ﺣ ــﺎن اﻟــﻮﻗــﺖ ﻟـﻜـﻲ ﺗ ـﺘ ـﺒ ـﺪل اﻟ ـﻨ ـﻈ ـﺮة اﻹﻋــﻼﻣــﻴــﺔ واﻟـﻨـﻔـﺴـﻴـﺔ ﻷﻫـﻤـﻴـﺔ ودور اﻟـﻄـﺒـﻴـﺐ واﻹﺧــﺼــﺎﺋــﻲ اﻟﻨﻔﺴﻲ

ﺑـﺪون ﻋـﻼج ﻧﻔﺴﻲ ﻟﺘﻮﺟﻴﻪ اﻟﻘﻴﺎدات واﻟﻤﺴﺆوﻟﻴﻦ وأﺻﺤﺎب اﻟﻘﺮار ﺑﺮﺳﺎﺋﻞ ﺗﻮﻋﻮﻳﺔ ﻧﻔﺴﻴﺔ وﻗﺎﺋﻴﺔ، ﺧﺎﺻﺔ اﻷﻳﺎم اﻟﻤﻘﺒﻠﺔ ﻓﻲ زﻣﻦ اﻻﻧﻔﺘﺎح واﻟﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻟﻤﺆﺛﺮات.

ﻧﺄﻣﻞ أن ﻧﺠﺪ ﻣﺎ ﻳﻮاﻛﺒﻬﺎ ﻣﻦ اﻹﻋﻼم اﻟﺬي ﻳﺴﺎﻫﻢ ﻓـﻲ ﺑﻨﺎء ﺻﺤﺔ ﻧﻔﺴﻴﺔ ﺗـﻮاﻛـﺐ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮات وﺗﻮﺻﻞ رﺳــﺎﻟــﺔ وﺗــﻌــﺎﻟــﺞ ﻗـﻀـﺎﻳـﺎ ﻣــﻦ أﺟـــﻞ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﺻﺤﻲ ﻗﺎدر ﻋﻠﻰ ﻣﻮاﻛﺒﺔ اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت اﻟﺮاﻫﻨﺔ واﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻠﻴﺔ اﻟـﻘـﺎدﻣـﺔ، وﺗﻐﻴﻴﺮ ﺻــﻮرة اﻟﻄﺒﻴﺐ اﻟﻨﻔﺴﻲ وﻣـﺪى أﻫـﻤـﻴـﺘـﻪ ﻓـــﻲ اﻟــﺘــﻮﺟــﻴــﻪ واﻹرﺷـــــــﺎد ﻋــﻨــﺪ اﻟــﺘــﻌــﺮض ﻟﻀﻐﻮﻃﺎت ﻣﻜﺜﻔﺔ، وﺑﺎﻹﻣﻜﺎن اﻻﺳﺘﺸﺎرة اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ أﺳﻮة ﺑﺎﻷﻃﺒﺎء اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻓﻲ ﺗﺨﺼﺼﺎت أﺧﺮى ﻳﻠﺠﺄ إﻟﻴﻬﺎ اﻟﻤﺮﻳﺾ ﻋﻨﺪ اﻻﺣﺘﻴﺎج، وﻳﻠﻴﻬﺎ ﺗﻐﻴﻴﺮ اﻟﻨﻈﺮة اﻟﺸﻤﻮﻟﻴﺔ ﻟﻠﻄﺒﻴﺐ اﻟﻨﻔﺴﻲ واﻟﺘﻲ رﺳﻤﺘﻬﺎ وﺳﺎﺋﻞ اﻹﻋﻼم ﻋﺒﺮ اﻷﻓﻼم واﻟﻤﺴﻠﺴﻼت اﻟﻌﺮﺑﻴﺔ ﻋﻠﻰ أﻧﻪ ﻻ ﻳﻌﺎﻟﺞ ﺳـﻮى اﻟﻤﺠﺎﻧﻴﻦ، وﻟﻜﻦ ﺣـﺎن اﻟﻮﻗﺖ اﻵن أن ﺗﺘﺒﺪل اﻟﻨﻈﺮة اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ واﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻟﻤﺪى أﻫﻤﻴﺔ ودور اﻟﻄﺒﻴﺐ واﻹﺧﺼﺎﺋﻲ اﻟﻨﻔﺴﻲ ﻟﻠﻔﺮد واﻟﻤﺠﺘﻤﻊ.

أﺻﺒﺤﺖ اﻟﺤﺎﺟﺔ ﻣﺎﺳﺔ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻟﻸﺿﻮاء اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ ﺑﻜﻞ ﻣﺸﺘﻘﺎﺗﻬﺎ اﻟﻤﺮﺋﻴﺔ وﻏﻴﺮ اﻟﻤﺮﺋﻴﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻓﻘﻂ ﺑــﺈﺛــﺎرة اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ وﻟـﻜـﻦ ﺑﺤﺎﺟﺔ ﻣـﺎﺳـﺔ إﻟــﻰ ﺑﺮاﻣﺞ وﻣﺘﺨﺼﺼﻴﻦ ﻣﻦ اﻷﻃﺒﺎء واﻟﺴﻴﻜﻮﻟﻮﺟﻴﻴﻦ وﺧﺒﺮاء اﻟـﺘـﻨـﻤـﻴـﺔ اﻟــﺒــﺸــﺮﻳــﺔ ﻓــﻲ ﻃـــﺮح اﻟــﻤــﻮاﺿــﻴــﻊ وﻛﻴﻔﻴﺔ ﻣﻌﺎﻟﺠﺘﻬﺎ وﻣﻮاﻛﺒﺔ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮات اﻟﺠﺪﻳﺪة ﺑﻤﻨﻬﺞ ﻋﻠﻤﻲ ﺳﻠﻴﻢ ﻳـﺘـﻮاﻓـﻖ ﻣــﻊ اﻟــﻮاﻗــﻊ اﻟـــﺬي ﻧـﻼﻣـﺴـﻪ، وﻋــﺮض ﺗـﺠـﺎرب وﻧـﻤـﺎذج ﻧﺎﺟﺤﺔ، ﺧﺎﺻﺔ أن ﻫﻨﺎك ﻛﺜﻴﺮا ﻣــﻦ اﻟـﺘـﺤـﺪﻳـﺎت اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ اﻟـﺘـﻲ ﻳﻮاﺟﻬﻬﺎ اﻟﻜﺜﻴﺮ وﺑــﺤــﺎﺟــﺔ إﻟـــﻰ ﻣﻨﺎﻗﺸﺘﻬﺎ ﻣــﻦ ﻗـﺒـﻞ اﻟﻤﺨﺘﺼﻴﻦ، ﺑـﻤـﺎ ﻳﺘﻨﺎﺳﺐ ﻣــﻊ ﺛـﻘـﺎﻓـﺔ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ وﻟـﻴـﺴـﺖ ﺑﺸﻜﻞ أﻛﺎدﻳﻤﻲ ﻓﻘﻂ، وﺑﺤﺎﺟﺔ إﻟﻰ ﺑﺮاﻣﺞ ﺗﻮﻋﻮﻳﺔ ﻧﻔﺴﻴﺔ اﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻣﻜﺜﻔﺔ ﺧﺎﺻﺔ أن اﻟﻜﺜﻴﺮﻳﻦ ﻳﻔﺘﻘﺪون إﻟﻰ اﻟﻮﻋﻲ وﻣﺪى أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺼﺤﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻟﻤﻮاﺟﻬﺔ اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت، وأﺻﺒﺤﻮا ﺿﺤﻴﺔ ﻟـﻸﻣـﺮاض اﻟﻌﻀﻮﻳﺔ ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﻀﻐﻮﻃﺎت واﻟﻤﺆﺛﺮت اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ، وأﺻﺒﺤﺖ اﻟﺤﺎﺟﺔ ﻣﺎﺳﺔ إﻟﻰ رﺳﺎﺋﻞ ﺗﻮﻋﻮﻳﺔ ﻧﻔﺴﻴﺔ ﺑﺎﻟﺪرﺟﺔ اﻷوﻟـــﻰ ﺗـﻼﻣـﺲ ﻛـﺎﻓـﺔ ﺷــﺮاﺋــﺢ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ وﻻ ﺗﻜﻮن ﻣﺨﺘﺼﺮة ﻋﻠﻰ اﻹﺛــﺎرة اﻹﻋﻼﻣﻴﺔ، ﻛﺸﺮح اﻟﻤﺮض

واﻟﻤﺎل، وأﺻﺒﺤﺖ اﻟﻤﺆﺛﺮات اﻟﺨﺎرﺟﻴﺔ ﻗﻮﻳﺔ ﻣﻦ اﻟـﻨـﻮاﺣـﻲ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻋﻠﻰ أﻛـﺒـﺮ ﺷﺮﻳﺤﺔ ﻣـﻦ اﻷﻓــﺮاد واﻟــﺸــﻌــﻮب، وﻳــﻌــﺎﻧــﻲ اﻟـﻜـﺜـﻴـﺮ ﻣــﻦ اﻟــﻘــﻠــﻖ واﻟــﺘــﻮﺗــﺮ واﻻﻛﺘﺌﺎب واﻟﻌﺼﺒﻴﺔ، وﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﻟﺠﺄ إﻟﻰ اﻟﻮﺣﺪة وﻗﻄﻊ ﻛﻞ ﻋﻼﻗﺎﺗﻪ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، وﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﺗﺒﺪﻟﺖ ﺳـﻤـﺎت ﺷﺨﺼﻴﺘﻪ اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ واﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻣﻮاﻛﺒﺔ ﻣﻊ اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت اﻟـﺮاﻫـﻨـﺔ. ﻫــﺬا ﺑﺠﺎﻧﺐ اﻻﻧﻔﺘﺎح اﻟﺜﻘﺎﻓﻲ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ واﻻﻗﺘﺼﺎدي وﻣﺎ واﻛﺒﻪ ﻣﻦ ﺗﻐﻴﻴﺮات ﻋﻠﻰ اﻷﺳﺮة واﻟﻤﺠﺘﻤﻊ، ﻟﻠﺸﺒﺎب واﻟﻔﺘﻴﺎت واﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ ﻟﻠﺰوﺟﺎت واﻷزواج، ﺑﺠﺎﻧﺐ اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت اﻟﻤﻬﻨﻴﺔ ﻓـﻲ ﺑﻴﺌﺔ اﻟﻌﻤﻞ ﻣـﻦ اﻟﻀﻐﻮﻃﺎت اﻟﻤﻬﻨﻴﺔ واﻟﻤﻨﺎﻓﺴﺎت وازدواﺟﻴﺔ اﻷدوار واﻟﻈﻠﻢ اﻹداري ﻣﺎ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﻮﻇﻒ واﻟﻤﺴﺆول، واﻟﻘﻀﺎﻳﺎ اﻟﻤﺘﻌﻠﻘﺔ ﺑﺎﻟﻘﻴﻢ واﻟﻤﺒﺎدئ وﻛﻴﻔﻴﺔ اﻟﺜﺒﺎت ﻋﻠﻴﻬﺎ ﻓﻲ زﻣﻦ اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت وﺗﻌﺪد اﻷدوار واﻟﻤﺴﺆوﻟﻴﺎت ﻟﻠﻤﺮأة.

ﻛــﻞ ﻫــﺬه اﻟـﻘـﻀـﺎﻳـﺎ اﻟﻤﺠﺘﻤﻌﻴﺔ ﻳﻌﻴﺸﻬﺎ اﻟــﻮاﻗــﻊ اﻟﺪوﻟﻲ وأﺛﺮت ﻧﻔﺴﻴﺎ ﺑﺼﻮرة ﻣﺮﺿﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻟﻜﺜﻴﺮ وﺗــﺮﻛــﺖ أﺛــــًﺮا ﻧـﻔـﺴـًﻴـﺎ ﺑﺸﻜﻞ ﻣـﺒـﺎﺷـﺮ ﻋـﻠـﻰ اﻟﺼﺤﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻋﻠﻰ اﻷﻓﺮاد.

ﺑﻤﻨﺎﺳﺒﺔ اﻟـﻴـﻮم اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ ﻟﻠﺼﺤﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ، وﻣﺎ ﻧﻌﻴﺸﻪ اﻟـﻴـﻮم ﻣـﻦ ﺳﻠﺴﻠﺔ ﻣـﻦ اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت اﻟﺜﻘﺎﻓﻴﺔ واﻟﺴﻴﺎﺳﻴﺔ واﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ واﻟﺼﺤﻴﺔ واﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ، ﻛــﻞ ﻣـﻨـﻬـﺎ ﻳــﺘــﺮك أﺛــــًﺮا ﻧـﻔـﺴـًﻴـﺎ ﻛــﺒــﻴــًﺮا ﻋـﻠـﻰ اﻷﻓـــﺮاد واﻟـﺸـﻌـﻮب ﺑﺤﺴﺐ اﻟــﻈــﺮوف اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ اﻟـﺘـﻲ ﻳﻨﺘﻤﻲ ﻟﻬﺎ، ﺳـﻮاء ﻛﺎﻧﺖ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎت ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺘﻘﺮة ﺳﻴﺎﺳﻴﺎ واﻗﺘﺼﺎدﻳﺎ ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﺤﺮوب واﻷزﻣﺎت أو ﺑﺘﺤﺪﻳﺎت أﺧﺮى ﻓﻲ ﻣﺠﺘﻤﻊ آﺧﺮ، واﻵن أﺻﺒﺢ اﻟﻌﺎﻟﻢ ﺑﺠﺎﻧﺐ ﻇـــﺮوف ﻛــﻞ ﻣﺠﺘﻤﻊ ﻳﻌﻴﺶ ﺗـﺤـﺪﻳـﺎت ﺻﺤﻴﺔ ﻣﻊ ﻛﻮورﻧﺎ »ﻛﻮﻓﻴﺪ ٩١« ﺑﺎﻟﻤﺮﺗﺒﺔ اﻷوﻟﻰ، وﺻﺎﺣﺒﺘﻬﺎ - ﻣﺆﺛﺮات اﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ وﺳﻴﺎﺳﻴﺔ واﺟﺘﻤﺎﻋﻴﺔ وﻧﻔﺴﻴﺔ، وﺣــﺪﺛــﺖ ﺗـﻐـﻴـﻴـﺮات ﻛـﺜـﻴـﺮة ﻓــﻲ ﻛــﻞ زواﻳــــﺎ اﻟـﺤـﻴـﺎة وأﻫﻤﻬﺎ اﻟﺠﻮاﻧﺐ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﻟﻸﻓﺮاد ﻧﺘﻴﺠﺔ اﻟﺘﻐﻴﻴﺮات اﻟﻤﻔﺎﺟﺌﺔ ﻟﻠﻈﺮوف اﻻﻗﺘﺼﺎدﻳﺔ ﺛﻤﺮة اﻟﺘﺤﺪﻳﺎت اﻟﺼﺤﻴﺔ اﻟﺘﻲ ﻇﻬﺮت ﻓﺠﺄة وﺗﻐﻴﺮ ﻧﻤﻂ اﻟﺤﻴﺎة، ﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﻓﻘﺪ وﻇﻴﻔﺘﻪ، وﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﻓﻘﺪ ﻋﺰﻳﺰا ﻟﻪ، وﻫﻨﺎك ﻣﻦ ﺧﺴﺮ ﻛﻞ أﻣﻮاﻟﻪ وﺷﺮﻛﺎﺗﻪ، وﻫﻨﺎك ﻣﻦ اﺿﻄﺮ ﻟﻠﻌﻮدة إﻟﻰ ﻣﻮﻃﻨﻪ اﻷﺻﻠﻲ ﺑﻌﺪ ﺳﻨﻮات ﻃـﺎﺋـﻠـﻪ ﻗـﻀـﺎﻫـﺎ ﻓــﻲ ﻣـﻮﻃـﻦ آﺧــﺮ ﻣــﻦ أﺟــﻞ اﻟــﺮزق