الدنمارك: التبرع باألعضاء قد يصبح إلزاميًا
اقترحت وزيرة الصحة الدنماركية صوفيا لوده أخيرًا تبني الحكومة سياسة جعل التبرع باألعضاء تلقائيًا، وهو ما اعتمدته دول أوروبية في السنوات األخيرة
تثير السلطات الصحية الدنماركية نقاشا عاما حـــول إمـــكـــان تــشــريــع قـــانـــون جـــديـــد، اســتــنــادًا إلــى اقتراح قدمته وزيـرة الصحة صوفيا لـوده، يجعل كـــل مـــواطـــن بــلــغ الــثــامــنــة عـــشـــرة مــتــبــرعــا تلقائيا بأعضائه البشرية بعد وفاته. ويعني ذلك أن 5.9 مايني دنماركي سيصبحون متبرعني باألعضاء الـبـشـريـة لـــدى وفـاتـهـم مــن دون الـحـاجـة إلـــى أخـذ موافقتهم، إذا لم يعترضوا مسبقا على ذلك. وتــتــخــذ جــمــعــيــات املـــرضـــى مـــواقـــف مـخـتـلـفـة من النقاش الـدائـر، وتـتـذرع بعضها بموقف «مجلس األخــاقــيــات» الــدنــمــاركــي، املــرجــع الـرئـيـس املعني بـــاملـــرض وقـــضـــايـــا اجــتــمــاعــيــة حــيــويــة أخـــــرى في الدنمارك الذي يعارض االنتقال إلى نظام تلقائية الــتــبــرع بــاعــتــبــار أن الــنــظــام املــطــبــق حــالــيــا الـــذي يعتمد قائمة تتضمن 1.4 مليون متبرع كاف. وهو يعتبر أن فـرض التبرع التلقائي قد يأتي بنتائج عكسية إذا شـعـر املــواطــنــون أنــهــم مــجــبــرون على الخطوة، علما أن األشخاص الراغبني في استخدام أعضائهم ملصلحة مرضى آخرين يحصلون عادة على بطاقات متبرعني أو يخبرون أقـارب بالرغبة في فعل ذلك حني يتوفون كي يستفيد منها مرضى على قوائم انتظار نقل األعضاء (نحو 440 شخصا حـالـيـا). وفــي حــال املـوافـقـة على التبرع التلقائي ستفترض الطواقم الطبية في مختلف املستشفيات أن املـــرضـــى مــوافــقــون عــلــى الــتــصــرف بأعضائهم تمهيدًا لنقلها إلــى مرضى آخـريـن هـم فعليا على قوائم الـوفـاة إذا لم يحصلوا على أعضاء حيوية سريعا. وتصف رئيسة جمعية «مرضى الكلى» في كوبنهاغن، كـاريـن ريــز يورغنسن مـواقـف مجلس األخـــاقـــيـــات بــأنــهــا «مــحــزنــة ومـخـيـبـة لـــآمـــال، إذ يجب العمل بكل الوسائل لتأمني الكلى للمرضى املـــحـــتـــاجـــني»، عــلــمــا أن هــــذه الـجـمـعـيـة املـتـحـمـسـة لــفــرض الـتـبـرع عـلـى املــواطــنــني تخشى أن تصبح القضية فـي عهدة «مجلس األخـاقـيـات» تحديدًا، ما يسحب البساط من تحت أقدام البرملان لتمرير قانون جديد، علما أن املوافقني على تلقائية نقل األعضاء يستندون على ما يصفونه بأنها «نتائج واعدة شهدتها بريطانيا وأيسلندا خال السنوات األخــيــرة». فـي املقابل تــرى جمعيات أخــرى تعنى بمصالح املرضى ومشرعون أن تعويض االفتقار إلـــى أعـــضـــاء بــشــريــة إلنـــقـــاذ األرواح يـمـكـن الـقـيـام بــه مــن دون الـحـاجـة إلـــى فـــرض الـتـبـرع التلقائي،
يعارض «مجلس األخالقيات» المعني بالمرض في الدنمارك االنتقال إلى تلقائية التبرع باألعضاء
ويــطــالــبــون بتكثيف الــحــمــات لـلـتـوعـيـة بأهمية اتـــخـــاذ األهـــــل قـــــــرارات عـــن املـــتـــوفـــني، وتـــــرك األمـــر طوعا للراغبني بالتبرع باألعضاء. ويحتج هؤالء املـــعـــارضـــون لــلــقــانــون الــجــديــد بــــأن «فــــرض تـبـرع بعض الناس بقلوبهم في حـال وفاتهم ال يضمن عـــدم تــقــدم الـــنـــاس بــاعــتــراضــات، واالنـــســـحـــاب من اللوائح التلقائية». وتظهر النقاشات الـدائـرة أن جمعية «مـرضـى القلب» تؤيد اإلبـقـاء على وضع التبرع الطوعي الحالي بعدما أيدت سابقا فرض التبرع التلقائي، وتربط قرارها «بعدم توفر أدلة على أن التبرع التلقائي قد يحدث فرقا»، كما قالت املسؤولة في الجمعية سينا فريس في تصريحات صحافية. أيضا تـرى جمعية مرضى القلب التي تـتـمـتـع بـنـفـوذ بـسـبـب انــتــشــار أمـــــراض الـقـلـب في البلد اإلسكندنافي الصغير، أن النقاش الدائر حول أهمية التبرع باألعضاء إلنقاذ أرواح مرضى على قــوائــم االنـتـظـار يشكل مساهمة أفـضـل مــن فرض التبرع على الـنـاس، وأن تغيير معيار الـوفـاة من «املوت الدماغي» املطبق حاليا إلى «املوت القلبي»،
أي بتوقف عمل القلب وعدم وصل املريض بأجهزة تنفس اصطناعية، قد ينقذ املزيد من األرواح. إلــى ذلــك يخشى مـسـؤولـو جمعيات وسياسيون يؤيدون تغيير قوانني نقل األعضاء، مثل جمعية أمــــــراض الـــكـــبـــد، أن يـــأخـــذ املـــشـــرعـــون بــتــوصــيــات «مجلس األخــاقــيــات»، وهــو مـا يحدث عــادة حني يــتــدخــل املــجــلــس فـــي هــــذه الـــنـــقـــاشـــات، ويـــقـــررون بالتالي رفـض التبرع التلقائي، علما أن «مجلس األخــاقــيــات» يتحجج بـتـجـارب وأرقـــــام شهدتها أيــســلــنــدا وبــريــطــانــيــاـ وأظـــهـــرت أن فـــرض الـتـبـرع التلقائي لم يحدث فرقا على مستوى التبرع. وفي كل األحوال، تظل قضية إيجاد أعضاء حيوية إلنقاذ أرواح مرضى ينتظرون على قوائم التبرعات تخضع لحساسيات بني مطالبني بأن يتحول التبرع التلقائي «مع الـــوالدة»، إذا لم يقدم األهـل اعتراضا على ذلك، وآخرين يقترحون أن يجيب املواطن الذي يستخرج جـواز سفر جديدا عن سـؤال حول رغبته في التحول إلى متبرع باألعضاء، إذ يرفض البعض بالكامل أن يقرر املجتمع كيفية تصرف أشخاص بأجسادهم، كما يقول معترضون يــرون أن تقرير الـــفـــرد مـصـيـر جــســده بــعــد وفـــاتـــه يــعــود لـــه ولـيـس آلخـــريـــن. وتــبــني الـــدراســـات املتعلقة بـالـحـاجـة إلـى األعضاء أن التبرع الطوعي والتوصية التي يقدمها املريض قبل وفاته إلنقاذ مرضى آخرين تريح كثيرًا األهالي الذين ال يعترضون غالبا على نقل األعضاء، بينما يخشى باحثون أن يؤدي فرض تحول من هم فــوق الــــ81 مـن العمر إلــى متبرعني إلــى انسحابات كبيرة من تلك القوائم، ما يلغي «املشاركة النشطة» في نظام نقل األعضاء البشرية.