ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺗﻔﻜﻴﺮ أﺛﺮﻳﺎء وﻓﻘﺮاء اﻟﻌﺎﻟﻢ

ﺗـﺮى ﻫﻞ ﻫﻨﺎك ﻓﺮق ﻣﺆﺛﺮ ﻋﻠﻰ ﺣﻴﺎﺗﻨﺎ ﻳﻨﺘﺞ ﻋﻦ اﻟﻄﺮﻳﻘﺔ اﻟﺘﻲ ﻧُﻔ ّﻜﺮ ﺑﻬﺎ؟

وﻫــﻞ ﻫﻨﺎك اﺧـﺘـﻼف ﺑﻴﻦ ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺗﻔﻜﻴﺮ اﻷﺛــﺮﻳــﺎء واﻟـﻔـﻘـﺮاء ﻓﻲ اﻟﻌﺎﻟﻢ؟ ﻫﻞ ﻳﺮﺑﻮن أﻃﻔﺎﻟﻬﻢ ﺑﺎﻟﻄﺮﻳﻘﺔ ذاﺗﻬﺎ؟ ﻫــﺬه اﻷﺳﺌﻠﺔ ﻳﺠﻴﺐ ﻋﻨﻬﺎ ﻛﺘﺎب )أﺑــﻲ اﻟﻐﻨﻲ، أﺑــﻲ اﻟﻔﻘﻴﺮ( اﻟـﺬي ﺗـﻬـﺎﻓـﺖ اﻵﺑـــــﺎء ﻋـﻠـﻰ ﺷــﺮاﺋــﻪ ﻓــﻲ أﻣــﺮﻳــﻜــﺎ، ورﻏـــﻢ أﻧـــﻪ ﻳـﻀـﻢ ﻧﺼﺎﺋﺢ

ٍَ اﺳﺘﺜﻤﺎرﻳﺔ ﻣﻬﻤﺔ إﻻ أن اﻷﻫـــﻢ أﻧــﻪ ﻳﺘﺤﺪث ﻋـﻦ ﺗـﺠـﺮﺑـﺔ ﺷﺨﺼﻴﺔ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﻟﻠﻤﺆﻟﻒ ﻧﻔﺴﻪ؛ ﻓﺎﻟﻤﺆﻟﻒ روﺑﺮت ﻛﻴﻮﻳﺴﺎك ﻛﺎن ﻟﺪﻳﻪ واﻟﺪان، اﻷول: واﻟﺪ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﻓﻲ اﻟﻄﻔﻮﻟﺔ »وﻛﺎن رﺟَﻞ أﻋﻤﺎل ٍﻧﺎﺟًﺤﺎ«، واﻟﺜﺎﻧﻲ واﻟـــﺪه اﻟﺤﻘﻴﻘﻲ »وﻛـــﺎن ﻣﻮﻇﻔﺎ ﻓـﻲ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ«. وأﺛـﻨـﺎء ﻃﻔﻮﻟﺘﻪ ﻛﺎن ﻳﺴﺘﻤﻊ ﻣﻨﻬﻤﺎ إﻟﻰ ﻧﺼﻴﺤﺘﻴﻦ ﻣﺨﺘﻠﻔﺘﻴﻦ ﺣﻮل ﻧﻔﺲ اﻟﻘﻀﺎﻳﺎ، ﻓﻮاﻟﺪه اﻷول ﻛﺎن ﻳﺮﱢﻛﺰ ﺑﺸﺪة ﻋﻠﻰ أﻫﻤﻴﺔ اﻻﺳﺘﺜﻤﺎر وﺗﻨﻤﻴﺔ اﻟﻤﺎل واﻣﺘﻼك ﻋﻤﻞ ﺧﺎص، وواﻟﺪه اﻟﺜﺎﻧﻲ ﻛﺎن ﻳﺮﱢﻛﺰ ﻋﻠﻰ أﻫﻤﻴﺔ اﻟﺘﻌﻠﻴﻢ واﻟﺸﻬﺎدة اﻟُﻌﻠﻴﺎ واﻟﻮﻇﻴﻔﺔ اﻟﻤﺮﻣﻮﻗﺔ، وﻓﻲ اﻟﻨﻬﺎﻳﺔ ﻗﺮَر اﻟﻄﻔﻞ روﺑﺮت اﻟﺘﻘّﻴﺪ ﺑﻨﺼﻴﺤﺔ اﻷب اﻷول، وﻫﻮ ﻣﺎ ﺟﻌﻠﻪ ﻳﺤﻘﻖ اﻟﺜﺮاء ﻗﺒﻞ ﺳﻦ اﻷرﺑﻌﻴﻦ!.

اﻟﻜﺘﺎب ﺑﺎﻹﺿﺎﻓﺔ ﻟﻌﻨﻮاﻧﻪ اﻟﺠﺬاب (Rich dad. Poor dad) ﻳﺮﱢﻛﺰ ﻋﻠﻰ ﺗﻮﺿﻴﺢ اﻟﻔﺮق ﺑﻴﻦ اﻵﺑﺎء اﻷﻏﻨﻴﺎء واﻵﺑﺎء اﻟﻔﻘﺮاء؛ ﻓﺎﻵﺑﺎء اﻟﻔﻘﺮاء ﻳﻌﻤﻠﻮن ﻟﻠﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ اﻟﻤﺎل وﻳﻨﻘﻠﻮن ﻫﺬا اﻟﻤﻔﻬﻮم إﻟﻰ أﺑﻨﺎﺋﻬﻢ، أﻣﺎ اﻵﺑــﺎء اﻷﺛـﺮﻳـﺎء ﻓﻴﺠﻌﻠﻮن اﻟﻤﺎل ﻳﻌﻤﻞ ﻟﺼﺎﻟﺤﻬﻢ وﻳﻌﻠﻤﻮن أﺑﻨﺎءﻫﻢ ﻛﻴﻒ ﻳﻔﻌﻠﻮن ذﻟﻚ، ﻓﺎﻟﻌﺎﺋﻼت اﻟﺜﺮﻳﺔ ﺗﻨﻘﻞ ﻷﺑﻨﺎﺋﻬﺎ ﻣﻔﺎﻫﻴﻢ وأﺳﺎﻟﻴﺐ ﻓﻲ إدارة »أﻋﻤﺎل اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ« ﻻ ﺗﺪرس ﻓﻲ ﻛﻠﻴﺎت اﻻﻗﺘﺼﺎد، ﻓﺎﻟﺨﺒﺮة واﻟﻤﻤﺎرﺳﺔ ﺗﻤﻴﺰان أﺑﻨﺎء اﻷﺛـﺮﻳـﺎء ﻋﻦ ﻏﻴﺮﻫﻢ. وﺣﻴﻦ ﺗﺘﻮﻓﺮ ﻫﺬه اﻟﻌﻨﺎﺻﺮ ﻻ ﻳﺤﺘﺎﺟﻮن ﻟﺘﺄﺳﻴﺲ ﻣﺸﺮوع ﻧﺎﺟﺢ إﻻ ﻟـ »رأس اﻟﻤﺎل«، وﻳﻤﻠﻚ ﻣﻨﻪ اﻟﻮاﻟﺪ اﻟﻜﺜﻴﺮ!.

واﻵﺑﺎء اﻷﺛﺮﻳﺎء ﻻ ُﻳﺸﱢﺪدون ﻛﺜﻴًﺮا ﻋﻠﻰ ﻧَْﻴِﻞ اﻟﺸﻬﺎدات اﻷﻛﺎدﻳﻤّﻴﺔ. ﻓﻬﻢ ﻳﻬﺘﻤﻮن أﻛﺜﺮ ﺑﻘﺪرة أﺑﻨﺎﺋﻬﻢ ﻋﻠﻰ إدارة »ﺷﺮﻛﺔ اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ« ﺑﻌﺪ وﻓﺎﺗﻬﻢ وَﻓْﻬﻢ »ﺳﺮ اﻟﺼﻨﻌﺔ« ﻓﻲ ﻋﻤﺮ ُﻣﺒّﻜﺮ، وﻓﻲ اﻟُﻤﻘﺎﺑﻞ ُﻳﻌّﻠﻢ اﻵﺑـﺎء اﻟﻔﻘﺮاء أﺑﻨﺎءﻫﻢ أن اﻟﻨﺠﺎح ﻳﻤﺮ ﻓﻘﻂ ﻋﺒﺮ ﻃﺮﻳﻖ واﺣـﺪة ﻫﻲ )اﻟـﺸـﻬـﺎدة اﻟـﺠـﺎﻣـﻌـﻴـﺔ(، ﻏﻴﺮ أن ﻫــﺬه اﻟﻨﺼﻴﺤﺔ أﻓـــﺮزت ﺟﻴﺸﺎ ﻣﻦ اﻟﻌﺎﻃﻠﻴﻦ ﻋﻦ اﻟﻌﻤﻞ، وﻓﻲ اﻟُﻤﻘﺎﺑﻞ ﻧﺠﺪ أﺑﻨﺎء اﻷﺛﺮﻳﺎء ﺗﻤﻜﻨﻮا ﻻﺣًﻘﺎ ﻣﻦ ﺗﻮﻇﻴﻒ أﺑﻨﺎء اﻟﻔﻘﺮاء أﺻﺤﺎب اﻟﺸﻬﺎدات اﻟُﻌﻠﻴﺎ ﻟﺰﻳﺎدة ﺛﺮوﺗﻬﻢ!

ﻻ ﻋﺠﺐ إذن ﻓﻲ أن أﺑﻨﺎء اﻷﺛـﺮﻳـﺎء ﻳﺒﻘﻮن ﻛﺬﻟﻚ، وأﺑـﻨـﺎء اﻟﻔﻘﺮاء ﻳﺴﺘﻤّﺮون ﺑﻔﻘﺮﻫﻢ دون أن ُﻳﺪرﻛﻮا اﻟﺴﺒﺐ.

hananbadih٥٨@gmail.com