ﻗــﺒــﻞ أن ﺗـﺘـﺨـﺬ ﻗـــــﺮارا ادرس اﻷوﻟـــﻮﻳـــﺎت ﻓــﻲ اﻻﻫــﺘــﻤــﺎﻣــﺎت ﻟـــﺪى اﻟـﻔـﺌـﺔ اﻟﻤﺴﺘﻬﺪﻓﺔ
اﻫﺘﻤﺎﻣﺎت اﻟـﻨـﺎس ﺗﺨﺘﻠﻒ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺣﺴﺐ اﻟﻔﺌﺔ اﻟﻌﻤﺮﻳﺔ واﻟﻤﻜﺎﻧﺔ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ أو ﻣﻮﻗﻊ اﻻﻫﺘﻤﺎم ﺳﻮاء ﻛﺎن، وﻋﻠﻰ ﺳﺒﻴﻞ اﻟـﻤـﺜـﺎل ﻻ اﻟـﺤـﺼـﺮ، ﻓـﻲ اﻷﺳـــﺮة أو ﻣﻜﺎن اﻟـﻌـﻤـﻞ أو أي ﻣــﻨــﺸــﺄة ﺗﻌﻠﻴﻤﻴﺔ. وﻫـﻨـﺎك راﺑــﻂ ﺑﻴﻦ ﻣﻔﻬﻮم اﻻﻫﺘﻤﺎم واﻷوﻟــﻮﻳــﺎت ﻓﺎﻻﻫﺘﻤﺎم اﻷﻛﺒﺮ ﻋﻨﺪﻧﺎ ﻫﻮ أﻗﺼﻰ أوﻟﻮﻳﺎﺗﻨﺎ ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮع ﻣﻌﻴﻦ. وﻗـﺪ ﺑﺤﺚ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﻋـﻠـﻤـﺎء اﻻﺟــﺘــﻤــﺎع ﻓــﻲ ﻫــﺬا اﻟــﻤــﻮﺿــﻮع ﻣﻦ زواﻳﺎ ﻋﺪة، ﺣﺴﺐ ﻇﺮف اﻟﻤﻜﺎن واﻟﺰﻣﺎن، ﻣﻨﻬﻢ اﻟـﻌـﺎﻟـﻢ اﻟﻤﺴﻠﻢ اﺑــﻦ ﺧــﻠــﺪون ﺣﻴﻦ ﺷﺮح ﻣﻔﻬﻮم اﻟﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﻔﺎﺿﻠﺔ.
أﻣــﺎ ﻓــﻲ ﻋـﺼـﺮﻧـﺎ اﻟـﺤـﺪﻳـﺚ ﻓــﺈن »ﻫــﺮم ﻣــﺎﺳــﻠــﻮ«، وﻫـــﻲ ﻧــﻈــﺮﻳــﺔ ﻧـﻔـﺴـﻴـﺔ ﻗـﺪﻣـﻬـﺎ اﻟــﻌــﺎﻟــﻢ »أﺑــــﺮاﻫــــﺎم ﻣــﺎﺳــﻠــﻮ« ﻓـــﻲ ورﻗــﺘــﻪ اﻟﺒﺤﺜّﻴﺔ »ﻧـﻈـﺮّﻳـﺔ اﻟــﺪاﻓــﻊ اﻟـﺒـﺸـﺮي« ﻋﺎم ٣٤٩١، ﻓﺈﻧﻬﺎ ﺗﻌﺪ ﻣﻦ أﺷﻬﺮ اﻟﻨﻈﺮﻳﺎت ﻓﻲ ﻫـﺬا اﻟﻤﺠﺎل، وﻟـﻮ أﻧـﻲ أﻣﻴﻞ إﻟـﻰ ﺷﻤﻮﻟﻴﺔ ﻧﻈﺮﻳﺔ اﺑﻦ ﺧﻠﺪون ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺤﻤﻞ اﻟﻤﻔﻬﻮم اﻟﺮوﺣﻲ اﻟـﺬي ﻋﻤﻘﻪ اﻹﺳــﻼم ﻓﻲ اﻟﻨﻔﺲ اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ، ﻓﺼﺎرت اﻻﺣﺘﻴﺎﺟﺎت اﻟﺮوﺣﻴﺔ واﻟــﺘــﻘــّﺮب إﻟـــﻰ اﷲ ﺟــــﺰًءا ﻻ ﻳـﺘـﺠـﺰأ ﻣﻦ ﺷﺨﺼﻴﺔ اﻟـﻤـﺴـﻠـﻢ، ﺣـﺘـﻰ وإن ﻛــﺎن ﻟﺪﻳﻪ ﺿﻌﻒ ﻓﻲ اﻻﻟﺘﺰام ﺑﺎﻟﺘﻌﺎﻟﻴﻢ اﻟﺪﻳﻨﻴﺔ.
وﺣـﻴـﻦ ﺗﻨﻈﺮ إﻟــﻰ أﻏـﻠـﺐ اﻟﻤﺸﺎﻛﻞ ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎﺗﻨﺎ ﺗـﺮى اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ ﻓﻲ ﻋـﺪم ﻓﻬﻢ اﻷوﻟﻮﻳﺎت ﻓﻲ اﻻﻫﺘﻤﺎﻣﺎت ﻟﻠﻄﺮف اﻵﺧﺮ، ﻓــﻲ اﻷﺳــــﺮة ﻳـــﺤـــﺎول اﻟـــﻮاﻟـــﺪان اﺳـﺘـﻌـﻤـﺎل اﻟـﻮﺳـﺎﺋـﻞ اﻟُﻤﺨﺘﻠﻔﺔ ﻟﺘﻘﻮﻳﻢ ﺳـﻠـﻮك ُاﻻﺑـﻦ ﺑﺎﻟﺘﺮﻏﻴﺐ واﻟﺘﺮﻫﻴﺐ، وﻟﻜﻨﻬﺎ ﻻ ﺗﺠﺪي ﻧـﻔـﻌـﺎ ﻷﻧــﻬــﺎ ﻟــﻢ ﺗـﺘـﺠـﺎﻧـﺲ ﻣــﻊ اﻫـﺘـﻤـﺎﻣـﺎﺗـﻪ واﻷوﻟــﻮﻳــﺎت اﻟﺘﻲ وﺿﻌﻬﺎ اﻻﺑــﻦ أو اﻟﺒﻨﺖ ﻓﻲ ﻋﻘﻠﻪ، وﻓـﻲ اﻟﻌﻤﻞ ﻳـﺤـﺎول اﻟﻤﺴﺆول ﻓــــﺮض اﻟــﻌــﻘــﻮﺑــﺎت وإﺻــــــــﺪار اﻟــــﻘــــﺮارات ﻟـﻠـﻮﺻـﻮل إﻟــﻰ ﻣـﺴـﺘـﻮى إﻧـﺘـﺎﺟـﻴـﺔ ﻣـﺮﺗـﻔـﻊ، وﻟــﻜــﻦ ﻳـﺘـﻔـﺎﺟـﺄ ﺑــﺎﻟــﻬــﺒــﻮط اﻟـــﺤـــﺎد، وﻳــﻌــﻮد اﻟﺴﺒﺐ ﻫﻨﺎ أﻳًﻀﺎ ﻟﻌﺪم ﻳﺘﻔّﻬﻢ اﻫﺘﻤﺎﻣﺎت اﻟﻤﻮﻇﻔﻴﻦ وأوﻟــﻮﻳــﺎت اﻟـﺤـﻮاﻓـﺰ ﻋﻨﺪﻫﻢ، وﻗﺲ ﻋﻠﻰ ذﻟﻚ ﻣﺎ ﻳﺤﺪث ﻓﻲ اﻟﻤﺪارس واﻟﺠﺎﻣﻌﺎت، ﺑﻞ إن اﻷﻣﺮ ﻳﺼﻞ إﻟﻰ ﻛﻴﻔﻴﺔ اﻟـﺘـﻌـﺎﻣـﻞ ﻣــﻊ اﻟـﻤـﺠـﺘـﻤـﻊ ﺑـﺄﻛـﻤـﻠـﻪ، ﻓﻌﻨﺪﻣﺎ ﻳﺘﻌﺎﻣﻞ اﻟﻤﺴﺆوﻟﻮن ﻋﻦ اﻟﺨﺪﻣﺎت اﻟﻌﺎﻣﺔ ﻣﻊ اﻟﺠﻤﻬﻮر ﻓﻲ ﻣﻮﺿﻮع ﺑﺄﻫﻤﻴﺔ ﻗﺼﻮى، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻫـﻮ ﻳﺤﺘﻞ أدﻧــﻰ درﺟـــﺎت اﻻﻫﺘﻤﺎم ﻋــﻨــﺪﻫــﻢ، ﻳــﻜــﻮن ﻋـﻨـﺪﻫـﺎ ﺟـﻬـﺪ اﻟـﻤـﺴـﺆول اﺳﺘﻨﺰاﻓﺎ ﻟﻠﻮﻗﺖ ﺑﺪون أدﻧﻰ ﻓﺎﺋﺪة.
ﻟـــــﺬا ﻗـــﺒـــﻞ أن ﺗــﺘــﺨــﺬ ﻗـــــــــﺮارا ادرس اﻷوﻟــﻮﻳــﺎت ﻓــﻲ اﻻﻫـﺘـﻤـﺎﻣـﺎت ﻟــﺪى اﻟﻔﺌﺔ اﻟﻤﺴﺘﻬﺪﻓﺔ وإﻻ ﺻﺎرت ﻗﺮاراﺗﻚ ﻣﺠﺮد ﺣﺒﺮ ﻋﻠﻰ ورق.