ﺟﻠﺪ اﻟﺬات وﺗﻌﺮﻳﺘﻬﺎ »ﻋﻠﻰ رﺻﻴﻒ إﺳﻄﻨﺒﻮل«

أﺣـــــــﺪث رواﻳــــــــﺎت اﻟــﻜــﺎﺗــﺐ اﻟﺼﺤﻔﻲ واﻟـﺮواﺋـﻲ اﻟﻤﺼﺮي ﺳـــﺎﻣـــﻲ ﻛـــﻤـــﺎل اﻟـــﺪﻳـــﻦ »ﻋــﻠــﻰ رﺻــﻴــﻒ إﺳـﻄـﻨـﺒـﻮل« ﺻــﺪرت ُﻣـــﺆﺧـــًﺮا ﻓـــﻲ ﺗــﺮﻛــﻴــﺎ ﻋـــﻦ دار ﻣــﻮزاﻳــﻴــﻚ، اﻟـــﺮواﻳـــﺔ ﺗــﻘــﻊ ﻓﻲ ٠٦٢ ﺻـــﻔـــﺤـــﺔ ﻣـــــﻦ اﻟــﻘــﻄــﻊ اﻟﻤﺘﻮﺳﻂ.

رﻏــــﻢ أﱠن اﻟــــﺮواﻳــــﺔ ﺗــﺘــﻮّزع ﻋﻠﻰ ﻋﻮاﻟﻢ ﺳﺮدﻳﺔ ﺛﻼث ﻫﻲ ﻃﻨﺠﺔ واﻟﻘﺎﻫﺮة وإﺳﻄﻨﺒﻮل ﻓﺈن ﺗﺤﺪﻳﺪه ﻟﻠﻤﺪﻳﻨﺔ اﻟﺘﺮﻛﻴﺔ ﻋﻨﻮاﻧًﺎ ﻳُﺜﻴﺮ ﺗﺴﺎؤًﻻ، رﺑﻤﺎ ﻷن اﻟﺠﺰء اﻷوﻓﺮ ﻣﻦ اﻟﺮواﻳﺔ ﻛﺎن ﻓﻲ ﺷﻮارﻋﻬﺎ وﻋﻠﻰ أرﺻﻔﺘﻬﺎ وﻣﻘﺎﻫﻴﻬﺎ، أو رﺑﻤﺎ ﻟﻤﺤﺎوﻟﺔ اﻟـﺮواﺋـﻲ اﻟﺘﻤﺎﻫﻲ ﻣﻊ رواﻳــﺎت ﺳﺎﻟﻔﺔ اﺗﺨﺬت ﻣﻦ إﺳﻄﻨﺒﻮل وﻟـــﻬـــﺎ ﻋــــﻨــــﻮان ﻛــﺘــﺎﺑــﺘــﻬــﺎ ﻣـﺜـﻞ رواﻳﺔ اﻷدﻳﺐ اﻟﺘﺮﻛﻲ أورﻫﺎن ﺑﺎﻣﻮق »إﺳﻄﻨﺒﻮل اﻟﺬﻛﺮﻳﺎت واﻟـﻤـﺪﻳـﻨـﺔ« واﻟـﺘـﻲ ﺳــﺮد ﻓﻴﻬﺎ ﺗــــﺎرﻳــــﺦ ﻣـــﺪﻳـــﻨـــﺘـــﻪ، ﻣــﺴــﺘــﻌــﻴــﻨــﺎ ﺑـﺬﻛـﺮﻳـﺎﺗـﻪ وﺑــﺬﻛــﺮﻳــﺎت ﻫــﺆﻻء اﻟﺬﻳﻦ ﺳﺒﻘﻮه؛ ﻓﻜﺘﺒﻮا ورﺳﻤﻮا وﺻــــــــﱠﻮروا وأرﺧــــــــﻮا ﻟــﻤــﺮاﺣــﻞ ﺣـــﻴـــﺎة إﺳـــﻄـــﻨـــﺒـــﻮل، وﻛـــﺬﻟـــﻚ رواﻳــــــﺔ »ﻗـــﻄـــﺎر اﺳــﺘــﺎﻣــﺒــﻮل« ﻟﻠﻜﺎﺗﺐ اﻹﻧـﺠـﻠـﻴـﺰي ﺟـﺮاﻫـﺎم ﺟـــﺮﻳـــﻦ، وﻫـــــﻲ ﻣـــﻦ ﻗـﺼـﺺ اﻟـﺠـﺎﺳـﻮﺳـﻴـﺔ، وﺗــﻘــﻊ أﺣـﺪاﺛـﻬـﺎ ﻓــﻲ ﻗـﻄـﺎر اﻟــﺸــﺮق، وﺻــﺪرت ﻋـــﺎم ٢٣٩١، وﻛـــﺬﻟـــﻚ رواﻳـــﺔ »ﻟﻘﻴﻄﺔ إﺳـﻄـﻨـﺒـﻮل« ﻟﻠﻜﺎﺗﺒﺔ اﻟـﺘـﺮﻛـﻴـﺔ آﻟـــﻒ ﺷـﻔـﻖ ﻓــﻲ ﻋـﺎم ٦٠٠٢، ﻟــﻜــﻦ ﻋــﻠــﻰ »رﺻــﻴــﻒ إﺳـــﻄـــﻨـــﺒـــﻮل« ﺗــﻤــﺜــﻞ ﺳــﺮدﻳــﺔ ﻣـــﺼـــﺮﻳـــﺔ أﺧــــــﺮى ﻣــﺼــﺒــﻮﻏــﺔ ﺑﺄﻟﻢ اﻟﻤﻨﻔﻰ ووﺟﻊ اﻻﻏﺘﺮاب اﻟــﺴــﻴــﺎﺳــﻲ اﻟــﻤــﻌــﺠــﻮن ﺑﺎﻟﻘﻬﺮ واﻟﻈﻠﻢ واﻟﺤﻨﻴﻦ.

ﻟـــــــــﻢ ﺗـــــﺤـــــﻔـــــﻞ اﻟـــــــــﺮواﻳـــــــــﺔ ﻛــﺜــﻴــﺮا ﺑــﺸــﻌــﺮﻳــﺔ اﻟـــﺴـــﺮد، إﻻ ﻓـــــﻲ اﻟـــﻤـــﺴـــﺎﺣـــﺎت اﻟـــﻮاﺻـــﻔـــﺔ ﻟﻤﻌﺎﻟﻢ اﻟـﻤـﺪﻳـﻨـﺔ وﻣﻄﺎﻋﻤﻬﺎ وﺣـــﺪاﺋـــﻘـــﻬـــﺎ، وﺗــﻨــﺎﻗــﻠــﺖ ﻣـﻦ اﻟـــﻮﺻـــﻒ اﻟــﺒــﻼﻏــﻲ اﻹﻳــﺤــﺎﺋــﻲ اﻟــﻤــﺆول إﻟـــﻰ اﻟــﺴــﺮد اﻟـﺒـﻼﻏـﻲ اﻟــﻤــﺒــﺎﺷــﺮ، ﺑـــﻞ ﻋــﻤــﺪت أﻛــﺜــﺮ ﻟــﻠــﻮاﻗــﻌــﻴــﺔ اﻟـــﺴـــﺮدﻳـــﺔ، ﻛـﻮﻧـﻬـﺎ ﺗـﺴـﺘـﻨـﺪ ﻓـــﻲ ﻣـﺘـﻨـﻬـﺎ اﻷﺳــﺎﺳــﻲ إﻟــﻰ وﻗـﺎﺋـﻊ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ وأﺣــﺪاث ﻣـــــــﺸـــــــﻬـــــــﻮدة ﻟــــﺸــــﺨــــﺼــــﻴــــﺎت وﺣـﺮﻛـﺎت ﻻﺳﻴﻤﺎ ﻣﻨﺬ ٣١٠٢ وﻣــــﻐــــﺎدرﺗــــﻬــــﺎ ﻣــــﺼــــﺮ، ﻟــﻜــﻦ اﻟـﻼﻓـﺖ ﻫـﻮ اﻟـﺘـﺪاﺧـﻞ اﻟـﺴـﺮدي ﺑـﻴـﻦ ﻣــﺎ ﻫــﻮ ﻋـﺎﻃـﻔـﻲ وﻣــﺎ ﻫﻮ ﺳﻴﺎﺳﻲ ﺑﻴﻦ ﻣﻐﺎﻣﺮات اﻟﺒﻄﻞ ﻋــﻼء اﻟﻤﻤﺜﻞ، وﺑـﻴـﻦ اﻏﺘﺮاﺑﻪ اﻟﺴﻴﺎﺳﻲ اﻟــﺬي أﻟـﺰﻣـﻪ اﻟﻘﻬﺮ وﺟـــﻠـــﺪ اﻟــــــــﺬات واﺳــﺘــﺴــﻼﻣــﻪ ﻟــﺴــﻠــﻄــﺔ اﻟـــــﺰوﺟـــــﺔ وﻟــﺴــﻠــﻄــﺔ اﻟـﻄـﺎﻏـﻴـﺔ اﻟـﺴـﻴـﺎﺳـﻲ »ﺷـﺮﻳـﻒ ﻣـﻠـﻮﺧـﻴـﺔ« ﺻـﺎﺣـﺐ اﻟﻤﺆﺳﺴﺔ اﻹﻋــــﻼﻣــــﻴــــﺔ اﻟـــﺘـــﻲ ﻋـــﻤـــﻞ ﺑـﻬـﺎ

ﻓـــﺘـــﺤـــﻮل إﻟـــــﻰ ﻣـــﺠـــﺮد ﻟـﻌـﺒـﺔ ﺑــﺎﻟــﺒــﻴــﺖ واﻟــﻌــﻤــﻞ ﻣـــﻌـــﺎ، وﻫــﻮ اﻟـــــﺬي ﻇـــﻦ ﻧــﻔــﺴــﻪ ﻣــﺘــﺤــﺮرا، ﻓﺘﺼﺪﻋﺖ ذاﺗــﻪ ﺑﻴﻦ اﻟﻤﺎﺿﻲ ﺑــﺬﻛــﺮﻳــﺎﺗــﻪ واﻟـــﻮاﻗـــﻊ اﻟـﻤـﺨـﺎدع اﻟــــﺬي ﻓــﺼــﻠــﻪ ﻋـــﻦ اﻹﺣــﺴــﺎس ﺑﺎﻟﻤﻌﻨﻰ، واﻟـﺬي ﻟﻢ ﻳﻔﻖ ﻣﻨﻪ إﻻ ﺑﻮاﺳﻄﺔ اﻟﺸﺒﺎب.

ﺷــﻴــﺪ اﻟــﺒــﻨــﺎء اﻟـــﺮواﺋـــﻲ ﻋﻠﻰ أﺟــﺰاء ﺧﻤﺴﺔ ﻣﻤﺘﺪة زﻣﺎﻧﻴﺎ ﻋﻠﻰ ﺗﺤﺮﻛﺎت ﻣﻤﺜﻞ ﺿﻌﻴﻒ اﻟــﺸــﺨــﺼــﻴــﺔ ﺗــﺴــﻴــﻄــﺮ اﻣـــــﺮأة ﻋﻠﻴﻪ، وﺗﺒﺖ ﻓﻲ ﻛﻞ أﻣﺮ ﻧﻴﺎﺑﺔ

ﺷﺎﻋﺮ وﻧﺎﻗﺪ

ﻋـﻨـﻪ ﻓـﺘـﻀـﻄـﺮه إﻟـــﻰ اﻟـﻬـﺠـﺮة ﺑﻌﺪ ﻣﺎ ﻗﻠﺖ أﻋﻤﺎﻟﻪ اﻟﻔﻨﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺼﺮ، ﻓﻌﻤﻞ ﺑﻘﻨﺎة »اﻷﺣﺮار« ﻟــﻴــﺼــﻄــﺪم ﺑـﻤـﺠـﺘـﻤـﻊ اﻟــﻐــﺮﺑــﺔ اﻟﻤﺼﺮي ﻓﻲ إﺳﻄﻨﺒﻮل ﻏﺎﺋﺼﺎ ﻓﻲ ﺗﻨﺎﻗﻀﺎﺗﻪ وﻛﺎﺷﻔﺎ أزﻣﺎﺗﻪ، ﻣــﻨــﺘــﻬــﻴــﺎ إﻟــــﻰ أن اﻟــﻤــﻌــﺎرﺿــﺔ اﻟـﺴـﻴـﺎﺳـﻴـﺔ اﻟــﺘــﻲ ﺗﻘﻠﺼﺖ إﻟـﻰ ﺻـﻮت واﺣــﺪ ﺛـﻢ إﻟـﻰ ﻣﺆﺳﺴﺔ إﻋﻼﻣﻴﺔ ﺗﺤﻮﻟﺖ ﻫﻲ اﻷﺧﺮى إﻟﻰ ﻧﻮع ﻣﻦ اﻻﻧﻘﻼب وﻟﻴﺴﺖ ﺑــﺄﺣــﺴــﻦ ﺣـــــﺎﻻ ﻣـــﻦ ﺳﻠﻄﺘﻬﺎ ﻫﻨﺎك.

ﺗـﺪاﺧـﻞ اﻟـﺴـﺮد ﺑﻴﻦ أﺟﺰاﺋﻪ ﺑـــﻴـــﻦ ﺻــــــﻮت ﻋــــــﻼء اﻟــﻤــﻤــﺜــﻞ اﻟـــــــﺬي ﻛـــــﺎن ﻳـــﺮﻳـــﻨـــﺎ اﻟـــﻌـــﻮاﻟـــﻢ واﻟــﺸــﺨــﺼــﻴــﺎت ﺑــﻌــﻴــﻨــﻴــﻪ ﻫــﻮ، وﺑــﻴــﻦ إﻇـــﻬـــﺎر اﻟــﺤــﻘــﺎﺋــﻖ ﻣﻦ ﺧﻼل أﺟﻨﺪة ﺷﺨﺼﻴﺔ وﻗﻌﺖ ﺳﻬﻮا ﻓﻲ ﻳﺪ اﻟﺮاوي.

ﻟـــﻜـــﻦ اﻟــــﺸــــﻲء اﻟـــﻨـــﻘـــﻲ ﻓـﻲ اﻟـــﺮواﻳـــﺔ ﻣــﺎ ﺻـــﻮره ﻋـــﻼء ﻣﻦ ﻧﻀﺎل ﺻﺎف وﺣﻘﻴﻘﻲ ﻟﺸﺒﺎب اﻟـﺜـﻮرة ﻣﻦ ﺧـﻼل ﻣﻘﺎوﻣﺘﻬﻢ ﻟـﻠـﻈـﻠـﻢ اﻟــﻤــﻀــﺎﻋــﻒ ﻋــﻠــﻰ ﻗﻠﺔ ﺣﻴﻠﺘﻬﻢ وﻫﻮان أﻣﺮﻫﻢ.