اﻟﺪﻣــﺞ ﺿــﺮورة ﺣـــﻴﺎﺗـﻴــﺔ
ﺗﺤﺘﻔﻞ دول اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺎﻟﻴﻮم اﻟـﻌـﺎﻟـﻤـﻲ ﻟــﻸﺷــﺨــﺎص ذوي اﻹﻋﺎﻗﺔ ﻓﻲ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻣﻦ ﺷﻬﺮ دﻳــﺴــﻤــﺒــﺮ )ﻛــــﺎﻧــــﻮن اﻷول( ﻣـﻦ ﻛـﻞ ﻋــﺎم، وﻗــﺪ ﺣـﺪدت اﻷﻣﻢ اﻟﻤﺘﺤﺪة اﺣﺘﻔﺎل ﻫﺬا اﻟــﻌــﺎم ﺗـﺤـﺖ ﺷــﻌــﺎر) ﺗﻌﺰﻳﺰ ﻣــﺸــﺎرﻛــﺔ اﻷﺷــﺨــﺎص ذوي اﻹﻋـﺎﻗـﺔ وﻗﻴﺎدﺗﻬﻢ واﺗﺨﺎذ إﺟـــﺮاءات ﺑـﺸـﺄن ﺧﻄﺔ اﻟﺘﻨﻤﻴﺔ ﻟـﻌـﺎم ٠٣٠٢( وﻳﻌﻨﻲ ﻫـﺬا اﻟﺸﻌﺎر اﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ﻋﻠﻰ ﻣﺒﺪأ دﻣﺞ اﻷﺷــﺨــﺎص ذوي اﻹﻋــﺎﻗــﺔ ﻓــﻲ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻬﻢ وﺗﺒﻮؤ دورﻫﻢ ﻓﻲ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﺗﻨﻤﻴﺔ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻬﻢ وﻓﻖ ﻗﺪراﺗﻬﻢ، ﻓﻠﻢ ﻳﻌﺪ ﻣﻘﺒﻮﻻ ﻋﺎﻟﻤﻴﺎ ﻋﺰل ذوي اﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻋﻦ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻬﻢ وﺟﻌﻠﻬﻢ ﺧﻠﻒ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻬﻢ، وﻗــﺪ ﻧﺠﺤﺖ ﺗـﺠـﺎرب ﻋـﺪﻳـﺪة ﻋﺎﻟﻤﻴﺎ وأﻳــﻀــﺎ ﻣﺤﻠﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﻣـــﺴـــﺘـــﻮى أوﻃـــﺎﻧـــﻨـــﺎ اﻟـــﻌـــﺮﺑـــﻴـــﺔ ﻟـــﺪﻣـــﺞ ذوي اﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺳـﻮاء أﻛـﺎن دﻣًﺠﺎ ﻛﻠًﻴﺎ أو ﺟﺰﺋﻴﺎ وﻓﻖ ﺷﺪة ودرﺟـﺔ اﻹﻋﺎﻗﺔ وﺣﺎﻟﺔ اﻟﻔﺮد اﻟﻤﻌﺎق.
اﻟــﺠــﺪﻳــﺮ ﺑــﺎﻟــﺬﻛــﺮ أن ﻧــﻈــﺎم اﻟـــﺪﻣـــﺞ وﻓــﻖ اﻷﺳـــﺲ اﻟـﻌـﻠـﻤـﻴـﺔ ﻧــﻈــﺎم ﻗــﺪﻳــﻢ ﻃﺒﻘﺘﻪ أﻣﺘﻨﺎ اﻹﺳـﻼﻣـﻴـﺔ ﻓﻘﺪ ﻛــﺎن ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻋـﺒـﺪاﷲ اﺑــﻦ أم ﻣﻜﺘﻮم ﻳﺘﻮﻟﻰ ﻗــﻴــﺎدة اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟـﻤـﻨـﻮرة ﻋﻨﺪ ﺧﺮوج رﺳﻮل اﷲ ﺻﻠﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ ﻓﻲ ﻏﺰواﺗﻪ ﻛﺬﻟﻚ ﺣﺜﻨﺎ اﻟﻘﺮآن اﻟﻜﺮﻳﻢ ﻋﻠﻰ رﻓﻊ اﻟـﺤـﺮج ﻋـﻦ اﻟﻤﻌﻮﻗﻴﻦ وﻓــﻖ إﻋﺎﻗﺎﺗﻬﻢ ﻳﻘﻮل ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﺳﻮرة اﻟﻨﻮر ﱠْ )ﻟﻴﺲﻋﻠﻰ اﻷﻋﻤﻰ ﺣﺮج
َو َﻻ َﻋﻠَﻰ ا ْﻷَْﻋــــ َﺮ ِج َﺣــ َﺮ ٌج َو َﻻ َﻋﻠَﻰ ا ْﻟ َﻤ ِﺮﻳ ِﺾ َﺣـﺮ ٌج( ﺳﻮرة اﻟــﻨــﻮر، وﻓــﻲ اﻟـﺤـﺪﻳـﺚ »ﻫــﻞ
ْْ َُْ ﺗُــ ْﻨــ َﺼــ ُﺮو َن إِﻻ ﺑِـ ُﻀـﻌـ َﻔـﺎﺋـﻜـﻢ
ِِ َِ ﺑـــﺪﻋـــﻮﺗـــﻬـــﻢ وإﺧـــﻼﺻـــﻬـــﻢ« رواه أﺑــﻮ ﻧﻌﻴﻢ ﻓـﻲ اﻟﺤﻠﻴﺔ، وﺻـﺤـﺤـﻪ اﻷﻟــﺒــﺎﻧــﻲ. ﻛﺬﻟﻚ ﺷﻬﺪت اﻟﺤﻀﺎرة اﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﻋــﻠــﻤــﺎء ﺑـــﺎرزﻳـــﻦ ﻛـــﺎﻧـــﻮا ﻣﻦ ذوي اﻻﺣـﺘـﻴـﺎﺟـﺎت اﻟـﺨـﺎﺻـﺔ وﻣـﻨـﻬـﻢ ﻣﺤﻤﺪ ﺑﻦ ﺳﻴﺮﻳﻦ راوي اﻷﺣﺎدﻳﺚ وﻣﻔﺴﺮ اﻷﺣﻼم اﻟﺬي ﻛﺎن ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ اﻹﻋﺎﻗﺔ اﻟﺴﻤﻌﻴﺔ )ﺿﻌﻒ اﻟﺴﻤﻊ( وﺣـﺎﺗـﻢ اﻷﺻــﻢ اﻟــﺬي ﻛـﺎن ﻣـﻦ أﻋـﻼم اﻟــﺴــﻨــﺔ واﻟــﺠــﻤــﺎﻋــﺔ واﻟــﻤــﺸــﻬــﻮد ﻟــﻪ ﺑﺎﻟﺤﻜﻤﺔ واﻟــﻔــﺼــﺎﺣــﺔ وﻏــﻴــﺮﻫــﻢ ﻣـــﻦ اﻟــﻌــﻠــﻤــﺎء اﻟــﺬﻳــﻦ ﻋﺮﻓﻮا ﺑﺈﻋﺎﻗﺎﺗﻬﻢ وﻛﺎﻧﺖ ﺳﺒﺒﺎ ﻓﻲ اﺟﺘﻬﺎدﻫﻢ وﺗﻤﻴﺰﻫﻢ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻬﻢ.
إن اﻟـﻌـﺎﻟـﻢ أﺟــﻤــﻊ ﻳﺘﺠﻪ ﻧـﺤـﻮ اﻷﺧـــﺬ ﺑﻨﻈﺎم اﻟــﺪﻣــﺞ ﺑﺸﺘﻰ أﻧــﻮاﻋــﻪ ﺑـﻤـﺎ ﻳﺤﻘﻖ ﺻـﺎﻟـﺢ ذوي اﻻﺣــﺘــﻴــﺎﺟــﺎت اﻟــﺨــﺎﺻــﺔ، وﻗـــﺪ أﺿــﻴــﻒ ﻣـﺆﺷـﺮ اﻻﻫﺘﻤﺎم واﻟﺮﻋﺎﻳﺔ ﺑﺬوي اﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﺿﻤﻦ ﻣﺆﺷﺮات اﻟﺘﺤﻀﺮ اﻟﺮﻗﻲ ﺑﻴﻦ اﻷﻣﻢ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺆﺻﻞ ﻟﺪﻣﺞ ذوي اﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻟﺨﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻬﻢ؛ ﻷﻧﻬﻢ ﺳﻴﻌﻴﺸﻮن ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻬﻢ وﻳﻤﻜﻨﻬﻢ – إذا ﺧـﻄـﻂ ﺑـﺄﺳـﻠـﻮب ﻋﻠﻤﻲ ﻟﻬﻢاﺳﺘﺜﻤﺎر ﻗﺪراﺗﻬﻢ ﺑﻤﺎ ﻳﺤﻘﻖ ﺻﺎﻟﺢ أوﻃﺎﻧﻬﻢ.
ﻋﺒﺪاﷲ ﺟﻮﻫﺮ اﻟﻌﻠﻲ