اﻷﻣﻦ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻲ:ﻋﻠﻴﻜﻢ ﺑﻤﺴﺎﻟﻜﻪ وإﻳﺎﻛﻢ وﻣﺰاﻟﻘﻪ

اﺳــﺘــﻮﻗــﻔــﻨــﻲ ﺣــﺪﻳــﺚ اﻟــﻨــﺒــﻲ ﺻــﻠــﻰ اﷲ ﻋﻠﻴﻪ وﺳﻠﻢ »ﻣـﻦ أﺻﺒﺢ آﻣﻨﺎ ﻓﻲ ﺳﺮﺑﻪ، َِ ِﱠ

ًَِ ﻣﻌﺎﻓﻰ ﻓﻲ ﺑﺪﻧﻪ، ﻋﻨﺪه ﻗﻮت ﻳﻮﻣﻪ، ﻓﻜﺄﻧﻤﺎ ِﺣــﻴــﺰْت ﻟــُﻪ اﻟـﱡﺪﻧـﻴـﺎ ﺑـﺤـﺬاﻓـﻴـﺮﻫـﺎ« ﻓﻮﻗﻔﺖ ﻋـﻨـﺪه ﻣـﻠـﻴـﺎ أﺳـــﺄل ﻧـﻔـﺴـﻲ، أﻳــﻦ ﻧـﺤـﻦ ﻣﻦ ﻫﺬا اﻟﺤﺪﻳﺚ، وﻫﻞ ﺗﺪﺑﺮﻧﺎ ﻋﻨﻪ ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﻣﻦ اﻟﺪﻫﺮ ﺣﻘﺎ؟ ﺣﺪﻳﺚ ﻳﺮﺳﻢ ﻣﻘﻮﻣﺎت اﻟﺤﻴﺎة اﻟﻜﺮﻳﻤﺔ، ﻳﺮﺳﻢ ﻛﻴﻒ ﻳﻤﻜﻦ ﻗﻴﺎم اﻗﺘﺼﺎد اﻷﺳﺮ واﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت واﻟﺪول، وﻣﻦ ﺗﺘﺒﻊ أﺣــﻮال اﻟﻨﺎس واﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت واﻟــﺪول ﻳﺠﺪﻫﻢ ﻳﻜﺪﺣﻮن ﻣﻦ أﺟـﻞ ﺗﺤﻘﻴﻖ ﻫﺬه اﻟﻘﻴﻢ اﻟﺜﻼث ﻓﻲ اﻟﺤﺪﻳﺚ اﻟﻤﺬﻛﻮر، وإن إﻫﻤﺎل ﺷﻲء ﻣﻨﻬﺎ أو ﺿﻴﺎﻋﻪ أو اﻟﺘﻔﺮﻳﻂ ﻓـﻴـﻪ ﻛﻔﻴﻞ ﺑــﺄن ﻳﺠﻌﻞ اﻟـﺤـﻴـﺎة ﻓــﻲ ﻣﻬﺐ اﻟﺮﻳﺢ، وﻟﻦ ﺗﺄﺗﻲ ﻟﻔﺮد وﺣﺪه دون أﺳﺮﺗﻪ وﻣﺠﺘﻤﻌﻪ ودوﻟﺘﻪ.

إن واﺟﺒﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎ أن ﻧﺴﻌﻰ ﺟﺎﻫﺪﻳﻦ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ اﻷﻣــﻦ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻻﻗـﺘـﺼـﺎدي واﻟــﺼــﺤــﻲ ﻣـــﻦ ﻣــﻨــﻈــﻮر اﻟــﺤــﺪﻳــﺚ اﻟـــﺬي ﺳﻠﻒ ذﻛﺮه؛ ﻷن اﻷﻣﻦ واﻟﻌﺎﻓﻴﺔ واﻟﺼﺤﺔ واﻟﺴﻼﻣﺔ واﻟﻘﻮت واﻻﻗﺘﺼﺎد ﻟﻦ ﺗﺘﺤﻘﻖ ﻟــﻔــﺮد أو أﺳــــﺮة أو ﻣـﺠـﺘـﻤـﻊ إﻻ ﺑـﺘـﻌـﺎون اﻟــﺠــﻤــﻴــﻊ وﺗــﻜــﺎﺗــﻔــﻬــﻢ إﻟــــﻰ إﻳـــﺠـــﺎد اﻟـﺴـﺒـﻞ واﻟـﻮﺳـﺎﺋـﻞ اﻟـﺘـﻲ ﺗﺠﻠﺒﻬﺎ وﺗﻨﺘﺠﻬﺎ، وﻣﻨﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟﻤﺜﺎل:

ﺗــﺮﺑــﻴــﺔ اﻷﺑــــﻨــــﺎء واﻟـــﺒـــﻨـــﺎت ﻋــﻠــﻰ اﻟـﻘـﻴـﻢ واﻟﻤﺒﺎدئ واﻷﺧــﻼق؛ ﻟﻦ ﺗﺄﻣﻦ أﺳﺮﻧﺎ وﻻ ﻣﺠﺘﻤﻌﻨﺎ وﻻ دوﻟـﻨـﺎ إﻻ إذا رﺑﻴﻨﺎ أوﻻدﻧــﺎ وﺑﻨﺎﺗﻨﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺜﻞ واﻟﺜﻮاﺑﺖ اﻟﺘﻲ ﺟﺎء ﺑﻬﺎ اﻟـﻘـﺮآن وﺳﻨﺔ رﺳــﻮل اﷲ، وﻋﻠﻰ اﻟﺴﻴﺮة واﻟــﻤــﺴــﻴــﺮة اﻟــﺘــﻲ ورﺛــﻬــﺎ اﻵﺑــــﺎء واﻷﺟــــﺪاد واﻟﺘﻲ ﻻ ﺗﺨﺎﻟﻒ ﺧﻄﻮط اﻟﺸﺮﻳﻌﺔ اﻟﺤﻤﺮاء، ﻧــﺮﺑــﻴــﻬــﻢ ﻋــﻠــﻰ اﻟــﻤــﻌــﺘــﻘــﺪات اﻟـﻤـﺴـﺘـﻘـﻴـﻤـﺔ واﻟـﻔـﻜـﺮ اﻟﺴﻠﻴﻢ واﻟــﺴــﻠــﻮك اﻟـﺤـﺴـﻦ وﻋﻠﻰ اﺣﺘﺮام اﻷﻋﺮاض، ﻧﺮﺑﻴﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺬر ﻣﻦ اﻻﻋﺘﺪاء واﻟﻈﻠﻢ واﻟﺤﺬر ﻣﻦ اﻟﺬوﺑﺎن ﻓﻲ ﻏﻴﺮﻫﻢ واﻻﻧﺴﻼخ ﻣﻦ ﺟﻠﻮدﻫﻢ، ﻧﺆدﺑﻬﻢ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺴﺎﻣﺢ وﺻﻠﺔ اﻷﻗـــﺎرب واﻟﺠﻴﺮان واﻹﺣﺴﺎن إﻟﻰ اﻟﻤﻌﻮزﻳﻦ اﻟﺒﺆﺳﺎء، ﻧﻬﺬﺑﻬﻢ ﻋــﻠــﻰ اﻻﻗـــﺘـــﺼـــﺎد وﺗـــﺮﺷـــﻴـــﺪ اﻻﺳــﺘــﻬــﻼك واﻟﺘﺒﺎﻋﺪ ﻋﻦ اﻹﺳﺮاف واﻟﺘﺒﺬﻳﺮ وﻣﺠﺎراة اﻵﺧـﺮﻳـﻦ، ﻧﺤﺬرﻫﻢ ﻣﻦ اﻟﺘﺮف واﻟﺘﻤﻴﻊ اﻟﺬي ذم اﷲ أﻫﻠﻪ وﺻﺎﻧﻌﻴﻪ؛ ﻷﻧﻪ ﻻ ﻳﺄﺗﻲ ﺑﺨﻴﺮ وﻻ ﻳﺠﺪي ﺑﻔﺤﻮى.

وﻣﻦ وﺳﺎﺋﻞ ﺗﺤﻘﻴﻖ اﻷﻣﻦ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻲ: اﻟﻌﻤﻞ وﻛﺴﺐ اﻟﺮزق، وﻧﺒﺬ اﻟﻌﺠﺰ واﻟﻜﺴﻞ، واﻟﺘﺤﺬﻳﺮ ﻣﻦ اﻹﺳﺮاف.

وﻣﻦ أﺳﺒﺎب اﻷﻣﻦ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻲ: اﻟﺤﻔﺎظ ﻋﻠﻰ ﺻﺤﺔ اﻟﻔﺮد واﻷﺳﺮة واﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻣﻦ اﻷﻣــــﺮاض واﻟــﻌــﺪوى واﻧـﺘـﺸـﺎر اﻷﻣـــﺮاض، ﻳـﺠـﺐ ﻋـﻠـﻰ ﻛــﻞ ﻣﺴﻠﻢ أن ﻳـﻬـﺘـﻢ ﺑﺼﺤﺘﻪ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ اﻟﻄﻌﺎم ووﻗﺘﻪ وﻧﻮﻋﻪ وﻛﻤﻴﺘﻪ، ﻳُــﻌــّﻮد ﻧﻔﺴﻪ اﻟـﻤـﺸـﻲ واﻟــﺮﻳــﺎﺿــﺔ واﻟـﺠـﺮي واﻟـــﺤـــﺮﻛـــﺔ، اﻟــﺼــﺤــﺔ ﺗـــــﺎج ﻋــﻠــﻰ رؤوس اﻷﺻـــﺤـــﺎء ﻻ ﻳـــــﺮاه إﻻ اﻟـــﻤـــﺮﺿـــﻰ، ﻳﺠﺐ أن ﻧﺤﺎﻓﻆ ﻋﻠﻰ أﻧﻔﺴﻨﺎ وﻣﺠﺘﻤﻌﻨﺎ ﻣﻦ اﻟﺴﻤﻮم واﻟﻤﻬﻠﻜﺎت واﻟﻤﻔﺴﺪات، ﻓـﻮاﷲ ﺛﻢ واﷲ ﻣﺎ أﻓﻠﺢ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ، وﻛﻞ ﻳﻮم وﻫﻮ ﻓﻲ اﻧﺤﺪار وﺧﺴﺎرة وﺗﻌﺎﺳﺔ.