اﻹرادة وﻧﻤﺎذج ﻧﺎﺟﺤﺔ ﻟﻤﺮﺿﻰ اﻟﺴﺮﻃﺎن

ﻣﻨﺬ ﻓﺘﺮة وأﻧﺎ أﻓﻜﺮ ﻓﻲ اﻟﻜﺘﺎﺑﺔ ﻋﻦ ﻫﺬا اﻟﻤﻮﺿﻮع وﺗﺴﻠﻴﻂ اﻷﺿــﻮاء اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺴﻄﻮر واﻟﻜﻠﻤﺎت، وﺗﻜﺎد ﻫﺬه ﻫــﻲ اﻟــﻤــﺮة اﻷوﻟــــﻰ ﻣــﻦ ﺧــﻼل ﻋــﻤــﻮدي ورﺑــﻤــﺎ ﻛــﺎن ﺗﻔﻜﻴﺮي ﻣﻨﺼﺒﺎ ﻋﻠﻰ ﻣﻦ أي زاوﻳﺔ أﺗﻨﺎول اﻟﺤﺪﻳﺚ ﻋﻨﻪ وﺧﺎﺻﺔ أﻧﻪ ﺗﻢ ﺗﻨﺎول اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺘﻮﻋﻴﺔ ﻋﻨﻪ واﻟﺘﻌﺮﻳﻒ ﺑﻪ وﺑﻤﺮاﺣﻠﻪ اﻷوﻟﻰ واﻟﻤﺘﺄﺧﺮة ﻣﻦ اﻟﺠﻬﺎت اﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﺑﺎﻟﺪوﻟﺔ، واﻷدوار واﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟــﺘــﻲ ﺗـﻘـﺪﻣـﻬـﺎ ﻣــﻦ اﻟــﻜــﻮادر اﻟـﻄـﺒـﻴـﺔ واﻟـﻤـﺨـﺘـﺼـﻴـﻦ، وﺣـﻤـﻼت اﻟﺘﻮﻋﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻨﺎوﻟﺘﻬﺎ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﺑﻜﻞ أﻟﻮاﻧﻬﺎ. وﻻ ﻧﻨﻜﺮ ﺣﺠﻢ اﻟﺠﻬﻮد اﻟﺮاﺋﻌﺔ اﻟﺘﻲ ﺗُﻘﺪم ﻟﻬﻢ ﺧﻼل اﻟﺴﻨﻮات اﻷﺧﻴﺮة ﺳﻮاء ﻛﺎﻧﺖ ﻃﺒﻴﺔ وﻣﺎدﻳﺔ وإﻧﺴﺎﻧﻴﺔ وﺗﻄﻮﻋﻴﺔ ﻟﻼﻛﺘﺸﺎف اﻟﻤﺒﻜﺮ ﻟﻪ، واﻟﺤﺪ ﻣﻦ اﻧﺘﺸﺎره وﻃﺮق اﻟﻤﺘﺎﺑﻌﺔ، ﻓﻲ ﻇﻞ اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت اﻟﺼﺤﻴﺔ واﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺗﻮاﺟﻪ اﻟﺸﻌﻮب وﺑﺎﻷﺧﺺ ﻣﺮﺿﻰ اﻟﺴﺮﻃﺎن وﻫﻠﻊ اﻧﺘﺸﺎره ﺑﺄﻋﺮاض ﻣﺨﺘﻠﻔﺔ وﻣـﺪى ﺛﻘﺎﻓﺔ ﻗﺒﻮل اﻟﻤﺮض واﻟﺘﺸﺎﻓﻲ ﻣﻨﻪ ﺗﻜﺎد ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻣـﻦ ﺷﺨﺺ ﻵﺧــﺮ، وﻳـﻜـﺎد ذﻟﻚ اﻟﺸﻌﻮر ﻳﻜﻮن ﻧﺎﺑﻌﺎً ﻣﻦ اﻟﺜﻘﺎﻓﺔ اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ واﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ واﻟﺼﻮرة اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﻟﻠﻤﺮض وﻧﻬﺎﻳﺘﻪ واﻟﺘﻲ ﺗﻨﺘﻬﻰ ﻓﻲ اﻟﻐﺎﻟﺐ ﺑﺎﻟﻤﻮت ﻣﻤﺎ ﻳﺘﺮك اﺛﺎرا ﻧﻔﺴﻴﺔ وﺛﻘﺎﻓﻴﺔ وﻓﻜﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﻧﺴﺒﺔ ﻛﺒﻴﺮة ﻣﻦ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﺸﻌﻮب واﻻﻧﻄﺒﺎع اﻟﺴﻠﺒﻲ ﻋﻨﻪ، ﻛﻤﺮض ﺗﻨﺘﻬﻲ ﻣﺴﻴﺮﺗﻪ ﺑﺎﻟﻤﻮت. ﻟـﺬا ﻳﺠﺐ اﻛﺘﺴﺎب اﻟﻮﻋﻲ اﻟﺼﺤﻲ واﻟﺜﻘﺎﻓﻲ ﻟﻠﻮﻗﺎﻳﺔ ﻣﻨﻪ وﻛﻴﻔﻴﺔ اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻌﻪ، وﻳﻌﻮد ذﻟـﻚ ﻟﻌﻮاﻣﻞ ﻛﺜﻴﺮة أﻫﻤﻬﺎ اﻹﻋــﻼم وﺗﺄﺛﻴﺮه ﻋﻠﻰ ﺛﻘﺎﻓﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ إﻟـﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻟـﻮﻋـﻲ اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ واﻟﻨﻔﺴﻲ ﻟﻠﺸﺨﺺ ﻧﻔﺴﻪ ﺣﺘﻰ ﻗﺒﻞ اﻹﺻﺎﺑﺔ ﺑﺎﻟﻤﺮض، وﻋﻠﻰ ﺻﻌﻴﺪ آﺧــﺮ ﻧــﺮى ﻫﻨﺎك ﻛﺜﻴﺮاً ﻣـﻦ اﻟﻨﻤﺎذج اﻟﻨﺎﺟﺤﺔ رﻏﻢ إﺻﺎﺑﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﻤﺮض ﻟﻜﻦ ﺗﻤﺘﻠﻚ إرادة ﻗﻮﻳﺔ ﻣﻦ ﺧﻼل اﻟﺜﻘﺔ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﺑﺎﷲ، واﻟﻴﻘﻴﻦ ﺑﺎﻟﺸﻔﺎء، واﻷﺧﺬ ﺑﺎﻷﺳﺒﺎب وﺗﻘﻮﻳﺔ اﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ واﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ رﻏﻢ ﺗﺄﺧﺮ ﺣﺎﻟﺘﻬﺎ أو أﺧﺬت اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺠﻠﺴﺎت اﻟﻜﻴﻤﺎوﻳﺔ، ورﻏـﻢ ذﻟﻚ ﺗﺮاﻫﺎ ﻗﻮﻳﺔ ﻓﻲ ﻓﻜﺮﻫﺎ وﻧﻔﺴﻴﺘﻬﺎ وﺗﺒﺚ ﻃﺎﻗﺔ إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﺣﺘﻰ ﻣﻊ اﻷﻃﺒﺎء واﻟﻜﺎدر اﻟﺘﻤﺮﻳﻀﻲ ﺑﺼﻮرة ﻳﻜﺎد ﻳﺘﻌﺠﺐ اﻷﻃﺒﺎء ﻣﻦ إﻗﺒﺎﻟﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﻴﺎة ﺑﻬﺬه اﻟﺼﻮرة اﻟﺠﻤﻴﻠﺔ وﺛﻘﺘﻬﻢ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﺑﺎﷲ، وﺑﺎﻟﻔﻌﻞ أﺻﺒﺤﻨﺎ ﻧﺮى ﻧﻤﺎذج ﻛﺜﻴﺮة ﻣﻦ اﻷﻫﻞ واﻷﺻﺪﻗﺎء ﺑﺎﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻗﺪ اﺑﺘﻠﻴﺖ ﺑﺎﻟﻤﺮض ورﻏــﻢ ذﻟــﻚ ﺗﻌﺎﻣﻠﺖ ﻣﻌﻪ ﺑـﺬﻛـﺎء ﻧﻔﺴﻲ واﺟﺘﻤﺎﻋﻲ ﺑﻠﻐﺔ اﻟﻴﻘﻴﻦ واﻹﻳﻤﺎن ﺑﺎﻟﺸﻔﺎء اﻟﺘﺎم، وﻣﻤﺎرﺳﺔ ﺣﻴﺎﺗﻬﺎ ﺑﺼﻮرة ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ رﻏﻢ ﻛﻞ اﻟﻤﻌﺎﻧﺎة إﻻ أن اﻟﻴﻘﻴﻦ ﺑﺪاﺧﻠﻬﻢ ﺑﺎﻟﺸﻔﺎء أﻗﻮى ﻣـﻦ أي ﻣﺤﻨﺔ ﻣﺮﺿﻴﺔ وﻛـﺎﻧـﺖ اﻟﻨﺘﻴﺠﺔ ﺷﻔﺎء اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻨﻬﻢ، وﻫﻲ ﻧﻈﺮة إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ وﺛﻘﺔ ﻣﺴﺘﻤﺪة ﻣﻦ ﻗﻮة اﻹﻳﻤﺎن اﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ، وﺣﺘﻰ ﻓﻲ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺣﻤﻼت اﻟﺘﻮﻋﻴﺔ ﻟﻠﻮﻗﺎﻳﺔ أﺻﺒﺤﺖ ﺗﺴﺘﺪﻋﻲ ﻛﺜﻴﺮا ﻣﻦ ﺗﺠﺎرب اﻟﻌﺪﻳﺪ ﻣﻦ اﻟﺤﺎﻻت اﻟﺘﻲ ﺗﻢ ﺷﻔﺎؤﻫﺎ رﻏﻢ ﺗﺄﺧﺮ ﺣﺎﻻﺗﻬﺎ اﻟﺼﺤﻴﺔ، وﻟﺬا ﻓﻬﻲ رﺳﺎﻟﺔ إﻳﻤﺎﻧﻴﺔ وإﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﻻﺑﺪ أن ﺗﺘﻨﺎوﻟﻬﺎ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋــﻼم واﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ وﺗﻘﻮﻳﺘﻬﺎ ﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ ﻛﺎﻓﺔ اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت ﻣﻊ اﻟﻤﺮض ﺑﺮوح اﻹﻳﻤﺎن واﻷﺧـﺬ ﺑﺎﻷﺳﺒﺎب واﻟﻴﻘﻴﻦ ﺑﺎﻟﺸﻔﺎء، وأن اﻷﻣــﺮاض اﻣﺘﺤﺎﻧﺎت واﺑــﺘــﻼءات ﻣـﻦ اﷲ ﻳﺘﻘﺒﻠﻬﺎ اﻹﻧــﺴــﺎن اﻟﻄﺒﻴﻌﻲ ﺣﺘﻰ ﻳﺴﺘﻄﻴﻊ ﻣﻮاﻛﺒﺔ اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت اﻟﺤﻴﺎﺗﻴﺔ واﻟﻴﻮﻣﻴﺔ، وأن ﻛﻞ اﻣﺘﺤﺎن ﻳﺘﻌﺮض ﻟﻪ اﻹﻧﺴﺎن ﻣﻦ ﻣﺤﻦ واﺑﺘﻼءات ﺳﻴﻜﻮن ﻫﻨﺎك ﺟﺰاء أﻛﺒﺮ ﻣﻦ اﷲ وﻛــﻞ ذﻟــﻚ ورد ﺑﺎﻟﻘﺮآن واﻟﺴﻨﺔ اﻟﻨﺒﻮﻳﺔ ﻓـﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ )وﺑﺸﺮ اﻟﺼﺎﺑﺮﻳﻦ( وﻟـﺬا ﻧﺘﻤﻨﻰ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ اﻟﻤﺮﺿﻰ وأﺳﺮﻫﻢ ﺗﻘﺒﻞ ﻛﻞ ﺷﻲء ﺑﺮوح إﻳﺠﺎﺑﻴﺔ وﻣﺮﻧﺔ وﺗﻘﻮﻳﺘﻬﺎ ﺑﺎﻟﺼﺒﺮ واﻟﻴﻘﻴﻦ.