إزاحة المشاعر

ربما يتسبب تصرف سائق متهور بإثارة عصبيتك خالل قيادتك للسيارة وأنت تصطحب أفراد أسرتك لنزهة عائلية قصيرة، وقبل أن تهدأ ضربات قلبك وتنتظم أنفسك من نوبة االنفعال تلك، يطلب منك أحد األوالد طلبًا، أو ُيسقط أحدهم العصير على كرسي السيارة، وهنا تثور في وجه طفلك بعصبية قد تكون مفرطة، ال تتناسب إطالقا مع حجم الخطأ الذي اقترفه الطفل المسكين. وربما تعود من عملك إلى المنزل وأنت تشعر بالسخط من تأخر عالوة كنت تتوقعها، أو لجدال وخالف حصل بينك وبين أحد الزمالء، وأثناء تناول وجبة الغداء تخبرك الزوجة بضرورة الذهاب إلى مركز التسوق لجلب بعض االحتياجات، وهو أمر طبيعي معتاد، ولكن ردة فعلك تتميز بالغضب والسخط من الزوجة والبيت أجمع، ومن كثرة الطلبات. وبالمقابل، تتلقى مكالمة هاتفية من أحد الزمالء يخبرك بحصولك على عالوة أو ترقية، أو نجاح إحدى صفقاتك التجارية، وعندها ال تتمالك نفسك من شدة الفرحة، وتدعو أفراد األسرة للخروج احتفاال بما حققته من نجاح. يمكن تسمية المواقف التي تم ذكرها، وما يشابهها من مواقف بـ «إزاحة المشاعر»، وقد يحلو للبعض تسميتها بـ «انعكاس المشاعر»، فيمكن المالحظة بأنك في الموقفين األول والثاني قد عكست مشاعر الغضب الُمتولدة لديك بسبب ظروف خارجية على من يحيطك من أفراد أسرتك، أما في الموقف الثالث؛ فانعكسْت مشاعر البهجة والسرور على أفراد األسرة بسبب حادث وقع بعيدا عن المنزل. كثيرا ما نمارس «إزاحة المشاعر» دون أن نشعر، عندما نغضب، نسارع إلى تفجير الغضب في أول من نقابلهم من الناس، وقد يكون للزوجة النصيب األكبر من ذلك، وعندما نفرح، نحاول أن نرى الجميع سعداء، وقد نبذل جهدا من أجل تحقيق ذلك. وتنطوي عملية إزاحة المشاعر على ثالثة جوانب مهمة يجب إدراكها لتقليل حجم الخسائر الناتجة عنها، ولزيادة مقدار الفائدة منها: األول: يجب أن نحاول جاهدين السيطرة على إزاحة مشاعرنا، فليس ألفراد األسرة ذنب في خسارة إحدى الصفقات التجارية، وليس لزميلك في العمل ذنب في شجارك مع زوجتك، وال ذنب ألحد عمالء شركتك ذنب في تعطل سيارتك أثناء قدومك للعمل. وبالتالي ال بد من مراقبة ردود أفعالنا تجاه اآلخرين، ومحاولة التقليل من إزاحة المشاعر السلبية وعكسها تجاههم. الثاني: هنالك جانب إيجابي إلزاحة المشاعر، فأنت ال تتردد في طلب عالوة من رئيسك في العمل عندما تجده سعيدا، ومن المستحيل أن تطلب زوجتك أو أحد أبنائك منك طلبا وهم يعلمون أن تشعر بالغضب، وبالتالي ال بد أن نستغل هذا الجانب اإليجابي، وال مانع طبعا أن تحاول أن تعكس الفرح والسعادة على محيطك كاألسرة واألصدقاء والعمل، وأن تسيطر على مشاعر الحزن والغضب داخلك، وهذه عملية صعبة تحتاج إلى الكثير من التدرب. أما الجانب الثالث فهو محاولة فهم إزاحة اآلخرين لمشاعرهم تجاهنا، وانعكاس تلك المشاعر علينا، فإدراكك أن زميلك يعاني من مشاكل زوجية تدفعك إلى محاولة تجنبه، أو تهدئة الموقف وعدم تصعيده في حال فجر مشاعر غضبه تجاهك، وعندما تهدأ ثائرته ستجده يعود معتذرا. وهذا جانب مهم جد ّا لألزواج، فمهم جد ًا أن تدرك أوقات التقلبات المزاجية الشهرية لزوجتك، وتراعي إزاحة مشاعرها تجاه المنزل، ومهم جدا أن تدرك الزوجة مشاعر زوجها، وتتجنب تفعيل إزاحة مشاعر الغضب أو الحزن تجاهها، أو تجاه المنزل بأكمله.