ﻫﻞ ﻳﺠﺐ أن ﻧﻀﻊ ﺣﺪودا ًﻷﻃﻔﺎﻟﻨﺎ؟
ﻣــﻨــﺬ ﺳـــﻨـــﻮات ﻋــﻨــﺪﻣــﺎ ﻛﻨﺖ ﻃــﺎﻟــﺒــﺔ ﻣـــﺪرﺳـــﺔ اﺳــﺘــﻮﻗــﻔــﻨــﻲ ﺣﺪﻳﺚ ﻟﻤﺤﺎﺿﺮة ﻓـﻲ إﺣـﺪى اﻟــﻘــﻨــﻮات اﻟــﺘــﻠــﻔــﺰﻳــﻮﻧــﻴــﺔ وﻋـﻠـﻖ ﻫـــــﺬا اﻟـــﺤـــﺪﻳـــﺚ ﻓــــﻲ ذاﻛـــﺮﺗـــﻲ ﺣﺘﻰ ﺑﺖ آراه ﺑﺸﻜﻞ ﻳﻮﻣﻲ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻌﻲ، ﻛــﺎن اﻟـﺤـﺪﻳـﺚ ﻋﻦ ﺳــــــﺆال: ﻫـــﻞ ﻳــﺠــﺐ أن ﺗــﻜــﻮن ﻫـﻨـﺎك ﺿـــﺮورة ﻟـﻮﺿـﻊ ﺣــﺪود ﻷﻃﻔﺎﻟﻨﺎ؟
اﺳﺘﻮﻗﻔﻨﻲ ﻫـﺬا اﻟﺴﺆال ﻣﻨﺬ ذﻟــﻚ اﻟـﺤـﻴـﻦ وأﺻـﺒـﺤـﺖ اﻟـﻴـﻮم أراه ﻟﻴﺲ ﺳـﺆاﻻ ﻓﺤﺴﺐ وإﻧﻤﺎ واﻗﻊ وﺳﻠﻮك.. ﺣﻴﻨﻬﺎ ﻟﻢ أﻓﻬﻢ ﺟــﻴــﺪاً ﻣــﻐــﺰى اﻟــﺴــﺆال واﻟــﻴــﻮم أﺻﺒﺤﺖ أﺗﺤﺪث ﻋﻨﻪ وأدﻋﻤﻪ ﺑﺎﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺸﻮاﻫﺪ ﻷﻧﻪ ﻓﻌﻼً ﻣﻦ ﺧﻼل ﻣﻼﺣﻈﺎﺗﻲ أدرﻛﺖ أﻧﻪ ﻻﺑﺪ أن ﺗﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﺣﺪود ﺗـــﻮﺿـــﻊ ﻟــﻠــﻄــﻔــﻞ، ﺣــــــﺪود ﻓـﻲ اﻷﻛـــﻞ، ﻓـﻲ اﻟﻠﻌﺐ، ﻓـﻲ اﻟـﻨـﻮم، ﻓﻲ اﻟﻬﺪاﻳﺎ، وﻏﻴﺮﻫﺎ.
أوﻻ: ﺣــﺘــﻰ ﻧــﻔــﻬــﻢ اﻟـﻄـﻔـﻞ ﻃﺒﻴﻌﺔ ﺳﻴﺮ اﻟﺤﻴﺎة ﻣﻨﺬ اﻟﺒﺪاﻳﺔ أن اﻟـــﺤـــﻴـــﺎة ﻟــﻴــﺴــﺖ ﺟـــﺎﻫـــﺰة ﻟـﺘـﻌـﻄـﻴـﻨـﺎ ﻛـــﻞ ﻣـــﺎ ﻧـــﺮﻳـــﺪه وإن ﻫﻨﺎك ﺣــﺪودا ﻟﻜﻞ ﺷـﻲء ﻓﻴﻬﺎ وإن اﻟﺤﻴﺎة ﻟﻴﺴﺖ ﻟﻸﺧﺬ ﻓﻘﻂ وﻫـﺬا ﺳﻴﺪرﻛﻪ اﻟﻄﻔﻞ ﺳﻠﻮﻛﻴﺎً ﺣﺘﻰ ﻻﺣـﻘـﺎ ﺳﻴﺪرﻛﻪ ﺣﻘﻴﻘﻴﺎً وﻳـﻘـﻴـﻨـﺎً. ﺛـﺎﻧـﻴـﺎً: اﻟــﺤــﺪود ﺗﻌﻠﻢ أﻃﻔﺎﻟﻨﺎ أﻧﻬﻢ ﻟﻴﺴﻮا اﻟﻮﺣﻴﺪﻳﻦ ﻓــﻲ ﻣـﺠـﺘـﻤـﻌـﻬـﻢ ﺣــﺘــﻰ ﻳـﻔـﻌـﻠـﻮا ﻣــﺎ ﻳـــﺮﻳـــﺪون، ﻫــﻨــﺎك ﻏﻴﺮﻫﻢ ﻳــﺘــﺸــﺎرﻛــﻮن ﻣـﻌـﻬـﻢ وإن ﻛـﺎﻧـﻮا ﺻــــﻐــــﺎرا ﻓــــﺎﻟــــﺤــــﺪود ﺗـﺨـﻔـﺾ ﻟـﺪﻳـﻬـﻢ ﺻـﻔـﺔ اﻷﻧــﺎﻧــﻴــﺔ وﺗﺒﻨﻲ ﻟﺪﻳﻬﻢ ﺣﺐ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ واﻟﺸﻌﻮر ﺑــﺎﻵﺧــﺮ، ﻓﺤﻴﻦ ﻧـﻀـﻊ ﺣــﺪودا ﻟــﻄــﻔــﻞ ﻳـــﺤـــﺐ داﺋـــــﻤـــــﺎ اﻟــﻠــﻌــﺐ ﻓــﻲ أي وﻗــﺖ وﻓــﻲ أي ﻣﻜﺎن وﺑﺼﻮت ﻣﺮﺗﻔﻊ وﺿﺠﻴﺞ، ﻫﺬا ﻳﺴﺒﺐ أوﻻ ﻋﺪم اﻟﺮاﺣﺔ ﻟﺮﺑﻤﺎ ﻛـﺎن ﻫﻨﺎك ﻣﺮﻳﺾ ﻓﻲ اﻟﺒﻴﺖ أو ﺷﺨﺺ ﺧﻠﺪ إﻟﻰ اﻟﻨﻮم ﺑﻌﺪ ﻋﻤﻞ ﺷﺎق أو إزﻋﺎج ﺟﻴﺮان أو زاﺋﺮ ﺟﺎء إﻟﻴﻨﺎ.
إن ﻟﻢ ﻳﻊ اﻟﻄﻔﻞ أن ﺣﺮﻳﺘﻪ ﺗﺘﻮﻗﻒ ﻋﻨﺪ ﺑﺪاﻳﺔ ﺣﺮﻳﺔ ﻏﻴﺮه وأﻧـــــﻪ ﻟــﻴــﺲ ﻣــﺴــﻤــﻮح ﻟـــﻪ ﻓﻌﻞ أي ﺷـﻲء ﻳـﺮﻳـﺪه ﻛﻴﻔﻤﺎ ﻳﺮﻳﺪه ﻷﻧـــﻪ اﻋــﺘــﺎد ﻋـﻠـﻰ أن ﻳـﻔـﻌـﻞ ﻣﺎ ﻳـﺮﻳـﺪ، ﻫﻨﺎ ﻧﺤﻦ ﻟﻴﺲ إﻻ أﻧﻨﺎ ﻧﻨﺠﺐ أﻃﻔﺎل ﺳﻴﺸﻜﻠﻮن ﻋﺒﺌﺎ ﻋــﻠــﻰ اﻟــﻤــﺠــﺘــﻤــﻊ ﻻﺣـــﻘـــﺎ ﻷﻧــﻨــﺎ ﻓــــﻲ ﻧــﻬــﺎﻳــﺔ اﻟـــﻤـــﻄـــﺎف ﻫــــﺆﻻء اﻷﻃـﻔـﺎل ﺳﻴﻜﺒﺮون وﺳﺘﻜﻮن ﺳـﻠـﻮﻛـﻴـﺎﺗـﻬـﻢ وﺗـﺮﺑـﻴـﺘـﻬـﻢ وﻛــﻞ ﻣــــﺎ ﺗــﻌــﻠــﻤــﻮا واﻋــــــﺘــــــﺎدوا ﻋـﻠـﻴـﻪ ﺳـــﻴـــﻜـــﻮن ﻇـــــﺎﻫـــــﺮا ﻟـﻠـﻤـﺠـﺘـﻤـﻊ وﻫــﻮ ﻣــﺎ ﺳﻴﺨﺮﺟﻮﻧﻪ وﻳـﻜـﻮن ﺷــﺨــﺼــﻴــﺎﺗــﻬــﻢ، اﻟــﻤــﺸــﻜــﻠــﺔ ﻓﻲ اﻷﻣـــــﺮ أﻧــــﻪ ﺣــﻴــﻦ أﻗـــــﻮل ﻵﺑـــﺎء أو أﻣــﻬــﺎت ﺿـﻌـﻮا ﺣــﺪا ﻟﻠﻄﻔﻞ ﻓــﻲ اﻟــﻄــﻌــﺎم ﻣــﺜــﻼ ﻫـﻨـﺎ ﺗﻈﻬﺮ ﻋــــﺎﻃــــﻔــــﺘــــﻬــــﻢ وﻏــــﺮﻳــــﺰﺗــــﻬــــﻢ وﻳــﺨــﺎﻓــﻮن أن ﻳــﻜــﻮن ﻃﻔﻠﻬﻢ ﻟﻢ ﻳﺸﺒﻊ ﺑﻌﺪ وﺳﻴﺠﻮع، أﻧـﺎ ﻻ أﻗـــﻞ أﻧـــﻪ ﻻ ﻳــﺄﻛــﻞ، ﻻ، ﻓﺤﻴﻦ ﻧﻘﺪم اﻟﻄﻌﺎم ﻟﻬﻢ وﻳـﺄﺧـﺬون ﺣــﺼــﺘــﻬــﻢ ورﺑـــﻤـــﺎ ﻗـــﺪ ﺗــﺮﻛــﺖ ﺣــﺼــﺔ ﻏــﻴــﺮﻫــﻢ ﻟــﺮﺑــﻤــﺎ اﻷب ﻣﺘﺄﺧﺮ ﻋـﻦ وﺟـﺒـﺔ اﻟـﻄـﻌـﺎم أو أﺧـــﻮﻫـــﻢ اﻷﻛـــﺒـــﺮ ﻟـــﻢ ﻳــﻌــﺪ ﻣﻦ اﻟﺨﺎرج، ﻻ ﻧﻌﻄﻲ اﻟﻄﻔﻞ ﺣﺼﺔ ﻏﻴﺮه ﻷﻧﻬﻢ ﻗﺪ ﻳﻌﺘﺎدون ﻋﻠﻰ اﻟــﻄــﻠــﺐ أو اﻟــﻤــﺰﻳــﺪ، ﻻ ﻳﺠﺐ ﻋــﻠــﻴــﻨــﺎ أن ﻧـــﻐـــﺮس ﻓــﻴــﻬــﻢ أن ﻫﻨﺎك ﻏﻴﺮﻧﺎ وﻟﺴﻨﺎ اﻟﻮﺣﻴﺪﻳﻦ وذﻟـــــﻚ ﺣــﺘــﻰ ﻧـﺘـﺠـﻨـﺐ إﺣــــﺮاج أﻧﻔﺴﻨﺎ ﻣــﻊ ﻏـﻴـﺮﻧـﺎ، ﻟـﺮﺑـﻤـﺎ ﻛﻨﺎ ﻓـــﻲ زﻳـــــﺎرة ﻷﻗــﺮﺑــﺎﺋــﻨــﺎ، ﻳﺠﺐ أن ﻳﻌﺘﺎدوا أن ﻳﺄﻛﻠﻮا ﻣﺎ ﻳﻘﺪم ﻟﻬﻢ ﻓﻘﻂ وإن ﺷﻌﺮوا ﺑﺎﻟﺠﻮع ﺑﻌﺪﻫﺎ ﺑﺈﻣﻜﺎﻧﻬﻢ أن ﻳﺨﺒﺮوا أﻣﻬﺎﺗﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﻧﻔﺮاد. أﻧﻨﺎ ﻧﺮﻳﺪ اﻟــﻤــﺰﻳــﺪ إن ﻛــــﺎن ﺑــﺎﻹﻣــﻜــﺎن، وﻫــــﺬا ﻳـﻨـﻄـﺒـﻖ ﻋــﻠــﻰ ﻣـﺸـﺎرﻛـﺔ اﻟــﻄــﻔــﻞ ﻓـــﻲ ﺣــــﻮار أو ﺣـﺪﻳـﺚ ﻣــﻊ اﻟﻐﻴﺮ أن ﻧﻨﺒﻪ اﻟﻄﻔﻞ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻨﺒﻐﻲ ﻋﻠﻴﻪ أن ﻳﺘﺤﺪث ﻋﻦ ﺧـﺼـﻮﺻـﻴـﺎت ﺑﻴﺘﻬﻢ وﻋﺎﺋﻠﺘﻪ اﻟـــﺼـــﻐـــﻴـــﺮة وﻋــﻠــﻴــﻨــﺎ ﻣــﺮاﻗــﺒــﺔ اﻟﻄﻔﻞ ﻟﻤﺎ ﻳﻘﻮل.
إن ﺗـﺮﻛـﻨـﺎ اﻟـﻄـﻔـﻞ ﻳـﻘـﻮل ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺪه ﻟﻤﺠﺮد أﻧﻪ ﻳﺮﻳﺪ أن ﻳـﻜـﺴـﺐ اﻧــﺘــﺒــﺎه ﺣﻴﻨﻬﺎ ﺳﻴﻌﺘﺎد ﻋﻠﻰ أن ﻳﻘﻮل ﻛﻞ ﺷﻲء، ﻛﻞ ﻣﺎ ﻳــﺮاه وﻳﺴﻤﻌﻪ وﻫــﻜــﺬا ﻳﻨﻄﺒﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻠﻮﻛﻴﺎت واﻟﻤﻤﺎرﺳﺎت اﻟﻴﻮﻣﻴﺔ ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ.
ﻣﺮﻳﻢ اﻟﺸﻜﻴﻠﻴﺔ ﺳﻠﻄﻨﺔ ﻋﻤﺎن