سد النهضة: عقبات أمام مصر للحصول على دعم دولي
في ظل إصرار إثيوبيا على إتمام عملية امللء الـــرابـــع لـسـد الـنـهـضـة، الـــذي تبنيه عـلـى نهر النيل األزرق «املورد الرئيس للمياه النيل إلى مصر»، تسعى القاهرة لحشد «تأييد دولي» عبر تحركات باتجاه أميركا وأوروبا. أحـــــدث تــلــك الــتــحــركــات الـــدولـــيـــة، هـــو عــرض مسؤولن مصرين بوزارة الخارجية، الرؤية املـصـريـة الـخـاصـة بملف ســد الـنـهـضـة، على مسؤولن في الحكومة الفرنسية، وما تشهده املفاوضات في الوقت الحالي من حالة جمود مع الجانب اإلثيوبي. وجــــــاء ذلـــــك خـــــال عـــقـــد الـــجـــولـــة الـــثـــالـــثـــة مـن املـــــــشـــــــاورات الـــثـــنـــائـــيـــة بـــــن مـــصـــر وفـــرنـــســـا حـــول املـــوضـــوعـــات األفــريــقــيــة، أول مـــن أمـس األربــعــاء، فـي مقر وزارة الخارجية املصرية. وأكـــد الجانب املـصـري على مـا تمثله قضية سد النهضة من أولوية وجودية تمس حياة الشعب املصري بأكمله. وبينما تجنب وزير الخارجية املصري سامح شـكـري الحديث عـن أزمـــة سـد النهضة خال تــــواجــــده فـــي الــعــاصــمــة الـــروســـيـــة مــوســكــو، ولـــقـــائـــه نــظــيــره الــــروســــي ســيــرغــي الفـــــروف، الــــثــــاثــــاء املــــــاضــــــي، حــــــرص كـــــل مـــــن شـــكـــري والرئيس املصري عبد الفتاح السيسي على طرح القضية على وزير الخارجية األميركي أنـتـونـي بلينكن، خـــال تــواجــده فــي الـقـاهـرة اإلثنن املاضي، بل وطالبا واشنطن بوضوح بالتدخل لـ «حلحلة األزمة». وتـــواجـــه اآلمــــال املــصــريــة فــي الــحــصــول على
مــــســــاعــــدة أمـــيـــركـــيـــة «حــــاســــمــــة» فــــي قـضـيـة ســـد الــنــهــضــة، عــقــبــات ســيــاســيــة وقــانــونــيــة، أسـاسـهـا الــدعــم األمـيـركــي الــواضــح لحكومة رئيس الـــوزراء اإلثيوبي أبـي أحمد من جهة، والقيود التي فرضها إعان املبادئ بشأن سد النهضة -الذي وقعته كل من مصر وإثيوبيا والــســودان، فـي الخرطوم فـي 23 مـــارس/آذار -2015 على مطالب الوساطة التي قد تتقدم بــهــا إحــــدى الـــــدول الـــثـــاث، مـــن أجـــل الـتـدخـل لحل األزمة. وقال دبلوماسي أفريقي بارز في القاهرة، لـ «العربي الجديد»، إن «تعويل مصر على دور محتمل لإلدارة األميركية في قضية سد النهضة اإلثيوبي، لن يؤدي إلى أي تقدم لحلحلة األزمـــــة، الــتــي دخــلــت عـامـهـا الـثـالـث
إعالن المبادئ يحرم القاهرة من طلب الوساطة منفردة
عــشــر، وذلــــك نــظــرًا لــعــدة اعــتــبــارات سياسية وقـــانـــونـــيـــة واقــــعــــيــــة». وأوضــــــــح املــــصــــدر أن «االعـتـبـارات السياسية يمكن تلخيصها في الـدعـم األميركي املطلق للحكومة اإلثيوبية، ورئيسها أبي أحمد». ولـفـت الـدبـلـومـاسـي األفــريــقــي الــبــارز إلـــى أن «الـتـوجـه األمـيـركـي نحو بـنـاء عـاقـات جيدة مــع الــنــظــام فــي إثـيـوبـيـا يــرجــع إلـــى مـحـاولـة واشنطن مـوازنـة النفوذ الـدولـي في املنطقة، وذلك في ظل تنافس القوى الدولية على القرن األفــريــقــي خـــال الــســنــوات األخـــيـــرة، وتعاظم النفوذ الروسي والصيني هناك». وأضـــــاف املـــصـــدر أنـــه «مـــن جــهــة أخـــــرى، كــان ملوقع إثيوبيا االستراتيجي املهم دور كبير في سعي اإلدارات األميركية املتعاقبة إلى رفع مستوى العاقات بن الجانبن بشكل خاص، وتشكيل دافع قوي للواليات املتحدة من أجل توطيد العاقات مع إثيوبيا باعتبارها بوابة لتحقيق مصالحها في املنطقة». وأضــــــــاف املــــصــــدر أنـــــه «فـــــي ظــــل الــتــنــافــس املـــحـــتـــدم بـــن الـــقـــوى الـــدولـــيـــة الــفــاعــلــة في منطقة القرن األفريقي، يبقى الدور املصري بعيدا بشكل الفت عن املشهد، وهو ما يؤثر بطبيعة الـحـال على قــوة نـفـوذ الـقـاهـرة في أفريقيا، ومـــدى تأثيرها فـي القضايا التي تـمـس مصالحها فــي الـــقـــارة، وعـلـى رأسـهـا قضية املياه وسد النهضة، خاصة في ضوء إعــان رئيس مجلس السيادة في السودان عـبـد الـفـتـاح الــبــرهــان اتــفــاق وتـــوافـــق بــاده مــع إثـيـوبـيـا حـــول كــافــة قـضـايـا الــســد»، في إشـارة إلى حديث البرهان، خال لقائه أبي أحمد أثناء زيارته الخرطوم قبل أيام. وقال دبلوماسي مصري سابق وخبير بالشؤون األفريقية إنه «على الرغم من أن تصريحات رئــيــس مـجـلـس الـــســـيـــادة الـــســـودانـــي يمكن اعتبارها مجرد تصريحات دبلوماسية، إال أنها تعبر عن تراجع خطير للتأثير املصري
فـي الــقــارة األفريقية بشكل عــام وفــي القرن األفريقي بشكل خاص». وحــــــول املـــطـــالـــب الـــتـــي وجـــهـــهـــا املـــســـؤولـــون املــــصــــريــــون لـــــــــإلدارة األمـــيـــركـــيـــة والـــخـــاصـــة بالتدخل لحل أزمة السد، يقول الدبلوماسي املصري السابق، إن «تلك املـحـاوالت محكوم عليها بالفشل مــن الــبــدايــة، وذلـــك ألن إعــان املبادئ بشأن سد النهضة الـذي وقعت عليه مصر، يحرمها من طلب الوساطة منفردة في حال وقوع أزمة بن الدول الثاث». ويـــنـــص املــــبــــدأ الـــعـــاشـــر مــــن اتـــفـــاقـــيـــة إعــــان املبادئ، والذي ينص على «التسوية السلمية لـلـمـنـازعـات، أن تـقـوم الـــدول الــثــاث بتسوية مـنـازعـاتـهـا الـنـاشـئـة عـــن تـفـسـيـر أو تطبيق هـــذا االتـــفـــاق بـالـتـوافـق مــن خـــال املـــشـــاورات أو الـتـفـاوض وفـقـًا ملـبـدأ حـسـن الــنــوايــا، وإذا لـــــم تـــنـــجـــح األطـــــــــــراف فـــــي حـــــل الـــــخـــــاف مــن خــال املــشــاورات أو املــفــاوضــات، فيمكن لهم (مجتمعن) طلب التوفيق، الوساطة أو إحالة األمر لعناية رؤساء الدول/رئيس الحكومة». ووقع اتفاقا حول إعان املبادئ في الخرطوم في العام ،2015 عن مصر رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي، وعن إثيوبيا هياماريام ديسالن رئيس الــــوزراء، وعــن الــســودان عمر حـسـن الـبـشـيـر رئــيــس الـجـمـهـوريـة املـخـلـوع. ويقول الدبلوماسي املصري السابق والخبير في الـشـؤون األفريقية إن «مـنـاداة املسؤولن املصرين لـإلدارة األميركية للتدخل في أزمة ســـد الــنــهــضــة غــيــر مـنـطـقـيـة، نــظــرًا ألن طلب الـــوســـاطـــة يــجــب أن يــكــون مــقــدمــًا مـــن الــــدول الثاث مجتمعة».