ﻗــﻴــﻤــﺔ »اﻟـــﻌـــﺘـــﺒـــﺎت« ﻓـــﻲ ﻛــﺸــﻒ اﻟــﻤــﺴــﺘــﻮر اﻟـــﺬي ﻳــﺤــﻮل دون اﻟــﺘــﺪﻗــﻴــﻖ ﻓـــﻲ إﺷــﻜــﺎﻟــﻴــﺎت اﻟــﺘــﺄﻟــﻴــﻒ

وﻷن اﻟﺒﺎﺣﺚ ﻳﻌﺎﻟﺞ ﻣﻘﺪﻣﺔ ﻛﺘﺎب اﻟــﺤــﻴــﻮان ﻟـﻠـﺠـﺎﺣـﻆ، ﻓـﻬـﻮ ﻳـــﺮى ﻓﻲ ﻣـﺸـﺮوع اﻟﺠﺎﺣﻆ اﻟــﺬي ﺗﻔﺼﺢ ﻋﻨﻪ ﻣﻘﺪﻣﺔ »اﻟﺤﻴﻮان« دﻋﻮة إﻟﻰ اﻟﺪﺧﻮل ﻓـﻲ ﺣـﻀـﺎرة ﻣــﺎدﻳــﺔ ﻫـﻲ اﻟـﻐـﺎﻳـﺔ ﻣﻦ اﻻزدﻫﺎر اﻟﻔﻜﺮي واﻟﺮﻣﺰي أي دﻋﻮة إﻟﻰ ﺑﻨﺎء اﻷﺳﺲ اﻟﻤﺎدﻳﺔ ﻟﻠﺘﻄﻮر وﻋﺪم اﻟﺮﻛﻮن ﻟﻠﻤﻨﺠﺰ اﻟﻨﻈﺮي واﻟﺮﻣﺰي

ﻋﻠﻰ ﻫـﺬا اﻟﻨﺤﻮ ﺗﺘﺰﺣﺰح ﻣﻘﺪﻣﺔ »اﻟـﺤـﻴـﻮان« ﻟﺘﻀﺎرع اﻟﺒﻴﺎن، ﺑﻤﻌﻨﻰ »اﻟــﻤــﺎﻧــﻴــﻔــﺴــﺖ« ﻓــﻤــﻦ ﺟــﻬــﺔ أوﻟـــﻰ ﻟــﻢ ﻳــﺼــﻮر اﻟـﺠـﺎﺣـﻆ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ اﺳﺘﺠﺎﺑﺔ ﻟﻄﺎﻟﺐ ﻣﻔﺘﺮض، ﺑﻞ ﺻﻮر اﻷﻣـــــﺮ ﻋــﻠــﻰ أﻧــــﻪ ﺧــﻄــﺎب ﻛــﻮﻧــﻲ ﺑﻼ ﻃﺎﻟﺐ أو ﻣﺨﺎﻃﺐ ﻣﺨﺼﻮص، وﻫﺬا ﻳﺴﺤﺒﻪ إﻟـﻰ داﺋــﺮة اﻟﺒﻴﺎن. ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﻻ ﻧﻌﺜﺮ ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺪﻣﺔ ﻋﻠﻰ أﺛﺮ ﻟﻠُﻤﻬﺪى إﻟﻴﻪ رﻏـﻢ أن ﺗﺎرﻳﺦ اﻷدب ﻳﻌﻠﻤﻨﺎ أن اﻟﺠﺎﺣﻆ أﻫﺪى »اﻟﺤﻴﻮان« إﻟـــﻰ اﻟـــﻮزﻳـــﺮ ﻣـﺤـﻤـﺪ ﺑــﻦ ﻋﺒﺪاﻟﻤﻠﻚ اﻟـﺰﻳـﺎت ﻓﻮﻫﺒﻪ ﺧﻤﺴﺔ آﻻف دﻳﻨﺎر. وﻫــــﺬا ﻳـﺠـﻌـﻞ اﻟــﺨــﻄــﺎب ﻧــﺎﻃــﻘــﺎ ﻋﻦ ﺣﺎﺟﺔ ﻣﻌﺮﻓﻴﺔ أﻛﺜﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﺳﻠﻄﺎﻧﻴﺔ. ﻣﻦ ﺟﻬﺔ ﺛﺎﻟﺜﺔ ﻻ ﻧﺠﺪ ﻓﻲ اﻟﻤﻘﺪﻣﺔ ﺗﺼﺮﻳﺤﺎ ﺑﺎﻟﻤﻨﻬﺞ اﻟﻤﺘﻮﺧﻰ ﻓﻲ ﻗﺴﻤﺔ اﻟﻜﺘﺎب إﻟﻰ أﺑـﻮاب وﻻ ﺗﻨﺼﻴﺼﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻮﺿﻮع ﻣﺨﺼﻮص ﻳﺘﻨﺎوﻟﻪ ﻋﺒﺮ ﻫﺬه اﻷﺑـــــﻮاب. وﻫـــﺬا ﻳﺠﻌﻞ ﻣــﻦ ﻣﻘﺪﻣﺔ »اﻟﺤﻴﻮان« ﻣﻘﺪﻣﺔ ﺟﺎﻣﻌﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﻜﻞ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت!

وﻓـــــــﻲ اﻟـــﺠـــﻤـــﻠـــﺔ ﺗـــﺘـــﻘـــﺎﻃـــﻊ ﻫـــﺬه اﻟـﻤـﻘـﺪﻣـﺔ ﻣــﻊ اﻟــﺒــﻴــﺎن ﺑـﻤـﺎ ﻫــﻲ ﻧﺺ ﻣــﺸــﺮوع وﺑــﺮﻧــﺎﻣــﺞ ﻋــﻤــﻞ وﺧــﻄــﺎب ﺣـــﻤـــﻞ. ﻓــﺎﻟــﻤــﺸــﺮوع ﻗـــﺪ اﻧــﺒــﺜــﻖ ﻋﻦ وﻋــــﻲ ﻣــﺨــﺼــﻮص ﺗـــﻐـــﺬوه اﻟــﺤــﺎﺟــﺔ إﻟــﻰ اﻟﻤﺮاﺟﻌﺔ ﺑـﻞ إﻟــﻰ اﻟﻘﻄﻴﻌﺔ ﻣﻊ اﻟﺴﺎﺋﺪ ﻓﻲ ﻛﻞ أﺑﻌﺎده. واﻟﺒﺮﻧﺎﻣﺞ ﻗﺎم ﻋـﻠـﻰ ﺧـﻄـﺔ ﻋـﻤـﻞ روﻋــــﻲ ﻓـﻴـﻬـﺎ ﺑﻨﺎء اﻟﺤﺠﺔ واﻻﺗﺴﺎق اﻟﻤﻔﻀﻲ إﻟﻰ اﻟﻨﺘﺎﺋﺞ اﻟـــﻤـــﺮﺟـــﻮة. واﻟــﺨــﻄــﺎب ﻧــﻬــﺾ ﻋﻠﻰ ﺳــﻮق اﻟﻤﺘﻘﺒﻞ وﻣــﻦ ﺧﻼﻟﻪ ﺟﻤﻬﻮر اﻟــﻤــﺜــﻘــﻔــﻴــﻦ إﻟــــﻰ اﻟــﺘــﺴــﻠــﻴــﻢ ﺑـﻨـﺠـﺎﻋـﺔ اﻟﻤﺸﺮوع ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺴﺘﻮﻳﺎت اﻟﻤﻌﺮﻓﻴﺔ واﻟﺠﻤﺎﻟ ّﻴﺔواﻟﺴﻴﺎﺳ ّﻴﺔأﻳﻀﺎً.

ﻣﻘﺪﻣﺔ »اﻟﺤﻴﻮان«

ﻋـﻠـﻰ ﻫـــﺬا اﻷﺳـــــﺎس ﻣــﻦ اﻻﻋـﺘـﺒـﺎر ﻣـﺜـﻠـﺖ ﻣــﻘــﺪﻣــﺔ »اﻟـــﺤـــﻴـــﻮان« ﺣــﺪﺛــﺎ ﻣــﺪوﻳــﺎ ﻓــﻲ ﺗــﺎرﻳــﺦ اﻟـﺜـﻘـﺎﻓـﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻣﺎ ﻳﺰال ﻋﻼﻣﺔ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻷﻓــﻜــﺎر وﻣـﺮﺟـﻌـﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻘﺒﺔ اﻟﺘﻲ وﻟــﺪ ﻓﻴﻬﺎ. ﻓﻠﻢ ﻳﻜﻦ اﻟﺠﺎﺣﻆ ﻓﻴﻬﺎ ﻣـﺴـﻜـﻮﻧـﺎ ﺑـﺎﻟـﻬـﺎﺟـﺲ اﻟﺘﻌﻠﻴﻤﻲ ﺑﻘﺪر ﻣﺎ ﻛﺎن ﻣﺸﻐﻮﻻ ﺑﻤﻌﺎﻧﺎة اﻟﺤﻜﻤﺔ ﻓﻲ ﺳﻴﺎق ﻣﺎ ﺧﻂ داﺧـﻞ ﻣﻔﻬﻮم اﻷدب. وﻫﻜﺬا ﻟﻢ ﻳﺸﺎرك اﻟﺠﺎﺣﻆ اﻟﻌﻠﻤﺎء ﻧﻈﺮﺗﻬﻢ اﻟﻤﺘﺸﺎﺋﻤﺔ، وﺑﺨﺎﺻﺔ ﻣﻨﻬﻢ اﻟﻤﺤﺪﺛﻴﻦ اﻟــﺬﻳــﻦ ﻳﻌﺘﺒﺮون أن ﻛﻞ ﺷــﻲء ﻗــﺪ وﻋـــﺎه اﻟـﻜـﺘـﺎب، وأن اﻟﻌﻠﻢ اﻟﺪﻳﻨﻲ ﺷﺎﻣﻞ ﻛﺎﻣﻞ، وﻟﻜﻨﻪ ﻳﻤﻴﻞ ﻧﺤﻮ اﻟﻔﺘﻮر واﻻﺿﻤﺤﻼل ﻣﻊ ﻣﺮور اﻟﻮﻗﺖ. ﻋﻠﻰ اﻟﻌﻜﺲ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﻳﺮى اﻟﺠﺎﺣﻆ أن اﻷﻣــــﻮر إﻟـــﻰ ازدﻫــــــﺎر. وﻳـــﺮى أن ﻧﺼﻮص اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮﻟﺪت ﻓﻲ ﺣﻘﻞ اﻟﺘﺠﺮﺑﺔ اﻹﻧﺴﺎﻧﻴﺔ ﺗﻨﺸﻴﻂ ﻟﻤﺎ ﺣﻮﺗﻪ اﻟﻜﺘﺐ اﻟـﺴـﻤـﺎوﻳـﺔ وإﻏــﻨــﺎء وﻣﺮاﻛﻤﺔ ﻟﻠﻤﻌﺎرف اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﺒﻨﻰ ﺑﺎﻟﺘﻌﺪﻳﻞ واﻟﺰﻳﺎدة واﻟﺤﺬف.

ﻃﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ

اﻟﻔﺼﻞ اﻟﺜﺎﻟﺚ اﻟﺬي ﻳﻌﺎﻟﺠﻪ اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻪ ﻫﻮ ﻓﺼﻞ اﺑﻦ ﺣﺰم وﻛﺘﺎﺑﻪ »ﻃــﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ« وﻫــﻮ ﻛـﺘـﺎب ﻓﺎﺋﻖ اﻷﻫﻤﻴﺔ ﻓﻲ ﺑﺎﺑﻪ ﻓﻲ اﻷدب اﻟﻌﺮﺑﻲ وﻓــﻲ ﻣﻄﻠﻌﻪ ﻳــﻮرد اﻟﺨﻠﻔﺎوي ﻛﻠﻤﺔ ﻻﺑـــــﻦ ﺣـــــﺰم وردت ﻓــــﻲ ﻣــﻘــﺪﻣــﺔ »اﻟﻄﻮق« وﻗﺪ ﺟﺎء ﻓﻴﻬﺎ:

»واﻟﺘﺰﻣﺖ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺑﻲ ﻫﺬا اﻟﻮﻗﻮف ﻋﻨﺪ ﺣﺪك، واﻻﻗﺘﺼﺎر ﻋﻠﻰ ﻣﺎ رأﻳﺖ أو ﺻﺢ ﻋﻨﺪي ﺑﻨﻘﻞ اﻟﺜﻘﺎت، ودﻋﻨﻲ ﻣــﻦ أﺧــﺒــﺎر اﻷﻋــــــﺮاب اﻟـﻤـﺘـﻘـﺪﻣـﻴـﻦ، ﻓﺴﺒﻴﻠﻬﻢ ﻏﻴﺮ ﺳﺒﻴﻠﻨﺎ، وﻗــﺪ ﻛﺜﺮت اﻷﺧـــﺒـــﺎر ﻋــﻨــﻬــﻢ، وﻣــــﺎ ﻣــﺬﻫــﺒــﻲ أن أﻧﻀﻲ ﻣﻄﻴﺔ ﺳﻮاي، وﻻ أﺗﺤﻠﻰ ﺑﺤﻠﻲ ﻣﺴﺘﻌﺎر«.

واﻟــﻮاﻗــﻊ أن أﻫﻤﻴﺔ رﺳـﺎﻟـﺔ »ﻃـﻮق اﻟـﺤـﻤـﺎﻣـﺔ ﻓــﻲ اﻷﻟــﻔــﺔ واﻷﻻف«، ﻻ ﺗــﺼــﺪر ﻋــﻦ ﻛــﻮﻧــﻬــﺎ ﻧـﺴـﻴـﺠـﺎ وﺣــﺪﻫــﺎ وﻻ اﻟﻔﺮﻳﺪة ﻓﻲ ﺑﺎﺑﻬﺎ، وﻟﻜﻦ ﺗﻈﻬﺮ ﻃﺮاﻓﺘﻬﺎ وﺗﻤﻴﺰﻫﺎ ﻋﻨﺪ اﻟﻨﻈﺮ إﻟﻴﻬﺎ ﻣﻦ زاوﻳــﺔ اﻧﺪراﺟﻬﺎ ﺿﻤﻦ ﺗﻴﺎر ﻣﻦ اﻟﺘﺄﻟﻴﻒ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮع أﺛﻴﺮ ﻋﻨﺪ اﻟﻌﺮب ﻫﻮ ﻣﻮﺿﻮع اﻟﺤﺐ.

اﻟﻜﺘﺎب ﻳﺘﻤﻴﺰ إذن ﺑﻄﺮاﻓﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﺑﺎب اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻋﻦ اﻟﺤﺐ ﻓﻲ ﺗﺎرﻳﺦ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ إﻟﻰ ﻋﺼﺮه. ﻣﺎ ﻳﺒﻌﺚ ﻋﻠﻰ ﺗﻤﻴﺰه ﻋﻮاﻣﻞ ﻛﺜﻴﺮة ﻟﻌﻞ أﻫﻤﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻹﻃـﻼق ﺧﻄﺔ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ وﺳﻴﺎﺳﺔ اﻟﺘﺄﻟﻴﻒ إذا ﻣـﺎ ﺗـﻤـﺖ اﻟﻤﻘﺎﻳﺴﺔ ﺑﻴﻦ »اﻟــﻄــﻮق« وﺑـﻴـﻦ اﻟـﻌـﻨـﺎوﻳـﻦ اﻟـﺴـﺎﺋـﺮة ﻓﻲ ذات اﻟﺒﺎب. ﺣﻴﻨﻤﺎ أﻧﺸﺄ اﺑﻦ ﺣﺰم اﻷﻧﺪﻟﺴﻲ ﻳﻜﺘﺐ رﺳﺎﻟﺘﻪ ﺑﻴﻦ ﺳﻨﺘﻲ ٧١٤ و٨١٤ﻫــــــــ ﻛــﺎﻧــﺖ اﻷﻧـــﺪﻟـــﺲ ﻗﺪ دﺧﻠﺖ ﺑﻌﺪ، وﻣﻨﺬ ﺧﻤﺴﺔ ﻋﺸﺮ ﻋﺎﻣﺎ، ﻋﻠﻰ اﻷﻗـــﻞ، ﻓــﻲ أﺗـــﻮن ﺣــﺮب أﻫﻠﻴﺔ ﻃــﺎﺣــﻨــﺔ ﻋــﺠــﻠــﺖ ﺑــﺴــﻘــﻮط اﻟــﺨــﻼﻓــﺔ اﻷﻣﻮﻳﺔ وﻗﻴﺎم ﻣﻤﺎﻟﻚ اﻟﻄﻮاﺋﻒ.

ﺑــــﺪأ ﻛـــﻞ ﺷــــﻲء ﻋـــﻦ ﻟـﺤـﻈـﺔ ﺣــﺐ. ﺻﺪﻳﻖ ﻓﻲ »اﻟﻤﺮﻳﺔ« ﻳﺒﻌﺚ ﺑﺮﺳﺎﻟﺔ ﻳﺘﻠﻘﺎﻫﺎ اﺑﻦ ﺣﺰم ﻣﻦ اﻟﻀﻔﺔ اﻷﺧﺮى ﻓﻲ »ﺷﺎﻃﺒﺔ«. ﻓﻲ اﻟﺒﺪء ﻛﺎﻧﺖ رﺳﺎﻟﺔ ﺣﺐ ﻣﻦ ﺻﺪﻳﻖ وﻓﻲ أﻋﻘﺒﺘﻬﺎ زﻳﺎرة ﺛﻢ أزﻓـﺖ ﻟﺤﻈﺔ اﻟﺘﻔﺮق ﻣﻦ ﺟﺪﻳﺪ. ﻛـﺘـﺎب »ﻃــﻮق اﻟﺤﻤﺎﻣﺔ« ﺛـﻤـﺮة ﻫﺬا اﻟـﻄـﻮر اﻷﺧـﻴـﺮ، وﻗــﺪ ﻧﺸﺄ ﺟـﻮاﺑـﺎ ﻋﻠﻰ رﺳﺎﻟﺔ اﻟﺼﺪﻳﻖ واﻧﺼﺮﻓﺖ وﻇﻴﻔﺘﻪ ﻣﻦ اﻟﺘﺴﻠﻴﺔ إﻟﻰ اﻟﺘﻌﺰﻳﺔ.

اﻷﻟﻔﺔ واﻟﺘﺄﻟﻴﻒ

ﻣﻦ ذات اﻟﺠﺬر ﻣﺄﺗﻰ اﻟﻠﻔﻈﺘﻴﻦ: اﻷﻟـﻔـﺔ واﻟﺘﺄﻟﻴﻒ. ﻛﻼﻫﻤﺎ ﻗﺎﺋﻢ ﻋﻠﻰ اﻟـﺬاﻛـﺮة واﻟﺤﻔﻆ واﻟـﺼـﻮن واﻟﻌﻨﺎﻳﺔ واﻟـــﺮﻋـــﺎﻳـــﺔ. اﻟــﺤــﻔــﺎظ ﻋــﻠــﻰ ﻣـــﺎ ﻓــﺎت وإﺣـــﻴـــﺎء ﻣـــﺎ ﻣـــﺎت ﻫــﻤــﺎ ﻓـــﻲ ﺻﻤﻴﻢ ﻣﺸﺮوع »اﻟﻄﻮق« وﻟﻴﺲ ﺑﻤﺴﺘﻐﺮب أن ﻳﻔﺘﺘﺢ اﻟـﻜـﺘـﺎب ﺑـﺎﻟـﺘـﺬﻛـﺮ »ﺣﻴﺚ اﻧــﺘــﻬــﻰ ﺣـﻔـﻈـﻲ وﺳــﻌــﺔ ﺑــﺎﻋــﻲ ﻓﻴﻤﺎ أذﻛـــﺮه«، وﻳﺨﺘﺘﻢ ﺑــﻪ: »ﻫﻨﺎ أﻋـﺰك اﷲ، اﻧﺘﻬﻰ ﻣﺎ ﺗﺬﻛﺮﺗﻪ إﻳﺠﺎﺑﺎ ﻟﻚ« إن اﻻﻓﺘﻘﺎر إﻟﻰ اﻟﺤﺒﻴﺐ واﻟﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ أﻟﻔﺘﻪ ﻣﺪﻋﺎة إﻟﻰ ﺗﺄﻟﻴﻒ اﻟﻜﻠﻤﺎت أي إﻟﻰ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﺑﻤﺎ ﻫﻲ ﺿﻢ وﺟﻤﻊ ﻟﻤﺎ ﻫﻮ ﺷﺘﺎت. ﻧﺸﺄ »اﻟـﻄـﻮق« ﻋﻦ اﻟﺘﺰاﻣﻴﻦ وﺧﻄﺘﻴﻦ. ﺻﺪر اﻟﻤﺆﻟﻒ ﻋﻦ اﻟﺘﺰام ﻳــﻘــﻮم ﻋـﻠـﻰ وﺟـﻬـﻴـﻦ: إﺛــﺒــﺎت وﻧـﻔـﻲ. ﻓــﺄﻣــﺎ اﻹﺛـــﺒـــﺎت ﻓﻤﺘﺼﻞ ﺑـــ«اﻟــﻮﻗــﻮف ﻋﻨﺪ ﺣﺪك واﻻﻗﺘﺼﺎر ﻋﻠﻰ ﻣﺎ رأﻳﺖ أو ﺻــﺢ ﻋﻨﺪي ﺑﻨﻘﻞ اﻟـﺜـﻘـﺎت«. وأﻣـﺎ اﻟﻨﻔﻲ ﻓﻤﻨﺼﺮف إﻟﻰ »أﺧﺒﺎر اﻟﻌﺮب اﻟــﻤــﺘــﻘــﺪﻣــﻴــﻦ« ﻷن »ﺳـﺒـﻴـﻠـﻬـﻢ ﻏﻴﺮ ﺳﺒﻴﻠﻨﺎ«. وﻫﻮ ﻓﻲ ﻫﺬا اﻻﻟﺘﺰام ﻳﻄﻠﺐ اﻹﺑــﺪاع اﻟﺸﺨﺼﻲ. »ﻓﻤﺎ ﻣﺬﻫﺒﻲ أن أﻧﻀﻲ ﻣﻄﻴﺔ ﺳﻮاي، وﻻ أﺗﺤﻠﻰ ﺑﺤﻠﻲ ﻣﺴﺘﻌﺎر«.

ﻳـــﻼﺣـــﻆ اﻟــﻤــﺆﻟــﻒ ﻏـــﻴـــﺎب اﻟـﺸـﻌـﺮ

ﻏﻼف ﻛﺘﺎب »ﻋﺘﺒﺎت ﻓﻲ اﻟﻜﻼم ﻋﻠﻰ اﻟﻜﻼم«