Al-Watan (Qatar)

«كسب القلوب» أم «كسب المواقف»

- عبير نور الدين

عندما نستعرض حكم وآراء العلماء والحكماء في التاريخ اإلسالمي، نجد أنهم أسهموا بإسهامات عظيمة في بناء فلسفة الحياة وفهمها السليم. من بين هؤالء العلماء الذين تركوا بصمتهم العميقة في تاريخ الفكر اإلسالمي هو اإلمام الشافعي، الذي برز بفراسة في تعامالته ونصائحه لآلخرين.

تجلى ذلك في إحدى الحكم التي رواها التاريخ عن اإلمام الشافعي، حيث نصح تلميذه قائال: «يا يونس، ال تحاول االنتصار في كل االختالفات؛ فأحيانا (كسب القلوب) أولى من (كسب المواقف). يا يونس، ال تهدم الجسور التي بنيتها وعبرتها؛ فربما تحتاجها للعودة يوما ما». هذه الكلمات تحمل في طياتها دروسا عظيمة في فن التعامل والحكمة في التصرف. فاإلمام الشافعي يعلمنا أن االنتصار في الجدال ليس دائما هو الهدف األسمى، بل يجب أحيانا التركيز على كسب قلوب اآلخرين والحفاظ على عالقاتنا معهم. كما أنه يحث على عدم تدمير الجسور التي بنيناها مع اآلخرين، فقد نحتاج إليها في المستقبل للعودة وإصالح العالقات التي تعثرت. في سياقنا الحالي، تتزايد أهمية فهم هذه الحكمة وتطبيقها في حياتنا اليومية وفي التعامل مع اآلخرين، سواء في العالقات الشخصية أو العملية أو حتى في المجتمع بشكل عام. فالحكمة والفراسة في التصرف هي من أساسيات بناء العالقات اإلنسانية السليمة والمستقرة. ومن هنا، فإن تعاليم اإلمام الشافعي تعكس جوهر اإلسالم وقيمه السامية التي تحث على الحكمة والتسامح والتفاهم في التعامل مع اآلخرين. إنها دعوة للنظر بعمق إلى معنى الفراسة في التعامل والتصرف، وتذكير بأن الحكمة والصبر في السلوك هما مفتاح النجاح والسعادة في الحياة. لذا، فإن فهم فلسفة الحكمة والفراسة في التعامل وتطبيقها في حياتنا يعد من أهم العوامل التي تساهم في بناء عالقاتنا ونجاحنا في الحياة. ومن الضروري أن نتعلم من تجارب السابقين ونستفيد من تعاليمهم لنكون أفضل في التعامل مع اآلخرين وفي بناء مجتمعنا وتحقيق رضا الله تعالى. إنها الحكمة التي تفوق الحكمة، والفراسة التي تتجاوز البصيرة، والتي تعكس أروع مظاهر اإلنسانية السامية التي يحثنا اإلسالم على تحقيقها في حياتنا اليومية. في نهاية المقال، يجب علينا أن نتعلم من هذه الحكمة ونسعى لتطبيقها في حياتنا اليومية، فهي تعكس القيم اإلسالمية العظيمة التي تحث على الحكمة والصبر والتفاهم في التعامل مع اآلخرين، وهي بالتأكيد طريق النجاح والسعادة في الحياة.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar