اﻟﺪﻳﻦ وأﺛﺮه ﻋﻠﻰ اﻧﺘﺨﺎﺑﺎت اﻟﺮﺋﺎﺳﺔ اﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ

اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻛﻐﻴﺮه ﻣﻦ اﻟــﻤــﺠــﺘــﻤــﻌــﺎت اﻷﺧــــــﺮى ﻳــﺠــﺪ ﻓـﻲ اﻟﺪﻳﻦ ﺟــﺰًءا أﺳﺎﺳًﻴﺎ ﻣﻦ اﻻﺣﺘﻴﺎج اﻟــــﺮوﺣــــﻲ ﻟـــﻺﻧـــﺴـــﺎن، وﻻ ﻳـﻤـﻜـﻦ اﻟﺘﺨﻠﻲ ﻋـﻨـﻪ، ﻣــﺎ أدى ﺑــﻪ إﻟــﻰ أن ﻳــﻜــﻮن ﻗـﻴـﻤـﺔ اﺟـﺘـﻤـﺎﻋـﻴـﺔ ﻛﻐﻴﺮﻫﺎ ﻣﻦ اﻟﻘﻴﻢ اﻷﺧــﺮى اﻟﻤﻮﺟﻮدة ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، وﺗﺮك أﺛﺮه اﻟﻮاﺿﺢ ﻋﻠﻰ واﻗﻊ اﻟﻔﺮد ﻓﻲ ﺗﻮﺟﻬﺎﺗﻪ واﺳﺘﻤﺎﻟﺘﻪ واﺧﺘﻴﺎراﺗﻪ وﺗﻌﺎﻣﻠﻪ ﻣﻊ ﻣﺘﻐﻴﺮات اﻟـﺤـﻴـﺎة، ﺑــﻞ ﻧﺘﻴﺠﺔ إﻟــﻰ اﻟـﺤـﺮﻳـﺎت اﻟﺘﻲ ﻳﺘﻤﺘﻊ ﺑﻬﺎ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ اﻧﻌﻜﺲ ذﻟـﻚ ﻋﻠﻰ واﻗــﻊ ﻣﻌﺘﻘﺪاﺗﻪ اﻟـــﺪﻳـــﻨـــﻴـــﺔ اﻟــــﺘــــﻲ اﻧـــﻘـــﺴـــﻤـــﺖ ﺑــﻴــﻦ ﻃﺎﺋﻔﺘﻴﻦ رﺋﻴﺴﻴﺘﻴﻦ: اﻟﺒﺮوﺗﺴﺘﺎﻧﺖ اﻟـــﺘـــﻲ ﺗـــﻮزﻋـــﺖ ﻋــﻠــﻰ اﻟـــﻌـــﺪﻳـــﺪ ﻣـﻦ اﻟﺘﻮﺟﻬﺎت واﻻﻧﻘﺴﺎﻣﺎت اﻟﻔﺮﻋﻴﺔ اﻟﻤﺨﺘﻠﻔﺔ، واﻟـﻜـﺎﺛـﻮﻟـﻴـﻚ اﻟــﺬﻳــﻦ ﻻ ﻳﺘﺠﺎوز ﻧﺴﺒﺘﻬﻢ ٥٢٪ ﻣﻦ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ.

وﻣﻤﺎ ﻳﺜﻴﺮ اﻻﺳـﺘـﻐـﺮاب ﻫـﻮ أن ﺣﺠﻢ اﻟﺘﻤﻮﻳﻞ ﻟﻠﻜﻨﻴﺴﺔ ﻣﻦ ﺟﺮاء اﻟــﺘــﺒــﺮﻋــﺎت ﻳــﺘــﺠــﺎوز ٠٠٣ ﻣـﻠـﻴـﺎر ﺳﻨﻮﻳﺎ وﻫﻮ ﻣﺎ ﻳﺰﻳﺪ ﻋﻠﻰ ﻣﻴﺰاﻧﻴﺔ (CIA) ﻣــﺎ ﻳــﺆﻛــﺪ ﺻـﺤـﺔ ﻓﺮﺿﻴﺔ وﺟــــــــﻮد اﻫــــﺘــــﻤــــﺎم ﺑــــﺎﻟــــﺪﻳــــﻦ ﻟـــﺪى اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ.

وﺑﻄﺒﻴﻌﺔ اﻟــﺤــﺎل ﻓــﺈن اﻟﻤﺮﺷﺢ ﻟﻠﺮﺋﺎﺳﺔ أﺧﺬ ﻳﺒﺤﺚ ﻋﻦ أي ﻗﻀﻴﺔ ﺗـﺜـﻴـﺮ اﻫــﺘــﻤــﺎم اﻟــﻨــﺎﺧــﺐ اﻷﻣـﺮﻳـﻜـﻲ وذﻟــــﻚ ﻟــﻠــﺘــﺮوﻳــﺞ ﻟــﻬــﺎ ﻓــﻲ ﺣﻤﻠﺘﻪ اﻻﻧــﺘــﺨــﺎﺑــﻴــﺔ ﻻﺳـﺘـﻤـﺎﻟـﺘـﻪ ﻣــﻦ أﺟــﻞ اﻟﺘﺼﻮﻳﺖ ﻟﻪ، وﻇﻬﺮ ذﻟﻚ ﺟﻠﻴﺎ ﻓﻲ ﺣﻤﻠﺔ اﻟﺮﺋﺎﺳﺔ ﻟﻌﺎم ٠٢٠٢م.

ﻧﺠﺪ أن اﻟﺮﺋﻴﺲ )ﺗﺮاﻣﺐ( ﻋﻤﻞ ﻋــﻠــﻰ دﻏــــﺪﻏــــﺔ ﻣــﺸــﺎﻋــﺮ اﻟــﻨــﺎﺧــﺐ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻋﻨﺪﻣﺎ ذﻫـﺐ إﻟـﻰ ﻃﺮح ﻗـــﻀـــﺎﻳـــﺎ ذات أﺑــــﻌــــﺎد دﻳـــﻨـــﻴـــﺔ ﻓـﻲ ﺣـﻤـﻠـﺘـﻪ اﻻﻧــﺘــﺨــﺎﺑــﻴــﺔ ﻋــﻨــﺪﻣــﺎ أﺷــﺎر ﺑﺸﻜﻞ ﺻـﺮﻳـﺢ إﻟــﻰ ﻗﻀﺎﻳﺎ ﺗﺘﻮاﻓﻖ ﻣﻊ ﻣﺘﺒﻨﻴﺎت اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ اﻟﺘﻲ أﻟﺰﻣﺖ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻋﻠﻰ اﻷﺧـﺬ ﺑﻬﺎ، ﻻ ﺳﻴﻤﺎ

ﻓـﻴـﻤـﺎ ﻳـﺨـﺺ ﻗﻀﻴﺘﻲ )اﻹﺟــﻬــﺎض واﻟـﻤـﺜـﻠـﻴـﺔ اﻟـﺠـﻨـﺴـﻴـﺔ( اﻟـﺘـﻲ ﻟﻄﺎﻟﻤﺎ وﻗﻔﺖ اﻟﻜﻨﻴﺴﺔ ﺿﺪﻫﻤﺎ.

أﻣــﺎ اﻟﻤﺮﺷﺢ )ﺟــﻮ ﺑـﺎﻳـﺪن( ﻓﻘﺪ ﺗــــﻢ اﺧـــﺘـــﻴـــﺎره ﻣــــﻦ ﻗــﺒــﻞ اﻟــﺤــﺰب اﻟــﺪﻳــﻤــﻘــﺮاﻃــﻲ ﻛــﻤــﺮﺷــﺢ ﻟــﺨــﻮض ﻣــﻨــﺎﻓــﺴــﺔ اﻟـــﺮﺋـــﺎﺳـــﺔ، إﺣـــــﺪى أﻫــﻢ ﺗﻠﻚ اﻷﺳـﺒـﺎب ﻻﺧـﺘـﻴـﺎره ﺗـﻌـﻮد إﻟﻰ ﻗــﻀــﺎﻳــﺎ دﻳــﻨــﻴــﺔ، ﻛــﻮﻧــﻪ ﻳـﻨـﺘـﻤـﻲ إﻟــﻰ اﻟﻄﺎﺋﻔﺔ اﻟﻜﺎﺛﻮﻟﻴﻜﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻟﻢ ﻳﺼﻞ ﻣـﻦ ﻳﻨﺘﻤﻲ إﻟﻴﻬﺎ إﻟــﻰ اﻟـﺮﺋـﺎﺳـﺔ إﻻ ﻣــﺮة واﺣـــﺪة ﻓــﻲ ﺗــﺎرﻳــﺦ اﻟــﻮﻻﻳــﺎت اﻟــﻤــﺘــﺤــﺪة اﻷﻣــﺮﻳــﻜــﻴــﺔ ﻓـــﻲ زﻣــﻦ اﻟﺮﺋﻴﺲ )ﺟـﻮرج ﻛﻴﻨﺪي( ﻓﻲ اﻟﻌﺎم ١٦٩١ واﻟﺬي اﻏﺘﻴﻞ ﻓﻲ ﺳﻨﺔ ٣٦٩١.

ﻣﻊ ﻇﻬﻮر ﺟﺎﺋﺤﺔ ﻛﻮروﻧﺎ وﻣﺎ ﺳﻴﻨﺘﺞ ﻋﻨﻬﺎ ﻣﻦ ﻋﺰوف ﻟﻠﻨﺎﺧﺐ اﻷﻣـــﺮﻳـــﻜـــﻲ ﺑــﺸــﻜــﻞ ﻋــــﺎم ﻟــــﻺدﻻء ﺑﺼﻮﺗﻪ ﻓﻲ ﺣﻴﻦ ﻳﺴﺘﺜﻨﻲ اﻟﻨﺎﺧﺐ ذات اﻟــﻄــﺎﺋــﻔــﺔ اﻟـﻜـﺎﺛـﻮﻟـﻴـﻜـﻴـﺔ ﻣﻦ ذﻟــﻚ اﻟــﻌــﺰوف ﻓــﻲ اﻟــﺬﻫــﺎب إﻟـﻰ اﻻﻧــﺘــﺨــﺎﺑــﺎت ﻟـــﻺدﻻء ﺑـﺼـﻮﺗـﻪ إﻟـﻰ اﻟـﻤـﺮﺷـﺢ اﻟــﺬي ﻳﻨﺘﻤﻲ إﻟــﻰ ﻧﻔﺲ ﻃـﺎﺋـﻔـﺘـﻪ، ورﻏـــﻢ أﻧــﻬــﻢ أﻗـﻠـﻴـﺔ إﻻ أن اﻟــﻠــﻌــﺒــﺔ ﺗــﻜــﻤــﻦ ﻓـــﻲ اﻟــﻨــﻈــﺎم اﻻﻧــﺘــﺨــﺎﺑــﻲ اﻟــﻤــﺘــﺒــﻊ ﻓــﻲ اﻟــﻮﻻﻳــﺎت اﻟﻤﺘﺤﺪة اﻷﻣـﺮﻳـﻜـﻴـﺔ اﻟــﺬي ﻳﻘﻮم ﻋــﻠــﻰ ﻧـــﻈـــﺎم اﻷﻏــﻠــﺒــﻴــﺔ ﻓــﺎﻟــﻔــﺎﺋــﺰ اﻷول ﺑــﺄﺳــﻠــﻮب اﻟـــﻮﻻﻳـــﺎت، اﻟــﺬي ﻳــﺸــﺘــﺮط ﻟــﻠــﻔــﻮز اﻟـــﺤـــﺼـــﻮل ﻋـﻠـﻰ أﻛﺜﺮ ﻋـﺪد ﻣﻦ أﺻـﻮات اﻟﻨﺎﺧﺒﻴﻦ ﻳـــﺄﺧـــﺬ ﻛــــﻞ ﻧـــﻘـــﺎط اﻟــــﻮﻻﻳــــﺔ ﻋــﻠــﻰ ﺳـﺒـﻴـﻞ اﻟــﻤــﺜــﺎل إذا ﻛــﺎﻧــﺖ اﻟــﻮﻻﻳــﺔ ﺗــﻀــﻢ ٠١ ﻧـــﻘـــﺎط ﻓـــﻲ اﻟــﻤــﺠــﻤــﻮع اﻻﻧــﺘــﺨــﺎﺑــﻲ وﻣـــﻦ ﻳــﻔــﻮز ﺑـﺄﻏـﻠـﺒـﻴـﺔ اﻷﺻـــﻮات ﻓــﻲ ﺗـﻠـﻚ اﻟــﻮﻻﻳــﺔ، وإن ﻛﺎﻧﺖ أﻏﻠﺒﻴﺔ ﺑﺴﻴﻄﺔ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻧﻘﺎط اﻟﻮﻻﻳﺔ وﻫﻜﺬا وﻣﻦ ﺛﻢ ﺗﺠﻤﻊ ﻧﻘﺎط اﻟـﻮﻻﻳـﺎت ﻛﻠﻬﺎ وﻳﺘﻢ ﺟﻤﻌﻬﺎ ﻟﻜﻞ ﻣﺮﺷﺢ وﻳﻜﻮن اﻟﻔﻮز ﻟﻤﻦ ﻳﺤﺼﻞ ﻋﻠﻰ أﻛﺜﺮ اﻟﻨﻘﺎط.

ﻣـــﻦ ﻫــﻨــﺎ ﻳــﺘــﺒــﻴــﻦ أن اﻟـﻤـﺠـﺘـﻤـﻊ اﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﻛﻐﻴﺮه ﻣﻦ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت اﻷﺧــــــﺮى ﻳــﺘــﺄﺛــﺮ ﺑــﻤــﺠــﻤــﻮﻋــﺔ ﻣـﻦ اﻟــﻤــﺘــﻐــﻴــﺮات اﻟــﺘــﻲ ﻳـﻌـﻜـﺴـﻬـﺎ واﻗـــﻊ اﻟﺒﻴﺌﺔ، ﻓﺘﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ واﻗﻊ ﺷﺨﺼﻴﺘﻪ وﻋﻠﻰ اﺧﺘﻴﺎراﺗﻪُ اﺳﺘﻨﺎًدا إﻟـﻰ ذﻟﻚ اﻟﻤﻌﺘﻘﺪ اﻟــﺬي ﻏــﺬي ﺑــﻪ، ﻣـﺎ ﺟﻌﻞ ﻣـﻦ اﻟـﺪﻳـﻦ ﻻﻋـﺒًـﺎ ﻣﻬًﻤﺎ ﻓـﻲ ﺣﺼﺪ أﺻـــــــﻮات اﻟـــﻨـــﺎﺧـــﺒـــﻴـــﻦ، وﻟـــﻜـــﻦ ﻣـﻊ ذﻟـــﻚ ﻳـﺒـﻘـﻰ اﻟـﻤـﺘـﻐـﻴـﺮ اﻻﻗــﺘــﺼــﺎدي ﻫــﻮ اﻟــﻼﻋــﺐ اﻷﺳــﺎﺳــﻲ ﻟــﺪى اﻟـﻔـﺮد اﻷﻣـــﺮﻳـــﻜـــﻲ، وﻟـــﻜـــﻦ ﻻ ﻳــﻤــﻨــﻊ ﻣـﻦ أﻫـﻤـﻴـﺔ وﺗــﺄﺛــﻴــﺮ ﺑــﺎﻗــﻲ اﻟـﻤـﺘـﻐـﻴـﺮات اﻟﻤﻮﺟﻮدة.