مسار لنزع السلاح النووي
على مدار ما يقرب من أربع سنوات، كانت الشراكة الدولية من أجل التحقق من نزع السلاح النووي تعمل على تحسين عملية تفكيك الأسلحة
لخفض الترســـانات الأمريكية والســـوفييتية أو الروســـية الحد مـــن عدد الـــرؤوس الحربية النووية المنتشـــرة على قاذفـــات أو صواريـــخ أو غواصات. وقد تحقق المفتشـــون من المخزونات مـــن أنظمة التوصيل هذه، ولكن ليس من الرؤوس الحربية ذاتها. وتظل هذه النقيصة تشـــكل فجوة رئيســـية والتي ســـتصبح أكثر إثارة للجـــدال مع انخفاض عدد الأسلحة ــ وتزايد الحاجة إلى أنظمة تحقق أكثر قوة.
ثم يحتـــاج العالَم بعد ذلك إلى مجموعـــة أكثر تنوعا من »القائمين على التحقق« لبناء الثقة في عملية نزع السلاح. خـــلال ذروة الحـــرب البـــاردة، كان الاتحـــاد الســـوفييتي والولايات المتحدة الدولتين الرئيسيتين المسلحتين نوويا ــ فهما تشـــكلان القســـم الأعظم من نحو 70 ألف ســـلاح كانت موجودة آنذاك. ورغم أن روســـيا والولايات المتحدة تمتلـــكان حتى الآن الغالبية العظمى من الأســـلحة النووية التي يتراوح عددها بين 14 ألف إلى 15 ألف سلاح نووي، فإن الجهود الرامية إلـــى خفض المخزونات أصبحت أكثر تعقيـــدا مع تزايد عدد الدول المســـلحة نوويـــا. وثالثا، مع بقاء المخزونات من الأســـلحة النوويـــة مرتفعة للغاية، فإن نظام التحقق القوي من شـــأنه أن يســـاعد في بناء الإرادة السياسية اللازمة للمزيد من التخفيضات. وكلما انخفض العدد، كلما تزايدت أهمية نظام التحقق. ومع الاقتراب من الصِفر يصبح التحقق أمرا بالغ الأهمية.
أخيـــرا، ولأن صناع السياســـات ســـيتقدمون دون شـــك بمطالـــب ترتبط بالتحقق خـــلال مفاوضات نزع الســـلاح في المســـتقبل، فـــإن الإجابـــات المقنعة، المدعمـــة بأدلة تكنولوجيـــة قوية، تشـــكل أهمية بالغة لتهدئـــة المخاوف بشـــأن الغش والخداع.منذ تأسست الشـــراكة الدولية من أجل التحقق من نزع الســـلاح النووي في ديسمبر 2014، بـــدأ أعضاء فريقنـــا يستكشـــفون الجوانب الفنيـــة الأكثر صعوبة في التحقق من تفكيك الأسلحة. وكان أحد الأسئلة الرئيسية التي سعينا إلى الإجابة عليها يتلخص في كيفية إشـــراك الـــدول التي لا تمتلك أســـلحة نوويـــة. وفي حين يتواصـــل عملنا في هذا المجال، فإننا نعكف في الأســـاس على تطوير نظام »التحقق مع عينين معصوبتين« ــ والذي بموجبه يظل بوســـع الدول وجهـــات التفتيش غير القادرة على مراقبة التفكيك بشكل مباشر أن تطمئن إلى تنفيذه وفقا لإجراءات متفق عليها.
تشـــمل التحديـــات الأخرى التـــي نعمل علـــى معالجتها التعقب الطويل الأمد للأسلحة عند استبدالها أو تجديدها، وســـد الثغـــرات في مرحلـــة توثيق التفكيـــك. ولكن كيف يمكـــن توفير التأكيد من تلبيـــة أدوات التحقق لمتطلبات الســـلامة والأمن لمرافق الأســـلحة النوويـــة؟ وكيف يوفر التحقق المســـتوى العالـــي المطلوب من قِبَـــل الدول مع اقتراب عدد الأسلحة النووية من الصِفر؟
لا يـــدور عملنا في فراغ. فعندما يلتقـــي أطراف معاهدة منع الانتشـــار كل خمس سنوات لاســـتعراض مدى فعالية المعاهدة، يشـــكل التقدم على مســـار نزع السلاح النووي نقطة ضعف عادة. ورغم أن توصيات الشراكة الدولية من أجل التحقق من نزع الســـلاح النـــووي لن تكون أبدا بديلا للمفاوضات التي تشـــترك فيه الدول المسلحة نوويا، فإننا نعتقـــد أنها قادرة على تحســـين احتمـــالات تحقيق هدف معاهدة منع الانتشـــار النـــووي المتمثل في نزع الســـلاح النووي على مستوى العالَم.
يفـــرض نـــزع الســـلاح النـــووي العديـــد مـــن التحديات المرتبطـــة بالرصـــد والتحقـــق، لكن النطـــاق الهائل لهذه المهمـــة ليـــس مبـــررا للتقاعس عـــن العمل. ففـــي نهاية المطاف، سوف تهدأ الرياح السياسية المعاكسة، وسوف يتســـنى استئناف عملية نزع الســـلاح النووي مرة أخرى. وعندما يحـــدث هذا، لابد أن يكون العالَـــم جاهزا بالحلول الفنية اللازمة لضمان مصداقية الوعود التي تبذلها الدول. بيت دي كليرك: سفير هولندا الأسبق إلى الأردن، وكبير المفاوضين في قمة الأمن النووي لعام 2014 في لاهاي روبرت فلويد : مدير عام المكتب الأسترالي للضمانات ومنع الانتشار النووي