Al Shabiba

»مكونو« أنموذج لفن إدارة الأزمة إعلامياً

-

نتفق أن الجهات الحكومية ومؤسسات الدولة اكتسبت من الأنواء المناخية خلال الأعوام الفائتة مهارات متراكمة، وخبرات مجتمعة فـي فـن التعامل مـع الـحـالات الجوية والسيطرة الإدارية والفنية والإتقان بكفاءة وسلاسة في توزيع الأدوار والمهام بانتظام.

ومن ذلك الـدور الإعلامي في التعامل مـع الــحــالا­ت، وضـبـط بوصلة الرسائل المعلوماتي­ة والتوعوية الموجهة، واحتواء الـحـدث مـن منطلقات مـركـزة وأدوات مؤثرة، وفق غايات محددة: مـاذا، متى، كيف ولمن؟.

فـ (مكونو) ربما هي الحالة التي تتعرض لها السلطنة بتأثيرات مباشرة بعد فيت 2010، وجونو 2007 اللذين أثـرا على محافظات شمال السلطنة بقوة الإعصار، ولم تكن آنـذاك وسائل الإعـلام الحديث والـتـواصـ­ل الاجتماعي رائـجـة بالشكل الراهن من المتابعين والمهتمين والجهات المتخصصة، والحسابات الموثوقة.

ولهذا أكدت لنا هذه الحالة نضج التعامل الإعـلامـي الآنـي والممنهج والمؤقت في إدارة الأزمة بوسائط فنية ومحتوى بصري وسمعي مبسط وواضح عن طريق تقنيات الجرافيكس، والانفوجرا­فيك والعروض المرئية والبيانات الهامة المقننة التي تخدم الرسالة والهدف.

فمع حـسـابـات الـتـواصـل الاجتماعي الأساسية المتعلقة بالحدث »الأزمة« والتي تعد المرجع الأوفــى لاستقاء المعلومة، من أبرزها حسابات الأرصــاد العمانية، الهيئة العامة للطيران المدني، الهيئة الـعـامـة لــلإذاعــ­ة والـتـلـفـ­زيـون بمختلف قنواتها، الهيئة العامة للدفاع المدني والإســعــ­اف، شـرطـة عـمـان السلطانية، فقد جاء حساب »عمان مستعدة« الذي يديره مركز التواصل الحكومي مع اللجنة الوطنية للدفاع المدني كطرح جديد يعمل باحترافية، ومهنية أثـنـاء تتبع الوضع، ورصد التطورات بشفافية، وإحكام تدفق البيانات، والإفصاح عن وضع البلاغات أولا بأول في خضم ذروة مرور الحالة الجوية، وهذا من شأنه إيجاد الاطمئنان مما لا يدع فراغا ومساحة للتكهنات والإشاعات.

كذا الحال للإعلام المقروءة، والمرئي والسمعي الذي أفرد مساحات واسعة في تناول الحدث وتغطيته بواقعية ومعايير مهنية، وانتشار متوازن، مع استخدم شتى الأدوات الإعلامية المتاحة مـن لقاءات مباشرة مـع المسؤولين والمختصين، وتنفيذ تقارير متخصصة، وأخبار متنوعة، والعناية بمتابعة أدق التفاصيل طوال فترة الأزمة.

ومما يستدعي التركيز عليه مستقبلاً من قبل وزارة الإعــلام- مركز التدريب الإعلامي- هو أهمية حقن المراسلينس­ـواء مراسلي التلفزيون أو الإذاعــة أو الصحافة أو النشر الإلكتروني- بمزيد من الدورات التدريبية المتخصصة في تغطية هــذه الأزمـــات والأحـــوا­ل الـجـويـة، فكما طالعنا على الهواء مباشرة انفعال مراسل تلفزيون سلطنة عـمـان على الجهات المعنية خلال رصده حالة غرق لمركبتين وإسهام »مواطنين« في التدخل للإنقاذ، وقد أعقبه فورا صدور بيان توضيحي من جهة أخرى يفيد بأن الحادثة هي بلاغ قد تم معالجته سابقاً.

فـذلـك نـمـوذج يتطلب إدراك أوسـع بالسياسة التكاملية، والــدور الحكومي الموحد في التعاطي مع الأزمــة، وربما هو موقف يعد شأنا داخليا لا يحبذ إثارته على الهواء، فهنا الوضع يحتاج مزيدا من الحذاقة العملية والعلمية ومهارات رصينة خلال البث/النشر الذي يتطلب أن يلتف إليه في الجامعات ومراكز التدريب.

ومجملا لا شـك أن الـتـجـارب تصقل الـمـهـارا­ت، وهــذه الأزمــة أوجــدت تخمة إعـلامـيـة، وثــراء فـي المحتوى وتنوعه، فـيـرجـى بـــأن يـحـظـى بـــدراســ­ـات عليا متخصصة تسبر مكامن القوة، والفوارق والتحديات، وتطرح التوصيات، من أجل أداء أفضل مستقبلا.

ولله الحمد والمنة فقد مـرت الحالة بتكاتف الجهود، وأغدقت الأرض وارتوت الـقـيـعـا­ن، وانـسـدلـت الــشــلال­ات لتبهج الأنفس البهية، ونتوجه بالشكر العميم لجميع الجهات والأفراد المخلصين الذين أسهموا ويسهمون بأدوارهم فعلاً وقولاً في هذه الحالة.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Oman