اﻷﻣــﻮﻣـــﺔ واﻟﺼــﺪاﻗــﺔ

اﻷﻣــــﻮﻣــــﺔ ﻫــــﻲ ﻣــــﻦ أرﻗــــــﻰ وأﻧـــﻘـــﻰ اﻟﻌﻮاﻃﻒ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ اﻟﺘﻲ وﻫﺒﻬﺎ اﷲ ﻟﻜﻞ أﻧﺜﻰ، ﻓﻬﻲ ﻏﺮﻳﺰة ﺗﺘﻜﻮن ﻣﻦ اﻟﻤﺸﺎﻋﺮ واﻷﺣـﺎﺳـﻴـﺲ اﻟﺪاﺧﻠﻴﺔ اﻟﻤﻨﻌﻜﺴﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻓــــﻌــــﺎل واﻟـــﺘـــﺼـــﺮﻓـــﺎت، ﻟــﻜــﻦ ﻛـــﻞ أم ﺗـﺘـﺮﺟـﻤـﻬـﺎ وﻓـــﻖ ﻣــﺎ ﺗــــﺮاه ﻣــﻨــﺎﺳــﺒــﺎً ﻟﻬﺎ وﻷﺳﺮﺗﻬﺎ ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮﻫﺎ، وﻫﻨﺎك أﻣـــﻮر ﻟــﻮ ﺣـﺮﺻـﺖ اﻷم ﻋـﻠـﻰ اﻻﻫـﺘـﻤـﺎم ﺑﻬﺎ ﻻﻧﻔﺮدت أﺳﺮﺗﻬﺎ ﺑﺄﺟﻮاء ذات ﺑﺮﻳﻖ ﻣﺨﺘﻠﻒ ﻛﺎﻷم اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺠﻊ أﺑﻨﺎءﻫﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺬاﻛﺮة ﺑﻤﻔﺮدﻫﻢ، ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﺗﻠﻚ اﻟﺘﻲ ﺗﺬاﻛﺮ ﻣﻊ أﺑﻨﺎﺋﻬﺎ ﺑﺤﻴﺚ ﺗﺪرﺳﻬﻢ اﻟﻤﺎدة ﻓﺘﺴﺄﻟﻬﻢ وﻳﺠﻴﺒﻮن ﺛﻢ ﻳﺘﺒﺎدﻟﻮن اﻷدوار ﻓــﻴــﺴــﺄﻟــﻮﻧــﻬــﺎ ﻓــﺘــﺠــﻴــﺒــﻬــﻢ ﻫـﻲ اﻷﺧـــﺮى، وأﻳـﻀـﺎً اﻷم اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺪ اﻟﻌﺸﺎء ﻷﺑﻨﺎﺋﻬﺎ دون أن ﺗﺘﻨﺎوﻟﻪ ﻣﻌﻬﻢ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋـــﻦ اﻟــﺘــﻲ ﺗـﻘـﺎﺳـﻤـﻬـﻢ اﻟــﻄــﻌــﺎم ﻟـﻴـﻜـﻮن اﻻﺟﺘﻤﺎع اﻟﻌﺎﺋﻠﻲ واﻟﺤﺪﻳﺚ أﺛﻨﺎءه.

اﻷم اﻟﺘﻲ ﺗﻌﻠﻢ ﺑﻤﺸﻜﻠﺔ اﺑﻨﺘﻬﺎ ﻓﺘﺤﺪد اﻟﺤﻞ ﻣﻦ وﺟﻬﺔ ﻧﻈﺮﻫﺎ ﻓﻘﻂ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺎور اﺑﻨﺘﻬﺎ ﺑﺎﻷﻣﺮ ﻓﺘﺼﻼن ﻟﻠﺤﻞ ﻣﻌﺎً، اﻷم اﻟﺘﻲ ﻳﻤﺎزﺣﻬﺎ أﺑﻨﺎؤﻫﺎ ﻓﺘﻌﺘﺒﺮ ذﻟﻚ ﻣﻦ اﻟﺤﻤﺎﻗﺎت ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ اﻟـﺘـﻲ ﺗﻤﺎزﺣﻬﻢ وﻳﻤﺎزﺣﻮﻧﻬﺎ ﺑﺴﻌﺎدة، اﻷم اﻟﺘﻲ ﺗﺠﺪ اﺑﻨﺘﻬﺎ ﺗـﻤـﺎرس ﻫﻮاﻳﺎﺗﻬﺎ ﻛﺎﻟﺮﺳﻢ أو اﻟﺨﻴﺎﻃﺔ ﻓﺘﺘﺮﻛﻬﺎ وﺣﺪﻫﺎ ﺗـــﻤـــﺎرس ﻧــﺸــﺎﻃــﻬــﺎ ﺗــﺨــﺘــﻠــﻒ ﻋـــﻦ اﻟــﺘــﻲ ﺗﺮﺳﻢ ﻣﻊ اﺑﻨﺘﻬﺎ وﺗﺨﻴﻂ ﻣﻌﻬﺎ اﻟﻘﻤﺎش ﻓﺘﻜﻮﻧﺎن ﻗﺪ ﺟﻤﻌﺘﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﺘﻌﻠﻢ واﻟﻤﺮح، اﻷم اﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﻌﺮف أﺻﺪﻗﺎء اﺑﻨﻬﺎ ﺳﻮى ﺑﺎﻻﺳﻢ ﻓﻘﻂ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ اﻟﺘﻲ ﺗﻌﺮﻓﻬﻢ ﺟﻤﻴﻌﺎً ﻛﺄﻧﻬﺎ أم ﻟﻬﻢ، اﻷم اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺮك اﺑﻨﺘﻬﺎ ﺗﻠﻌﺐ ﺑﺄﻟﻌﺎﺑﻬﺎ وﺣﺪﻫﺎ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺎرﻛﻬﺎ اﻟﻠﻌﺐ ﻓﺘﺮﻓﻊ ﻣﻌﻨﻮﻳﺎﺗﻬﺎ وﻳﻨﻤﻮ ذﻛﺎؤﻫﺎ، اﻷم اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺮك أﻃﻔﺎﻟﻬﺎ أﻣـــﺎم اﻟـﺘـﻠـﻔـﺎز وﺣــﺪﻫــﻢ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ اﻟـﺘـﻲ ﺗﺘﻮﺳﻄﻬﻢ ﻟﻤﺸﺎﻫﺪة اﻟﺘﻠﻔﺎز، اﻷم اﻟــﺘــﻲ ﻻ ﺗـﻬـﺘـﻢ ﺑــﻘــﺮاءة ﺧـﻮاﻃـﺮ اﺑﻨﺘﻬﺎ ﻷﻧﻬﺎ ﻣﺠﺮد ﻛﻠﻤﺎت ﺗﻨﻔﺲ ﺑﻬﺎ ﻋـﻦ ﻧﻔﺴﻬﺎ، ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋـﻦ اﻟـﺘـﻲ ﺗﻘﺮأﻫﺎ وﺗـﻌـﻴـﺶ ﻣـﺸـﺎﻋـﺮﻫـﺎ وﺗـﻬـﺘـﻢ ﺑﻜﺘﺎﺑﺎﺗﻬﺎ، اﻷم اﻟــﺘــﻲ ﺗـﻌـﺪ اﻟــﻤــﺸــﺮوﺑــﺎت اﻟﺴﺎﺧﻨﺔ ﻻﺑﻨﺘﻬﺎ اﻟﻤﺮﻳﻀﺔ وﺗﺒﻘﻰ ﺑﺠﺎﻧﺒﻬﺎ ﺣـﺘـﻰ ﺗﻨﺎم ﺛﻢ ﺗﺬﻫﺐ ﻟﻐﺮﻓﺘﻬﺎ ﺗـﺨـﺘـﻠـﻒ ﻋــﻦ اﻟـﺘـﻲ ﺗــــــﻨــــــﺎم واﺑــــﻨــــﺘــــﻬــــﺎ ﺑﺤﻀﻨﻬﺎ، اﻷم اﻟﺘﻲ ﺗـﺠـﻬـﻞ ﻣــﺎ ﻳﻨﺸﺮه أﺑــــﻨــــﺎؤﻫــــﺎ ﻋــﻠــﻰ ﺻــﻔــﺤــﺎﺗــﻬــﻢ ﺑـــــﻤـــــﻮاﻗـــــﻊ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ، ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﺎرﻛﻬﻢ ﺑﺎﻟﺘﻌﻠﻴﻖ ﻋـﻠـﻰ ﻣـﻨـﺸـﻮراﺗـﻬـﻢ ﻓـﻬـﻲ أﻫـﻢ ﻣﺎ ﺑﻘﺎﺋﻤﺔ أﺻﺪﻗﺎﺋﻬﻢ، اﻷم اﻟﺘﻲ ﺗﻘﻮم ﺑﺴﺎﺋﺮ اﻷﻋﻤﺎل اﻟﻤﻨﺰﻟﻴﺔ وﺣﺪﻫﺎ ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻋـــــﻦ اﻟـــــﺘـــــﻲ ﻳـــﺸـــﺎرﻛـــﻬـــﺎ أﺑـــﻨـــﺎؤﻫـــﺎ اﻷﻋـــﺒـــﺎء اﻟـــــﻤـــــﻨـــــﺰﻟـــــﻴـــــﺔ ﻣــــــﺎ ﻳـــﻨـــﻤـــﻲ ﺑــﺪاﺧــﻠــﻬــﻢ روح اﻟــﻤــﺸــﺎرﻛــﺔ واﻟـــﺘـــﻌـــﺎون، اﻷم ﺻـﺎﺣـﺒـﺔ اﻟــﺠــﻤــﻞ اﻟـــﺼـــﺎرﻣـــﺔ ﺗــﺨــﺘــﻠــﻒ ﻋـــﻦ اﻟــﺘــﻲ ﺗﺴﺘﺨﺪم ﺟﻤﻼً أﻛﺜﺮ رﻗﻴﺎً ﺑﺎﻟﺤﻮار ﻣﺜﻞ )أﻗﺪر رأﻳﻚ ﻟﻜﻨﻨﻲ أرى أﻧﻪ ﻣﻦ اﻷﻓﻀﻞ ﻛــﺬا( أو )وﺟـﻬـﺔ ﻧﻈﺮك ﺗﺤﺘﺮم وﻟﻜﻦ ﻟﻲ رأي ﻣﺨﺘﻠﻒ(، وﻫﻨﺎ ﻳﻄﺮح اﻟﺴﺆال ﻧﻔﺴﻪ: ﻛﻴﻒ ﻳﺮاﻧﻲ ﻃﻔﻠﻲ ﻫﻞ ﺑﻤﻨﻈﻮر واﻟﺪﺗﻪ ﻓﻘﻂ أم أﻣﻪ؟.

أﺑﻨﺎؤك ﻫﻢ اﻟﺒﺬرة اﻟﺘﻲ ﺳﺘﻨﺒﺖ ﺑﻤﺎ ﺳﻘﻴﺖ ﺑــﻪ، ﻓـﺎروﻳـﻬـﺎ ﺑﺎﻟﺤﺐ واﻟﺤﻨﺎن واﻻﻫﺘﻤﺎم، واﺣﺘﻀﻨﻴﻬﻢ ﺑﺮﺣﺎﺑﺔ اﻟﺼﺪر وﺳﻌﺔ اﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ورﺣﻤﻪ اﻟﻘﻠﺐ، وﺗﺠﻨﺒﻲ اﻟﻐﻀﺐ واﻟﺘﻬﺪﻳﺪ ﺑﺎﻟﻌﻘﺎب واﻟﺤﺮﻣﺎن أو اﻟﻀﺮب ﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﻋﺎدﻳﺔ ﻳﻤﺮ ﺑﻬﺎ ﺳﺎﺋﺮ اﻷﻃﻔﺎل، واﺣﺮﺻﻲ دوﻣـﺎً ﻋﻠﻰ ﺳﺪ أي ﻓــﺠــﻮة ﺑـﻴـﻨـﻚ وﺑـﻴـﻨـﻬـﻢ ﻗــﺒــﻞ أن ﺗﺘﺴﻊ، واﻧﺸﺮي اﻟﻄﺎﻗﺔ اﻹﻳﺠﺎﺑﻴﺔ ﺑﻤﻨﺰﻟﻚ.

أﻋﻄﻲ ﻟﻸﻣﻮﻣﺔ ﻣﻌﻨﻰ أوﺳــﻊ وأﻓًﻘﺎ أرﺣـــــﺐ ﻣـــﻦ ﻣــﺠــﺮد اﻟــﻘــﻴــﺎم ﺑـﺎﻟـﻤـﻬـﺎم اﻟـﻤـﻨـﺰﻟـﻴـﺔ ﻋـﻠـﻰ أﻛــﻤــﻞ وﺟـــﻪ، ﻓﺎﻟﺤﻴﺎة ﺳﺘﻨﺘﻬﻲ واﻷﺷﻐﺎل ﻟﻦ ﺗﻨﺘﻬﻲ، وﻃﻔﻠﻚ اﻟﺼﻐﻴﺮ ﺳﻴﺼﺒﺢ ﻣﺮاﻫﻘﺎً ﻋﻤﺎ ﻗﺮﻳﺐ، واﺑﻨﺘﻚ اﻟﻤﺮاﻫﻘﺔ ﺳﺘﺼﺒﺢ ﺷﺎﺑﺔ أﻳﻀﺎً، ﻓـﺎﺳـﻤـﺤـﻲ ﻟﻨﻔﺴﻚ أن ﺗﺴﺘﻤﺘﻌﻲ ﺑﻜﻞ ﻣﺮﺣﻠﺔ ﻋﻤﺮﻳﺔ ﻷﺑﻨﺎﺋﻚ، ﻷن ﻣﺎ ﺳﻴﻤﺮ ﻟﻦ ﻳﻌﻮد، ﻓﺎﺻﻨﻌﻲ ﻣﻌﻬﻢ أﻟﺒﻮﻣﺎً ذﻫﻨﻴﺎً ﻳــﻀــﻢ ﻟــﺤــﻈــﺎت وﻣـــﻮاﻗـــﻒ ﻻ ﺗﻤﺤﻮﻫﺎ اﻷﻳﺎم وﻻ ﺗﻨﺴﻲ ﻣﻦ اﻟﺬاﻛﺮة.

داﻧﺎ رﺑﻴﻊ اﻟﺘﺎﺑﻌﻲ