Al-Watan (Qatar)

حرب مجنونة.. وحسابات خاطئة

- إيهاب عمرو أستاذ متخصص في القانون { عربي بوست

ومع الحديث عن أن الحرب تقترب من أن تضع أوزارها، ولو مؤقتا، تبرز الحاجة لقراءة واعية متأنية وعميقة، غير سطحية، ألسباب تلك الحرب وتداعياتها المحلية واإلقليمية والدولية، واألهم من ذلك تداعياتها وتأثيراتها على اإلنسان الفلسطيني، والجغرافيا، والديمغراف­يا الفلسطينية التي أصبحت مهددة أكثر من أي وقت مضى في األراضي الفلسطينية المحتلة كافة، وليس فقط في قطاع غزة، ال بل إنها ربما تكون مهددة في كل من الضفة الغربية وشرقي القدس بشكل أكبر بسبب المنطلقات الدينية للطرف اآلخر ورؤيته وروايته لهما من منظور عقائدي، وليس سياسيا فحسب. ولعل التساؤل الذي يطرحه الجميع في األراضي الفلسطينية المحتلة: كيف حدث ما حدث دون قدرة الطرف اآلخر القوي استخباراتيًا وتكنولوجيًا على كشفه أو منعه قبل ذلك، خاصة في ظل التكنولوجي­ا المتطورة التي يملكها الطرف اآلخر، واألقمار الصناعية والبرامج المتطورة كذلك. ولعل ما حدث َشَّكَل ذريعة وغطاًء لكل ما تبع ذلك من اعتداءات سافرة ضد أهلنا في قطاع غزة الحبيب، وفي الضفة الغربية وشرقي القدس كذلك. ومن خالل نظرة سريعة على نتيجة تلك االعتداءات، خاصة في قطاع غزة الحبيب، كما أشارت بعض وسائل اإلعالم الغربية وبعض التقارير الصادرة عن المؤسسات األممية، نالحظ إلقاء أكثر من 30 ألف قنبلة وقذيفة على قطاع غزة خالل األربعة أشهر األولى، ناهيك عن قتل 30 ألف إنسان، جلهم من األطفال والنساء، وجرح 70 ألف إنسان، وفقد الكثير ممن ال يعرف عددهم. إضافة إلى تدمير أو تضرر معظم البنايات والمنازل والمساجد والكنائس والمدارس والجامعات في قطاع غزة، ونزوح معظم سكان القطاع من أماكن سكناهم إلى أماكن أخرى اعتقاد ًا منهم أنها أكثر أمن ًا وأمان ًا. من الواضح أن حسابات األطراف كافة كانت خاطئة، إذ ربما لم تتوقع الجهة الفلسطينية المسيطرة بقوة األمر الواقع على قطاع غزة ردة الفعل العنيفة تلك من قبل الطرف اآلخر مع ما نتج عنها من ويالت ودمار وخسائر في األرواح والممتلكات وإعادة الشعب الفلسطيني في قطاع غزة المكلوم مائة عام إلى الوراء. وربما لم يتوقع الطرف اآلخر أن ينقلب الرأي العام الدولي ضده، وأن يبدأ الحديث عن خطوات عملية إلقامة دولة فلسطينية مستقلة. وربما لم تتوقع الدول الغربية الداعمة للطرف اآلخر تجاوزه للخطوط الحمراء في تلك الحرب، ما وضع حكومات معظم تلك الدول في مأزق داخلي، أخالقي، وسياسي، وقانوني، أمام شعوبها.

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar