ﺗﺰاﻳﺪ اﻟﻤﺨﺎوف ﻳﺴﻮد ﻋﻠﻰ ﻃﻤﻮﺣﺎت اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ

ﺗﻤﻮر اﻟﺴﺎﺣﺔ اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﺴﻮداﻧﻴﺔ ﺑﺘﻄﻮرات ﻻﻓﺘﺔ وأﺣﺪاث ﻣﺘﻼﺣﻘﺔ، ﺳﻮاء ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻷﺟــﻨــﺪة اﻟـﻮﻃـﻨـﻴـﺔ ﺑـﻜـﻞ ﺗﺒﻌﺎﺗﻬﺎ وﻋـﻮاﻗـﺒـﻬـﺎ، أو ﻋــﻠــﻰ ﺻـﻌـﻴـﺪ ﺗــﻌــﻘــﻴــﺪات ﻋــﻼﻗــﺎت اﻟــﺒــﻼد اﻟـﺨـﺎرﺟـﻴـﺔ وأﺟــﻨــﺪة ﻣﺼﺎﻟﺤﻬﺎ اﻟﻤﺘﻨﺎﻓﺴﺔ أﺣــﻴــﺎﻧــﺎً واﻟـﻤـﺘـﻘـﺎﻃـﻌـﺔ أﺣــﻴــﺎﻧــﺎً أﺧــــﺮى، وﻣـﻊ ﻫــــﺬا اﻟــﻤــﺸــﻬــﺪ اﻟــﻤــﻀــﻄــﺮب اﻟــــــﺬي ﻳــﺮﺳــﻢ ﺻـــﻮرة ﺳـﺮﻳـﺎﻟـﻴـﺔ ﺷــﺪﻳــﺪة اﻟـﺘـﺸـﺎﺑـﻚ ﻳﺼﻌﺐ ﺗﺘﺒﻊ ﺧﻴﻮﻃﻬﺎ، ﻓﻘﺪ ﺑـﺪأت ﺗﺘﻌﺎﻇﻢ اﻟﻤﺸﺎﻋﺮ اﻟﻤﺨﺘﻠﻄﺔ ﺑﺈﺣﺴﺎس ﻣﺘﺰاﻳﺪ ﺑﺎﻟﺨﻮف ﻣﻤﺎ ﻳﺤﻤﻠﻪ اﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ ﻟﻠﺒﻼد، وﺣﺘﻰ اﻹﺣﺴﺎس ﺑﺨﻴﺒﺔ اﻷﻣﻞ ﻣﻦ أن اﻟﺤﺮاك اﻟﺸﻌﺒﻲ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻓﻲ أوﺳـﺎط اﻟـﺮأي اﻟﻌﺎم، وﺳﻂ اﻟﻨﺨﺐ ﻛﻤﺎ ﻫﻮ اﻟﺤﺎل ﺑﻴﻦ اﻟﺜﻮار، ﻣﻦ أن اﻟﺜﻮرة اﻟﺴﻮداﻧﻴﺔ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ ﻟـﻢ ﺗﺒﻠﻎ ﺗﺤﻘﻴﻖ أﻫـﺪاﻓـﻬـﺎ ﺑﻌﺪ، ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺳﻘﻮط اﻟﻨﻈﺎم، ﺑﻞ ﺗﺠﺪ ﻧﻔﺴﻬﺎ ﻣﻬﺪدة ﺑﺎﻧﺘﻜﺎﺳﺔ ﺗﻌﻴﺪ إﻧﺘﺎج ﺣﻘﺒﺔ ﺷﻤﻮﻟﻴﺔ أﺧــﺮى، أو ﺗﻔﻀﻲ إﻟـﻰ ﻣﺎ ﻫﻮ أﻋﻈﻢ ﺧﻄﺮا ﺑﺘﻬﺪﻳﺪ وﺣﺪة اﻟﺒﻼد وﺗﻤﺎﺳﻜﻬﺎ ﺗﺤﺖ ﺿﻐﻮط اﻟﺼﺮاع اﻹﻗﻠﻴﻤﻲ ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻮدان.

وﻟـﻌـﻞ اﻟــﺴــﺆال اﻟـﻤـﻄـﺮوح ﻫــﻞ ﻫـﻨـﺎك ﺛﻤﺔ دﻻﺋﻞ ﻣﻮﺿﻮﻋﻴﺔ ﺗﺆﻛﺪ أن ﻫﺬه اﻟﻤﺨﺎوف ﻻ ﺗﻨﻄﻠﻖ ﻣﻦ ﻓﺮاغ، أو ﻻ ﺗﺴﺎق ﻣﻦ ﺑﺎب ﻣﺠﺮد اﻹﺣـﺴـﺎس ﺑﺎﻟﺘﺸﺎؤم، أو أﻧﻬﺎ ﻧﺘﺎج ﺗﺤﺪﻳﺎت واﻗــﻌــﻴــﺔ ﺗـﻔـﺮﺿـﻬـﺎ ﻃـﺒـﻴـﻌـﺔ وﻋــﻤــﻖ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ اﻟﻤﻄﻠﻮب إﺣﺪاﺛﻪ ﻟﻠﺘﺨﻠﺺ ﻣﻦ إرث ﺷﻤﻮﻟﻲ أﺣﺪث اﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ اﻟﺨﺮاب ﻋﻠﻰ اﻟﺼﻌﺪ ﻛﺎﻓﺔ ﻓﻲ اﻟﻌﻘﻮد اﻟﺜﻼﺛﺔ اﻟﻤﺎﺿﻴﺔ، أم أن اﻷﻣﺮ ﻛﻠﻪ ﻻ ﻳﺨﺮج ﻣﻦ ﻛﻮﻧﻬﺎ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺒﺎﻟﻐﺔ ﻓﻲ ﺗﻘﺪﻳﺮ اﻟﻤﺨﺎﻃﺮ اﻟﻤﺘﻮﻗﻌﺔ، أو رﺑﻤﺎ ﻧﺘﻴﺠﺔ ﻟﻐﻠﺒﺔ اﻟــﺠــﺪال ﻏﻴﺮ اﻟﻤﻨﺘﺞ ﺑﻴﻦ اﻟـﻘـﻮى اﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ اﻟﻤﺘﻨﺎﻓﺴﺔ ﺑﻤﺎ ﻓﻲ ذﻟﻚ ﺗﻠﻚ اﻟﻤﻨﻀﻮﻳﺔ ﺗﺤﺖ ﻣﻈﻠﺔ ﻗﻮى اﻟﺤﺮﻳﺔ واﻟﺘﻐﻴﻴﺮ اﻟﻤﻤﺜﻠﺔ ﻟﻠﻄﺮف اﻟﻤﺪﻧﻲ ﻓـﻲ ﻣﻌﺎدﻟﺔ ﺗﻘﺎﺳﻢ اﻟﺴﻠﻄﺔ ﺧﻼل اﻟﻔﺘﺮة اﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﻣﻊ اﻟﻤﻜﻮن اﻟﻌﺴﻜﺮي؟.

ﻣـــﻦ اﻟــﺼــﻌــﺐ ﺑــﺎﻟــﻄــﺒــﻊ اﻟــﺘــﻜــﻬــﻦ ﺑــﻤــﺂﻻت اﻷوﺿﺎع، ﻣﻦ واﻗﻊ أن اﻟﻮﻗﺖ ﻻ ﻳﺰال ﻣﺒﻜﺮا ﻹﺻـﺪار أﺣﻜﺎم ﻗﻄﻌﻴﺔ ﻓﻴﻤﺎ ﻻ ﺗﺰال اﻷﻣﻮر ﺗﺘﻔﺎﻋﻞ ﻓـﻲ ﺑـﺪاﻳـﺔ ﻃﺮﻳﻖ اﻟﻔﺘﺮة اﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ اﻟﻤﻤﺘﺪة ﻟﺜﻼث ﺳـﻨـﻮات، وﻫــﻲ ﻻ ﺗــﺰال ﻓﻲ أول ﻣـﺸـﻮارﻫـﺎ، وﻟﻜﻦ ﺑﺎﻟﻤﻘﺎﺑﻞ أﻳـﻀـﺎ ﻓﺈﻧﻪ ﻳـﺼـﻌـﺐ ﺗـﺠـﺎﻫـﻞ ﻣـــﺆﺷـــﺮات ذات دﻻﻟــــﺔ أن اﻷﻣـــﻮر ﻻ ﺗﺴﻴﺮ ﻓـﻲ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺼﺤﻴﺢ ﻋﻠﻰ ﻧﺤﻮ ﻳﻘﻮد إﻟــﻰ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻷﻫـــﺪاف اﻟﻤﺮﺟﻮة، ﻣﻦ واﻗـﻊ ﺧﺮﻳﻄﺔ اﻟﻄﺮﻳﻖ اﻟﺘﻲ اﺗﻔﻖ ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻃﺮﻓﺎ اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ، ﺑﻤﻜﻮﻧﻴﻪ اﻟﻌﺴﻜﺮي واﻟﻤﺪﻧﻲ، ﺑﺸﻬﺎدة وﺗﺄﻳﻴﺪ إﻗﻠﻴﻤﻲ ودوﻟــﻲ، وﺗـــﻢ اﻟـﺘـﻌـﺒـﻴـﺮ ﻋـﻨـﻬـﺎ ﻓــﻲ اﻻﺗـــﻔـــﺎق اﻟـﺴـﻴـﺎﺳـﻲ اﻹﻃـــــــﺎري ﺑــﻴــﻦ اﻟــﻄــﺮﻓــﻴــﻦ، ﺛـــﻢ »اﻟــﻮﺛــﻴــﻘــﺔ اﻟﺪﺳﺘﻮرﻳﺔ« اﻟﻤﺒﺮﻣﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﺘﺼﻒ أﻏﺴﻄﺲ اﻟــﻤــﺎﺿــﻲ، واﻟــﺘــﻲ ﺣــــﺪدت أﺟــﻨــﺪة اﻟﻤﺮﺣﻠﺔ اﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ وأوﻟﻮﻳﺎﺗﻬﺎ، ﻛﻤﺎ أرﻓﻘﺖ ﺑﺠﺪاول ﻣﺤﺪدة ﺑﻤﻮاﻗﻴﺖ اﻟﺘﻨﻔﻴﺬ.

وﻟــﻌــﻞ ﻣــﺎ ﺷـﻬـﺪﺗـﻪ اﻟــﻔــﺘــﺮة اﻟـﻤـﺎﺿـﻴـﺔ ﻣﻦ ﺗﻌﺜﺮ ﻓﻲ اﻻﻟـﺘـﺰام ﺑﺘﻨﻔﻴﺬ ﺗﻌﻬﺪات أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻓﻲ »اﻟﻮﺛﻴﻘﺔ اﻟﺪﺳﺘﻮرﻳﺔ« ﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺜﻴﺮ اﻟﻘﻠﻖ، وﻳﻨﺘﺞ اﻟﻤﺨﺎوف ﻟﺪى اﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ وﻳﻌﻈﻢ ﻣﻦ اﻟﻤﺨﺎﻃﺮ اﻟﻤﺤﺘﻤﻠﺔ، اﻟﺘﻲ أﺷﺮﻧﺎ إﻟﻴﻪ آﻧﻔﺎ، وأﻛﺜﺮ ﻣﺎ ﻳﻘﻮم دﻟﻴﻼ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻫﻮ اﻟﺘﻌﺜﺮ اﻟﺬي ﻳﻼزم اﻟﻤﻠﻒ اﻷﻛﺜﺮ أﻫﻤﻴﺔ ﺑﻼ ﻣﻨﺎزع واﻟﻤﺘﻌﻠﻖ ﺑﺘﺤﻘﻴﻖ اﻟﺴﻼم ﻋﺒﺮ اﻟﺘﻔﺎوض ﻣﻊ اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﻤﺴﻠﺤﺔ ﻓﻲ ﻣﻨﺎﻃﻖ اﻟﻨﺰاع اﻟﺮﺋﻴﺴﻴﺔ اﻟﺜﻼث ﻓــﻲ دارﻓـــــﻮر، وﺟــﻨــﻮب ﻛـــﺮدﻓـــﺎن، وﺟـﻨـﻮب اﻟﻨﻴﻞ اﻷزرق. ﻓﺤﺴﺐ اﻟﻮﺛﻴﻘﺔ اﻟﺪﺳﺘﻮرﻳﺔ وﺑﺮﻧﺎﻣﺞ اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻟﻤﺠﻨﻴﺔ اﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﻓﺈﻧﻪ ﻳــﺠــﺐ اﻟــﺘــﻮﺻــﻞ إﻟـــﻰ اﺗــﻔــﺎق ﺳـــﻼم وﺗـﺴـﻮﻳـﺔ ﺳﻴﺎﺳﻴﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻟـﻠـﺼـﺮاﻋـﺎت اﻟﻤﺴﻠﺤﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻼد ﻓﻲ ﻏﻀﻮن ﺳﺘﺔ أﺷﻬﺮ ﺑﺪاﻳﺔ ﻣﻦ ﻣﻄﻠﻊ ﺳﺒﺘﻤﺒﺮ اﻟﻤﺎﺿﻲ، ﺑﻴﺪ أﻧﻪ ﺑﻌﺪ ﻣﻀﻲ ﻧﺼﻒ ﻫﺬه اﻟﻔﺘﺮة اﻟﻤﺤﺪدة ﻓﺈن ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺴﻼم ﻻ ﺗﺰال ﻣﺘﻌﺜﺮة وﺗﺨﻀﻊ ﻟﺘﺄﺟﻴﻞ ﻣﺘﻜﺮر ﺑﺴﺒﺐ ﻋﺪم اﻻﺗﻔﺎق ﻋﻠﻰ أﺟﻨﺪة وﻣﻜﺎن اﻟﺘﻔﺎوض

أو ﺣﺘﻰ اﻟـﻮﺳـﻴـﻂ، ﺻﺤﻴﺢ أﻧــﻪ ﺟــﺮت ﻋﺪة ﻟﻘﺎءات ﺗﻤﻬﻴﺪﻳﺔ ﻟﻬﺬا اﻟﻐﺮض، ﻟﻜﻦ اﻟﺸﺎﻫﺪ أن ﺗـﺒـﺎﻋـﺪ اﻟــﻤــﻮاﻗــﻒ ﺑـﻴـﻦ اﻷﻃـــــﺮاف ﻳﺠﻌﻞ اﻟﺒﺪء ﻓﻲ اﻟﺘﻔﺎوض واﻟﺘﻮﺻﻞ إﻟﻰ اﺗﻔﺎق ﻓﻲ اﻟﻤﻮﻋﺪ اﻟﻤﺤﺪد ﺿﺮﺑﺎ ﻣﻦ اﻟﻤﺴﺘﺤﻴﻞ ﻓﻲ ﻇﻞ ﺳﻴﻄﺮة اﻟﻤﻌﻄﻴﺎت ﻧﻔﺴﻬﺎ اﻟﺘﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺪار ﺑﻬﺎ ﻫﺬه اﻟﻘﻀﻴﺔ اﻟﺤﻴﻮﻳﺔ ﻓﻲ ﻇﻞ اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺴﺎﺑﻖ، وﻣﻨﻌﺖ ﻣﻦ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﺧﺘﺮاق ﺣﺎﺳﻢ ﻓﻴﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﺜﺮة ﺟﻮﻻت اﻟﺘﻔﺎوض اﻟﺘﻲ اﻧﺨﺮﻃﺖ ﻓﻴﻬﺎ اﻷﻃﺮاف.

وﻟﺌﻦ ﻛــﺎن ﻣﻔﻬﻮﻣﺎ ﺻﻌﻮﺑﺔ اﻟﺘﻮﺻﻞ إﻟﻰ اﺗﻔﺎق ﺳﻼم وﺗﺴﻮﻳﺔ ﺷﺎﻣﻠﺔ ﻓﻲ ﻇﻞ اﻟﻨﻈﺎم اﻟـﺴـﺎﺑـﻖ، ﻓـﺈﻧـﻪ ﻻ ﻳﻜﻤﻦ ﺗﺒﺮﻳﺮ اﻟﺘﻌﺜﺮ اﻟـﺬي ﻳـــﻼزم ﺟـﻬـﻮد اﻟــﺴــﻼم ﺑـﻌـﺪ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ، ﺧﺎﺻﺔ أن ﻫــﺬه اﻟـﻤـﻔـﺎوﺿـﺎت ﻣــﻦ اﻟﻤﻔﺘﺮض أﻧﻬﺎ ﺗﺠﺮي ﺑﻴﻦ ﺷﺮﻛﺎء ﻓﻲ ﺻﻨﻊ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ، وﻟﻴﺴﺖ ﺑﻴﻦ ﺧﺼﻮم ﺳﻴﺎﺳﻴﻴﻦ، وﻟﻜﻦ ﺑﻼ ﺷﻚ ﻓﺈن ﺗﺒﺎﻋﺪ اﻟـﻤـﻮاﻗـﻒ واﻧــﻌــﺪام اﻟﺜﻘﺔ ﻋﻠﻰ ﺧﻠﻔﻴﺔ اﺗﻬﺎم اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﻤﺴﻠﺤﺔ ﻟﺸﺮﻛﺎﺋﻬﺎ ﻓﻲ ﻗﻮى اﻟـﺤـﺮﻳـﺔ واﻟـﺘـﻐـﻴـﻴـﺮ ﺑﺎﻟﺘﻨﻜﺮ ﻻﺗــﻔــﺎق ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺣﻮل اﻟﺘﻔﺎوض ﻋﻠﻰ إدارة اﻟﻔﺘﺮة اﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ،

واﺳﺘﺒﻌﺎدﻫﺎ ﻣـﻦ اﻟﻤﺸﺎرﻛﺔ ﻓـﻲ اﻟﺘﺮﺗﻴﺒﺎت اﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ أﺳﻬﻤﺖ ﻓـﻲ ﺗﻔﺘﻴﺖ وﺣــﺪة ﻗﻮى اﻟﺘﻐﻴﻴﺮ، إﻟـﻰ درﺟــﺔ أن اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﻤﺴﻠﺤﺔ ﺑﺎﺗﺖ أﻗﺮب إﻟﻰ ﺗﻔﻀﻴﻞ اﻟﺘﻔﺎوض ﻣﻊ اﻟﻤﻜﻮن اﻟــﻌــﺴــﻜــﺮي، ﺑــﻤــﺎ ﻓــﻲ ذﻟـــﻚ ﺧـﺼـﻤـﻬـﺎ ﻗــﻮات اﻟﺪﻋﻢ اﻟﺴﺮﻳﻊ، ﻛﻤﺎ أن ﺗﺪﺧﻞ أﺟﻨﺪة اﻟﻘﻮى اﻹﻗﻠﻴﻤﻴﺔ واﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻣﺘﻨﺎﻓﺴﺔ واﻟﺘﻲ ﺗﺘﺠﺎذب اﻟﺤﺮﻛﺎت اﻟﻤﺴﻠﺤﺔ أﺳﻬﻤﺖ ﻣﻦ ﺟﻬﺔ أﺧﺮى ﻓﻲ ﻋﺮﻗﻠﺔ اﻧﻄﻼق اﻟﺘﻔﺎوض، وﺗﺰداد ﻋﻤﻠﻴﺔ اﻟﺴﻼم ﺗﻌﻘﻴﺪا ﺑﻌﺪ اﻧﻔﺠﺎر اﻷوﺿـﺎع اﻟﻤﻨﺬرة ﻓـﻲ ﺷــﺮق اﻟــﺴــﻮدان، وﻫــﻮ ﻣـﺎ ﻳﺘﺮك ﺗﺴﺎؤﻻً ﺣـــﻮل ﻗـــﺪرة اﻟـﺤـﻜـﻮﻣـﺔ اﻟـﻤـﺪﻧـﻴـﺔ اﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﻘﻴﻖ أﻳـﺔ إﻧـﺠـﺎزات ذات ﺟــﺪوى ﻓﻲ ﻇﻞ اﺳﺘﻤﺮار ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻼﺳﻠﻢ واﻟﻼﺣﺮب ﺑﻜﻞ ﺗﺒﻌﺎﺗﻬﺎ ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻛﻠﻔﺘﻬﺎ اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﻓﻲ ﻇﻞ وﺿﻊ ﺷﺪﻳﺪ اﻟﻬﺸﺎﺷﺔ.

واﻟﻤﻮﻋﺪ اﻵﺧﺮ ﻻﺳﺘﺤﻘﺎق دﺳﺘﻮري ﺷﺪﻳﺪ اﻷﻫﻤﻴﺔ، وﻫـﻮ ﺗﺸﻜﻴﻞ اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻲ، اﻟﻀﻠﻊ اﻟﺜﺎﻟﺚ ﻓﻲ ﻣﺆﺳﺴﺎت اﻟﻔﺘﺮة اﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ، واﻟﺬي ﻛﺎن ﻣﻔﺘﺮﺿﺎ ﺗﺸﻜﻴﻠﻪ ﺑﻌﺪ ﺛﻼﺛﺔ أﺷﻬﺮ ﻣﻦ ﺗﻮﻗﻴﻊ اﻟﻮﺛﻴﻘﺔ اﻟﺪﺳﺘﻮرﻳﺔ اﻧﻘﻀﻰ أﻳﻀﺎً دون اﻟﻮﻓﺎء ﺑﻪ، وﺛﻤﺔ ﺷﻜﻮك ﻛﺒﻴﺮة أن ﻳﺘﺸﻜﻞ ﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﻓﻲ ﻏﻀﻮن اﻟﺸﻬﺮ اﻟﺤﺎﻟﻲ ﻗﺒﻞ اﻧﻘﻀﺎء اﻟﻌﺎم اﻟﺤﺎﻟﻲ، ﺣﺴﺐ اﻟﻤﻮﻋﺪ اﻟﺠﺪﻳﺪ، واﻟﺬي ﻳﻌﻜﺲ أﻳﻀﺎً ﺣﺎﻟﺔ ﺳﻴﻮﻟﺔ وﻓـﻘـﺪان ﺗﻤﺎﺳﻚ ﻗــﻮى اﻟـﺤـﺮﻳـﺔ واﻟـﺘـﻐـﻴـﻴـﺮ، اﻟـﺤـﺎﺿـﻦ اﻟﻤﺪﻧﻲ ﻟﻠﺘﺮﺗﻴﺒﺎت اﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ، واﻟــﻼﻓــﺖ أن ﺗﺄﺟﻴﻞ ﺗﺸﻜﻴﻞ اﻟﻤﺠﻠﺲ اﻟﺘﺸﺮﻳﻌﻲ ﺟﺎء دون ﺻﺪور ﻗــﺮار ﺑﺬﻟﻚ ﻣـﻦ ﻣﺠﻠﺴﻲ اﻟﺴﻴﺎدة واﻟـــﻮزراء اﻟﻠﺬﻳﻦ ﻳﻘﻮﻣﺎن ﺑﺪوره ﻓﻲ ﻏﻴﺎﺑﻪ، ﻣﻤﺎ ﻳﺮﺷﺢ ﻟﺴﻬﻮﻟﺔ ﺧـﺮق اﻟﻮﺛﻴﻘﺔ اﻟﺪﺳﺘﻮرﻳﺔ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ﻃﺮﻓﻴﻬﺎ، وﻫﻲ ﺳﺎﺑﻘﺔ ﺗﺠﻌﻞ ﺗﻜﺮارﻫﺎ ﻣﻤﻜﻨﺎ ﻣﻤﺎ ﻳﻬﺪم اﻷﺳﺎس اﻟﺬي ﺗﻘﻮم ﻋﻠﻴﻪ ﺗﺮﺗﻴﺒﺎت اﻟﻔﺘﺮة اﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﺑﻜﺎﻣﻠﻬﺎ.

واﻟــﻤــﻼﺣــﻆ أﻧــــﻪ ﻓـــﻲ ﻇـــﻞ ﺣــﺎﻟــﺔ اﻟــﻔــﺮاغ اﻟﻘﻴﺎدي اﻟﺮاﻫﻨﺔ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ روح اﻟﺜﻮرة ﻓﻘﺪ ﺗﺰاﻳﺪت اﻟﺘﺤﺮﻛﺎت اﻻﺣﺘﺠﺎﺟﻴﺔ وﺳﻂ اﻟﻘﻮاﻋﺪ اﻟﺸﺒﺎﺑﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﺑﺎﺗﺖ ﺗﺴﺘﺸﻌﺮ ﺿﻌﻒ ﻗﻮى اﻟﺤﺮﻳﺔ واﻟﺘﻐﻴﻴﺮ ﻓﻲ اﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ﻋﻦ أﺟﻨﺪة اﻟﺜﻮرة، ﻓﺎﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﻓﻲ أﺣﺪاث ﻓﺾ اﻻﻋﺘﺼﺎم ﻳﺠﺮي ﺑﺒﻂء ﺷﺪﻳﺪ ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﺗﺸﻜﻴﻞ اﻟﻠﺠﻨﺔ اﻟﻤﺨﺘﺼﺔ ﺑﺬﻟﻚ، وﺳﻂ ﺷﻜﻮك ﻓﻲ ﻗﺪرﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻮﺻﻮل إﻟﻰ ﻧﺘﺎﺋﺞ ﻣﻘﻨﻌﺔ، ﻣﻤﺎ ﺟﻌﻞ اﻟﻤﻄﺎﻟﺐ ﺑﺘﻐﻴﻴﺮﻫﺎ ﺗـﺮﺗـﻔـﻊ، وﻛﺬﻟﻚ ازدادت اﻻﺣﺘﺠﺎﺟﺎت ﻓﻲ اﻟﻮﺳﻂ اﻟﺼﺤﺎﻓﻲ ﻋﻠﻰ اﺳﺘﻤﺮار ﻫﻴﻤﻨﺔ إﻋــﻼم اﻟﻨﻈﺎم اﻟﺴﺎﺑﻖ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺸﻬﺪ، وﻳﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺗﻌﻘﻴﺪات اﻟﻤﺸﻬﺪ ﺿﻌﻒ أداء اﻟﺤﻜﻮﻣﺔ اﻻﻧﺘﻘﺎﻟﻴﺔ ﻻ ﺳﻴﻤﺎ ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺎل اﻻﻗﺘﺼﺎدي اﻟــﺬي ﺗﺘﻔﺎﻗﻢ أوﺿﺎﻋﻪ ﺑﻮﺗﻴﺮة ﻣﺘﺰاﻳﺪة، ﻣﻤﺎ ﻳﺮﺷﺢ اﻟﻮﺿﻊ ﻟﻤﺂﻻت ﻣﻔﺘﻮﺣﺔ اﻻﺣﺘﻤﺎﻻت.