تصعيد في الجبهات السورية الساخنة
شهدت جبهات سورية، خالل اليومين الماضيين، تصعيدًا، ما يعكس التوترات السياسية بين الجهات المحلية والدولية الفاعلة في سورية
شـــهـــدت الـــعـــديـــد مــــن املـــنـــاطـــق الـــســـاخـــنـــة فـي الــشــمــال الـــســـوري والـــشـــرق والــجــنــوب، خـال اليومني املاضيني، اشتباكات وعمليات قصف وإطـــاق نــار، أسـفـرت عـن مقتل وإصـابـة عدد من األشـخـاص، وهـي تـوتـرات تعكس أحيانًا تــعــثــر االتــــصــــاالت الــســيــاســيــة بـــني األطـــــراف الفاعلة على األرض الـسـوريـة. وأصـيـب عدد مــن املـدنـيـني بــجــروح، صـبـاح أمـــس الجمعة، جــــراء قـصـف مـدفـعـي اسـتـهـدف مـديـنـة إعـــزاز (ريـــف حلب الشمالي وتسيطر عليها قـوات املعارضة السورية املدعومة تركيًا)، مصدره مـواقـع سيطرة «قـــوات سـوريـا الديمقراطية» (قــــســــد)، وقـــــــوات الـــنـــظـــام الــــســــوري فــــي ريـــف حلب الشمالي. وقال مصدر محلي لـ «العربي الـجـديـد»، إن قصفًا مدفعيًا مـصـدره مناطق ســيــطــرة «قـــســـد» وقــــــوات الــنــظــام فـــي محيط مدينة إعـزاز استهدف األحياء السكنية قرب الـقـاعـدة التركية فـي محيط املشفى الوطني في إعــزاز، إضافة إلـى األطــراف الجنوبية من املدينة، ما أسفر عن إصابة 8 مدنيني، بينهم 3 أطـــفـــال وامــــــرأة، إضـــافـــة إلـــى 4 مـــن عناصر الشرطة املحلية، جرى نقلهم بواسطة الدفاع املدني إلى املشفى لتلقي العاج. كما تعرضت مدينة مـارع في ريف حلب الشمالي، لقصف مدفعي مماثل دون تسجيل إصابات. ويــشــهــد الـــخـــط الـــفـــاصـــل بـــني مـــواقـــع «قــســد»
والنظام من جهة، و«الجيش الوطني السوري» (قوات املعارضة السورية)، والقوات التركية من جهة أخرى، املمتد من عفرين غربًا (ريف حلب الــغــربــي)، وحـتـى جـرابـلـس شـرقـًا (ريـــف حلب الـشـرقـي عـلـى الـضـفـة الـغـربـيـة لنهر الـــفـــرات)، اشتباكات وقصفًا متبادال بشكل شبه يومي مــنــذ ســـنـــوات، لــكــن الــقــصــف أمــــس تـــزامـــن مع الذكرى الخامسة لبدء عملية «غصن الزيتون» (يــنــايــر/ كــانــون الــثــانــي ،)2018 الــتــي انتهت بسيطرة الجيش الـتـركـي وفـصـائـل «الجيش الـوطـنـي» على منطقة عـفـريـن. مــن جهته، رد الجيش التركي أمس، بقصف مدفعي استهدف مواقع قوات النظام و«قسد» في قرى ارشادية ومـــرعـــنـــاز وشــــوارغــــة ومــالــكــيــة وأبـــــني بـريـف حلب الشمالي، فيما قتل القيادي في «قسد» امللقب بـــ«روجــهــات»، جـــراء غـــارة مـن الطيران املسير التركي استهدفت نقطة عسكرية في جنوب مدينة رميان، شمال شرقي الحسكة. وأصـــيـــب فـــي الـــغـــارة أيــضــًا 3 عـنـاصـر آخـريـن من «قسد». كما أصيب 4 عناصر جراء هجوم شــنــه مسلحون مـجـهـولـون اسـتـهـدف سـيـارة عسكرية تابعة لـ«قسد» على طريق الحسكة - الهول عند أطراف قرية «رد الشقرا». إلى ذلك، أصيب 9 مدنيني، بينهم 3 أطفال، ليل الخميس - الـجـمـعـة، جــــراء قـصـف مـدفـعـي وصــاروخــي من قبل قوات النظام استهدف منازل املدنيني ومـحـيـط الــقــاعــدة الـتـركـيـة فــي بــلــدة قسطون الــواقــعــة ضـمـن منطقة سـهـل الــغــاب فــي ريـف حماة الشمالي الغربي، شمال غربي سورية. وأوضـــحـــت مـــصـــادر عــســكــريــة عــامــلــة ضمن غـرفـة عمليات «الـفـتـح املــبــني» (فـصـائـل عدة تـهـمـني عليها هـيـئـة تـحـريـر الــشــام – جبهة الــــنــــصــــرة ســــابــــقــــًا)، فـــــي حــــديــــث لــــ «الـــعـــربـــي الـــجـــديـــد»، أن الــجــيــش الــتــركــي املــتــمــركــز في قسطون رد على مصادر النيران واستهدف، ليل الخميس - الجمعة، بأكثر من 7 قذائف نـقـاطـًا عـسـكـريـة لــقــوات الــنــظــام واملليشيات اإليـرانـيـة ضمن معسكر جـوريـن فـي منطقة سهل الغاب. كما أعلنت الغرفة قنص عنصر من قوات النظام على محور البيضا في ريف تعرضت قاعدة التنف التابعة للتحالف لهجوم بطائرة مسيّرة الـاذقـيـة الـشـمـالـي، واســتــهــداف مــواقــع لتلك القوات بقذائف الهاون على جبهة بسرطون، غرب حلب. وكانت قوات النظام قد استهدفت، الــخــمــيــس، بـــقـــذائـــف مــدفــعــيــة عـــــدة، الــقــاعــدة العسكرية التركية في بلدة تديل بريف حلب الـغـربـي، شمال غربي سـوريـة، دون تسجيل إصــابــات. ويـأتـي استهداف القاعدة التركية عــقــب عـمـلـيـة «انــغــمــاســيــة» لـــ«هــيــئــة تـحـريـر الـــشـــام» عـلـى نــقــاط عـسـكـريـة لـــقـــوات الـنـظـام فــي بـلـدة أورم الـكـبـرى بـريـف حـلـب الـغـربـي، مـــا أســـفـــر عـــن مــقــتــل وجـــــرح 12 عــنــصــرًا من قـوات النظام. ورأى املحلل العسكري العقيد مصطفى بكور أن هذا التصعيد في عدد من الـجـبـهـات مـرتـبـط فــي جـــزء مـنـه بـالـتـطـورات السياسية الخاصة بسورية. وأضــاف بكور في حديث لـ«العربي الجديد»، أن التصعيد بدأ مع العمليات االنغماسية التي قامت بها بشكل خاص «هيئة تحرير الشام» ضد قوات النظام خال األسابيع املاضية، وكان هدفها إيصال رسالة إلى الدول التي تسعى لفرض املـــصـــالـــحـــة مــــع نـــظـــام األســــــد بـــــأن الــفــصــائــل الثورية ترفض أي مصالحة وهـي مستعدة للرجوع إلى الخيار العسكري. وأوضــــح بـكـور أن تـلـك العمليات هــي رسـالـة لـلـحـاضـنـة الـشـعـبـيـة لـــلـــثـــورة بــــأن الـفـصـائـل الــتــي تــوقــفــت عـــن شــــن الـعـمـلـيـات الـعـسـكـريـة ألكـــثـــر مـــن عـــامـــني كـــانـــت «فــــي طــــور التجهيز والتأهيل للمعركة الفاصلة، وهي لن تتخلى عـــن املــهــجــريــن واملــعــتــقــلــني ولــــن تـنـسـى دمـــاء الشهداء»، ورأى أنه «يمكن لتركيا أن تستفيد بشكل غير مباشر من هذه العمليات من أجل إظـــهـــار خـــطـــورة تـوجـهـهـا نـحـو الـتـطـبـيـع مع النظام للضغط على روسيا والنظام من أجل تحقيق مكاسب أكبر في املفاوضات». وأعرب
بكور عن اعتقاده بـأن االتـصـاالت السياسية لأتراك مع النظام يمكن أن تدفع إلى تصعيد عسكري على جميع املحاور، معتبرًا في الوقت ذاتـــه أن مـا يحصل مـن تـقـارب تـركـي أميركي سيكون على حساب التقارب مع نظام األسد. إلى ذلك، ذكر املرصد السوري لحقوق اإلنسان، أمـــــس، أن قـــاعـــدة الــتــنــف الــتــابــعــة لـلـتـحـالـف الدولي، والواقعة ضمن منطقة الـ55 كيلومتر عند مثلث الحدود السورية األردنية العراقية، تعرضت أمــس لهجوم مـن قبل طـيـران مسير مجهول املصدر، يرجح أنـه تابع للمليشيات اإليــرانــيــة. وأوضـــح املـصـدر أن الـهـجـوم أسفر عن وقــوع إصـابـات في صفوف قــوات «جيش سورية الحرة» (جيش مغاوير الثورة سابقًا)، وســط استنفار لـقـوات التحالف فـي املنطقة. وأكـــــد املـــرصـــد أن االســـتـــهـــداف هـــو األول من نوعه منذ أكثر مـن 5 أشـهـر. مـن جهة أخــرى، اعتقلت «قــســد» بـدعـم مــن قـــوات الـتـحـالـف، 5 عــراقــيــني فــي مـخـيـم الـــهـــول، شــرقــي الحسكة، أول مـــن أمــــس الــخــمــيــس، يـشـتـبـه بتنفيذهم عـمـلـيـات اغــتــيــال داخــــل املــخــيــم، وفــــق مــواقــع كـرديـة. وكانت القيادة املركزية األميركية قد أعلنت، الخميس، اعتقال مسؤول إعامي بارز في تنظيم «داعـش» خال عملية مشتركة مع قوات «قسد» األربعاء املاضي. وفي جنوبي الباد، قتل القيادي محمد علي الــشــاغــوري املـلـقـب بـــ«أبــو عـمـر الــشــاغــوري»، واثـــنـــان مـــن مــرافــقــيــه (أحـــمـــد خـــالـــد املــصــري ومـــحـــســـن زيـــــــتـــــــاوي)، بـــــرصـــــاص مــجــهــولــني اقتحموا منزله في بلدة املزيريب، غربي درعا. وعـمـل الــشــاغــوري قبل التسوية مــع النظام، قـــيـــاديـــًا فــــي الـــجـــيـــش الـــــســـــوري الــــحــــر، وهـــو أحـــد األشـــخـــاص الـسـتـة الــذيــن طــالــب النظام بترحيلهم إلى الشمال السوري أثناء حصار مــديــنــة طــفــس فـــي مـطـلـع عـــام ،2021 والــذيــن يتعرضون للتصفية تباعًا. وكان الشاب عبد الـسـام عــوض الـقـداح قـد قضى أمــس، أيضًا، مــتــأثــرًا بـــجـــراح أصــيــب بــهــا فـــي الـــيـــوم ذاتــــه، إثـــر اســتــهــدافــه بـــإطـــاق نـــار مــبــاشــر مـــن قبل مجهولني في مدينة نوى، غربي درعا.