Al-Watan (Qatar)

اﻟﻈﺎﻫﺮة اﻟﻘﺮآﻧﻴﺔ ﻓﻲ اﻟﺠﺪل اﻟﻔﻠﺴﻔﻲ

- ﺑﺎﺣﺚ ﻋﺮﺑﻲ ﻣﺴﺘﻘﻞ رﺋﻴﺲ اﻟﻤﺮﻛﺰ اﻟﻜﻨﺪي ﻟﻼﺳﺘﺸﺎرات اﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ‪mohan`` ahubail@hotmail.com‬

اﻟﻤﻌﻴﺎر اﻟﺤﺎد اﻟﺬي ﺳﻴﻄﺮ ﻋﻠﻰ اﻋﺘﻤﺎد اﻟﺒﺤﻮث واﻷﻓﻜﺎر ﻣﺤﻜﻮم ﺑﻤﺴﻄﺮة ﻏﻴﺮ ﻣﻨﺘﺨﺒﺔ ﻋﺎﻟﻤﻴﴼ

صدر مالك بن نبي رؤيته النطالقة العالم اإلسالمي الجديد، من خالل الظاهرة القرآنية، والمصطلح هنا ليس عنوان كتاب فقط، ولكنه ركيزة اندفع فيها مالك بن نبي تحت راية القرآن، بلغة مختلفة، عالمية علمية، جدلية ال نصية وعظية، في مرافعات فكرية متسلسلة، قررت المبادرة بالرد على االستشراق القرآني، قبل التأصيل لعالم المسلم المعاصر، هذا العالم تداخلت فيه الكثير من مصائب حاضره، وأزمات الوطن العربي والكفاح الجزائري، وصراعه الداخلي في حياة مالك بن نبي، وظهر في مشكالت النهضة وشروطها. أما في الظاهرة القرآنية، فمالك بن نبي هنا أكثر صفاًء وهدوًءا، في تحريراته الفكرية وفي موازناتها، في منصة الجدل العالمي، وحين نقول الجدل العالمي منذ ،1946 صدور طبعته الفرنسية األولى، حتى مراجعات مالك بن نبي األخيرة لمذكراته في منتصف الخمسينات، ووصاياه األخيرة قبل الرحيل ،1974 فإن هذه المنصة حتى اليوم لم يتغير انحيازها، إن كنا نقصد به الرواق األكاديمي الغربي، أو الشرق الذي استتبع شروط الغرب في رواقه ومؤسساته األكاديمية، ومن باب أولى المساحات المساندة أو المتداخلة مع الجدل والتفلسف األكاديمي في العالم الغربي، ثم ارتداداتها اللوجستية النفسية في عالم الجنوب. وما أقصده هنا أن المعيار الحاد الذي سيطر على اعتماد، البحوث واألفكار وخاصة جدل المقارنة الفلسفي، بين األديان أو عن األديان، محكوم بمسطرة غير منتخبة عالميا. والتقليد المطلق لها في عالم الجنوب، مأزوم بالقابلية للخضوع الفلسفي، بل إنك اليوم تشهد انصرافًا وتقهقرًا في قراءة تيار التمرد عن الفلسفة الغربية، في عالم الجنوب نفسه، وبالتالي يجهد البعض، للبحث عن االعتراف بالذات الفكرية في الجنوب العالمي، وبحدود جدلها الفلسفي والسماح له بطرح رؤيته، منخاللالغر­ب فكيفيستقيم الظل والعود أعوج. إن استطرادي هنا، هو محاولة طرح مرافعة مختلفة، عن مسرح القابلية المطلقة لمشارطة األكاديمية الغربية،

ورواقها الموازي، والتي ال نجادل بها هنا أركان هذه األكاديمية، فهي ال تزال مدججة بدعم غربي اقتصادي وسياسي، تمطر ثروته من عالم الجنوب وبعثات طالبه، ونفقات حكومات الجنوب على مبتعثيها أو البحوث المطلوبة منها، والمحاطة ِبَكٍم ليس قليل من الفساد، ولكننا نناقش أثر هذه القبة الحديدية في الذات الشرقية، ونشير هنا إلى المعيار الذي يحكمنا. فما هو المعيار في حوكمة هذا الجدل، وهذا النحت الفلسفي، هل هي هيئات يعتمدها الرواق الغربي، أم مسلمات تداول مغلقة، لنظم البحث الغربي، أم الشهادات األكاديمية، باعتبارها حدود للمعرفة، فمالك بن نبي لم يحصل على

شيء منها على سبيل المثال، غير أن أمثاله في العالم الغربي، لم يطرد من عالم المعرفة، بل رفع في آفاقها دون أي شهادة يحملها، فلماذا يربط بن نبي بهذه المشارطة؟ كل هذا ال يلغي أن المأسسة الغربية الحديثة، للجامعات األكاديمية، والمؤسسات البحثية، خلقت ميادين معرفة كبرى، وفي وقت تخلف فيه المسلمون عن حكمة الوقف العظيمة، ففّعَلها الغرب، وأمطر أثرياؤه الكثير من األموال، في سبيل نهضة علمية في العلوم البحتة والتطبيقية، وفي العلوم االجتماعية التأسيسية، ونحت تاريخ األصل االجتماعي، في إعادة تعريف اإلنسان ومهمته في الحياة، وكيف يعبر بها إلى العمران، وهي في األساس المطلق شريعة ملزمة للمسلمين، ضيعوها إضاعة كبرى. كما أن للغرب تميزا في القدرة على عزل العاطفة عن التحقيق البحثي، وهو مسار شرطي لتقدم األمم، تضعف فيه إرادة المجتمع، ومرجعيات العلوم في حاضر العالم المسلم، ورغم أن الغرب، لم يتطهر من تسييس المعرفة، غير أنه فصل توجيه نتائجها، عن مدارات التحقيق والبحث األولى لطالب وأساتذة المعرفة، ثم حول استثمار اكاديميته، نحو مشاريعه السياسية االستغاللي­ة، أما الشرق فقد كفل له الفساد، ثم نزعات الصراع االجتماعي والمصلحي والنفعي، ما يكفي لقطع طريق المعرفة المستقلة، فَصّبت هذه الفوضى في مصالح الغرب الحديث. الحظ هنا كيف كانت الوفود الغربية، لطلبة المعرفة في القرون القديمة، تصل دون مشارطة، ودون تمييز وبالذات في معاهد األندلس، أو العراق وغيرهما، فيعود طالب المعرفة إلى أوروبا ليؤسس فيها انطالقته الجديدة، ال يحاصره أحد وال تراقبه مخابرات، وال ُتخّطط الغتياله، خشية نقله للمعرفة لصالح أوروبا، التي اجتاحت بعدها حواضر المسلمين، واستباحت دمائهم وأراضيهم، إذن فتحرير نقطة النظام هذه لتفصل في محل النزاع، أمر مهم للعودة إلى فالسفة الشرق ومفكريه، المتقدمين والمتأخرين.

ﻣﻬﻨﺎ اﻟﺤﺒﻴﻞ

 ?? ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar