شبكات لوقف انزالق األمن الغذائي
يـــتـــجـــه الـــيـــمـــن، بـــالـــتـــعـــاون مــــع األمــــم املتحدة واملنظمات التابعة لها، إلى رفــع مستوى الـتـحـركـات واإلجــــراءات والـجـهـود، ملـواجـهـة االنــــزالق الخطير ألزمة الغذاء املتدهورة في البالد، عقب تـصـنـيـف 19 مــلــيــون يـمـنـي مـتـأثـريـن بانعدام األمن. ويطالب اليمن بإيجاد شـــبـــكـــات داعــــمــــة ملــــواجــــهــــة الـــتـــدهـــور املستمر لألمن الغذائي ورفع مستوى الـــــوعـــــي لــــضــــمــــان تـــحـــقـــيـــق مـــســـتـــوى معيشي أفضل. ويــظــهــر الــتــحــلــيــل املـــرحـــلـــي املـتـكـامـل لألمن الغذائي واألغذية ،2022 أن %56 مـن السكان فـي اليمن بحاجة عاجلة للتدخل مع ارتفاع سـوء التغذية إلى مــســتــويــات قــيــاســيــة تـــفـــوق الـــقـــدرات واإلمكانيات املتاحة الحتوائها. وقــال مصدر حكومي مـسـؤول، فضل عدم ذكر اسمه، في تصريح لـ«العربي الــــجــــديــــد»، إن لـــجـــنـــة تــســيــيــر حــركــة رفـــع مـسـتـوى الـتـغـذيـة فــي الـيـمـن في اجــتــمــاعــات مـتـواصـلـة لــلــوقــوف على حجم مشكلة األمن الغذائي في اليمن، وبــحــث املــعــالــجــات املــتــاحــة للتصدي ملشكلة الــغــذاء املستفحلة فــي جميع املـــنـــاطـــق الــيــمــنــيــة، مـــع الــتــركــيــز على تـوحـيـد الـجـهـود عـبـر شـبـكـات داعـمـة لـتـنـفـيـذ الــخــطــط والـــبـــرامـــج املــتــوافــق عـلـيـهـا مـــع مــنــظــمــات األمـــــم املــتــحــدة. وأكـــد أن الحكومة اليمنية وقـفـت في اجتماعها األخير، منتصف األسبوع املــــاضــــي، أمـــــام الــخــطــط والــتــرتــيــبــات الكفيلة بضمان عدم تأثير اإلجراءات االقــتــصــاديــة واملــالــيــة والـنـقـديـة التي تنفذها على حياة ومعيشة املواطنني، وكــــذلــــك الــــخــــيــــارات املـــتـــاحـــة لـتـنـمـيـة اإليـــرادات وضــرورة تفعيل القطاعات اإلنتاجية واالستثمارية. ووجــهــت الـحـكـومـة بــهــذا الـخـصـوص الـوزارات والجهات املعنية بالتنسيق مــــــع الــــســــلــــطــــات املــــحــــلــــيــــة بــتــكــثــيــف اإلجــــــــراءات الــرقــابــيــة عــلــى األســــــواق، بــمــا يـضـمـن عــــدم اســتــغــالل الـــقـــرارات املـــتـــخـــذة فــــي إضــــافــــة أعــــبــــاء جـــديـــدة عـــلـــى املــــواطــــنــــني فـــــي أســـــعـــــار املــــــواد األســـاســـيـــة املـــعـــفـــاة بــشــكــل كـــامـــل من الرسوم الجمركية، ناهيك عن تطبيق كـافـة أشــكــال الــرقــابــة عـلـى اإلجــــراءات املـــتـــخـــذة، والـــتـــأكـــد مـــن عــــدم املــســاس بمعيشة املواطنني اليومية. ويعتقد الباحث االقتصادي منير القواس، في حـديـث لــ«الـعـربـي الـجـديـد»، أن هناك خلال في الخطط واإلجراءات الخاصة بمكافحة األزمـة الغذائية واإلنسانية وفــي عملية التمويالت الدولية بهذا الــشــأن، بالنظر إلـــى الـفـجـوة املتسعة بني حجم التمويالت املطلوبة للخطة اإلنـــســـانـــيـــة ومــــــا يـــتـــم تــحــصــيــلــه فـي ظـــل تـــراجـــع واضــــح لــهــذه الـتـمـويـالت واملساعدات املقدمة لليمن. ويشير الـقـواس إلــى التغير الحاصل فــــي ســـيـــاســـة الــــدولــــة املـــانـــحـــة لـلـيـمـن وبــــــرامــــــج الــــتــــمــــويــــالت الـــــدولـــــيـــــة فــي هـــــذا الـــخـــصـــوص. ويــــالحــــظ الـــقـــواس أن الــــســــعــــوديــــة، عـــلـــى ســـبـــيـــل املــــثــــال، أصبحت تتبع نهجا خاصا بها بعيدًا عـــن الـــبـــرامـــج والـــســـيـــاســـات والـخـطـط التمويلية األمـمـيـة والــدولــيــة املعتاد عــلــيــهــا، إذ يـــديـــر مـــركـــز املـــلـــك سـلـمـان مختلف برامج التمويالت واملساعدات املـــقـــدمـــة لــلــيــمــن فــــي جــمــيــع املـــجـــاالت التنموية واإلغاثية واإلنسانية. وحذر برنامج الغذاء العاملي، في آخر تــحــديــث لـــه حــــول األمــــن الـــغـــذائـــي في اليمن الخميس املاضي، من االنهيار املـقـلـق لــألمــن الــغــذائــي ووصـــولـــه إلـى مــســتــويــات قــيــاســيــة نــهــايــة ديـسـمـبـر املاضي في عموم مناطق البالد. وحـــســـب بـــرنـــامـــج الــــغــــذاء الـــعـــاملـــي، ال يــــزال نـحـو نـصـف الــســكــان فـــي اليمن
يـــعـــانـــون نــقــصــا حــــــادًا فــــي اســتــهــالك الــــغــــذاء الـــكـــافـــي، وغـــيـــر قــــادريــــن على تــلــبــيــة احــتــيــاجــاتــهــم مــــن الـــــغـــــذاء، إذ تشير دراسة أجراها البرنامج التابع لألمم املتحدة وشملت عددا من األسر فــــي عـــمـــوم الـــيـــمـــن إلـــــى أن اســتــهــالك الغذاء الكافي بعيد عن متناول %53 من األسـر في مناطق نفوذ الحوثيني ونحو %47 في مناطق إدارة الحكومة اليمنية. ويقول الناشط االجتماعي، أوســــــان الـــصـــوفـــي، إن فـــقـــدان الــدخــل وســبــل الـعـيـش وتـــوقـــف املــرتــبــات مع استمرار األوضـاع املتأزمة في اليمن، ساهما بشكل كبير في تدهور القدرة على إنتاج الغذاء وشرائه حتى عندما يكون متاحا، مؤكدًا أن عملية التعافي من أزمة األمن الغذائي الحادة تتطلب اســــتــــئــــنــــاف دفـــــــع املـــــرتـــــبـــــات ملـــوظـــفـــي الـــخـــدمـــة املـــدنـــيـــة بـــصـــورة مــســتــدامــة، ودعـــم بــرامــج مـسـاعـدة الـفـئـات األكثر تضررًا من استمرار الحرب والصراع. ورغم انخفاض أسعار الوقود للشهر الــــخــــامــــس عـــلـــى الـــــتـــــوالـــــي، وتــــراجــــع مـؤشـر أســعــار الــغــذاء الـعـاملـي للشهر الــتــاســع عــلــى الـــتـــوالـــي، إال أن الــقــدرة االقتصادية لألسر فـي اليمن ال تـزال وفـــق بــرنــامــج الـــغـــذاء الــعــاملــي، تشكل عــائــقــا أمـــــام الـــعـــديـــد مــنــهــا لــلــوصــول إلــــــى الــــــغــــــذاء. الـــبـــاحـــث املـــخـــتـــص فـي االقتصاد االجتماعي، علي العواضي، يشدد في حديثه لـ«العربي الجديد»، على ضـــرورة الـوقـوف أمــام املسببات الـــفـــعـــلـــيـــة ألزمــــــــة الــــــغــــــذاء فـــــي الـــيـــمـــن لـتـصـمـيـم بـــرامـــج وتــــداخــــالت هــادفــة وفــاعــلــة تـحـقـق األثــــر املــطــلــوب منها، الفــتــا إلـــى أن عـــوامـــل تـــســـارع انـتـشـار الـــفـــقـــر هـــيـــكـــلـــيـــة مـــزمـــنـــة زادت حـــدة وتيرتها في السنوات األخيرة، نتيجة التداعيات التي أدت إلى تدهور القيمة الشرائية للعملة الوطنية وانكماش األنشطة االقتصادية.