Al-Watan (Qatar)

ﺗﺠــــﺎر أﺣـــــﻼم اﻟﺠــﻤــــ­ﺎل

-

حسب تصنيف «مثلث القوى الياباني»، هنالك ثلث قوى لإلنسان: قوة السيف التي ترمز إلى القوة، والدرر التي ترمز إلى المال، قوى المرايا، وهي معرفة اإلمكانيات، إال أن القوة األهم بين القوى الثلث هي قوة المرايا، حيث يتعرف اإلنسان إلى نقاط القوة والضعف لديه، فيعمل على تنمية األولى ومعالجة الثانية. وتنطوي تلك القوة على مضمون عجيب، فهي تتضمن التصالح مع الذات، والقبول بما ما ليس منه ُبّد، فهنالك صفات خلقية أودعها الله بنا، ولسنا قادرين على تغييرها كالطول ولون البشرة وشكل الشفاه واألنف وطول األصابع وغيرها، ومن المعيب وال ُمح ّرم أحيان اًا العبث بها. تتصدر المشهد اآلن عمليات التجميل، من نحت للوجه ونفخ للشفاه والخدود، وشفط للدهون، ونحت لكامل الجسم، وعبث بالحاجبين، وتغيير رسمة العين وشكل األنف، وغيرها من عمليات التجميل الوهمي. المشكلة أنه قد بات من الطبيعي اليوم أن تراجع السيدة مراكز التجميل شهريا؛ بقصد التزود من السيلكون والفيلر والبوتكس وغيرها من الكيماويات التي تمأل أجسادهن، دون التفكير في تأثير هذه الكيماويات على مستقبلهن القريب والبعيد. بل هنالك سباق محموم بين «فقاعات التواصل» اليوم للقيام بعمليات التجميل تلك، فنحن نعرف بعضهم وبعضهن في الماضي والحاضر، وكيف تغيرت أشكالهم

وأشكالهن بشكل كبير، وكأنها قد أصبحت شخصية أخرى، ال علقة لها بالشكل القديم بتاتا. الحكم الشرعي لتلك العمليات واضح وال يحتاج إلى تلعب، فإذا كان هنالك حاجة طبية لتلك العملية، مثل انحراف الوتيرة في األنف لتحسين التنفس فل بأس، ولكن تلك العمليات التي تعمل على تغيير الشكل بقصد الجمال فقط فهي محرمة بل شك، بل هي نوع من أنواع الخداع والتحايل على الطرف اآلخر في حال الزواج. تكلف تلك العمليات عدة آالف من الدوالرات، وقد تكون خارج حدود إمكانيات الكثير من الرجال والنساء، ولكن تقوم المراكز المتخصصة بتلك العمليات بإجرائها مجانا لعدد من المشاهير «الفقاعات» بقصد الترويج لمراكزهم وأطباءهم. وبعد أن يتهافت الناس على تلك المراكز بتأثير من المشهور الفلني، يضاعفون األسعار على المراجعين، لتحصيل تكاليف اإلعلن الذي جذبهم. من الهام جدا أن تشكر الله الذي خلقك في أحسن تقويم، ووضع فيك

صفات خلقية محددة تتناسب مع احتياجك، وطلب غيرها من صفات الجمال والموضة يتعارض مع إرادة الله، وعبث في خلق الله القويم. أنت بحاجة إلى التصالح مع ذاتك، والقبول بما وجدت نفسك عليه، فلون البشرة ورسمة العين وشكل الحاجب يختلف كثيرا بين البشر، ومتابعة الموضة في شكلك ال يحسن منه، بل يجعل منك سلعة في يد تجار أحلم الجمال الوهمي. اليوم في إقدامك على تحدي إرادة الله عز وجل، واالعتراض على خلقه القويم السليم، أنت تخاطر بحياتك في تعرضك إلى نسب عالية من المواد الكيميائية وإدخالها إلى جسدك، فحتى اآلن، ال يوجد دراسات لتأثير تلك المواد على المدى البعيد، كما أن العديد من عمليات التجميل قد فشلت في تحقيق الشكل المطلوب، بل انعكست نتائج تلك العمليات سلبا على أصحابها، فل هم قبلوا بالشكل الذي خلقهم الله عليه، وال هم نالوا الشكل الجديد الذي يحلمون به. بتسليمك لقضاء الله وقدره، وإيمانك بحكمته في كل صفة خلقية وضعها بك، أنت تتصالح مع ذاتك، وتعلن القبول بها، وعدم الخجل من تلك الصفات الطبيعية. باإلضافة إلى ذلك، أنت تعمل على توفير المال الذي وهبك الله إياه لعمارة األرض، واستخدامه في تحقيق طلباتك المشروعة، ومساعدة المحتاجين، ال أن تلقيه على عتبات مراكز التجميل لتغيير خلق الله.

أﻧﺲ ﻣﻌﺎﺑﺮة

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar