Al-Watan (Qatar)

سنوات على «التغريبة» السورية

-

«أتمنى أن أعيش في أي بلد غير سوريا، بلد فيه أمان ومدارس وألعاب» ، حلم للطفلة لارا البالغة السابعة من العمر والنازحة في إدلب في شمال غرب سوريا، عبرت عنه في تقرير لمنظمة «أنقذوا الأطفال » . وخلص التقرير إلى هذه النتيجة: « في المائة من الأطفال اللاجئين.. لا يريدون العودة إلى سوريا»، بينما طفل واحد من كل ثلاثة من النازحين داخلها يفضل العيش في بلد آخر. أرقام وحقائق

لم تبق نار الحرب في سوريا ولم تذر وأكلت الأخضر قبل اليابس والبشر والحجر. قضى حوالي 400 ألف شخص، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يواصل احتساب عدد القتلى بعد توقّف المنظمات الدولية عن ذلك منذ فترة طويلة. وأجبر النزاع الدامي نصف عدد سكان سوريا البالغ قرابة 22 مليون إلى مغادرة منازلهم، في أكبر موجة نزوح منذ الحرب العالمية الثانية. وفرّ أكثر من خمسة ملاين ونصف مليون سوري خارج البلاد، معظمهم إلى دول الجوار لا سيما تركيا ولبنان والأردن. ثلثهم تقريباً من الأطفال من عمر 11 عاماً وما دون، بحسب إحصاءات المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، ونزح في داخل البلد أكثر من 6 ملايين إنسان. تتضارب الأرقام بين تلك التي تقدمها المفوضية السامية وما تتحدث عنه الحكومات المضيفة، ومرد ذلك إلى سعي

بعض الدول إلى الحصول على مساعدات أكبر من الأمم المتحدة ومحاولة أخرى توظيف ملف اللاجئين في سياساتها الداخلية أو الخارجية. تستضيف تركيا القسم الأكبر من اللاجئين السوريين المسجلين وبواقع ثلاثة ملايين و600 ألف سوري، حسب المفوضية الأممية لشؤون اللاجئين. في حين ذكر معهد DeZim الألماني في 30 سبتمبر الماضي أنه «من الواقعية» اعتبار أن عدد اللاجئين يقترب من ثلاثة ملايين سوري. ولجأ إلى لبنان أكثر من مليون، وفق التقديرات الأممية، بينما تقول الحكومة إن العدد «الفعلي» أكثر من مليون ونصف. ويعيش نحو 663 ألف لاجئ سوري مسجلين لدى الأمم المتحدة في الأردن، بينما تقدر عمان عدد الذين لجأوا إلى المملكة منذ اندلاع النزاع في سوريا بأكثر من مليون سوري، ويعيش 246 ألف لاجئ سوري في العراق غالبيتهم في كردستان. وفي مصر يعيش حوالي 130 ألف لاجئ مسجل لدى الأمم المتحدة، بيد أن مساعد

وزير الخارجية المصري للشؤون العربية، المندوب الدائم بجامعة الدول العربية، محمد البدري، قال في أواخر مايو 2019 أن «العدد الحقيقي يقدر بـ 550 ألف شخص». أما في ألمانيا، فتحدث المكتب الاتحادي للإحصاء في يونيو من عام 2020 عن وجود 790 ألف سوري في نهاية عام 2019، بعد أن كان يعيش في ألمانيا 30 ألف سوري فقط قبل الحرب، ووصل إلى السويد 100 ألف على الأقل. وكان الرئيس السوري بشار الأسد أصدر مرسوماً تشريعياً يقضي بمنح عفو عام عن الجرائم «الإرهابية» المرتكبة من السوريين عدا التي أفضت إلى موت إنسان. وسبق للرئيس السوري بشار الأسد أن أصدر مراسيم عفو عدة منذ بدء النزاع تضمنت استثناءات كثيرة، وكان آخرها في مايو الماضي قبل أسابيع من إعادة انتخابه رئيساً للمرة الرابعة. إلا أن المرسوم الجديد الذي صدر السبت، أي قبل يومين من احتفال المسلمين بعيد الفطر، يُعد، وفق ناشطين حقوقيين، الأكثر شمولاً في

ما يتعلق بجرائم «الإرهاب» كونه لا يتضمن استثناءات كما قضت العادة. ويقضي المرسوم الجديد «بمنح عفو عام عن الجرائم الإرهابية المرتكبة من السوريين» قبل 30 أبريل العام 2022، «عدا التي أفضت إلى موت إنسان والمنصوص عليها في قانون مكافحة الإرهاب». وأفاد المرصد السوري الإثنين عن «خروج أكثر من عشرات المعتقلين من مختلف المناطق السورية، بعضهم من أمضى عشر سنوات على الأقل» في سجون النظام. ومن المفترض في حال استكمال تنفيذ المرسوم الجديد، وفق المرصد، أن يجري الإفراج عن «عشرات آلاف المعتقلين» وكثر منهم متهمون بجرائم تتعلق بـ«الإرهاب»، الذي وصفه مدير المرصد رامي عبد الرحمن بأنه «عنوان فضفاض لإدانة الموقوفين عشوائياً». وبحسب لائحة تناقلها ناشطون حقوقيون على وسائل التواصل الاجتماعي وتضمنت 20 اسماً، فإن بين المفرج عنهم معتقلون أمضوا سنوات في سجن صيدنايا ذائع الصيت والذي وصفته منظمة العفو الدولية

بأنه «مسلخ بشري» بعدما وثقت اعدام نحو 13 ألف شخص فيه شنقاً بين العامين 2011 و 2015 . ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية )سانا( عن معاون وزير العدل القاضي نزار صدقني أن المرسوم «جاء مختصاً بجرائم محددة بموضوعها وهي الجرائم الإرهابية، وشمل جرائم مختلفة منها العمل مع مجموعات إرهابية أو تمويل أو تدريب إرهاب أو تصنيع وسائل إرهاب أو إخلال بالأمن». واعتبرت المحامية نورا غازي، مديرة منظمة «نو فوتو زون» المعنية بتقديم المساعدة القانونية للمعتقلين والمفقودين وعائلاتهم، أنه «أكبر عفو يصدر منذ بداية الثورة السورية كونه يشمل كافة الجرائم المتعلقة بالإرهاب باستثناء تلك التي لم تتسبب بموت». وتضيف: «من المتوقع أن يخرج الكثير من الأشخاص، لكن الأمر سيحتاج إلى الكثير من الوقت». وانتقد المدير التنفيذي للمركز السوري للعدالة والمساءلة محمّد العبد الله طريقة الإفراج عن المعتقلين، وكتب على صفحته على فيسبوك: «الافراجات بالسر، بالليل، بالعتمة، تجمع الناس في مراكز إفراج عشوائية»، محذراً من «فتح باب الشائعات والسمسرة والتلاعب بمشاعر الناس». هذا وعبر معارضون على مواقع التواصل الاجتماعي عن اعتقادهم أن الإفراج جاء لتهدئة الرأي العام بعد كشف صحيفة الغارديان عن «مذبحة في حي التضامن في دمشق، ذهب ضحيتها 41 شخصاً»، وفق الصحيفة. ومنذ بدء النزاع العام 2011، دخل نصف مليون شخص إلى سجون ومراكز اعتقال تابعة للنظام، قضى أكثر من مائة ألف منهم تحت التعذيب أو نتيجة ظروف اعتقال مروعة، وفق المرصد السوري. وتتهم منظمات حقوقية، بينها هيومن رايتس ووتش، النظام السوري باستغلال قوانين مكافحة الإرهاب «لإدانة ناشطين سلميين». كما تُوجه للنظام السوري اتهامات بالتعذيب في السجون حتى الموت والاغتصاب والاعتداءا­ت الجنسية إلى الإعدامات خارج إطار القانون.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar