Al Araby Al Jadeed

«الكتابة رغبة حققُتها ألشعر بأنّي أعيش»

«تساؤالت في السينما والحياة» لصفاء الليثي

- أمل الجمل على الموقع األلكتروني

«ال أعـتـقـد أن هــنــاك مــــن كـــان أســعــد مــنــي في طفولتي». هكذا تقرر صفاء الليثي، املونتيرة سابقًا والناقدة حاليًا، في أحدث إصـدار لها، بعنوان «تساؤالت في السينما والحياة» (ص ،)28 الصادر عن «دار روافد للنشر والتوزيع» (القاهرة، 184 صفحة، إشـراف فني وتصميم غاف متميز ألحمد اللباد). في الكتاب، تنسب الليثي سر سعادتها إلى السينما، التي منها ترتوي منذ طفولتها في قريتها، التي لم يكن لها وجـود على الخريطة: «وجــدت في شاشة السينما حياة أكبر» (ص 7)، بفضل شقيقها الفنان التشكيلي فخري الليثي، وشقيقتها األكـــبــ­ـر وفـــــاء، الـطـبـيـب­ـة الــنــفــ­ســيــة. كــــل منهما كان يصطحبها إلى السينما، فرديًا وأحيانًا جماعيًا، فعاشت حكايات األفـــام، وتشربت كثيرًا من النقاشات التي كانت تـدور حولها، ما منحها وعيًا باكرًا. الليثي محظوظة كذلك بــوالــدي­ــهــا. والـــدتــ­ـهـــا، وإن لـــم تــحــب مـشـاهـدة األفـــام والــذهــا­ب إلــى صــاالت السينما، امــرأة قوية ومثقفة ومستنيرة، لم تحرم أبناء ها مما يتطلعون إليه، وإن لم تكن تحبه. والدها كريم مع أوالده، يمنحهم املبالغ الازمة ألمسيات السينما، رغم أنه منشد ديني، ويكتب الزجل. لكنه كان يترك قراء ته أمام العائلة البنه األكبر، ألنــــه خـــجـــول. فـــي حــالــتــ­ي الـــبـــو­ح والـــتـــ­داعـــي، تـــرســـم املـــؤلــ­ـفـــة صـــــورة لـلـعـصـر الـــــذي نـشـأت فيه، بـ«رتوش» للظروف االقتصادية، خاصة غـاء األسـعـار فـي عهد الرئيس السابق أنـور الـسـادات، واإلضـرابـ­ات واملظاهرات الطالبية، والتقاليد االجتماعية، وثقافة احترام السينما، والـتـعـام­ـل معها بـإكـبـار وإجــــال. فــي ذلـــك، ال تغفل الحالة السياسية للبلد، منذ عام ،1959 ثم الـقـرار السيادي بعد هزيمة الــــ76، املتعلق بــ «عـدم اسـتـيـراد األفـــام األمـيـركـ­يـة»، مضيفة

في البوح والتداعي ترسم المؤلّفة صورَة عصٍر نشأت فيه

أن «الــخــطــ­اب الـسـيـاسـ­ي وقـتـهـا أنــنــا هـزمـنـا ألنـنـا ال نـحـارب إسـرائـيـل فـقـط، ولـكـن أميركا أيــضــًا» (ص .)28 هـــذا الـــقـــر­ار الــســيــ­ادي أتــاح لصفاء الليثي وأقرانها، ولعدد غير قليل من املصريني آنــذاك، مشاهدة أفـام غير أميركية، كـالـهـنـد­يـة: «أم الــهــنــ­د»، و«مــــن أجـــل أبـنـائـي»، الــــــذي يـــقـــتـ­ــرب مــــن قـــصـــة «الــــــحـ­ـــــرام»؛ وأخـــــرى إيطالية، كــــ«زد» و«انتهى التحقيق املبدئي» و«الـــحـــر­ب انــتــهــ­ت». تــكــتــب: «ال يــمــر أســبــوع، حـتـى يصحبني أخـــي ملــشــاهـ­ـدة فيلم روســي في سينما أوديــون» (ص .)36 قبل هذا، تقول (ص :)28 «من بني األفام «يوم طفت األسماك على املاء»، و«املوت في فينيسيا»، الذي دخلته بتذكرة بسعر 16 قرشًا ونصف للصالة، و22 قــرشــًا لـلـبـلـكـ­ون. خـمـسـون قــرشــًا كــانــت تكفي تـذكـرتـني وآيـــس كـريـم واملـــواص­ـــات»، وأيـضـًا: «مـثـل هــذه النوعية مــن األفــــام، كـانـت الـدافـع إلــى تفضيل االلـتـحـا­ق بمعهد السينما على كلية العلوم، التي حلمت بااللتحاق بها دائمًا، ألصبح عاملة ذرة. غيرتني األفام السياسية، فغيرت رغبتي إلى دراسة فن املونتاج». بــــفــــ­رح وبـــهـــج­ـــة، تـــحـــكـ­ــي الـــلـــي­ـــثـــي عــــن أواخـــــر خمسينيات القرن الـــ02 وستينياته، وأوائــل سبعينياته، التي تمتزج فيها املـشـاركـ­ة في املـــظـــ­اهـــرات والـــنـــ­شـــاط الــســيــ­اســي والـــتـــ­وجـــه الـــــيــ­ـــســـــا­ري، بــــبــــ­دايــــة عـــمـــلـ­ــهـــا فـــــي املــــونـ­ـــتــــاج كـمـسـاعـد­ة، ولـقـاؤهـا املونتير أحـمـد متولي، امللقب بـ «األسطى»، الذي يتعامل مع املونتاج عـلـى أنــــه إخــــراج ثـــان للفيلم: «كــــان يـحـلـو له الـتـدخـل فـي الـسـرد، وإعـــادة تركيب املشاهد، بما يفيد الدراما والتأثير على املشاهد، كما كــان يعتقد» (ص .)42 تـــروي عــن هــذا اللقاء بحب وموضوعية، وإن تسخر الحـقـًا، قائلة إن حــــب املــهــنـ­ـة اخــتــلــ­ط عـلـيـهـا بـــحـــب املـعـلـم. تــصــف مــوهــبــ­تــه، وتــمــنــ­حــه حـــقـــه املــهــنـ­ـي في صفحات عدة. لكنها تكشف الحقًا، في أسطر قليلة، عن املـرارة والتعاسة اللتني أصابتاها بعد الـزواج، إذ انقطعت عن الدنيا والسينما والـــعـــ­مـــل، وتـــفـــر­غـــت لــتــربــ­يــة أوالدهــــ­ــــا. كــانــت عاقتها به مخيبة آلمالها وأحامها، كامرأة مختلفة وغير تقليدية.

النص الكامل

 ?? (فيسبوك) ?? صفاء الليثي: ال أعتقد أ ّن هناك َم ْن كان أسعد منّي في طفولتي
(فيسبوك) صفاء الليثي: ال أعتقد أ ّن هناك َم ْن كان أسعد منّي في طفولتي

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar