معارك في شوارع البيرو
تراوح األزمة في البيرو مكانها، مع تمسك الرئيسة دينا بولوارتي بالسلطة، فيما تأخذ التظاهرات طابعًا عنفيًا، ما قد يقود إلى انقسام شعبي كبير
تــــواصــــلــــت أول مـــــن أمـــــــس الــــجــــمــــعــــة، فــي الـعـاصـمــة الـبـيـروفــيـة لـيـمـا، وبـقـيــة أنــحــاء البيرو، التظاهرات املناهضة للرئيسة دينا بـــولـــوارتـــي، واتـــســـمـــت بـالـعـنــف فـــي بعض املـــنـــاطـــق، لــيــرتــفــع بـــذلـــك عــــدد الــقــتــلــى منذ بـدايـة األزمـــة، فـي 7 ديسمبر/كانون األول املـــاضـــي، تـــاريـــخ إطـــاحـــة الــبــرملــان الـرئـيـس السابق بيدرو كاستيو، إلى 45 قتيال وفق حـصـيـلـة رســـمـــيـــة، فــيــمــا تــحــدثــت مــصــادر أخرى عن أكثر من 50 قتيال. ودارت اشــتــبــاكــات عـنـيـفـة أشـــبـــه بـسـاحـات املــــعــــارك فـــي أريـــكـــويـــبـــا، ثـــانـــي مــــدن الـــبـــالد. ورشق املتظاهرون قوات الشرطة بالحجارة، وأشعلوا النيران حول جسر أناشوايكو في مـحـاولـة للتقدم نحو مـطـار املـديـنـة الـــذي ال يـزال مغلقا في الوقت الحالي، وهو ما ردت عليه الـــقـــوات األمـنـيـة بـقـنـابـل الــغــاز املسيل لــلــدمــوع. كــمــا دارت اشــتــبــاكــات فـــي منطقة بـــونـــو جـــنـــوب الــــبــــالد، مـــركـــز االضـــطـــرابـــات األولـــــــــى، والــــتــــي تـــضـــم الـــنـــســـبـــة األكــــبــــر مـن الــســكــان األصــلــيــني، حـيـث أضــــرم محتجون الـــنـــار فـــي مـــركـــز لــلــشــرطــة فـــي زيــبــيــتــا بعد مغادرة عناصر الشرطة، وفي نقطة جمركية في ديساغواديرو، على الحدود مع بوليفيا،
بحسب التلفزيون املحلي. ووقعت اشتباكات أيضا في مقاطعة ال ليبرتاد شمالي البالد. وفـــي الـعـاصـمـة لـيـمـا، أجــبــرت الـشـرطـة على الــــتــــراجــــع فــــتــــرة وجـــــيـــــزة تـــحـــت وقــــــع عـنـف املتظاهرين، قبل أن تعود متسلحة بــدروع مكافحة الـشـغـب. كـمـا اشتعلت الــنــيــران في مبنى قـريـب مــن وســـط سـاحـة ســـان مـارتـن، بحسب وكالة «فرانس برس». وذكرت وكالة «رويترز»، أن املبنى هو مبنى تاريخي، عمره حوالي قرن، وأن خسارته بحسب مسؤولني تعد «خسارة إلرث معماري». وقـال املواطن مـن ليما لـيـنـواردو لـوجـاس، للوكالة: «إنها الفوضى في كل مكان. نعيش حالة من عدم اليقني، إضافة إلى أعمال التخريب». ويتهم بعض املواطنني، بحسب الوكالة، بولوارتي، بــــعــــدم الــــتــــحــــرك فـــــي وجــــــه الــــتــــخــــريــــب. لـكـن مواطنني بيروفيني آخرين، يرون األمور من زاوية مختلفة. ونقلت وكالة «فرانس برس»، عـــن أبــــــدون فـيـلـيـكـس فــلــوريــس 30( عـــامـــا)، وهــــو قـــــروي مـــن أنــــداهــــوايــــالس فـــي منطقة كوسكو، قوله إنه «في ليما، النضال له وزن أكبر. عندما يقمعوننا في مناطقنا، ال أحد يذكر ذلك». وأضاف أنه مستعد «للتضحية بحياتي» من أجـل التغيير. وقــال خيسوس غـومـيـس، وهـــو مـهـنـدس زراعــــي مــن منطقة كـــوســـكـــو أيــــضــــا، لـــلـــوكـــالـــة: «أتـــيـــنـــا بـطـريـقـة منظمة للسيطرة على ليما، وشل الحركة في العاصمة، من أجل أن تسمع أصواتنا». وكــــان اتـــحـــاد الــعــمــال الـــعـــام، وهــــو مـــن أكـبـر الـنـقـابـات العمالية فــي الـبـيـرو، قــد دعــا إلى إضراب يوم الخميس املاضي، لكن لم تظهر مؤشرات على إضــراب مماثل في العاصمة. وقــــــال األمــــــني الــــعــــام لـــالتـــحـــاد خــيــرونــيــمــو لوبيس، خـالل مؤتمر صحافي عقده مساء األربعاء املاضي، إن «كفاح الشعب البيروفي لــــن يــنــتــهــي غــــــدًا، ســيــســتــمــر الـــكـــفـــاح إذا لـم تستمع دينا بولوارتي إلى الشعب وتصرفت بغطرسة». وتحدثت وكاالت أنباء عن تعطل الـــعـــمـــل فــــي مـــنـــاجـــم لـــلـــنـــحـــاس فــــي مـنـطـقـة كوسكو، بسبب التظاهرات. وكـــان املــتــظــاهــرون الــذيــن وصــلــوا إلـــى ليما مـــن مـنـطـقـة األنــــديــــس، قـــد انــطــلــق معظمهم الــخــمــيــس مــــن نـــقـــاط عـــــدة حـــــول الــعــاصــمــة بـهـدف الــوصــول إلــى القصر الـرئـاسـي الـذي يخضع لـحـراسـة مــشــددة، مــردديــن هتافات «ديـــنـــا اســمــعــي، الــشــعــب يــتــبــرأ مــنــك» فيما طـــالـــب آخــــــرون بــاغــتــيــال الــرئــيــســة. وحــــاول املـــتـــظـــاهـــرون مـــجـــددًا الــســيــطــرة عــلــى مـطـار كوسكو، وهو مقصد سياحي شهير، إال أنه كان مغلقا، فيما نظمت احتجاجات مماثلة في مناطق منها بونو وهوانوكو وتاكنا. وتشهد البيرو احتجاجات قوية منذ إطاحة البرملان البيروفي الرئيس السابق اليساري بـيـدرو كاستيو، بتهمة «العجز األخـالقـي» عن إدارة البرملان، بعدما حاول حل البرملان، والــــذهــــاب إلــــى تــعــديــل فـــي الـــدســـتـــور. كما يــــواجــــه كـــاســـتـــيـــو تـــهـــمـــا أخـــــــرى بـــالـــفـــســـاد. ورفــــضــــت نـــائـــبـــتـــه، الـــتـــي تــســلــمــت الـسـلـطـة محله، حتى اآلن، تبكير االنتخابات بشكل يــرضــي املـتـظـاهـريـن مــن أنـــصـــاره، وآخــريــن يـتـظـاهـرون تحت وقــع األزمـــة االقـتـصـاديـة، وقـــلـــة الــثــقــة بـــالـــدولـــة بـشـكـل عـــــام. ويـطـالـب السكان األصليون، باملزيد من حقوقهم، في ظل هذه التظاهرات. ومرة أخرى، قوبلت التظاهرات بدعوة إلى الحوار وجهتها بولوارتي مساء الخميس. وقـالـت الرئيسة البوليفية فـي خطاب بثه التلفزيون الحكومي «لــن أكـــل» مـن البحث عــن طـــرق سلمية لــدفــع الــبــالد إلـــى األمــــام، مضيفة أن «أعــمــال العنف الـتـي نشبت لن تمر دون عقاب».