اﻻﺣﺘﺒﺎس اﻟﺤﺮاري وراء ﻇﻮاﻫﺮ اﻟﻄﻘﺲ اﻟﻘﺎﺳﻴﺔ
أﺷـﺎر ﺗﻘﺮﻳٌﺮ ﻟﻤﺆّﺳﺴﺔ ﻋﺒﺪ اﷲ ﺑﻦ ﺣﻤﺪ اﻟﻌﻄﻴﺔ اﻟﺪوﻟﻴﺔ ﻟﻠﻄﺎﻗﺔ واﻟﺘﻨﻤﻴﺔ اﻟﻤﺴﺘﺪاﻣﺔ إﻟــﻰ أﻧــﻪ ﻣﻊ ﺗـــﻄـــﻮر ﻋـــﻠـــﻢ اﻷرﺻـــــــــﺎد اﻟـــﺠـــﻮﻳـــﺔ، أﺿــﺤــﻰ ﻟـــﺪى ﺑــﻌــﺾ ﻛــﺒــﺎر ﻋـﻠـﻤـﺎء اﻟــُﻤــﻨــﺎخ ﻗـﻨـﺎﻋـﺔ أﻛــﺒــﺮ ﺑـــﺄّن ﻇـﻮاﻫـﺮ اﻟــﻄــﻘــﺲ اﻟــﻘــﺎﺳــﻴــﺔ اﻟــﺘــﻲ اﺟـﺘـﺎﺣـﺖ اﻟـــﻨـــﺼـــﻒ اﻟـــﺸـــﻤـــﺎﻟـــﻲ ﻣــــﻦ اﻟـــﻜـــﺮة اﻷرﺿــﻴــﺔ ﺧــﻼل اﻟـﺼـﻴـﻒ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﺗﻌﺰى إﻟﻰ اﻻﺣﺘﺒﺎس اﻟﺤﺮاري.
وﺗـــﻜـــﺒـــﺪت اﻟــــﻮﻻﻳــــﺎت اﻟــﻤــﺘــﺤــﺪة وﻛـﻨـﺪا ﺟــﺮاء ذﻟــﻚ ﻣﺌﺎت اﻟﻮﻓﻴﺎت اﻟـــﻤـــﺮﺗـــﺒـــﻄـــﺔ ﺑــــﺎرﺗــــﻔــــﺎع درﺟــــــﺎت اﻟﺤﺮارة. وﺷﻬﺪت ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺑﻮرﺗﻼﻧﺪ ﺑـــﻮﻻﻳـــﺔ أورﻳـــﻐـــﻮن ﺧـــﻼل ﺷــﻬــﺮي ﻳـﻮﻧـﻴـﻮ وﻳـﻮﻟـﻴـﻮ ﻫــﺬا اﻟــﻌــﺎم ارﺗـﻔـﺎﻋـﺎ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺒﻮق ﻓﻲ درﺟﺎت اﻟﺤﺮارة، ﺣـﻴـﺚ ﺑﻠﻐﺖ ٦٫٦٤ درﺟـــﺔ ﻣﺌﻮﻳﺔ، وﺣﻄﻤﺖ ﺑﺮﻳﺘﻴﺶ ﻛﻮﻟﻮﻣﺒﻴﺎ اﻟﺮﻗﻢ اﻟــﻘــﻴــﺎﺳــﻲ ﻷﻋـــﻠـــﻰ درﺟـــــﺔ ﺣــــﺮارة ﺳـﺠـﻠـﺖ ﻓــﻲ ﻛــﻨــﺪا، ﺣــﻴــﺚ وﺻـﻠـﺖ إﻟـــــﻰ ٤٫٩٤ درﺟــــــﺔ ﻣـــﺌـــﻮﻳـــﺔ. ﻛـﻤـﺎ ﺗﺴﺒﺒﺖ درﺟﺎت اﻟﺤﺮارة اﻟﻤﺮﺗﻔﻌﺔ ﻓــﻲ إﻟــﺤــﺎق اﻟــﻀــﺮر ﺑـﺎﻟـﻤـﺤـﺎﺻـﻴـﻞ اﻟــﺰراﻋــﻴــﺔ وﺳــﺎﻋــﺪت ﻋـﻠـﻰ اﻧـﺘـﺸـﺎر ﺣـــﺮاﺋـــﻖ اﻟـــﻐـــﺎﺑـــﺎت، اﻟـــﺘـــﻲ دﻣـــﺮت إﺣــﺪاﻫــﺎ ﺑـﻠـﺪة ﻟﻴﺘﻮن ﻓـﻲ ﺑﺮﻳﺘﻴﺶ ﻛﻮﻟﻮﻣﺒﻴﺎ.
أﻣــــﺎ ﻓـــﻲ أوروﺑـــــــﺎ، ﻓــﻘــﺪ ﺗﺴﺒﺐ ﻓﻴﻀﺎن اﻷﻧـﻬـﺎر ﻓﻲ إﻏــﺮاق اﻟﻤﺪن وﺧﻠﻔﺖ اﻷﻣــﻄــﺎر اﻟـﻐـﺰﻳـﺮة دﻣــﺎرا ﺷﺪﻳﺪا ﻣﺎ أدى ﻛﺬﻟﻚ إﻟﻰ وﻓﺎة ﻣﺎ ﻻ ﻳﻘﻞ ﻋﻦ ٠٣٢ ﺷﺨﺼﺎ ﻓﻲ ﺧﻤﺲ دول أوروﺑـــﻴـــﺔ، ﻣـﻨـﻬـﺎ ٤٨١ ﺣﺎﻟﺔ وﻓﺎة ﻓﻲ أﻟﻤﺎﻧﻴﺎ وﺣﺪﻫﺎ اﻟﺘﻲ ﺗﺸﻜﻞ أﻛﺒﺮ اﻗﺘﺼﺎد ﻓﻲ اﻟﻘﺎرة اﻷوروﺑﻴﺔ. ﻛﻤﺎ أدت اﻟﻔﻴﻀﺎﻧﺎت إﻟـﻰ اﻧﻘﻄﺎع اﻟﻜﻬﺮﺑﺎء ﻋﻠﻰ ﻧﻄﺎق واﺳﻊ واﻟﻘﻴﺎم ﺑﻌﻤﻠﻴﺎت إﺟــﻼء ﻗﺴﺮﻳﺔ ﻟﻠﺴﻜﺎن، وأﻟﺤﻘﺖ أﺿــﺮارا ﺑﺎﻟﺒﻨﻴﺔ اﻟﺘﺤﺘﻴﺔ
واﻟﺰراﻋﺔ ﻓﻲ اﻟﻤﻨﺎﻃﻖ اﻟﻤﺘﻀﺮرة. وﺗﺸﻴﺮ اﻟﺘﻘﺪﻳﺮات إﻟﻰ أن اﻷﺿﺮار اﻟﺘﻲ ﺳﺒﺒﺘﻬﺎ اﻟﻔﻴﻀﺎﻧﺎت اﻟﻤﺪﻣﺮة اﻟــﺘــﻲ اﺟــﺘــﺎﺣــﺖ أوروﺑــــﺎ ﻗــﺪ ﺗﻜﻠﻒ ﺷـــﺮﻛـــﺎت اﻟــﺘــﺄﻣــﻴــﻦ ﻣـــﺎ ﻳــﺼــﻞ إﻟــﻰ ﺣــﻮاﻟــﻲ ٥٥٫٢ ﻣــﻠــﻴــﺎر ﻳـــــﻮرو، وﻗــﺪ ﻳﺼﻞ إﺟﻤﺎﻟﻲ ﺗﻜﺎﻟﻴﻒ اﻷﺿﺮار إﻟﻰ
أﻋﻠﻰ ﻣﻦ ذﻟﻚ ﺑﻜﺜﻴﺮ.
إن اﻟـــــﺮﺑـــــﻂ اﻟــــﻤــــﺒــــﺎﺷــــﺮ ﺑــﻴــﻦ اﻟﺤﺎﻻت اﻟﻤﻨﻔﺼﻠﺔ ﻟﻠﻔﻴﻀﺎﻧﺎت أو اﻟﺤﺮاﺋﻖ أو اﻟﻌﻮاﺻﻒ، واﻟﺘﻐﻴﺮات اﻟــﻤــﻨــﺎﺧــﻴــﺔ ﺑــﺸــﻜــﻞ ﻋـــــﺎم، أﻣـــــﺮ ﻻ ﻳـــﺰال ﻃــﻲ اﻟـﺒـﺤـﺚ اﻟـﻌـﻠـﻤـﻲ، ﺣﻴﺚ ﺗــــــﺆدي ﻣــﺠــﻤــﻮﻋــﺔ ﻣــــﻦ اﻟــﻌــﻮاﻣــﻞ ﻣـﺜـﻞ اﻟــﻈــﺮوف اﻟـﺠـﻮﻳـﺔ اﻟﻤﺤﻠﻴﺔ، واﻟﺘﻀﺎرﻳﺲ اﻟﺠﻐﺮاﻓﻴﺔ، واﻟﺴﻠﻮك اﻟﺒﺸﺮي، واﻟﺘﻘﻠﺒﺎت اﻟﻄﺒﻴﻌﻴﺔ إﻟﻰ ﻛﻮارث ﻃﺒﻴﻌﻴﺔ.
وﺑــﻐــﺾ اﻟـﻨـﻈـﺮ ﻋــﻦ اﻟـﺘـﺤـﺪﻳـﺎت اﻟـﻌـﻠـﻤـﻴـﺔ، ﻓـﻘـﺪ ﺳـــﺎرع اﻟـﻌـﻠـﻤـﺎء ﻓﻲ اﻟﺒﺤﺚ ﻋـﻦ اﻷﺳـﺒـﺎب وراء ارﺗﻔﺎع درﺟـــــﺎت اﻟـــﺤـــﺮارة ﻓـــﻲ اﻟـــﻮﻻﻳـــﺎت اﻟـــﻤـــﺘـــﺤـــﺪة وﻛـــــﻨـــــﺪا، وذﻟـــــــﻚ ﻣــﻦ ﺧــﻼل إﺟـــﺮاء اﻟﺘﺤﺎﻟﻴﻞ واﻟـﺒـﺤـﻮث اﻟـﺨـﺎﺻـﺔ، ﺣﻴﺚ ﺗـﻮﺻـﻞ اﻟﺒﺎﺣﺜﻮن ﻓﻲ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ World Weather (Attribution (WWA إﻟــﻰ ﻧــﺘــﻴــﺠــﺔ ﻣـــﻔـــﺎُدﻫـــﺎ أّن ﻣــﺜــﻞ ﻫــﺬا اﻻرﺗــــﻔــــﺎع ﻓـــﻲ درﺟـــــﺎت اﻟـــﺤـــﺮارة ﻣــﺴــﺘــﺤــﻴــﻞ دون ﺣـــــــﺪوث ﺗــﻐــﻴــﺮ اﻟﻤﻨﺎخ.
وﻣــﻦ ﺧــﻼل ﺗﺤﻠﻴﻞ ﻗــﺪر ﻫﺎﺋﻞ ﻣـــﻦ ﺑــﻴــﺎﻧــﺎت اﻟــﻄــﻘــﺲ واﻟــﻨــﻤــﺎذج اﻟﻤﻨﺎﺧﻴﺔ اﻟﻤﺘﻄﻮرة ﺗﻮﺻﻞ اﻟﻌﻠﻤﺎء إﻟـــﻰ أن ارﺗـــﻔـــﺎع درﺟــــﺔ اﻟــﺤــﺮارة ﺑﻤﻘﺪار درﺟﺘَﻴﻦ ﻓﻬﺮﻧﻬﺎﻳﺖ ﻣﻨﺬ اﻟﺜﻮرة اﻟﺼﻨﺎﻋﺔ وﻣﺎ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ ﻣﻦ اﻧﺒﻌﺎث ﻏﺎزات اﻻﺣﺘﺒﺎس اﻟﺤﺮاري ﻛﺎن وراء ذﻟﻚ اﻟﻌﻨﺼﺮ اﻟﺒﺸﺮي.
وﺧﻠﺼﺖ ﻧﺘﺎﺋﺞ اﻟـﺪراﺳـﺔ ﻛﺬﻟﻚ إﻟـــﻰ أن ﻣــﻮﺟــﺎت اﻟـــﺤـــﺮارة، ﻋﻠﻰ اﻟﺮﻏﻢ ﻣﻦ ﻧﺪرﺗﻬﺎ، ﻓﻤﻦ اﻟﻤﺮﺟﺢ أن ﺗـــﺤـــﺪث ﻓــــﻲ ﻇــــﻞ اﻻﺣــــﺘــــﺮار اﻟﻌﺎﻟﻤﻲ اﻟﺤﺎﻟﻲ.
وﻗـــــﺎل ﻓـــﺮﻳـــﺪرﻳـــﻚ أوﺗــــــﻮ، أﺣــﺪ ﻣــﺆﻟــﻔــﻲ اﻟـــﺪراﺳـــﺔ وﻋــﺎﻟــﻢ اﻟـﻤـﻨـﺎخ ﺑﺠﺎﻣﻌﺔ أﻛﺴﻔﻮرد: »ﻣﺎ ﻧـﺮاه ﻏﻴﺮ ﻣﺴﺒﻮق، وﻟﻴﺲ ﻣﻦ اﻟﻤﻔﺘﺮض أن ﻧﺤﻄﻢ أرﻗــﺎﻣــﺎ ﻗﻴﺎﺳﻴﺔ ﺑــﺄرﺑــﻊ أو ﺧـﻤـﺲ درﺟــــﺎت ﻣــﺌــﻮﻳــﺔ«. وأﺷـــﺎر ﻓﺮﻳﺪرﻳﻚ أﻳﻀﺎ إﻟﻰ أن »ﻣﺎ ﻧﺸﻬﺪه اﻟﻴﻮم ﻫﻮ ﺣـﺪث اﺳﺘﺜﻨﺎﺋﻲ ﻟﺪرﺟﺔ أﻧـﻨـﺎ ﻻ ﻳﻤﻜﻨﻨﺎ اﺳﺘﺒﻌﺎد اﺣﺘﻤﺎﻟﻴﺔ ﺗﺠﺎوز اﻻرﺗﻔﺎع اﻟﻌﺎم ﻓﻲ درﺟﺎت اﻟــﺤــﺮارة ﻋـﻠـﻰ اﻷرض، اﻟــﺘــﻲ ﻣﻦ اﻟــﻤــﺘــﻮﻗــﻊ أﻻ ﺗـﺤـﺼـﻞ إﻻ ﻓــﻲ ﻇﻞ ﻣــﺴــﺘــﻮﻳــﺎت ﻋــﺎﻟــﻴــﺔ ﻣــﻦ اﻻﺣــﺘــﺒــﺎس اﻟﺤﺮار ّي«.