Al Araby Al Jadeed

تفكك تحت مسمى اندماج

- عبسي سميسم

جاء اندماج مجموعة من الفصائل السورية العاملة تحت مظلة «الجيش الوطني السوري» ضمن ما سمي «تجمع الشهباء»، يوم الجمعة املاضي، بالتزامن مع الجهود التي تبذلها تركيا لتوحيد فصائل «الجيش الوطني»، وإتباعها بشكل فعلي لوزارة الدفاع في الحكومة السورية املؤقتة التابعة للمعارضة. لكن الفصائل األربعة املندمجة معروفة بتقاربها الكبير الذي يصل إلى حد التبعية لـ«هيئة تحرير الشام» (جبهة النصرة سابقًا)، ما يشي بأن هذا االندماج ما هو إال محاولة من «تحرير الشام» لتوحيد الفصائل التابعة لها ضمن «الجيش الوطني»، بهدف زيادة أدوات تحكمها بهذا الجيش املنقسم أساسًا. كذلك تخشى الهيئة من جدية تركية قد تفرض إعادة هيكلة صفوف فصائل هذا الجيش وتحويلها إلى قوة ضاربة، بما قد يشكل خطرًا على استقرار الهيئة، وعلى موقعها كأكبر قوة في الشمال السوري. وعملت «تحرير الشام» منذ سيطرتها على محافظة إدلب على فرض نفسها رقمًا صعبًا ال يمكن تجاوزه في أي معادلة لحل سياسي أو تسوية في املنطقة. ومن الناحية العسكرية استطاعت الهيئة إقصاء كل الفصائل في محافظة إدلب، إما بالقضاء عليها أو بدمجها ضمن صفوفها. كذلك استطاعت تسويق نفسها كمحارب للتنظيمات اإلسالمية األكثر تشددًا. أما على املستوى السياسي، فتبنت الهيئة «ظاهريًا» أهداف الثورة السورية، وقدمت العديد من التنازالت على املستوى العقائدي، كما أبدت انفتاحًا على الغرب. وعلى مستوى السلطة التنفيذية، قامت الهيئة بإنشاء حكومة تتبع لها وتدير شؤون املواطنني بشكل أكثر تنظيمًا من الحكومة املؤقتة التابعة للمعارضة، بسبب قدرتها على تنفيذ ما تصدره من قرارات. كما تمكنت الهيئة من تأمني مصادر تمويل ذاتية، سواء من واردات معبر باب الهوى بشكل أساسي، أو من خالل سيطرتها على القطاعات االقتصادية األكثر ربحًا. إال أن «تحرير الشام» وعلى الرغم من التحوالت التي قامت بها، ال تزال مصنفة من قبل املجتمع الدولي تنظيمًا إرهابيًا، وال تزال تشكل مشكلة كبرى أمام أي تسوية، وبالتالي فإن أي شكل من أشكال إعادة هيكلة «الجيش الوطني» سيضعها أمام أحد خيارين، إما حل نفسها واالنصهار ضمن هذا الجيش، أو املواجهة معه. وكال الخيارين ال يمكن أن تقبل بهما الهيئة، لذا فإن الحل الوحيد أمامها هو خلق أدوات تحكم ضمن «الجيش الوطني» تستطيع من خاللها منع أي خطوة باتجاه توحده.

Newspapers in Arabic

Newspapers from Qatar