في الـبـنـاء ال يقتصر عـلـى ارتــفــاعــات الــعــمــران، بل يشمل كذلك التوسع في المسطحات من خالل كــثــرة اســتــثــنــاءات الـمـسـاحـات الــتــي ال تحسب كالموزعات وبيت الدرج واألدراج وغرف المكائن، فضال عن السماح بالبناء على حد العقار %90 من طول الواجهة في الدور األرضي مع إلغاء جزء كبير من االرتدادات المخصصة للمواقف بنسبة ،%40 بعدما كان السماح بالبناء من االرتداد في الالئحة الحالية %50 فقط.
مـن جهتها، اعتبرت عضوة «الـبـلـدي» منيرة األمير أن تضاعف الكثافة السكانية من شأنه أن يحول المناطق إلى استثمارية خفية، باإلضافة إلـــى مــا سيرتبه ذلـــك مــن ضـغـط عـلـى الـخـدمـات الـعـامـة، خـصـوصـا أن الـمـنـاطـق الـنـمـوذجـيـة تم تـجـهـيـز بنيتها الـتـحـتـيـة مـــن الــكــهــربــاء والــمــاء وشبكات الصرف الصحي واالتصاالت والشوارع وغيرها من الخدمات، وفقا لمتوسطات سكنية معينة، إضافة إلى الخدمات الصحية والتعليمية في هذه المناطق والتي ستعاني بمرور الوقت لــــزيــــادة الــطــلــب عـلـيـهـا مـــع مـــحـــدوديـــة الـــمـــوارد المخطط لها مسبقا، هذا إلى جانب أن كثيرا من الـخـدمـات الرئيسية فـي المناطق السكنية هي خدمات مدعومة للمواطن بغرض السكن الخاص ال االستثمار.
وفي قائمة المحاذير أيضا، ذكرت منيرة األمير أن التعديالت ستترك أثـرهـا الكبير على البعد االجتماعي لمناطق السكن الخاص وتفتح الباب أمام االستغالل االستثماري الذي سيغير بمرور الوقت ثقافة وطبيعة سكان المناطق النموذجية ويخلق مجاال غير مبرر لتغيير ثقافة المجتمع.
بــــدورهــــا، أكـــــدت عـــضـــوة «الـــبـــلـــدي» م. عـلـيـاء الفارسي عدم وصول تعديالت الالئحة إلى الغاية المرجوة للتخطيط الهندسي الحضري المستدام. من جهته، رأى العضو السابق في «البلدي» حسن كمال أن مـا يضاعف المخاطر المحتملة جـراء تعديالت «البلدي» على الئحة البناء يكمن أيضا في ضعف الرقابة على التفاصيل اإلنشائية في المباني السكنية، وهـو ما قد يشجع الكثيرين عـــلـــى اســـتـــغـــالل الـــتـــعـــديـــالت بــالــشــكــل الــخــاطــئ لالستفادة المادية والتجارية.