»ﺗﺎرﺑﺎ« ﺿﺮورة اﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ ﻟﻠﺘﻜﻨﻮﻟﻮﺟﻴﺎ
رؤﻳﺘﻲ
أثار صعود شركات التكنولوجيا اآلسيوية البارزة، ال سيما في قطاعي أشباه الموصالت والبطاريات، دعوة للعمل إلى إنشاء وكالة مشاريع األبحاث المتقدمة عبر األطلسي
)TARPA) بين الواليات المتحدة وأوروبا، مستوحاة من وكالة مشاريع األبحاث الدفاعية المتقدمة )DARPA( في الواليات المتحدة. وتهدف هذه المبادرة المقترحة، المعروفة بدورها في تشكيل التقنيات التحويلية، مثل اإلنترنت ونظام تحديد المواقع GPS إلى تمهيد الطريق لالبتكار التعاوني. إن المنطق وراء مشروع «تاربا» واضح، من خالل دمج مواردهما وخبراتهما، حيث يمكن للواليات المتحدة وأوروبا التعجيل بالتقدم في مجال التقنيات الحديثة، مع تخفيف األعباء المالية المرتبطة بالبحث والتطوير
.)R&D) وسيؤدي هذا التعاون بدوره إلى تشكيل فروع متخصصة مثل تاربا سي
)TARPAC) وتاربا بطاريات ،)TARPAB( مع التركيز على تطوير الجيل القادم من أشباه الموصالت وتقنية البطاريات. وبصفتي مراقبا عالميا لتوجهات التكنولوجيا والتجارة، وبعد أن شغلُت مناصب رئاسية أو على مستوى العضوية، لجان األمم المتحدة، ومنظمة التجارة العالمية لتكنولوجيا المعلومات واالتصاالت، أرى أن مثل هذا التحالف يشكل أهمية حيوية بالنسبة للغرب، حيث ظهرت هذه المجاالت كنقاط ضعف في الدول الغربية
بسبب اعتمادها الكبير على شرق آسيا في هذه التطورات الحاسمة، التي تلعب دورا محوريا في مختلف القطاعات التي يهيمن عليها المصنعون الذين يتخذون من شرق آسيا مقرا لهم. لمعالجة هذه المسألة، يمكن لـ «تاربا» سي أن تكون رائدة في البحث والتطوير قبل المنافسة، مما يضمن قدرة الشركات الغربية على المنافسة في سباق االبتكار في مجال الشرائح. بالمثل، سيكون هدف تاربا ب تعطيل هيمنة الدول اآلسيوية في سوق البطاريات، األمر الذي يعتبر حيويا لقطاع السيارات الكهربائية المتنامي وحلول تخزين الطاقة المتجددة. ومن شأن ذلك أن يوفر خيارات ممكنة للحد من الهيمنة الشرقية في هذه المجاالت، ويساعد في التخفيف من مشاكل سالسل التوريد. ومن شأن إنشاء صندوق استثمار مشترك في التكنولوجيا بين القطاعين العام والخاص دعم جهود تاربا، وذلك باستخدام الدعم الحكومي لجذب االستثمارات الخاصة. لن تشجع هذه االستراتيجية االبتكار فحسب، بل ستزرع المخاطر المالية المرتبطة بالتقدم التكنولوجي ذي المخاطر العالية، فضال عن تعزيز الجهود المشتركة لمعالجة قضايا مثل التحديات الصحية العالمية. باإلضافة إلى ذلك، ال ينبغي االستهانة باألهمية الجيوسياسية لتاربا. ففي زمن غالبا ما يتم فيه استخدام التكنولوجيا كسالح في النزاعات التجارية والصراعات السياسية، يمكن أن يكون وجود جبهة موحدة عبر األطلسي عامال لتحقيق االستقرار. حيث من شأنه أن يظهر التزاما بالقيم المشتركة والتقدم المتبادل، مما يعزز العالقات بين الواليات المتحدة وأوروبا. ومع استمرار اندماج العوالم الرقمية والفيزيائية، لن تقوم مبادرات مثل تاربا بتشكيل مشهد التكنولوجيا فحسب، بل ستعيد تعريف الديناميكيات الجيوسياسية في القرن الواحد والعشرين. ومع ذلك، فإن مثل هذا التحالف سيحتاج إلى التحرك بسرعة، ومواكبة نظرائهم الشرقيين الذين يتقدمون بسرعة، والذين ال يتوقفون عند أي شيء لتحقيق السيطرة على التكنولوجيا العالمية.
د. ﻃﻼل أﺑﻮﻏﺰاﻟﺔ