مسرح القتل
طالَب الكاتب األلماني قراءه أال يبحثوا في مسرحيته عن موضوعة، أو موضوعة مضادة، وال عن حجج، وأال يبدوا رأيًا في ما يحدث على الخشبة
«الـــقـــرار» مسرحية غريبة وعجيبة للكاتب املـسـرحـي األملـــانـــي، املــعــروف جـــدًا فــي عاملنا الــعــربــي، بــرتــولــت بـريـشـت 1898( - ،)1956 مـــن بـــني جــمــيــع املـــســـرحـــيـــات الـــتـــي قــرأتــهــا، وهـي األكثر عــددًا، أو شاهدتها. واملسرحية مــطــبــوعــة بــالــعــربــيــة ضــمــن سـلـسـلـة «دلــيــل املـــنـــاضـــل» الـــتـــي كـــانـــت تـــصـــدرهـــا «دار ابــن خـــلـــدون» فـــي بـــيـــروت ســنــة ،1977 بترجمة الــكــاتــب الــلــبــنــانــي الـــراحـــل مـحـمـد عـيـتـانـي. وفــيــهــا مـــقـــدمـــة شـــديـــدة الـــغـــرابـــة لــكــاتــب أو مــــخــــرج اســــمــــه بــــيــــار أبــــــراهــــــام، يــــقــــدم فـيـهـا مجموعة من التوصيات التي كان بريشت قد تحدث بها إليه هو شخصيًا، قبل أن يموت. وفيها يقول إن املسرحية قد كتبت ملجموعة من الفتيان لدراستها، وتـبـادل األدوار التي
ِّ تـتـضـمـنـهـا، وإن عــلــى الـــقـــارئ أن ال يبحث فيها عــن مـوضـوعـة، أو مـوضـوعـة مــضــادة،
وال عـن حـجـج مـع أو ضــد، وال عـن مرافعات أو دفــــاعــــات، ولـــهـــذا يـــوصـــي أن نــقــف نحن متفرجني أو قــراء موقفًا حياديًا، فا نحكم، وال نقيم، وال نبدي رأيــًا فـي مـا يحدث على خشبة املسرح، أو في ما نقرأ على الورق. لكن ما الــذي يجري هناك؟ الحكاية هي أن الفريق الحزبي الشيوعي جـاء من موسكو ليقوم بدعم الحزب الصيني. وبينما يتوقع الصينيون أن يقدموا لهم ما يساعدهم على مواجهة الجوع، واإلنهاك، والثورة املضادة، يـهـتـف شـيـوعـيـو مــوســكــو: «نــحــن ال نحمل لكم أي شــيء مـن هــذا، وإنـمـا نحمل تعاليم املعلمني والدعاة، ألفباء الشيوعية». والظاهر أن واحــدًا من املجموعة املناضلة يــــرتــــكــــب خــــطــــأ مــــــــا، يـــــضـــــر بــــعــــمــــلــــهــــا، أو يــعــرقــل هـــذا الــعــمــل، هــكــذا تــبــدأ املـسـرحـيـة بـاملـحـرضـني األربـــعـــة أمـــام جــوقــة الـقـضـاة، وهــــم يـــقـــولـــون إنـــهـــم أعــــدمــــوا أحــــد رفــاقــهــم بــالــرصــاص، وألـــقـــوه فــي حــفــرة كــلــس، هـذا
ِّ هــو فــحــوى مسرحية «الـــقـــرار» كــلــه. وحـني تــســأل جــوقــة الــقــضــاة املــحــرضــني األربــعــة عـن أسـبـاب ذلــك، فــإن الـجـواب هــو: «إن هذا
أغرب مسرحية وصلتنا من برتولت بريشت