ﻣــﻦ اﻟـــﻀـــﺮوري اﻟـﺘـﻌـﺎﻣـﻞ ﻣــﻊ اﻷزﻣــــﺔ ﺑﻤﻨﻬﺞ ﻋـﻠـﻤـﻲ ﻳﻌﺘﻤﺪ ﺑــﺼــﻮرة أﺳــﺎﺳــﻴــﺔ ﻋـﻠـﻰ ﻃـﻤـﺄﻧـﺔ اﻟـﻨـﺎس

ﻛﻦ ﺟﺰءا ﻣﻦ اﻟﺤﻞ ﻻ ﻣﻦ اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ

ﻣﻮاﺟﻬﺔ ﻓﻴﺮوس ﻛﻮروﻧﺎ ﻣﺴﺆوﻟﻴﺔ ﻣﺸﺘﺮﻛﺔ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺘﻮى اﻷﻓﺮاد واﻟﻤﺠﺘﻤﻌﺎت، وذﻟﻚ ﻷن اﻟﺴﻴﻄﺮة ﻋﻠﻰ ﻫﺬه اﻟﺠﺎﺋﺤﺔ ﻟـﻦ ﺗﺘﺤﻘﻖ إﻻ ﺑﺘﻌﺎون ﺗــﺎم ﺑﻴﻦ أﻓـــﺮاد اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ وﻣﺆﺳﺴﺎﺗﻪ، ﻓﻔﻲ اﻋﺘﻘﺎدي أن اﻟﻤﻨﻈﻮﻣﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ وﺟﻤﻴﻊ وزارات اﻟﺪوﻟﺔ اﻟﻤﻌﻨﻴﺔ ﺑﺸﺄن ﻫﺬا اﻟﻮﺑﺎء ﻟﻢ ﺗﻘﺼﺮ ﻓﻲ أداء واﺟﺒﻬﺎ ﻟﻠﺤﺪ ﻣﻦ اﻧﺘﺸﺎره، ﻟﺬﻟﻚ ﻳﺠﺐ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻤﻴﻊ أن ﻳﺤﺎﻓﻈﻮا ﻋﻠﻰ ﺳﻼﻣﺘﻬﻢ وﺳﻼﻣﺔ اﻵﺧﺮﻳﻦ ﻟﺘﻔﺎدي اﻟﻠﺤﻈﺔ اﻟﺘﻲ ﻳﻔﻘﺪون ﻓﻴﻬﺎ ﺷﺨﺼﺎ ﻋﺰﻳًﺰا ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﻬﺬا اﻟﻤﺮض اﻟﻘﺎﺳﻲ، ﻓﺎﻧﺘﺸﺎر اﻟﻮﺑﺎء ﻳﺘﻄﻠﺐ ﻣﻦ اﻟﺠﻤﻴﻊ ﺗﺤﻤﻞ اﻟﻤﺴﺆوﻟﻴﺔ واﻻﻟــﺘــﺰام ﺣﺘﻰ ﻻ ﻳﻜﻮﻧﻮا ﺳﺒﺒﺎ ﻓﻲ ﻧﻘﻞ اﻟﻮﺑﺎء، وﻳﻘﺪروا أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺘﺪاﺑﻴﺮ اﻟﻮﻗﺎﺋﻴﺔ ﻟﻠﺤﺪ ﻣﻦ اﻧﺘﺸﺎره، وﻟﺘﺨﻔﻴﻒ اﻟﻌﺐء ﻋﻠﻰ أﻧﻈﻤﺔ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﺼﺤﻴﺔ ﺗﺤﺪﻳﺪا واﻻﻟﺘﺰام ﺑـﺎرﺗـﺪاء اﻟﻜﻤﺎﻣﺔ وﻏﺴﻞ اﻟﻴﺪﻳﻦ، وﺗـﻔـﺎدي اﻟﺘﺠﻤﻌﺎت اﻟﺒﺸﺮﻳﺔ واﻟﺰﺣﺎم، ﻟﺬﻟﻚ ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﻓﺮد ﻓﻲ اﻟﻤﺠﺘﻤﻊ ﻋﺪم اﻟﺘﻬﺎون ﺑﻜﻞ ﻫﺬه اﻻﺷﺘﺮاﻃﺎت اﻟﻮﻗﺎﺋﻴﺔ ﻷن أي ﺗﻬﺎون ﻗﺪ ﻳﺆدي إﻟﻰ ﻣﻮﺟﺔ ﺛﺎﻧﻴﺔ أﺷﺪ ﻛﻤﺎ ﺣﺼﻞ ﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟـﺪول، وأن ﻳﻠﺘﺰم ﻛﻞ ﺷﺨﺺ ﺑﺈﺟﺮاءات اﻟﺤﺠﺮ اﻟﺼﺤﻲ، ﻓﻌﻦ ﺗﺠﺮﺑﺔ أﻏﻠﺐ اﻟـﺪول ﺛﺒﺖ أﻧﻪ ﻳﺆدي دوًرا ﺣﻴﻮًّﻳﺎ ﻓﻲ اﻟﺘﺤﻜﻢ ﻓﻲ اﻧﺘﺸﺎر اﻟﻤﺮض ﻣﻘﺎرﻧًﺔ ﺑﺄي

ﺗﺪاﺑﻴﺮ وﻗﺎﺋﻴﺔ أﺧــﺮى ﺗﻄﺒﻖ ﻣﻦ دوﻧــﻪ، إذ أدى إﻟـﻰ اﻧﺨﻔﺎض ﻣﻌﺪل اﻟﻌﺪوى ﺑﻨﺴﺒﺔ ﻛﺒﻴﺮة وﻛﺬﻟﻚ ﻣﻌﺪل اﻟﻮﻓﻴﺎت.

اﺗﺒﻌﺖ ﺑﻌﺾ اﻟــﺪول إﺟــﺮاءات وﺗﺪاﺑﻴﺮ وﻗﺎﺋﻴﺔ أﺧـﺮى -ﻣﺜﻞ ﻏﻠﻖ اﻟﻤﺪارس وﻣﻨﻊ اﻟﺴﻔﺮ واﻻﻟﺘﺰام ﺑﺎﻟﺘﺒﺎﻋﺪ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ، وﻛﺎن ﻟﻬﺎ ﺗﺄﺛﻴﺮ ﻛﺒﻴﺮ أﻳﻀﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺤﺪ ﻣﻦ أﻋﺪاد اﻟﺤﺎﻻت اﻟﺘﻲ ﺗﺘﻄﻠﺐ رﻋﺎﻳﺔ ﺣﺮﺟﺔ وﻛﺬﻟﻚ أﻋﺪاد اﻟﻮﻓﻴﺎت.

وﻓﻲ اﻟﺤﻘﻴﻘﺔ ﻓﺈن ﻣﺮاﻋﺎة إﺟـﺮاءات اﻟﻮﻗﺎﻳﺔ ﻳﺠﺐ أﻻ ﺗﻜﻮن ﺧﻴﺎًرا أﻣﺎم اﻟﻤﻮاﻃﻨﻴﻦ ﺑﻞ ﻳﺠﺐ أن ﺗﻜﻮن أﻣﺮا واﺟﺒﺎ ﻋﻠﻰ اﻟﺠﻤﻴﻊ اﻻﻟﺘﺰام ﺑﻪ ﺣﻤﺎﻳﺔ ﻷﻧﻔﺴﻬﻢ وﻟﻠﻤﺠﺘﻤﻊ.

إن اﻟﻘﻠﻖ اﻟﻤﺒﺎﺷﺮ اﻟﺬي اﻧﺘﺸﺮ ﺑﻴﻦ اﻟﻨﺎس ﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﻹﺻﺎﺑﺔ ﺑﻔﻴﺮوس ﻛﻮروﻧﺎ ﻓﻘﻂ، ﺑﻞ ﻷﻧﻪ ﻗﺪ ﻳﺘﺴﺒﺐ ﻓﻲ اﻧﻬﻴﺎر اﻗﺘﺼﺎدي، وأزﻣﺎت ﻛﺜﻴﺮة ﺗﺘﺮﺗﺐ ﻋﻠﻰ ﻫﺬا اﻻﻧﻬﻴﺎر، وﻫﻨﺎك أﻳﻀﺎ ﻣﻦ ﻳﻨﻈﺮ ﻟﻸﻣﺮ ﺑﺼﻮرة ﺗﺒﺪو أﻛﺜﺮ ﺗﺸﺎؤﻣﺎ ﻟﻠﻤﺴﺘﻘﺒﻞ، ﻫﺬه اﻟﻔﺌﺔ ﺗﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﺧﻮف ﻣﻦ اﻟﻔﻴﺮوس ﻟﻬﺬه اﻟﺘﺪاﻋﻴﺎت اﻟﻤﺮﻋﺒﺔ، وأﻋﺘﻘﺪ ﺑﺄن ﻫﺬا اﻟﻨﻮع ﻣﻦ اﻟﻬﺴﺘﻴﺮﻳﺎ اﻟﺠﻤﺎﻋﻴﺔ ﻳﻤﻜﻦ ﺗﻔﺴﻴﺮه ﻣﻦ اﻟﻨﺎﺣﻴﺔ اﻟﻨﻔﺴﻴﺔ ﺑــﺄن اﻹﻧـﺴـﺎن ﻟﺪﻳﻪ اﺳﺘﻌﺪاد ﺳﺮﻳﻊ ﻟﻠﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣـﻊ ﺣﺎﻟﺔ اﻟﻔﺰع واﻟـﺨـﻮف اﻟﺸﺪﻳﺪ، واﻟﺘﻔﻜﻴﺮ ﺑﺸﻜﻞ ﻋﺸﻮاﺋﻲ، وﻫــﺬا ﻗﺪ ﻳﺪﻓﻊ إﻟﻰ اﺗﺨﺎذ ﻗﺮارات ﺳﺮﻳﻌﺔ ﻟﻠﺨﺮوج ﻣﻦ اﻟﻤﺄزق ﺑﺄي ﺷﻜﻞ، ﻣﻤﺎ ﻳﺴﺘﺪﻋﻲ اﻻﺳﺘﻌﺪاد ﻟﻠﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻟﻤﻮاﻗﻒ ﺑﻬﺪوء وﺷﻔﺎﻓﻴﺔ، ﻣﻦ ﺧﻼل وﺟﻮد ﺧﻄﻂ إدارة اﻷزﻣﺔ، ﺣﺘﻰ ﻻ ﺗﻜﻮن ﺗﺪاﻋﻴﺎت اﻟﻤﻮﻗﻒ أﺧﻄﺮ ﻣﻦ اﻟﻤﺮض ﻧﻔﺴﻪ.

ﻣﻦ اﻟﻀﺮوري اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ ﻣﻊ ﻣﺜﻞ ﻫﺬه اﻷزﻣـﺔ ﺑﻤﻨﻬﺞ ﻋﻠﻤﻲ، ﻳﻌﺘﻤﺪ ﺑﺼﻮرة أﺳﺎﺳﻴﺔ ﻋﻠﻰ ﻃﻤﺄﻧﺔ اﻟﻨﺎس وﺗﻬﻴﺌﺘﻬﻢ ﻻﺣﺘﻤﺎﻻت اﻧــﺘــﺸــﺎر اﻟــﻔــﻴــﺮوس، ﻣــﻊ ﺳــﺮﻋــﺔ اﻻﺳــﺘــﺠــﺎﺑــﺔ ﻷي ﺣـــﺎﻻت ﻗﻠﻖ ﺟـﻤـﺎﻋـﻲ، أو ﻣــﻮاﻗــﻒ ﻗــﺪ ﺗـﺨـﺮج ﻋــﻦ اﻟـﺴـﻴـﻄـﺮة، واﻟـﻌـﻤـﻞ ﻋﻠﻰ اﻟﺘﺼﺪي ﻟﻠﺸﺎﺋﻌﺎت، ﺧﺎﺻﺔ ﻋﺒﺮ وﺳﺎﺋﻞ اﻟﺘﻮاﺻﻞ اﻻﺟﺘﻤﺎﻋﻲ، ﻓﻘﺪ ﻻ ﺗﺸﻜﻞ اﻷزﻣﺎت ﺧﻄﻮرة ﻛﺒﻴﺮة ﻓﻲ ﺣﺪ ذاﺗﻬﺎ، ﻟﻜﻦ ﻃﺮق اﻟﺘﻌﺎﻣﻞ اﻟﺴﻴﺊ ﻣﻌﻬﺎ ﻗﺪ ﺗﺰﻳﺪ ﻣﻦ اﻧﺘﺸﺎرﻫﺎ، واﻟﺸﺎﺋﻌﺎت اﻟﺘﻲ ﺗﺘﺰاﻣﻦ ﻣﻌﻬﺎ، ﻗﺪ ﺗﻜﻮن أﻛﺜﺮ ﺧﻄﻮرة ﻣﻨﻬﺎ. ﻣﻊ ﺿﺮورة ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﺤﻤﺎﻳﺔ اﻟﻜﺎﻣﻠﺔ ﻟﻸﻓﺮاد اﻟﻤﺴﺆوﻟﻴﻦ ﻋﻦ ﺗﻘﺪﻳﻢ اﻟﺮﻋﺎﻳﺔ اﻟﻮﻗﺎﺋﻴﺔ داﺧــﻞ اﻟﻤﻨﺸﺂت اﻟﺼﺤﻴﺔ، وﻛﺬﻟﻚ اﻟﺤﺪ اﻷدﻧــﻰ ﻣﻦ اﻟﻤﻌﺎﻳﻴﺮ اﻟﺼﺤﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﺘﺤﺘﻴﺔ ﻟﻤﺴﺘﺸﻔﻴﺎت اﻟﻌﺰل.

واﻷﻣـﺮ ﻳﺮﺟﻊ ﻟﻨﺎ ﻓﻲ اﻟﺒﺪاﻳﺔ واﻟﻨﻬﺎﻳﺔ، ﺑﺄن ﻧﻜﻮن ﺟـﺰءا ﻣﻦ اﻟﺤﻞ ﻻ ﺟﺰءا ﻣﻦ اﻟﻤﺸﻜﻠﺔ وﻧﺴﺎﻋﺪ ﻓﻲ اﻟﻘﻀﺎء ﻋﻠﻴﻬﺎ.