بن فرحان في بغداد: تقارب اقتصادي وأمني
توحي زيارة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان إلى بغداد بمزيد من التقارب السعودي العراقي
أكــــد وزيــــر الــخــارجــيــة الـــســـعـــودي فـيـصـل بن فرحان، في بغداد «عمق العالقة الوطيدة» مع العراق، مشيرًا إلى أن «هناك تطورًا إيجابيًا اقـــتـــصـــاديـــا مـــع الـــــعـــــراق»، فــيــمــا دعــــا نـظـيـره الــعــراقــي فــــؤاد حـسـني الــســعــوديــة إلـــى زيـــادة االســتــثــمــار فـــي الـــبـــالد. إال أن املـــســـؤولـــني لم يتطرقا، خالل مؤتمرهما الصحافي املشترك في بغداد أمس الخميس، إلى موضوع عودة املـــفـــاوضـــات بـــني الـــريـــاض وطــــهــــران. كــمــا لم يحضر هـذا امللف في البيانني اللذين صدرا عـــقـــب لـــقـــاء بــــن فــــرحــــان بـــالـــرئـــيـــس الـــعـــراقـــي الـرئـيـس عـبـد اللطيف جـمـال رشـيـد ورئـيـس الوزراء محمد شياع السوداني، كل على حدة. وكـــــــان مـــــن املـــــقـــــرر عـــقـــد جــــولــــة ســـــادســـــة مـن املــبــاحــثــات اإليـــرانـــيـــة الــســعــوديــة فـــي نـهـايـة يوليو/ تموز املـاضـي، على مستوى وزيـري الخارجية السعودي ونظيره اإليراني حسني أمير عبد اللهيان، وفقًا ملا أعلنه فؤاد حسني في حينه، غير أنها تأجلت ألسباب متضاربة بحسب أوساط عراقية، من بينها أن ذلك جاء
بـطـلـب إيـــرانـــي لــلــعــراق، وأخــــرى تـحـدثـت عن خالفات حيال امللفات التي ستطرح في هذه الــجــولــة ومـطـالـبـة اإليـــرانـــيـــني بـــجـــدول زمـنـي لتلك املباحثات. لكن حسني لفت في املؤتمر الصحافي أمــس إلــى أن الــعــراق «يـــؤدي دورًا فـــي تـخـفـيـف الـــتـــوتـــرات بـاملـنـطـقـة»، موضحًا أن الجانبني بحثا ملف املجلس التنسيقي بــــني الـــــعـــــراق والــــســــعــــوديــــة، و«تـــطـــرقـــنـــا إلـــى مــلــف االســـتـــثـــمـــارات، والـــســـعـــوديـــة مـسـتـعـدة لالستثمار في العراق». وأكد أن «هناك تعاونًا مستمرًا باملجال األمـنـي ومكافحة املـخـدرات مع السعودية، ونعمل لتخفيف حالة التوتر في املنطقة»، مبينًا أن «السعودية تلعب دورا مهمًا فـي هــذا املــجــال». وأشـــار إلــى أن «هناك تنسيقًا مـع الجهات املعنية واملـسـؤولـني في السعودية، حول السياسة النفطية والتنسيق ضـمـن إطــــار أوبــــك وأوبـــــك بــلــس، إضـــافـــة إلـى وجــود تـعـاون مكثف حـول التبادل التجاري واالســتــثــمــاري، ونـتـطـلـع إلـــى تــزويــد الــعــراق بـالـكـهـربـاء ســــواء مــن الـشـبـكـة الــســعــوديــة أو الخليجية». من جانبه، أكد بن فرحان «عمق الـــعـــالقـــة بــــني الــــعــــراق والـــســـعـــوديـــة، السـيـمـا أنـهـا تشهد زخـمـًا إيجابيًا كبيرًا فــي الفترة األخــــيــــرة، والــعــمــل بـخـطـى وثــيــقــة الســتــمــرار الزخم». وأعرب عن «دعمه لجهود العراق في تـعـزيـز الــرخــاء واالســـتـــقـــرار»، مــؤكــدًا «تفعيل مجلس التنسيق املـشـتـرك الـــذي يعمل على تعزيز مشاريع عـديـدة». وأضــاف أن «العراق يشهد تطورًا اقتصاديًا ايجابيًا جدًا، ويلعب دورًا أسـاسـيـًا ومهمًا فـي اسـتـقـرار املنطقة»، مـشـددًا على «ضـــرورة دفــع عملية االستقرار
فــــي املـــنـــطـــقـــة». وذكـــــــرت الـــرئـــاســـة الـــعـــراقـــيـــة، فــي بــيــان نـشـرتـه وكــالــة «واع» الــعــراقــيــة، أن الـــرئـــيـــس عـــبـــد الـــلـــطـــيـــف جــــمــــال رشــــيــــد وبـــن فرحان «بحثا آخـر التطورات السياسية في املنطقة والـعـالـم، وأكـــدا على أهمية معالجة األزمـــــات مـــن خـــالل الـــحـــوار واملــــشــــاورات بما يحقق األمــن والـسـالم لكافة الشعوب». ونقل البيان عن وزير الخارجية السعودي تأكيده «دعم اململكة لجهود العراق الرامية إلى تعزيز أمنه واستقراره»، مشيرًا إلى «ضرورة العمل من أجـل توطيد العالقات الثنائية وتوسيع الــتــعــاون والــتــبــادل الــتــجــاري بــني الـبـلـديـن». وأضـــــاف أن «مــــا نـسـمـعـه عـــن الـــعـــراق يبعث على األمـــل، والــحــراك االقـتـصـادي فـي الـعـراق يصب في مصلحتنا كما أنـه يحرك اقتصاد املنطقة»، مشددًا على ضــرورة «التعاون بني البلدين لتحقيق التكامل االقتصادي، السيما أن الــــعــــراق يـمـتـلـك اقـــتـــصـــادًا مــتــنــوعــًا يتسم باالستدامة». وشــدد رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، خالل لقائه بن فرحان، على «أهـمـيـة الــتــعــاون بــني الـبـلـديـن عـلـى مختلف املـــســـتـــويـــات والــــصــــعــــد»، فـــيـــمـــا أكـــــد الــــوزيــــر الـــســـعـــودي تــطــلــع بـــــالده «لــفــتــح آفـــــاق أوســـع
غاب ملف المباحثات اإليرانية السعودية عن التصريحات الرسمية
مـــن الــتــعــاون مـــع الـــعـــراق، فـــي مـــجـــاالت عـــدة، بما يحقق التكامل االقتصادي بني البلدين، ويعزز من مصالح شعبيهما». وكـــان مــســؤول عــراقــي بــــوزارة الـخـارجـيـة في بـــغـــداد قـــــال، لــــ«الـــعـــربـــي الـــجـــديـــد»، إن زيــــارة الوزير السعودي مقررة مسبقًا ضمن أجندة عـمـل مـــحـــددة. وأضـــــاف املـــســـؤول فـــي اتـصـال عبر الهاتف، مفضال عدم ذكر اسمه، أن «وزير الخارجية السعودي في بغداد سيبحث ملف الوساطة العراقية بـني طـهـران والـريـاض مع السوداني، إلـى جانب ملفات استئناف عمل لجنة التنسيق املشترك العراقية ــ السعودية مجددًا، بما فيها من ملفات ومشاريع ملذكرات تفاهم واتـفـاقـيـات كـانـت اللجنة تعكف على إنــــجــــازهــــا خــــــالل واليــــــــة حـــكـــومـــة مــصــطــفــى الكاظمي السابقة». وأضاف أن «األجواء مهيأة حاليًا لتفاهم سـعـودي إيـرانـي داخــل العراق أكثر مـن أي وقــت ممكن، ويـحـاول السوداني إنـجـاز شــيء مهم فـي هــذه الــزيــارة»، مـن دون أن يـذكـر مـزيـدًا مـن التفاصيل. ومـنـذ إبـريـل/ نـيـسـان ،2021 اسـتـضـافـت بــغــداد مباحثات مباشرة على مستوى منخفض التمثيل بني إيران والسعودية، ضمن وفود ضمت ممثلني أمنيني ودبلوماسيني لكال البلدين. وقــــال مـــســـؤول أمــنــي فـــي املـنـطـقـة الــخــضــراء، لـ«العربي الجديد»، إن إجراءات أمنية مشددة اتخذت في املنطقة الخضراء بناء على أوامر وتــوجــيــهــات حــكــومــيــة، بــالــتــزامــن مـــع زيــــارة املـــســـؤول الـــســـعـــودي، بـمـا فـيـهـا مـنـع وصـــول الـصـحـافـيـني واألشـــخـــاص غـيـر املــصــرح لهم بالدخول إلى القصر الحكومي.